الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«اللائحة الجديدة» لانتخاب البابا تشعل الانقسامات بين الأقباط

«اللائحة الجديدة» لانتخاب البابا تشعل الانقسامات بين الأقباط
«اللائحة الجديدة» لانتخاب البابا تشعل الانقسامات بين الأقباط




تحقيق – داليا سمير


اصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا جمهوريا باعتماد اللائحة الجديدة لترشح وانتخاب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بات لدى الأقباط الأرثوذكس لائحة جديدة لانتخاب البطريرك لتحل محل لائحة 1957، التى انتخب بموجبها البابا تواضروس الثانى «بابا الإسكندرية»، وسلفاه «البابا شنودة الثالث» و«البابا كيرلس السادس».
جاء ذلك بعد إجراء تعديلات عليها وإجماع المجمع المقدس، لكن الآراء اختلفت ما بين مؤيد ومعارض على بعض مواد اللائحة حيث قال المؤيدون إن لائحة (57) التى قد أقرها الرئيس الراحل محمد أنور السادات كانت تنص على أن المرشح للكرسى البابوى يجب ألا يقل عمره عن 40 عاما ولايزيد على 65 عاما وجاءت الجديدة وحددت سن المرشح بـ 45 عاما وإلغاء تقديم الأوراق للجنة العليا وأن يكون الترشح عن طريق التزكية ،فيما أبدى المعارضون غضبهم من المادة (15) وذلك لعدة اسباب.
فى البداية يقول  نادر صبحى سليمان مؤسس حركة شباب كريستيان لـ«الأقباط الأرثوذكس»: إن لائحة انتخاب البطريرك الجديدة أغفلت حق الشعب فى اختيار راعيه، موضحًا أن المادة 15 من اللائحة مرفوضة بأمر الشعب لأن من حقه الاختيار.
وأشار إلى أنه بعد صدور قرارات المجمع المقدس باللائحة الجديدة صارت هناك حالة من الغضب الصارخ بين الشعب القبطى، مشيراً إلى أنهم أظهروا اعتراضهم بشكل حاد على المادة 15 من اللائحة والتى تقتصر التصويت على الأساقفة والمطارنة والأكليروس والمكرسات والوزراء والمجالس النيابية وبعض الوظائف العليا بمختلف أجهزة الدولة كالدبلوماسيين والمستشارين.. وبما ان معنى كلمة كنيسة «هى جماعة المؤمنين الذين يمثلون الشعب القبطى» فأين اذا حقهم فى التصويت؟ ومن حق كل رعايا الكنيسة فى كل إيبارشية أن يختاروا راعيهم بالتصويت.
وتابع بأنه يعتقد أن الانتخابات يجب أن  تكون على مستوى كل الأيبارشيات، مشيرا إلى أن تكلفة الانتخابات لن تكون مكلفة  نظرا لتباعد  الفترات  بين اختيار البابا، بالإضافة إلى أن هناك أشياء تتكلف اكثر من إقامة الانتخابات ومن الممكن أن نسردها وبمستندات لكن هذه ليست قصتنا الآن.
وأوضح مؤسس كريستيان أن  الشعب القبطى يطالب بحق اختيار راعيه بالتصويت والمادة 15 مرفوضة لأنها تمثل فئات محددة وتجاهلت الفئة الكبرى وهى الشعب نفسه.  
وأضاف أنه بخصوص القرعة الهيكلية، يجب وضع ورقة رابعة بيضاء لضمان اختيار الله، وإلا فإننا نضحك على أنفسنا بأن الله اختار ورقة من الثلاث ورقات التى تحمل ثلاثة أسماء وهذا حجر على الله وفرض رأى وإلا فكيف نعلم إن الله لا يرضى عن الثلاثة أسماء إن لم تكن هنالك ورقة رابعة بيضاء!!مع العلم أن الكنيسة ظلت منذ البطريرك الأول مارمرقس الرسول 14 سنة بشكل متقطع وكان الكرسى خاليًا من البطريرك وعليه فكيف تصر الكنيسة الأرثوذكسية الآن على وجوب وجود بطريرك بل وتحدد موعد التجليس قبل حتى إجراء الانتخابات والترشيحات؟ وهو ما نادينا به كثيراً، والتاريخ يسطر لنا التالى وهو البابا يوحنا الرابع بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رقم 48 فى الفترة ما بين من 776 إلى 799 محل إقامته مدة الرئاسة الكنسية المرقسية بالإسكندرية انقضت خمسة عشر شهرًا بعد نياحة البابا مينا الأول قبل أن يجتمع الأساقفة معًا فى الإسكندرية لاختيار من يخلف البابا الراحل، موضحاً أنهم عندما اجتمعوا رأوا أن يصوموا ويصلوا استلهامًا للروح القدس، وبينما هم يصلون قام شماس شيخ واقترح اسم راهب مشهود له بالتقوى ورخامة الصوت اسمه يوأنس، وكان يعيش فى دير الأنبا مقاريوس الكبير، ومع ما امتاز به هذا الراهب من فضائل فقد رأى بعض الأساقفة أن يلجأوا إلى القرعة الهيكلية فى الانتخاب، وعلى ذلك اختاروا راهبين آخرين وكتبوا الأسماء الثلاثة، كل على ورقة، ووضعوا معها ورقة بيضاء،وأيضا البابا ميخائيل الخامس (بابا الإسكندرية) هو البطرك (71) تولى من سنة 1145م إلى سنة 1147م، عُمِلت قرعة له مع اثنين آخرين وورقة رابعة باسم «السيد المسيح الراعى الصالح»، ووضعوا الأوراق على المذبح وأقاموا القداس ثلاثة أيام متوالية وأحضروا طفلًا ليختار ورقة فكان المنصب من نصيب ميخائيل هذا، وكان مشهودًا له من الجميع بحسن السيرة.
وأفاد بأنه هكذا يجب أن تتم القرعة الهيكلية تأكيداً على اختيار الله لأنه لو تم سحب الورقة البيضاء عندها تعلن السماء أن الله غير راض عن هذا البطريرك، بدلا من وضع ثلاثة ورقات ونجبر الله ونحدد رأيه أن يختار من الثلاث ورقات.
وعلى جانب آخر قال جرجس بشرى ناشط سياسى وإعلامى إنه يوجد لدى الأقباط تحفظ شديد على المادة (15)، وطالب بأن يكون للشعب المسيحى الحق فى اختيار البطريرك حيث أن البطريرك يمثل جميع الفئات فى المجتمع المسيحى، لافتاً إلى أن تعاليم الكتاب المقدس تنص على أنه من حق الشعب اختيار راعيه.
وأضاف بشرى إن اقتصار اختيار البطريرك على فئة معينة سيواجه رفضًا وغضبًا شديدًا من الأقباط وأنه من حق الأسقف الترشح للبطريركية وفى  التاريخ الكنسى أسقف كثيرة تم اختيارهم للبطريركية وأن البابا شنودة الثالث كان أسقف تعاليم.
ورأى أيضاً أنه يوافق على إجراء القرعة الهيكلية حيث إن هذه القرعة لها أصول فى الكتاب المقدس من تعاليم الآباء الرسل.
وفى المقابل قال رمسيس النجار محامى الكنيسة: إن لائحة ترشح وانتخاب بطريرك الأقباط هى لائحة أقرها المجمع المقدس من قبل وهذه اللائحة خاصة بانتخاب البطريرك وطبقاً للمادة 3 من الدستور والتى تنص على  مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية، وإن حق انتخاب البطريرك موقوف على الأقباط ولاتدخل للدولة فيها.
وأفاد النجار بأن المادة رقم (15) قرارها صائب أصاب عدد الواقع وذلك لأن انتخاب البطريرك يكون بصفته بابا الأساقفة وبالتالى يجب أن يكون من ينتخبه هم الأساقفة، مشيراً إلى أن اللائحة أتاحت المجال لرموز الأقباط العلمانيين المشاركة فى انتخاب البابا وهذا إن دل فيدل على أن باب شراكة المجتمع العلمانى مع المجتمع الإكليريكى مفتوح.
وأكد على أن القرعة الهيكلية موجودة منذ زمن طويل وأنه كقبطى فهو مصر عليها وان تكون ثلاث ورقات وليست أربعة كما يتمنى البعض.
ورأى ثروت بخيت محامى الكنيسة إن لائحة انتخاب البطريرك الجديدة تلاشت معظم العيوب التى كانت موجودة فى لائحة (57) حيث إنه أعطى الحق لكل أعضاء المجمع المقدس بالإدلاء بصوته فى انتخابات البابا حيث إن لائحة (57) كانت تنص على أن الإدلاء كان لأعضاء المجمع المصريين فقط، موضحاً أن الأنبا إليا أسقف الخرطوم هو عضو فى المجمع المقدس وهو سودانى الجنسية وأبواه مصريان الجنسية ولكنه لم يدل فى انتخابات البابا تواضروس الثانى وذلك لأنه كان يحمل الجنسية السودانية.
وأوضح بخيت أن نص حرمان المرشحين السابقين من الترشح مرة أخرى هو غير مناسب للائحة لأن هذا قد يكون ظلما للذين ترشحوا من قبل ولم يحالفهم الحظ.
وأفاد محامى الكنيسة بأن اللائحة الجديدة أتاحت جوانب إيجابية كثيرة وهى إعطاء الحق لكل الأديرة المعترف فرصة التصويت فى انتخابات البابا حيث يوجد بهذه الأديرة مجموعة من الرهبان الذين لهم الحق فى التصويت وأيضا مشاركة المكرسين والمكرسات فى الادلاء بأصواتهم، مشيراً إلى أن هذا قد ساعد فى احتواء طموح الشباب والسعى فى المشاركة، مفيداً بأن اللائحة الجديدة أتاحت الفرصة للشباب للإدلاء بأصواتهم من سن 25 بدلا من 35 وأن لكل كنيسة لجنة تتكون من (5) إلى (11) شخصًا.
وأشار بخيت إلى أن اللائحة الجديدة أيضاً لم تنس دور المرأة والشباب حيث أعطتهم الحق فى التصويت، مضيفاً أن لائحة (57) كانت تتيح للشباب الذى كان فى الفئة العمرية من (35): (40) الحق فى الإدلاء بصوته وأن هذه الشريحة كانت نادرة فى جميع الانتخابات الماضية.
وعلى صعيد آخر قال نبيل عزمى البرلمانى السابق إن التعديلات التى حدثت على لائحة (57) لم تكن كثيرة حيث تم تعديل عمر المرشح على الكرسى البابوى بحيث لا يقل عن 45 عاماً ولايزيد على 65 عاماً وهذا يعد التعديل الجديد لكن البند القديم كان ينص على ألا يقل عمر المرشح عن 40عاماً، موضحاً أنه كلما زاد الحد الأدنى للمرشح على الكرسى البابوى بحيث يكون قد قضى فترة كبيرة فى السلك البابوى وأن يكون هذا المرشح قضى 15 عاماً  على الأقل وأن يكون له ولعائلته شهادة حسن سمعة داخل وخارج الكنيسة، كما ان البند الذى ينص على أن يكون المرشح حاصلاً على مؤهل جامعى وأن يكون على دراية بوسائل التكنولوجيا ويجيد اللغة العربية والصلاة باللغة القبطية وأن يكون على معرفة باللغة الأجنبية، وأن  يكون الترشح عن طريق التزكيات بدلاً من تقديم الأوراق للجنة العليا للانتخابات هذا هو الأصح لأن هذا تحقيق لطموحات وآمال المسيحيين.  
بينما أبدى سيمون وفيق (حركة الحقوق المدنية للمسيحيين) اعتراضه على اللائحة الجديدة قائلاً إنها لم تختلف كثيراً عن لائحة 57 حيث إنها قامت بتحديد فئة معينة لانتخاب البابا ولم تجمع جموع المسيحيين الأقباط حتى يكون لهم الحق فى الإدلاء بأصواتهم، موضحاً أنه إعمال بقانون الكنيسة والسلك البابوى يجب أن يكون البطريرك المرشح شيخًا من الشيوخ البرية.
وأشار وفيق إلى أنه لايوجد اعتراض على القرعة الهيكلية إذا كان بالشكل المتفق عليه بحيث تكون أربع ورقات من بينها ورقة بيضاء، لافتاً إلى أن مجمع الانتخاب لايليق بأن يكون اختيار البطريرك عبر فئة محددة بينما يستوجب أن ينتخبه كل جموع المسيحيين وتجرى له انتخابات مثل المتعارف عليها سواء لمجلس الشعب أو للرئاسة وأن يضع سن الانتخاب تحت الـ18 عاما.
وأوضح أنه إعمال لقانون الكنيسة استندت اللائحة الى أن يكون المرشح بالتزكية وليس بتقديم أوراقه للجنة العليا للانتخابات، بمعنى أنه لايجوز للراهب أن يطلب الترشح لنفسه بل من حوله هم من يزكونه ويختارونه للترشح.