الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أردوغان: سلطان البرين وخاقان البحرين!

أردوغان: سلطان البرين وخاقان البحرين!
أردوغان: سلطان البرين وخاقان البحرين!




كتب: رشاد كامل
كان ياما كان، فى سالف العصر والأوان، وقبل أن يحكم تركيا رئيس اسمه «أردوغان»، كان هناك شىء اسمه «الدولة العثمانية» تقع أراضيها فى ثلاث قارات هى: أوروبا وآسيا وإفريقيا، يبلغ عدد سكانها حوالى ثلاثمائة مليون نسمة، ويحكمها رجل واحد ولسان واحد وصوت واحد ورأى واحد اسمه «السلطان عبدالحميد»!
سقطت الدولة العثمانية بعد أن شاخت وأصبحت «رجل أوروبا المريض» ومات السلطان «عبدالحميد» وتغيرت الدنيا، حتى وصل إلى قصر الحكم فى تركيا سلطان جديد باسم جديد هو «أردوغان» الذى يريد أن يكون فى نفس مكان ومكانة السلطان «عبدالحميد»!
وكما كان السلطان «عبدالحميد«» لا يطيق المعارضة أو الرأى الذى يخالفه فعل «أردوغان» نفس الشىء وأكثر، فقد أقر برلمانه ـ الذى يسيطر عليه حزبه «حزب العدالة والتنمية» ـ على منح صلاحيات واسعة لا حدود لها للشرطة التركية لقمع المظاهرات المنددة بتقييد الحريات والتضييق على المعارضة! ولعل أشهر تلك الحوادث عندما ألقت الشرطة القبض على أحد المتظاهرين أمام مبنى فضائية «إيه.تى.فى» الحكومية وهو يهتف:
ـ أردوغان لص!
ولم يكتف أرودغان بذلك بل قام منذ نحو عام بحجب الإنترنت والشبكات الاجتماعية للتواصل الاجتماعى بعد اتهامها بممارسة الفساد، لكن المحكمة الدستورية أبطلت هذا الإجراء الأردوغانى العجيب!
ولم ييأس «أردوغان» ومنذ أيام تبنى البرلمان التركى إجراء شاذًا يجيز للحكومة اغلاق مواقع على الإنترنت من دون قرار قضائى «!!!» كإجراء وقائى إذا ما اشتبه بأن مضمون ما تبثه يضر بالحياة الخاصة أو ذو طابع تمييزى».
إن رعب وخوف «أردوغان» من المعارضة فى بلاده يكاد يشبه تماما الخوف والرعب الذى كان يحسه ويشعر به «السلطان عبدالحميد» قبل أكثر من مائة عام فى أواخر القرن التاسع عشر.
وأظن أن الرئيس «أردوغان» قد قرأ سيرة حياة السلطان «عبدالحميد» وحكايته مع المفكر الثائر «عبدالرحمن الكواكبى»، لقد كان السلطان وقتها يحمل لقب «خليفة المسلمين وسلطان البرين وخاقان البحرين» ومن ألقابه أيضًا «شاهنشاه ملك الملوك» و«السلطان الأعظم والذات المقدسة» وكلها ألقاب فخمة ضخمة لايزال أردوغان يحلم بها، ولعل القصر الفخم الضخم الذى بناه مؤخرًا يحمل دلالة على ذلك!
لقد استقبل السلطان عبدالحميد ذات يوم المفكر الثائر «جمال الدين الأفغانى» لدقائق معدودات، وكان حاضرًا اللقاء رئيس الديوان السلطانى الذى لاحظ شيئًا عجيبًا وقتها وهو أن «الأفغانى» كان يلعب بحبات مسبحته وهو جالس مع السلطان، وهذا يعنى عدم احترام وتوقير للسلطان!
وهنا قال الأفغانى له: سبحان الله! إن السلطان يلعب بمستقبل الملايين من الأمة على هواه وليس من يعترض منهم؟! أفلا يحق لجمال الدين الأفغانى أن يلعب بمسبحته كما يشاء!
ولم يغفر السلطان عبدالحميد للأفغانى هذه العبارة، وهو ما تكرر بعد ذلك مع المفكر «عبدالرحمن الكواكبى» (الذى كان يتكلم الفارسية والتركية والعربية) واشتغل بالكتابة والصحافة والمحاماة حتى أصبح قاضيًا، وسرعان ما تم تلفيق قضية له تم تزوير  وقائعها وشهودها وحُكم عليه بالإعدام! واعترض الرجل على الحكم، وتقرر محاكمته بعيدًا فى لبنان التى حكمت ببراءته!
وضاقت الدنيا أمامه فلم يجد غير مصر حضنًا يأويه، وعلى أرض المحروسة عاود الكتابة والبحث فى جريدة «المؤيد» لصاحبها الشيخ «على يوسف» وجمع مقالاته فى كتاب صار من أشهر الكتب على وجه الإطلاق وهو «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، وهى كلمات حق وصيحة فى واد، إن ذهبت اليوم مع الريح لقد تذهب غدًا بالاوتاد» محررها هو الرحالة ك!
ولعل هذا الكتاب هو أول وآخر كتاب يتكون عنوانه من تسع عشرة كلمة لقد كاننت كل فصول الكتاب عن المستبد والاستبداد والسلطان عبدالحميد الذى هو المثل الأعلى عند «أردوغان» الآن.
ويبدو أن «أردوغان» قرر أن يتفوق على مثله الأعلى السلطان «عبدالحميد» ولم يفلت من بطشه أحد، شباب، بنات، طلاب، أطباء، صيادلة، بل مشجعو كرة قدم أيضًا.
وأخيرًا يحجب مواقع التواصل الاجتماعى التى دأبت على انتقاده والسخرية منه، ومع ذلك يفخر ويتفاخر بالحرية التى تتمتع بها تركيا.
حرية وديمقراطية لم يعرفها شعب فى العالم من جمهورية أفلاطون المثالية، وحتى جمهورية أردوغان العثمانية.