الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

معركة النقاد الأبدية مع السينما الهندية!

معركة النقاد الأبدية مع السينما الهندية!
معركة النقاد الأبدية مع السينما الهندية!




فى حياتى سر خطير وكبير عمره أكثر من أربعين عامًا ولم أكن أجرؤ على الاعتراف به أو البوح به لأى إنسان حتى لو كان من أصدقاء العمر!
خبأت سرى طوال هذه السنوات، خبأته عن زملائى فى الدراسة طوال سنوات الإعدادى والثانوى بل حتى سنوات الدراسة الجامعية!
والآن حان وقت كشف هذا السر المدوى بعد كتمانه لأكثر من أربعين سنة، وإذا كانت الحكومات المختلفة تفرج عن أسرارها ووثائقها بعد مرور ثلاثين سنة، والأسرار الخطيرة التى تتعلق بالأمن القومى يتم الإفراج عنها بعد أربعين سنة.
سرى الخطير ببساطة إننى عاشق شديد العشق للسينما الهندية التى وقعت فى غرامها منذ أن شاهدت فيلم «سوراج» و«الفيل صديقى» فى أوائل السبعينيات بمدينتى «بنى سويف».
لم أكن أدرى أن السينما الهندية فى نظر المثقفين هى كلام فارغ، ومبالغات وبعيدة عن الواقعية الاشتراكية والالتزام الأيديولوجى، وعندما كان المثقف يريد تسفيه آراء زميله المثقف الآخر فيكفى أن يقول له: رأيك ده فيلم هندى!
لا أعرف الظروف والملابسات التى اقتحمت فيها السينما الهندية دور السينما المصرية، وفى الوقت الذى كان إقبال الناس على مشاهدتها رهيبًا وفظيعًا، كان النقاد والمثقفون والنخبجية يقاطعونها تمامًا، وإذا فكر أحدهم فى الكتابة عنها، فهى كتابة هجوم وتسفيه!
كانت حفاوة النقاد وأهل الفن بفيلم طليعى بدأ عرضه فى حفلة الساعة السادسة وتم رفعه وسحبه إلى الأبد بعد هذه الحفلة بعد أن شاهده بضع عشرات، كان الفيلم الطليعى الذى لم يشاهده أحد يتبارون فى الكتابة عنه من روعة القصة التى عمقت التناقضات الطبقية بين البطل والبطلة، إلى الإخراج الواقعى الطليعى...إلخ.
ولا أنسى أبدًا عندما ضبطنى أحد أصدقائى المثقفين متلبسًا بالحديث عن فيلم «سانجام» أشهر الأفلام الهندية التى شاهدتها، وإنهال علىّ توبيخًا وتأنيبًا على تخلفى ورجعيتى وذوقى الإمبريالى ومزاجى الاستعمارى!
وكان عقابى يومها أن اصطحبنى لمشاهدة فيلم طليعى عن زوج وزوجة يبدو أنهما على خلاف، وظلا طوال الفيلم فى حالة صمت رهيب، حتى انتهى الفيلم، وعندما أبديت عدم فهمى لهذا الصمت قال لى صديقى المثقف: يا جاهل هذا صمت له دلالة، فهو صمت الكبار على الظلم والعدوان والعسف!
وفى الثمانينيات من القرن الماضى وكانت ترأس التليفزيون المصرى وقتها السيدة «سهير الأتربى» فاجأت كل مصر بعرض فيلم هندى على شاشة القناة الثانية، وهاجت الدنيا وقامت عليها كيف تسمح بعرض هذا الإسفاف على شاشة تليفزيون الدولة؟! وتفسد ذوق وذائقة ملايين الشعب من دافعى الضرائب!
وهو نفس ما تعرض له الكاتب الكبير «سعد الدين وهبة» عندما كان يرأس مهرجان القاهرة السينمائى وقرر دعوة نجم السينما الهندية «اميتاب باتشان» لحضور المهرجان، وفوجئ النجم بحفاوة أسطورية لم يكن ينتظرها أو يتوقعها من جماهير تحبه وتعشق أفلامه فيصبحون محل انتقاد وهجوم النخبة وبتوع الفن الطليعى والسينما الطليعية وسينما الكادحين والمهمشين!
وبعد أكثر من ربع قرن جاء «أميتاب باتشان» إلى مصر للمشاركة فى احتفالات «الهند على ضفاف النيل» ويستقبله نجوم مصر الكبار، ويقول أحدهم: رؤية أميتاب باتشان من أهم اللحظات فى حياتى، وقامت أكاديمية الفنون بتكريمه (ولم تنس أن تضع علم الهند بالمقلوب).
وحاولت معظم الفضائيات العربية أن تحظى بالحوار معه، وهو ما فعلته السيدة «منى الشاذلى» فى برنامجها «معكم» على شاشة «سى. بى. سى» وأيضًا الأستاذ «شريف عامر» فى برنامجه «يحدث فى مصر» على شاشة «إم. بى. سى» الذى رحب به باللغة الهندية ما جعل باتشان يصفق له قائلا: جيد جدًا!
تحدث أميتاب باتشان «فى الحوارين كلامًا بسيطًا وإنسانيًا ودافئًا عن مشواره وحياته وحبه لمصر، وعن زعيمى مصر والهند: ناصر ونهرو!
وراحت الفضائيات التى لم تستطع الفوز بلقاء مع «أميتاب باتشان» تتسابق فى استضافة نجوم ونجمات يتحدثون عنه وكيف أثرت فيهم السينما الهندية وجعلتهم يحبون ويعشقون هذا الفن!
وحرصت كل هذه البرامج على بث الاستقبال الأسطورى له وكيف نجحت فتاة معجبة من اقتحام حفل تكريمه فى الأكاديمية لتحضنه وسط الحضور بينما باقى الفتيات يصرخن ويهللن.
إذن لقد تغيرت الدنيا، وأصبحت هناك فضائيات متخصصة لا تعرض إلا الأفلام الهندية طوال ساعات إرسالها، وفضائيات تتسابق الآن لعرض الدراما الهندية بعد أن زهقنا من ملل المسلسلات المكسيكية والتركية وغيرها، ولم يجد أهل الفن والكتابة على شاشات الفضائيات حرجًا فى الإشادة بالسينما الهندية!.. بعد كل هذا لم يعد مفيدًا أن أحبس «سرى الدفين» وحان الوقت لإعلانه أمام الجميع وهو تصريح حصرى منى لكم: أنا أحب السينما الهندية!