الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

إسرائيل: «عاصفة الحزم» اختبار لقوة العرب

إسرائيل: «عاصفة الحزم» اختبار لقوة العرب
إسرائيل: «عاصفة الحزم» اختبار لقوة العرب




ترجمة - أميرة يونس
أعد الباحثان «يوئيل جوزينسكى» و«أفرايم كام» المختصان فى شئون الشرق الأوسط  دراسة نشرت على موقع معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى  تحت عنوان «الحرب فى اليمن – اختبار لقوة العرب» جاء  فيها أن المملكة العربية السعودية تسعى من خلال حربها فى اليمن لضرب اكثر من عصفور بحجر واحد وتحقيق اكبر قدر من المكاسب،  أول هذه الاهداف هو إعادة الحوثيين إلى طاولة المفاوضات حول مستقبل اليمن من خلال الضغوط العسكرية، والثانى «ثانوى» ويهدف إلى منع استخدام «أنصار الله» الأسلحة المتطورة، والطائرات المقاتلة والصواريخ أرض – أرض ضدها، لكن الهدف الرئيسى للعملية العسكرية «عاصفة الحزم»  هو منع سقوط المدينة الساحلية الاستراتيجية «عدن» فى يد الشيعة والتى يعنى سقوطها هو سقوط اليمن كلها

وتابع الباحثان: إن السعودية اتخذت على نفسها قرارًا يصعب الرجوع عنه، بعد أن أصبحت على بعد خطوات من تحقيق أهدافها، وعلى الرغم من احتمالية وجود رد فعل من قبل إيران، أو من الحوثيين أنفسهم، أو من خلال أطراف أخرى يهمها المصالح الإيرانية، مؤكدين أن القوة العربية بقيادة المملكة العربية السعودية لها جانب «إيجابى»  تجاه إسرائيل هو إثبات ان إيران تحاول توسيع نفوذها عبر المد الشيعى فى بلدان منطقة الشرق الأوسط، وهنا يظهر أن طهران لا تشكل خطرا  عبر برنامجها النووى فقط، بل وسعيها لتصبح «قوة رائدة» فى المنطقة بشكل صريح، الخطوة التى من شأنها خلق مصالح مشتركة بين إسرائيل والقوة العربية.
وترى الدراسة الإسرائيلية أن العملية العسكرية للتحالف العربى فى اليمن مجرد بداية، ويمكن من خلالها استخلاص العديد من النتائج ومدى تأثيرها، أولا: الدول العربية كافحت لسنوات من أجل التوحد واتخاذ إجراءات ملموسة، خاصة على المستوى العسكرى لحماية مصالحهم، واليوم فى ظل مساعى إيران لاختراق مختلف الساحات فى جميع أنحاء المنطقة وتوسيع نفوذها إقليميا، الامر الذى صار يمثل «أخطر تهديد» على الأقل تجاه بعض الدول العربية فأن ذلك التحالف لن يتردد فى إزالة التهديدات الموجهة ضدها بصورة «غير مسبوقة»، مضيفة إنه فى الوقت الذى تجمعت فيه القوة العربية بشكل ناجح ضد المتمردين الحوثيين فى اليمن فأصبح من السهل خلق فرص لعمليات عسكرية مشتركة فى المستقبل.
ثانيا: كشف التحالف العربى مدى استعداد الدول المشاركة للخروج فى عمل عسكرى مؤثر دون اللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية على غرار ما كان يحدث فى الماضى.
وترى الدراسة أن ثالث نتائج التحالف العربى وأهمها هو «رجوع الولايات المتحدة خطوة إلى الخلف»، على الرغم من سعيها لعزل الحديث عن المفاوضات الحالية مع إيران حول برنامجها النووى فى الوقت الحالى، وذلك للمؤشرات الواضحة التى تثبت تدخلها فى اليمن، والتى من شأنها إثارة العالم ضدها، موضحة أنه فى الواقع يمكننا أن نرى بوضوح من وراء الكواليس تورط الإدارة الأمريكية فى العملية العسكرية «عاصفة الحزم»، وأن الأمر الذى لم يدفع أمريكا للدخول رسميا فى العملية هو رغبتها فى الحد من التورط العسكرى لها فى منطقة الشرق الأوسط.
وتابعت الدراسة أن تصريحات الإدارة الأمريكية حول الأحداث فى اليمن كانت ضعيفة نسبيا، ومشاركتها فى العملية وفقا لتصريحات مسئولين أمريكيين اقتصرت على تقديم معلومات استخباراتية ومساعدات لوجيستية للقوات العربية، وعلى عكس جميع التوقعات أقدمت الولايات المتحدة على عدم ربط الأحداث فى اليمن بالمفاوضات مع إيران حول برنامجها النووى من أجل عدم تأثير التوتر الإقليمى على سير المفاوضات، وأصبحت الولايات المتحدة فى موقف حرج وغير مريح تماما، إذ لاقت العديد من الانتقادات إثر تورط إيران بشكل كبير فى دول أخرى، وأصبح جزء كبير من العالم العربى يقف اليوم ضد إيران.

الخليج قوة اقتصادية
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت عملية «عاصفة الحزم» القوة الاقتصادية والسياسية لدول الخليج العربى، وأنها لا تزال فى حاجة إلى المساعدات العسكرية والدعم السياسى من الدول العربية الأخرى، خاصة مصر، للحصول على الشرعية والدعم العسكرى للعمل، موضحة أنه على الرغم مما حدث لمصر ولدول عربية أخرى فى الشرق الأوسط فى أعقاب اضطرابات الربيع  العربى، فلازال الجيش المصرى أقوى الجيوش العربية، على الرغم مما تعرض له خلال السنوات الأخيرة من تنفيذ عمليات إرهابية استهدفت عناصر من الجيش والشرطة ومدنيين أيضا.
وأوضحت أن نظام الرئيس المصرى «عبد الفتاح السيسى» يحتاج إلى المساعدات المالية الضخمة من دول الخليج، التى لديها أيضا مصلحة حيوية للحفاظ والسيطرة على  «باب المندب»، بصفته المنفذ الرئيسى  المؤدى لقناة السويس، وإخلائه من الوجود الإيرانى من خلال الحوثيين.
وأوضحت الدراسة أن السعودية لن تسمح لإيران بإيجاد دولة شيعية فى اليمن، لأنها تعتبر الساحة الخلفية للبيت السعودى، مشيرة إلى أنه قد سبق وتدخلت المملكة فى البحرين عام 2011 بعد الاضطرابات التى ضربت البلاد من قبل الجماعات الشيعية أيضا، مضيفة أن الرياض تحت قيادة الملك الجديد «سلمان» تسعى إلى توحيد الطرق لدى العرب من أجل تقويض النفوذ الإيرانى فى المنطقة.
توحيد الصف
وأضافت أن سلمان أثبت جدارته فى التوفيق بين الأطراف المتحاربة فى المحور السنى مثل تركيا ومصر لدعم تحركاته فى اليمن، البلد العربى صاحب الأهمية الخاصة لدى المملكة السعودية نظرا لموقعه الجغرافى منها، وأنه لايفصل بين الدولتين سوى 1.800 كم على الحدود، ونظرا لأنه يسيطر على باب المندب المدخل الوحيد للبضائع وحركة التجارة لقناة السويس، ناهيك عن أنه أرض خصبة للإيرانيين فى المنطقة نظرا لما يمكنهم من تحريض أصحاب المذهب «اليزيدى» الشيعة فى المملكة العربية السعودية، الأمر الذى من شأنه تهديد أمن السعودية ومصر، بالإضافة إلى أن اليمن يعتبر ساحة مهمة لمحاربة الإرهاب والمتطرفين الإسلاميين الراديكاليين وعلى رأسهم «تنظيم القاعدة» فى شبه الجزيرة العربية.
وأشارت الدراسة إلى أن أهمية اليمن وموقعه اللوجيستى هو ما دفع إيران فى السنوات الماضية لاستثمار جهودها فى خلق بؤر استيطانية لها هناك، حيث إنه اعتبر قاعدة الوصل بينها وبين المتمردين الشيعة فى المنطقة، وبذلك فقد نجحت إيران فى وضع اثنين من مراكز النفوذ الشيعى لها فى المنطقة بعد دعمها لحزب الله فى لبنان، ومن خلال حركة «حماس» أيضا فى قطاع غزة، وأنها حاولت استخدام تلك القوى للضغط على المملكة العربية السعودية ليس فقط من الشمال الشرقى، وإنما أيضا من الجنوب الغربى لإحاطتها بشكل كامل، مضيفة أن التدخل الإيرانى فى اليمن نموذج مماثل لما حدث فى العراق  من حيث المساعدات المالية وتقديم السلاح، والتدريبات العسكرية للميليشيات المحلية المسلحة، وذلك من أجل جعله عاملا أساسيا فى إحكام سيطرتها على المنطقة وعلى أن يكون «إمارة» تابعة لها فى الشرق الأوسط، موضحة ان العملية العسكرية التى قامت بها السعودية وباقى الدول المشاركة فى اليمن أمر غير مرغوب فيه بالنسبة لإيران، لأنه موجه فى الأساس إلى منع توسيع نفوذها فى المنطقة العربية.

أمن المنطقة خط أحمر
وتوقعت الدراسة اتخاذ إجراءات جماعية أخرى من قبل القوة العربية فى صد أية تهديدات على مصالحها وعلى أمنها القومى، ولن تقتصر على كسر شوكة النفوذ الإيرانى فقط. مضيفة إن المملكة لدى خروجها للمعركة، أقدمت على مقامرة، فهى لا يمكن أن تسمح لنفسها بالخروج من الحرب، وهى فى موقف ضعف فى الصراع الذى يجرى على عتبة بابها. لكن العمليات العسكرية السعودية يمكن أن تقابل برد إيرانى عنيف على يد الحوثيين أنفسهم أو آخرين.
ورأت الدراسة أنه على المملكة الإسراع فى استغلال الزخم العسكرى والسياسى الذى حققته العملية العسكرية فى محاولة للتوصل إلى تسوية سياسية، لافتة إلى أن إيران لم تتردد فى الماضى لضرب أمن السعودية داخليا أو خارجيا، مشيرة إلى محاولة اغتيال سفير السعودية فى الولايات المتحدة فى عام 2011، وعملية القرصنة الإلكترونية ضد نظام الحاسب الآلى الخاص بشركة «أرامكو» السعودية للبترول عام 2012.
 واختتمت الدراسة بقولها أن العمليات التى يشنها التحالف العربى على الحوثيين بقيادة السعودية، تحمل فى طياتها أثرا إيجابيا على إسرائيل، وليس من المستبعد، أن تساعد تلك العملية فى صناعة مصالح مشتركة بين إسرائيل ودول أعضاء فى التحالف السعودي، وأن فرص المملكة العربية السعودية فى محاربة الحوثيين فى اليمن أقوى بكثير من مواجهة وكلاء إيران فى ساحات أخرى، وذلك بسبب القرب الجغرافى ومشاعر الألفة التى تجمع بين قادتها.