الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جنود «بن لادن» يرفعون الراية البيضاء.. و«القاعدة» تصارع على فراش الموت

جنود «بن لادن» يرفعون الراية البيضاء.. و«القاعدة» تصارع على فراش الموت
جنود «بن لادن» يرفعون الراية البيضاء.. و«القاعدة» تصارع على فراش الموت




تحقيق ـ نسرين عبد الرحيم

أصبحت تصريحات تنظيم «القاعدة» أشبه بالطلاسم والألغاز فى الآونة الأخيرة، خاصة أن القيادات اعتمدوا منذ ظهورهم على الحرب النفسية لتحقيق مكاسب من ورائها بأى شكل، وصار لا يستطيع أن يتكهن بمستقبله، ولا أحد يدرى شيئا عما يحدث داخل الكهوف والأدغال والغابات التى اتخذوها ساترا لهم تحت الأرضش


فكثير مما نسمعه من أخبار التنظيم؛ كانت مجرد ظنون وتحليلات افتراضية؛ بدليل أنه لم يصدق خبر واحد منها حتى الآن، ففى حياة مؤسس التنظيم أسامة بن لادن؛ سمعنا عشرات المرات عن موته، والقبض عليه، وبعدها لا يحدث شيء، وكثيرا ما سمعنا أن التنظيم تم «حله ـ فشل ـ أفلس ـ هزم» وقبل تصديق هذا الخبر أو ذاك؛ نسمع أخباراً بخلاف ذلك تماماً.
الغريب أنه أثير مؤخرا هروب الظواهري، وترددت أنباء عن مرضه، ثم مقتله، فى الوقت الذى أعلن فيه تنظيم القاعدة عن جائزة قدرها 20 كيلو من الذهب لمن يقتل على عبد الله صالح، وزعيم الحوثيين، الأمر الذى يؤكد أن ذلك كله بتخطيط وصناعة إسرائيلية وصهيو أمريكية لتقسيم العالم العربى فى المنطقة والسيطرة عليه، ناهيك أن أمريكا قامت بالاتفاق مع إيران والغرب لرفع العقوبات والسماح بالتخصيب النووى لأغراض سلمية مقابل إعلان طهران إمبراطورية إيران الإسلامية وعاصمتها بغداد، واشعال الفتنة بين السنة والشيعة.

دبَّتْ فيه أمراض الشيخوخة
يقول محمد عبد الشافى القوصى، الخبير فى الحركات الإسلامية: ما نطمئن إليه فى تلك المرحلة هو أنَّ تنظيم القاعدة دبَّتْ فيه أمراض الشيخوخة، وهو فى خريف العمر، أوْ مرحلة «الموت السريرى  الموت الإكلينيكى»، ولمْ يبقَ بينه وبين الموت؛ سوى نزع أجهزة التنفس الصناعي، وقد تسلَّلتْ الأمرض إلى جسد التنظيم منذ فترة بعيدة، وظلَّ يقاوم، ويكابر، ويناور، ويرفض المهادنة أوْ الاستسلام بأيّ حالٍ من الأحوال.
وتابع: كل ذلك أملاً فى حدوث معجزة؛ كانهيار الغرب، أو تحالفه مع دولة قوية ذات سيادة، تمنحه غطاءً دفاعيًا، ووجوداً شرعياً، يتحرك من خلاله، بدلاً من حياته بين الكهوف المظلمة، والجبال الوعرة؛ المفروشة بالألغام، والمملوءة بالجواسيس والعملاء، علاوة على أن رحيل «بن لادن» مؤشر قوى على ترهل التنظيم، واختراقه.
ويوضح أنه عندما تولى «الظواهري» قيادة التنظيم؛ لم يكن مرحباً به كثيراً من بعض أجنحة التنظيم وخلاياه؛ لخلافات تاريخية، ومذهبية، يعرفونها فيما بينهم، لذلك لا نعجب عندما نرى أنَّ «جبهة النصرة» ببلاد الشام، والموالية للقاعدة، لا تخضع لأوامر الظواهرى حتى إنه انتقدها كثيراً فى بعض خطاباته ورسائله.

تستمد وجودها من ماركة التنظيم
 ناهيك أن «أنصار الشريعة» باليمن، و«بيت المقدس»، و«بوكو حرام» بنيجيريا، و«شباب المجاهدين» بالصومال، و«داعش» بالعراق، وجماعة التوحيد والجهاد، وجماعة العدل والإحسان، وغيرها من أذرع القاعدة، وخلاياها المنتشرة فى كثير من البلاد؛ لا تخضع لأوامر الظواهرى بالكلية، وإنما تستمد وجودها، وتكتسب أنصاراً وجنوداً جددًا من خلال ماركة «تنظيم القاعدة».
ويؤكد القوصى أن الجماعات المتشددة والتكفيرية؛ ليست فى طريق واحد، أو قلبٍ واحد، بلْ بينها الكثير من الخلافات، والمشاحنات، والصدامات، والصراعات فكل جماعة تلعن أختها، بلْ وتتبرأ منها، وقد تعلن الحرب عليها بلا هوادة، لكن القاسم المشترك بينهم أنَّ لديها مفاهيم مغلوطة عن الإسلام، لذا نجدها تحارب الإسلام الصحيح، وتستبدله بالتديُّن المغشوش، وهدفها الوصول إلى الحكم، وبناء دولة دينية ثيوقراطية وتطبيق رؤيتها الضالة.
ويضيف: ومن المؤشرات القوية على نهاية تنظيم القاعدة، وزواله إلى الأبد؛ تخلِّى الداعمان الدوليان الكبار عنه؛ وقد صدرت تقارير كثيرة فى هذا الصدد، كما صدرت عدة كتب تكشف علاقة تنظيم القاعدة بدول غربية كبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة؛ من ذلك كتاب «أمريكا وصناعة الحرب الباردة وجذور الإرهاب» الصادر عن المركز القومى للترجمة بالقاهرة، الذى ذكر فيه وقائع أغرب من الخيال؛ منها: كيف استطاعت أمريكا خداع «الإسلاميين الجهاديين» وإغراءهم بالسفر للجهاد فى أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي، وهناك تمَّ تجنيدهم لصالح المخابرات الأمريكية، فكانوا جنوداً أوفياء بحق، لدرجة أنه تم إنشاء مجلات وصحف تبث أخبارهم وغزواتهم، حيث كانت تتحدث عن رؤية «المجاهدين» للملائكة التى تنزَّلتْ تقاتل معهم فى قندهار.

يعجز عن إخراجها الشياطين
وينوه: لكن الأمريكان استطاعوا أن يتخلصوا من هؤلاء العملاء بعدما أدَّوا مهمتهم المنوطة بهم بنجاح.. فأخذوا بعضهم مكبَّلين إلى جوانتانامو، وأحرقوا بعضهم بالغاز السام فى كهوف أفغانستان، وقتلوا البعض الآخر كما تقتل الكلاب الضالة، إلى غير ذلك من القصص التى يعجز عن إخراجها شياطين هوليوود.
ويلفت القوصى إلى أن الكاتب الصحفى جون كولي، قال إن أكثر من ستة أفراد ممَّن يملكون ناصية العلم والمعرفة أكدوا أن إسرائيل، كانت ـ حقّاً ـ متورِّطة فى التدريب والإعداد، وإن العديد من الأمريكيين والبريطانيين، الذين قاموا بدورٍ بارز فى برنامج التدريب ـ للمجاهدين العرب والمسلمين ـ قد أكَّدوا أن الإسرائيليين قد شاركوا حقَّاً.. وكانوا هم الأكثر نجاحاً فى إخفاء التفاصيل، بلْ حتى الآثار الواسعة لدورهم فى التدريب، قائلا: البقاء لله؛ فقد مات «القاعدة» موتاً إكلينيكياً ولم يبقَ سوى إعلان نبأ الوفاة رسمياً على يد إحدى القيادات العليا فى التنظيم.

أمريكا تسعى لتفكيك الأمة
أما أحمد شعبان، المفكر الإسلامى، فيؤكد أن الجماعات الاسلامية منذ التاريخ الإسلامى حتى الآن فى فك وتركيب، منوها إلى أن الحديث عن إصلاح الفكر الدينى أصبح توجهًا عامًا بالنسبة لمصر، تبناه رئيس الجمهورية وسار لغطًا حول هذا الموضوع، خصوصا أن معظم الناس ليس لديهم ثقة فى الدين وتحديدا العلمانيين، الذين يرفضون الدين لأنهم يرون أنه ليس دينًا حضاريًا وأنه معوق أساسى للأمة، لافتا إلى أن أمريكا تسعى لتفكيك الأمة وفرض الوصاية عليها.
بينما يحذر عبد الفتاح عساكر، المفكر الإسلامى، من الانقسام إلى فرق وجماعات، مستشهدا بقول الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِى شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ»، منوها إلى أن من يعصى الله ورسوله ويتعدى حدود الله يدخله نارا خالدًا فيها، لذلك نحذر الشباب والشيوخ من تقسيم المسلمين إلى فرق وملل وجماعات، فلو فهم المسلمون آيات القرآن لحُلت جميع المشاكل فى سوريا والعراق وإيران، متوقعا صدق تصريحات الظواهرى عن حل القاعدة لأنهم يقولون كلامًا ويخالفونه، متوقعا أن يكون هناك ضغوط مورست عليه، لأنهم يرون أن هذه الأيام ستكون هناك محاربة للفرق والجماعات.
ويلفت الدكتور رفعت لقوشة، إلى أن قرارات الظواهرى الأخيرة تعنى أن تنظيم القاعدة فقد السيطرة فى توجيه الحركة، وبالتالى لم يعد يملك قرارا مركزيا ويعنى أن الحراك القادم لهذه الجماعات سوف يكون حراكًا شبكيًا، بمعنى أن المجموعات المتواجدة على الأرض سوف تكون لها سلطات وصلاحيات لاتخاذ قرارات ميدانية دون العودة إلى المركز، وأن الجماعات انتقلت سلطة القيادة فيها من الدوائر الفقهية الى الدوائر العسكرية، بمعنى آخر فى هذا التطور النوعى للجماعات القيادية العسكرية هى التى تملك الآن سلطة القرار بديلاً عن القيادات الفقهية.
ويتوقع لقوشة أن تكون هناك عمليات سوف تقوم بها هذه الجماعات تكون أكثر خطورة، وبالتالى هناك نقطة شديدة الأهمية فى تحليل سلوك هذه الجماعات، وتتصل بشكل غير مباشر بما سبق وبقرار أيمن الظواهرى، وهى أن هذه الجماعات تضم بالفعل عسكريين محترفين من الجيوش العربية التى انهارت، وجرى تدريبها فى أماكن تحت سيطرة مخابرات أجنبية، ومن ثم الآن ينظر إلى هذا الأمر من هذه الزاوية، بالتبعية لابد أن نتوقع أن هناك خطرًا يتضاعف من وجود هذه الجماعات، أى من الواضح ان الامور تتداخل، وفقد السيطرة فى توقيت بدا ميزان الكفة يميل للعسكريين، فأيمن الظواهرى وتنظيم القاعدة لم يكن بعيدا عن اختراقات من جهات أجنبية.

كيانات جديدة باسم المجاهدين
ويقول وكيل المشيخة الصوفية بالإسكندرية, إن ما يحدث على الساحة من تصريحات الجماعات الإرهابية سواء داعش ومن بايعه وكذلك القاعدة وانفصال جماعاتها عنها وانضمامها لداعش أو تكوين كيانات جديدة باسم المجاهدين مثل فرع جبهة النصرة فى سوريا التى أبلغت حركة أحرار الشام الاسلامية بالانفصال لتكوين إمارة جديدة للنصرة شمال سوريا، وما يعلن عن تبادل الاتهام بكفر بين قيادات تنظيم القاعدة وتنظيم داعش كما جاء ببيان كتيبة الرباط الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة والمنشقة عن أنصار بيت المقدس وعدم مبايعة البغدادى، يؤكد أنه تخطيط وتنظيم وصناعة أمريكية وإسرائلية عالمية لتقسيم المنطقة العربية.
وينوه إلى أن أمريكا قامت بالاتفاق مع إيران والغرب لرفع العقوبات والسماح بالتخصيب النووى للأغراض السلمية مقابل اعلان ايران أن الإمبراطورية الإيرانية الإسلامية وعاصمتها بغداد واشعال الفتنة بين السنة والشيعة، وما نراه فى اليمن وسوريا والعراق ولبنان والبحرين يؤكد ذلك، مؤكدا أن الجماعات المتطرفة تتلقى تمويلات أجنبية، وأنهم المروجون لبيع السلاح للشركات الكبرى فى أمريكا وأوروبا وغيرها.

القتل لم يغير من الأزمة شىء
ويوضح الدكتور ناجح إبراهيم، أن ماتم من إعلان القاعدة لجائزة من الذهب لمن يقتل على عبد الله صالح وعبد الملك الحوثى طريقة خاطئة لان مشكلة الحوثيين تحتاج لحلول بعضها «سياسى ـ عسكرى ـ اقتصادى ـ فكرى»، علاوة على أن حل أزمة على عبدالله صالح عن طريق القتل غير مجد وسبق وقتل الحوثى الكبير وأعدم صدام ولم يغير قتلهم شيئًا، مشيرا إلى أن القاعدة دائما ضد الحوثيين لأن كليهما عبارة عن ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون تمارس العنف والقتل والدمار وتريد السيطرة على الدولة بغير حق وكلاهما يضر الدولة ويهدمها.