الفراعنة أول من عرفوا ثقافة «المواطنة» و«احترام الآخر»

الأقصر ـ حجاج سلامة

فى إطار احتفال أقباط مصر بعيد القيامة المجيد، وتوافد المسلمين على الكنائس لتهنئتهم بالعيد، قالت دراسة للباحثة المصرية منى توفيق أبوهشيمة: إن صور الوحدة الوطنية التى تتجلى فى ازدحام الكنائس القبطية بآلاف المسلمين الذين يتوافدون على الكنائس فى كل عيد وكل مناسبة، مشاركين الأقباط أفراحهم وأحزانهم، هى واحدة من صور الوحدة الوطنية التى عرفتها مصر القديمة قبل آلاف السنين، مشيرة إلى أن النصوص الفرعونية ومؤلفات علماء المصريات رصدت كيف حارب قدماء المصريين الطائفية وكيف حرص حكامهم على الحفاظ على الوحدة الوطنية للبلاد.
وأوضحت الدراسة أن الفراعنة عرفوا احترام «الآخر» قبل أكثر من 3 آلاف عام، وعرفوا قيم التسامح وثقافة المواطنة، ولم يعرفوا ما يسمى بالضد أو النقيض عبر تاريخها لكن عرفوا الوئام، منذ فجر التاريخ ومصر تنظر للأشياء نظرة واعية مبتكرة تقوم على فلسفة خاصة ونظام خلاق وهو وحدة المفردات فلكل مفردة حقها الخاص بها، الجميع يشكل نموذجا مثاليًا لوطن الوحدة ووحدة الوطن فقد كان المصريون يعتقدون أن المجتمع المثالى على الأرض صورة مطابقة للنظام السماوى الأعلى، ومنذ أكثر من 5300 عام قام الملك المصرى نارمر بتوحيد شقى مصر وهما مملكة الشمال ذات التاج الأحمر ورمزها نبات البردى ولقب ملكة الجنوب بذات التاج الأبيض ورمزها نبات اللوتس ولقب ملكها نى سوت ويرمز له بنبات من فصيلة السوسن، فيقوم نارمر بإدماج التاج فى تاج واحد يسمى «بشنت» واللقبين فى لقب واحد نى سوت بببتى وعقد الوحدة بين نباتى اللوتس والبردى.
وقالت الباحثة إن أجمل ما عبر به المصرى عن وحدة بلاده ووحدة مفرداته وكيفية جعل الثنائية وحدة واحدة ما نقش بالحفر الغائر على جوانب عشرة تماثيل للملك سنوسرت الأول ـ الأسرة 12 - 1971 - 1928ق. م ـ بمعبده الجنائزى فى اللشت الأثرية بالجيزة فنجد فى منتصف المنظر رئتين تخرج منهما القصبة الهوائية فى نهايتها خرطوش الملك سنوسرت الأول بينما يعقد كل من حورس آله الشمال وست آله الجنوب نباتى اللوتس والبردى اللذين يمثلان الوجهين البحرى والقبلى والعجيب أن الرئتين لم يستخدما كلفظ يدل على كلمة رئتين فقط وإنما كذلك يمثلان اللفظ «وحد» لذا صارت كلمة «رئتين» رمزها الهيروغليفى المكون الأساسى عندنا يقصد بها موضوع توحيد المملكة.