الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سمعة المرأة المصرية وهؤلاء الدببة الصحفية!

سمعة المرأة المصرية وهؤلاء الدببة الصحفية!
سمعة المرأة المصرية وهؤلاء الدببة الصحفية!




كتب: رشاد كامل

ما أكثر المرات التى ناشدت فيها جهات حكومية أو إدارية وسائل الإعلام بأن تتحرى الدقة فيما تنشره عنها من أخبار أو تنسبه إليها من قرارات!!
وما أكثر الأخطاء التى نقع فيها جميعًا لغياب التدقيق والبحث والتحرى بشأن ما ننشره!! ونتباهى بعبارة: يا سيدى محدش واخد باله!!
إن بعض ما ننشره من أخبار وأرقام وإحصاءات قبل التأكد منها هو بمثابة فضائح مهنية وكوارث تجد من يتلقفها ويعيد تصديرها إلينا على أنها حقائق لا تقبل الشك!!
أكاد أقول إن الدقة ــ الدقة فى كل شىء ــ غائبة وخرجت ولم تعد، واختلط الخبر بالرأى، واختلط الرأى بالجهل، وأصبح الجهل هو الشىء المؤكد!!! يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!
إن الجهل الناتج عن عدم الدقة والتحرى ليس كارثة مهنية فقط بل كارثة وطنية وأخلاقية!!
والتوسع فى نشر أخبار كاذبة فى الصفحات الأولى ثم تكذيبها فى اليوم التالى فى صفحات داخلية لا يقرؤها أحد كارثة أخرى!!
ثم تأتى مصيبة المصائب وكارثة الكوارث من البرامج التليفزيونية التى تخصصت فى قراءة ما تنشره الصحف والتعليق عليه، وهو جهد محمود ومشكور من هذه البرامج ومقدميها ومعديها.
فالخبر الكاذب أو المفبرك الذى قرأه عشرة قراء فى صحيفة ما، يتحول إلى مادة شهية عند مئات الألوف ــ أو حتى عشرات الألوف من مشاهدى البرنامج ــ وكأننا نعمل بالمثل القائل: اللى ما يشترى يتفرج!
وعندى مثال لما أقول يتعلق بخبر نشرته الزميلة الأهرام (يوم 17 مارس أى منذ أسبوعين) جاء فى الخبر وهو العنوان المثير «78.8٪ من نساء القاهرة يعترفن بتعرضهن للعنف»، ثم باقى التفاصيل!
طبعًا العنوان صادم ومقزز ومقرف ومعناه لأول وهلة أن الدنيا سايبة!! وإذا كانت الإحصائيات تقول إن القاهرة يصل عدد سكانها لأكثر من عشرة ملايين نسمة (مثلاً يعنى) فمعنى هذا ببساطة أن هناك نحو سبعة ملايين وثمانمائة ألف سيدة وامرأة وفتاة قد تعرضت للعنف!!
هذا ما يقوله العنوان الخاطئ والذى سرعان ما تتلقفه دكاكين حقوق الإنسان ــ هنا وفى الخارج ــ وهات يا صراخ وعويل وبكاء على ذلك العنف الذى تتعرض له نساء مصر!!
أما منظمة مثل «هيومن رايتس ووتش» فسوف ترقص عشرة بلدى فى عواصم العالم وهات يا إدانة وشجب وتحميل النظام تبعة كل هذا العنف الممنهج ــ لازم تعبير ممنهج ــ ضد النساء!!
أما جرايد بير السلم سواء الصادرة هنا أو بترخيص قبرصى خاصة صحف الحوادث والجرائم فسوف تلعلع بالمانشيتات والتحليلات!!
ويا سلام سلم عندما يبعث مراسل بهذا العنوان إلى الخارج حيث فضائيات العشيرة (اللابدة فى درة الشرعية وأحضان تركيا) وهات يالت وعجن على غياب الأخلاق بعد الانقلاب!! والفوضى الأخلاقية بعد الانقلاب!! أما هلافيت هذه الفضائيات سواء يحمل شهادة فى الجهل النشيط أو ماجستير فى الغباوة السياسية فالسهرة صباحى.. مناقشات وتحليلات بل ومداخلات تليفونية!!
مناحة وصراخ ولطم على خبر وعنوان خاطئ لا يعبر عن الحقيقة، لكن عدم الدقة والجهل المهنى هو المتسبب فى كل ذلك وأكثر!!
كان خبر الأهرام الذى أشرت إلى عنوانه يقول بالحرف الواحد:
«كشف بحث أجراه جهاز التعبئة والإحصاء على عينة مكونة من مائة أسرة(!!) أجريت فى القاهرة بعنوان «قياس أحوال المرأة المصرية» عن اعتراف 78.8٪ من اللاتى أجريت عليهن التجربة بالعنف الجسدى والنفسى والاقتصادى والتحرش الجنسى!.
وكل هذه الزيطة والزمبليطة على عينة من مائة أسرة أى 78٪ من هؤلاء الأفراد اعترفن بتعرضهن للعنف، هذه النسبة من العينة وليست من كل نساء القاهرة (وهن بالملايين).
ويضيف الخبر: إن اللواء أبوبكر الجندى رئيس جهاز التعبئة والإحصاء ــ وهو رجل قدير وأعرف احترامه للإعلام ــ اعترف أن هذا البحث بمنزلة تجربة أولية لدراسة ميدانية ستبدأ إبريل المقبل (أى الآن).
وفى نفس الخبر أيضًا تصريح للأستاذة «وفاء ماجد» المدير التنفيذى للمشروع: إن العمل الميدانى سوف يتم عبر 22 محافظة ويتضمن 22 ألف أسرة تشمل 22 ألف سيدة!! انتهى التصريح».
إن هذه التجربة الأولية التى قوامها مائة امرأة تحولت بفعل الجهل النشيط وعدم القراءة الصحيحة إلى فضيحة أخلاقية وكارثة ومادة دسمة لدكاكين حقوق الإنسان جوه وبره!
ويخيل إلى أننا أحيانا نقلد الدبة التى قلتلت صاحبها، وما أكثر الدببة هذه الأيام!!