الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

طه حسين يقدم برنامجًا للطبيخ! والعقاد يحلل برامج هز الوسط!

طه حسين يقدم برنامجًا للطبيخ! والعقاد يحلل برامج هز الوسط!
طه حسين يقدم برنامجًا للطبيخ! والعقاد يحلل برامج هز الوسط!




من حُسن حظ مصر وثقافتها وفكرها أن ألمع وأنبغ أبنائها من رجال الفكر والأدب رحلوا قبل ظهور الفضائيات!!
أتحدث عن د. طه حسين عميد الأدب العربى، وعباس محمود العقاد صاحب العبقريات وكاتب الأمة، ود. محمد حسين هيكل باشا صاحب الكتاب الرائع «حياة محمد» وكتب الإسلاميات، وتوفيق الحكيم مؤسس الكتابة المسرحية الحديثة.. والمفكر الإسلامى خالد محمد خالد صاحب كتاب «من هنا نبدأ» ويوسف السباعى فارس الرواية الرومانسية و.. وعشرات غيرهم.
ولو عاش هؤلاء زمن الفضائيات والهجص والرقص لما تركوا لنا كل هذا التراث الذى ما زال يضىء وينير عقولنا.
ولو سمع كل منهم بتلك الأجور الفلكية التى تدفع لمذيعين ومذيعات - وهى بالملايين غالبًا - لتركوا عالم الفكر الذى يجلب الفقر بدلا من هم وهموم الكتابة والتأليف والإبداع!!
كان الأستاذ «توفيق الحكيم» يندهش كثيرًا ويستغرب من مئات الجنيهات التى تدفعها الأندية مكافآت للاعب الكرة، كل موهبته فى قدمه لا أكثر ولا أقل، بينما من يستخدم عقله ورأسه ربما لا يجد ثمنًا للعلاج!!
ولعلك تندهش إذا عرفت أن إجمالى ما حصل عليه د. طه حسين أو العقاد أو توفيق الحكيم من أموال طوال عمرهم: تأليفًا وإبداعًا وكتابة يتقاضاها مطرب أو ممثل نتيجة موافقته على إجراء حوار تليفزيونى معه لا يتجاوز الستين دقيقة!!
ولو عرف د. طه حسين أن الأجر الذى تتقاضاه ممثلة تافهة نظير تقديم برنامج لا يقل تفاهة عنها أكثر مما تقاضاه عن كل مؤلفاته بل وإجمالى مرتبه عن عمله كوزير للمعارف فى وزارة النحاس باشا!!
واكتفى بالعمل فى فضائيات أو برامج الطبخ (ما هو كله طبيخ).
تخيلوا أستاذنا وأديبنا الكبير توفيق الحكيم وقد شاعت عنه والتصقت به صفة البخل، حتى أنه كان وهو فى أسرة تحرير صحيفة الأهرام كان يعزم ضيوفه فى مكتبه على أن يتولوا هم دفع ثمن القهوة!!
تصوروا لو قامت إحدى الفضائيات باقتراح له أن يكون ضمن هيئة التحكيم فى برنامج عن اكتشاف المواهب الجديدة فى الرقص الشرقى مقابل خمسة ملايين جنيه!!
تخيلوا أن فضائيات مثل «التت» و«دلع» و«كيد النسا» وغيرها من قنوات الرقص وهز الوسط وهز مناطق أخرى اقترحت على الأستاذ «العقاد» أن يكون محللا فى هذه الفضائيات فيتحدث عن جذور وأصول الرقص، وأوجه الخلاف بين الرقص عند الفراعنة والرقص عند حضارات الهند والسند، وما دلالة اتجاه بنات الغرب لاحتراف الرقص الشرقى ومنافسة راقصاتنا!!
تخيلوا الموسيقار الكبير «محمد عبدالوهاب» أو الموسيقار الكبير «رياض السنباطى» حينما يتناول بالتحليل والنقاش الموضوعى والأسلوب العلمى فى الموسيقى دلالة وعمق اللحن والأداء فى أغانى المفكر «أوكا» وزميله الفيلسوف «أورتيجا».
ولا تندهش إذا وجدت قامة بحجم د.حسين فوزى «السندباد المصرى» وهو يقدم برنامجًا رياضيًا واستديو تحليليًا عن مباريات الكرة، ويستضيف د. محمد مندور ونعمان عاشور ويوسف السباعى ليبحث معهم أزمة رأس الحربة فى الكرة المصرية؟! وأى طريقة لعب ينبغى على المدرب «كوبر»  أن يتبعها مع المنتخب!! وهل الأنسب أن نلعب بطريقة (4-2-4) أم (4-3-3) وهل انتهى دور «الليبرو» فى الكرة الحديثة!!
وأستطيع أن أتمادى فى خيالى، وأكاد أجزم أن كل هذه الأسماء كانت ستتفوق على أفندية وهوانم فضائيات هذه الأيام، ليس لأن كل واحد منهم لديه «الكاريزما» أو الجاذبية أو الأناقة والشياكة، وهى موجودة بالطبع.
لكنهم كانوا سيتفوقون لسبب تافه لا يهم أحدًا وليس ضروريًا تواجده فى الفضائيات، السبب إنهم قرأوا بجد، وتثقفوا بجد!! وكانوا مثقفين بجد، ونخبة بجد!!
أما الذين يكبسون على نفسك ونفسى، وبعضهم هو مذيع المحطة الأوحد يفتحها ويغلقها ثم يأخذ مفاتيح المحطة معه، فلا تشغل بالك ماذا قرأ وماذا كتب وماذا يقول، ولماذا يقول ولماذا يظهر أصلا!!
لا تندهش فكل شىء ممكن فى عالم الفضائيات، اشتم أى حد إلا صاحب الفضائية التى تعمل بها وتأكل منها عيش وحلاوة وجاتوه ومايونيز وسبيط، لا يهم أن تكون جاهلا وفخورًَا بجهلك المهم أن تكون شتامًا ورداحًا وبذيئًا مع كل الناس إلا صاحب قناتك، ويا أمة ضحكت من جهلها الأمم!!