الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

حالة الإسلام.. البكاء حتى الموت!

حالة الإسلام.. البكاء حتى الموت!
حالة الإسلام.. البكاء حتى الموت!




كتب: أشرف بدر
فى عصر إعلام التهويل والتضليل والكذب والتطبيل وتضخيم البسيط وتبسيط الضخم، من جانب فضائيات وصحف تُدار بمؤامرات ومخططات وأجندات وميول وأهداف.. لم أستغرب الضجة المفتعلة على برنامج تافه يقدمه شخص ضحل الثقافة والدين والممارسة المهنية.. وجعله نجما بلا مناسبة بمعرفة «أرزقية» الإعداد، وأرباب الفتنة  بـ«الفضائيات»!
 كما لم أتعجب من الصحوة المفاجئة من جانب الأزهر ولا من بيانه المأسوف عليه برد مخجل والمطالبة بغلق البرنامج لأنه - بحسب وصف الأزهر - يمثل خطورة فى تعمده تشكيك الناس فيما هو معلوم من الدين بالضرورة، بالإضافة إلى تعمُّقه فى منُاقضة السلم المجتمعى، ومُناهضة الأمن الفكرى والإنسانى، ما يجعل البرنامج يمثل تحريضًا ظاهرًا على إثارة الفتنة وتشويهًا للدين، ومساسا بثوابت الأمَّة والأوطان وتعريض فكر شباب الأمة للتضليل والانحراف.
ولم ينس الأزهر أن يؤكد فى بيانه انه هو المرجع الوحيد فى الشئون الإسلامية وفقًا للدستور، وهو الهيئة العلمية الإسلامية التى تقوم على حِفظ التراث الإسلامى ودراسته وتجليته للناس كافَّة، وتحمُّل أمانة توصيل الرسالة الإسلامية إلى كل شُعوب المعمورة، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام السَّمحة.. ولا ادرى أين كان الأزهر من تطرف فتاوى بعض السلفيين والإخوان والتكفيريين والداعشيين.. الخ؟!
لقد ضيع الأزهر هيبته فى نفوس المصريين والعالم أجمع، برده على هذا «البرنامج التافه» ومن قبل بصمته الطويل عليه وغيره من فتاوى الإعلاميين، والمدعين بالدين، وعبثهم فى مجال ليسوا مؤهلين له، بذريعة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب «حرية الفكر والتعبير»!!
 رغم يقيننا أن تطاولهم وجرأتهم على الدين ليس إلا محاولة منهم لمزيد من الشهرة المزيفة، وجذب المزيد من المشاهدين والقراء، من ناحية أو مدفوعين من اصحاب الفضائيات الذين يحاولون التشكيك فى الثوابت لتأكيد تواجدهم وشرعية اعمالهم الحمقاء والضغط على النظام.
إن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا».
 وقال الله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏‏)... ألا يخاف هؤلاء من الوقوف بين يدى الرحمن يوم القيامة ليجيبوا عما كانوا يعملون، وامامهم وخلفهم جهنم التى قال عنها النبى «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام ومع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها»  أى 4 مليارات و900 مليون ملك يجرون جهنم!.
 يا هؤلاء هل تذكرتم شدة ما ستلقونه حينما ينزع ملك الموت الروح من جسدكم؟ هل تذكرتم يومًا تكونون فيه من أهل القبور مفارقين الأهل والجيران والأموال والأصحاب والأوطان هل تذكرتم سؤال الملكين منكر ونكير؟
 هل تذكرتم سماحة نبيكم فى دعوته لدينه، وكيف كان يخاطب القلوب والعقول باليسر والموعظة الحسنة، لا بالغلظة والوعيد؟
 إننا فى عصرنا هذا لا نحتاج النبش فى ماضى التراث، وتعظيم توافه المعتقدات والرؤى، وإثارة البلبلة بقدر حاجتنا إلى تغذية عقولنا بالإيمان الحق، وتسليح إرادتنا بدين الاعتدال والوسطية والعمل الجاد من اجل الدنيا والآخرة وصلاح حال الأمة، وعدم سب صحابة الرسول، والأئمة وتابعيهم بإحسان.
 ما أحوجنا إلى ذكاء علماء الأزهر وشدة حجتهم وفطنتهم، مثل ذلك العالم الذى تحداه أحد الملحدين فى مناظرة علنية عن أن الطبيعة هى التى صنعت الكون وليس الله.
وفى الموعد المحدد ترقب الجميع وصول هذا العالم المسلم، لكنه تأخر!
فقال الملحد للحاضرين: لقد هرب عالمكم وخاف، لأنه علم أنى سأنتصر عليه، وأثبت لكم أن الكون ليس له إله.
وأثناء كلامه حضر العالم المسلم واعتذر عن تأخره، تم قال: وأنا فى الطريق إلى هنا، لم أجد قاربا أعبر به النهر، وانتظرت على الشاطئ، وفجأة ظهرت فى النهر ألواح من الخشب، وتجمعت مع بعضها بسرعة ونظام حتى أصبحت قاربا، ثم اقترب القارب منى، فركبته وجئت إليكم.
فقال الملحد: إن هذا الرجل مجنون، فكيف يتجمح الخشب ويصبح قاربا دون أن يصنعه أحد، وكيف يتحرك بدون وجود من يحركه؟!
فتبسم العالم، وقال: فماذا تقول لنفسك، إن هذا الكون العظيم الكبير بلا إله؟!
ما أحوجنا إلى علماء تعرفنا معنى العدل الإلهى، وتطالب الحكام بتطبيقه على محكوميهم.. فقد روى أن امرأة دخلت على داود عليه السلام فقالت : يا نبى الله ربك ظالم أم عادل، فقال داود: ويحك يا امرأة هو العدل الذى لا يجور، ثم قال لها ما قصتك؟
قالت: أنا أرملة عندى ثلاث بنات أقوم عليهن من غزل يدى فلما كان أمس شددت غزلى فى خرقة حمراء وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه وأبلّغ به أطفالى فإذا أنا بطائر قد انقض عليّ وأخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيت حزينة لا أملك شيئًا أبلّغ به أطفالى.
فبينما المرأة مع داود عليه السلام فى الكلام وإذا بالباب يطرق على داود فأذن بالدخول وإذا بعشرة من التجار كل واحد بيده: مائة دينار فقالوا: يا نبى الله أعطها لمستحقها.
فقال لهم داود عليه السلام ما كان سبب حملكم هذا المال؟
قالوا يا نبى الله كنا فى مركب فهاجت علينا الريح وأشرفنا على الغرق فإذا بطائر قد ألقى علينا خرقة حمراء وفيها غزل فسدّدنا به عيب المركب فهانت علينا الريح وانسد العيب ونذرنا لله أن يتصدّ كل واحد منا بمائة دينار وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت!!
فالتفت داود عليه السلام إلى المرأة وقال لها: رب يتجر لكِ فى البر والبحر وتجعلينه ظالماً، وأعطاها الألف دينار وقال: أنفقيها على أطفالك!
 ما أحوجنا إلى التأسى بالسلف الصالح من الحكام.. لا بسلفيى هذا العصر.. فقد قيل إن الخليفة عبدالملك بن مروان لما نزل به الموت جعل يتغشاه الكرب ويضيق عليه النفس فأمر بنوافذ غرفته ففتحت.. فالتفت فرأى غسالًا فقيرًا فى دكانه.. فبكى عبد الملك ثم قال:
ياليتنى كنت غسالًا.. ياليتنى كنت نجارًا.. ياليتنى كنت حمالاً.. ياليتنى لم ألِ من أمر المؤمنين شيئًا.. ثم مات.
ولما نزل الموت بالعابد الزاهد عبدالله بن إدريس اشتد عليه الكرب فلما أخذ يشهق بكت ابنته، فقال: يا بنيتى لا تبكى، فقد ختمت القرآن فى هذا البيت أربعة آلاف ختمة.. كلها لأجل هذا المصرع.
 وعندما احتضر عبدالرحمن بن الأسود بكى فقيل له: ما يبكيك؟ وأنت ما أنت.. «يعنى فى العبادة والخشوع»، والزهد والخضوع، فقال: أبكى والله أسفًا على الصلاة والصوم.. ثمّ لم يزل يتلو القرآن حتى مات.
 أما يزيد الرقاشى، فإنه لما نزل به الموت أخذ يبكى ويقول: من يصلى لك يا يزيد إذا متّ؟ ومن يصوم لك؟ ومن يستغفر لك من الذنوب.. ثم تشهد ومات.
واختم بقصة هارون الرشيد لما حضرته الوفاة وعاين السكرات صاح بقواده وحجابه: اجمعوا جيوشى فجاؤوا بهم بسيوفهم، ودروعهم لا يكاد يحصى عددهم إلا الله كلهم تحت قيادته وأمْره فلما رآهم.. بكى ثم قال: يا من لا يزول ملكه.. ارحم من قد زال ملكه
ثم لم يزل يبكى حتى مات.
لقد آن الأوان أن يصغى الجميع للغة العقل والمنطق والمصلحة العليا للبلد، بعد أن انكشف الغطاء عن الكثير من مدعى الوطنية والدفاع عن الحريات و«الشرعية والشريعة»، وبرزت وجوه باغية ومحرضة للفتنة، مستغلة «طيبة وجهل» البعض، «وتجاهل وغفوة» العلماء، مستخدمة الشعوذة الدينية لبث الخرافات.