الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الفراعنة علموا العالم كيف يحتفلون بـ «شم النسيم»

الفراعنة علموا العالم كيف يحتفلون بـ «شم النسيم»
الفراعنة علموا العالم كيف يحتفلون بـ «شم النسيم»




كتبت - إلهام رفعت
 الفراعنة هم اول من احتفلوا بأعياد الربيع او كما اطلق عليه المصريون «شم النسيم»  أو «عيـد البصل»،اذ كان القدماء يضعون البصل  تحت رؤوسهم ليلة «شم النسيم»  لطرد الأرواح الشريرة، وفى صبيحة اليوم التالى  يلقونه فى النيل، وكأنهم يتخلصون من كل الأعباء ومن ليالى الشتاء الطويلة.
لكن أجمل ما فى الاحتفالات بهذا اليوم هو الزهور المعطرة التى يتبادلها أفراد الأسرة مع بعضهم البعض منذ آلاف السنين مرددين ما يقوله المصرى القديم:   
عطر نفسك وتمتع باستنشاق أجمل الروائح وضع تيجان الزهور حول عنق زوجتك التى تجلس إلى جوارك ليكون الغناء والموسيقى أمام ناظريك وأطرح وراء ظهرك كل الهموم وفكر فقط فى السرور.. ويقول المؤرخ ابراهيم عنانى اعتقد الأجداد أن فى هذا اليوم يتساوى الليل والنهار ويبدأ معه فصل الربيع.
ويعود أصل تسمية عيد الربيع بشم النسيم لكلمة شمو المصرية القديمة علمًا بأن اللفظ الصحيح بالمصرية القديمة هو «شم ونس أيمى» كما أن حرف الشين يكتبه المصرى القديم على شكل مستطيل ويضيف له أرجل ومعنى «الشين» أخرج  أما حرف «الميم» فهى البومة ثم «نس» معناها «نادى» و «أى» معناها الزهرة أى «أخرج نادى على الزهرة « و«مـى» الأخيرة معناها تريض أو تنزه أى «أخرج نادى على الزهرة وتنزه»
وقد ارتبط الاحتفال بشمو أو فصل النماء بالأرض المصرية ومعتقدات المصرى القديم الذى آمن باستمرار الحياة وتجددها فحرص أن يصنع فى شم النسيم مائدة من أطعمة لها رمزية خاصة ودلالة بعينها
فالبيض يرمز لبداية الخلق وللتكاثر واستمرار الحياة وتجددها وقوة عطاء الخالق، وقد صورت بعض برديات منف الإله «بتاح» – إله الخلق عند الفراعنة وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة ولذلك فإن تناول البيض فى هذه المناسبة كان إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين وضمانًا لحماية العين من الالتهابات الربيعية، وقد اعتاد المصرى القديم أن ينقش على البيض دعواته وأمنياته للعام الجديد ثم يضع البيض فى سلال من سعف النخيل يعلقها فى شرفات المنازل أو فى أغصان الأشجار لتحظى بالبركات عند شروق الشمس.
أما السمك المملح فيحمل دلالة مقدسة فى الأديان فكان بالنسبة للمصرى القديم رمزًا للإله «أوزير» أما الملح فكان يعنى الحياة ويطلق المسيحيون اسم ملح الأرض على رجال الكنيسة وتسمى السمكة فى اللغة القبطية (أخسيس) وهى الحروف الأولى للسيد المسيح بنفس اللغة أما البصل فكان المصريون يضعونه تحت رؤوسهم ليلة شم النسيم ويتناولونه صبيحته اعتقادًا منهم أنه يطرد الأرواح الشريرة لرائحته.
أما الخس فقد ارتبط بالإله المصرى القديم «مين» الذى اعتبره المصرى القديم رمزًا للاخصاب فحرص على تناوله فى المناسبات المرتبطة باستمرار الحياة وهو ما أثبته العلم الحديث عندما كشف عن فوائد زيوته التى تقوى الخصوبة وتقلل التأكسد  فضلًا عن فوائد الحلبة والحمص الأخضر - الملانة والترمس،  وكانت الاحتفاليات يشارك فيها الملوك والأمراء فى مختلف الأقاليم المصرية حيث تتزين الفتيات بزهور الربيع ويرتدين ملابس جديدة ويرقصن على أنغام الهارب والطبلة وقد وصف المستشرق الإنجليزى «إدوارد وليم لين» الذى زار القاهرة عام 1834 بعد أكثر من عشرين قرنًا من الزمان احتفال المصريين بشم النسيم بقوله «يبكرون بالذهاب إلى الريف المجاور راكبين أو راجلين ويتنزهون فى النيل» ويتجهون إلى الشمال على العموم لينسموا النسيم أو كما يقولون ليشموا النسيم وهم يعتقدون أن النسيم - فى ذلك اليوم - ذو تأثير مفيد وبتناول أكثرهم الغذاء فى الريف أو فى النيل.
العالم يحتفل بشم النسيم بأكثر من طريقة ومن مصر كانت البداية فتناقلت الشعوب المختلفة فكرة الاحتفال بأعياد الربيع ولكن كل بطريقته:
فى الهنـد يطلقون على أعياد الربيع فى الهند اسم عيد الهولى فيحتفل الهندوس به على طريقتهم الخاصة حيث إنهم يشتهرون باستخدام الألوان فى جميع المناسبات لذلك فهم يستقبلون الربيع بألوان البهجة والسعادة والمرح فيجتمعون فى المعابد الهندية كتقليد دينى قديم ويبدأون فى تراشق الألوان المائية المجهزة خصيصًا لهذا الغرض كما تنتعش الأسواق التجارية بصورة ملحوظة فى هذا الموسم بسبب الإقبال على شراء الملابس المزخرفة والملونة بألوان الربيع وكذلك الماسكات والألوان المائية التى تستخدم فى تزيين الشوارع  هذا بالإضافة إلى المساحيق الملونة التى يتراشق بها المحتفلون والمصنوعة من النباتات والأزهار ويعتبر الهندوس (هولي) بمثابة انتصار الحق على الباطل فيستعد الجميع للاحتفال به بتنظيف المنازل وشراء الملابس الجديدة وشراء السلع الغذائية المحببة لديهم وفى عشية الاحتفال يقومون بإشعال النيران التى ترمز فى اعتقادهم إلى القوة القادرة على تدمير القوى الشيطانية والهدامة.
فى الصيــن يحتفل الشعب الصينى بأعياد الربيع بأزهى ألوان المهرجانات حيث إنهم يبدأون بالإعداد لهذا الاحتفال الضخم قبل شهر من حلول موعده الرسمى فتنتشر الهدايا فى الأسواق ويتم جنى محاصيل الزهور المختلفة التى تكون قد نمت زراعتها خصيصًا لهذا الغرض.