السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«عاصفة الحزم» طوق النجاة لـ«باب المندب» من مخالب «طهران»

«عاصفة الحزم» طوق النجاة لـ«باب المندب» من مخالب «طهران»
«عاصفة الحزم» طوق النجاة لـ«باب المندب» من مخالب «طهران»




تحقيق ـ سيد مصطفى


فى إطار العملية  العسكرية «عاصفة الحزم»، والتى تسعى من خلالها الدول العربية لإعادة الشرعية باليمن، وحماية مضيق «باب المندب» من  الخطر الإيرانى، خاصة بعد سيطرة الحوثيين الشيعة على مقاليد الحكم فى  اليمن، ومحاولتهم فرض سطوتهم على ميناء عدن، ما يضمن لهم التحكم فى الملاحة بالبحر الأحمر، وعن كواليس الدور البحرى المصرى باليمن، ومصير المضيق خلال عملية «عاصفة الحزم»، والسيناريوهات المحتملة للصدام مع إيران داخل مياهه يأتى هذا التقرير .
فى البداية يقول  خالد شيبة ممثل الجالية اليمنية بمصر، إن الضربات العربية جاءت فى وقت مناسب خاصة بعد توغل الحوثيين، وتوجههم إلى مدينة عدن، مشيرا إلى أن الضربات ركزت على مراكز تجمع الحوثيين ومخازن الأسلحة، ما أدى لتراجعهم عن المناطق التى احتلوها مؤخراً بشكل كامل.
وانتقد شيبة الضربة السعودية الأولى، لأنها استهدفت منطقه الحوبان بمحافظة «تعز»، وأصابت بعض المناطق السكنية هناك، على عكس الضربات العسكرية المصرية والتى استهدفت «صعدة» عاصمة الحوثيين، وركزت على أماكن تمركزهم وعلى  مخازن أسلحتهم، مؤكدا أن مصر هى المحور الأساسى فى قيادة العمليات العسكرية وليس السعودية كما يعتقد البعض، وذلك لأن مصر على دراية كاملة بجغرافية اليمن وخريطتها، نظراً لتواجدها بين جبالها، ولخوضها تجربة سابقة للحرب هناك، أثناء الستينيات فى عصر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كما أن الجيش المصرى قام بعمل مناورات مشتركة مع الجيش اليمنى، قبل اندلاع ثورات الربيع العربى.
وبين شيبه أن الوضع فى عدن بدأ فى الاستقرار، خاصة بعد طرد الميليشيات منها، وتسليم زمامها لكتائب شعبية من أبناء المدينة، وقد امتد إلى بعض الأماكن المجاورة لعدن، لكن عملية السيطرة الكاملة ستحتاج لتدخل دولى وذلك لوجود معسكرات وسط المناطق السكنية يصعب استهدافها جوا.
وأشار شيبة إلى أن الأسطول المصرى اشتبك مع البحرية الإيرانية بباب المندب، ونجحت  القطع المصرية فى تكبيد ايران خسائر، كما نجحت فى تحقيق أهدافها، ونتيجة لتلك العملية تراجعت القطع الايرانية خشية ان تواجه الاسطول المصرى ثانية، مفسراً اختفاء الدور الإيرانى لشعورها بأنها بدأت فى خسارة العديد من  أهدافها فى المنطقة، فبدأت تتراجع خوفاً على مصالحها، خاصة مع وجود ضغط دولى ، فهى لا تستطيع أن تحارب الكل، بعد أن وجدت ردًا عربيًا قويًا فى فترة بسيطة، وكانت تراهن على أن التدخل الدولى سيأخذ وقتًا.
وأضاف شيبة أن الوضع بجنوب اليمن مستقر، وذلك لأن قوات الحوثى بدأت فى الهروب شمالا، عدا بعض القوات المتمردة فى منطقة الضالة، وهى كانت تابعة للجيش اليمنى وتمردت، لكن بعد تخليص اليمن من العصابات المسلحة سيعاد الجيش اليمنى بشكل جيد.
فيما قال بليغ مخلاف  عضو الهيئة العليا للتكتل الوطنى للإنقاذ اليمنى، والناطق الرسمى لحزب العدالة والبناء، أن الوضع فى اليمن معقد للغاية، إذ حاولت جماعة من خارج التاريخ تنتمى للعصور الوسطى الاستلاء على الوطن، ووجهت السلاح نحو اليمنيين، وهددت المجتمع الإقليمى  والممرات الملاحية، لكن الضربات العربية ضد هذا التحالف «الحوثى - الإيرانى» أفقدته توازنه.
وأكد مخلاف أن الحوثيين رفعوا السلاح اليمنى فى وجه اليمنيين، وهوما كان فى الأساس سلاح الجيش اليمني، وتم شرائه من ميزانية الدولة، ومن أموال كانت من المفترض أن تذهب لتنمية، إذ أن الجيش بنى على ولاءات شخصية، وقام الرئيس السابق على عبد الله صالح بتقسيمه، حيث أصبح نصفه يدين له بالولاء والنصف الثانى لجماعة الإخوان وبنوا الأحمر، فقام الحوثيون بالاستيلاء على النصف الموالى لبنى الأحمر بعد هزيمتهم عسكرياً، وتحالفوا مع النصف الآخر الذى يقوده صالح، مشيراً إلى أن هذا الجيش لم يدافع يوماً عن اليمن أو اليمنيين.
وكشف مخلاف أن الحوثيين قاموا بالاستيلاء على معسكرات الجيش، وكانوا يسرحون من فيها من الجنود، ونقل ما فيها من سلاح إلى مواقع خاصة بهم، لذلك نجد الكثير من أفراد الجيش موجودين بالبيت، ولم يتبق منهم سوى بعض الألوية البسيطة فى المنطقة الرابعة.
وأشار إلى أن البحرية المصرية قامت بمهمتها فى عزل الشواطئ اليمنية، وحماية المضيق، ماانعكس بالتأكيد  على حماية قناة السويس، مشيرا إلى أنه كعربى يشعر بالفخر لنجاح مصر والسعودية بتأمين حدود طولها 2600 كم.
وأضاف أن الكثير من المناطق تحررت حالياً من نفوذ الحوثى وليس عدن وحدها، مثل تعز والحديدة، بل وأجزاء من صنعاء نفسها، وتستمر المواجهات فى أماكن أخرى مثل أبين وشبوة والبيضاء، وشكلت فى عدن لجان شعبية من أبناء المدينة لمنع تقدم الحوثى، مؤكداً أن الحوثى يريد تحويل الصراع لطائفى، حيث يصف كل من يعارضه بأنه «داعشى»، حيث يريد أن يخلق شبح داعش، ليكسب تعاطفًا دوليًا، مثلما فعلت إيران بالعراق.
وبين أن إيران استخدمت الحوثى كورقة تفاوضية حول مشروعها النووي، فطهران  كل ما يهمها هو برنامجها النووى، الذى تموله عبر بحيرة النفط العراقية، لكن الحوثيين عبء على إيران، و الغباء الحوثى هو الذى مكن الدولة الفارسية من استخدامهم كورقة ضغط فى صفقتهم، مضيفا أن على عبد الله صالح هو اللاعب الأساسى فى اليمن، اذ  يستخدم القاعدة والحوثى للحصول على مكاسب، وهو من قوى شوكة عبد الملك وتحالف معه، وظهرت فى الأيام الماضية رسالة من ابنه قائد القوات الخاصة فى الجيش اليمنى السابق  بتحريك من 50-100 ألف جندى لمقاتلة الحوثي، مقابل عدم ملاحقة أبيه دوليا وقضائيا، وإعادته مرة أخرى للحياه السياسية، لكن الرد السعودى جاء بالرفض، مؤكدا أنه سبب ما يحدث باليمن، ولن يكون جزء من الحل، مشيرأ إلى أنه عندما يختفى صالح، سيختفى معه 75% من القاعدة باليمن.
  وشدد مخلاف على أن الضربات المصرية فى صعدة استهدفت مخازن الأسلحة، وكانت ضربات مركزة للمنظومة العسكرية، لم يتضرر منها أحد من المدنيين، كما استهدفت بطاريات الصواريخ، مطالباً التركيز على هذه الأهداف، لأن إطالة أمد الحرب سيساعد الحوثى على التجييش، كما حذر من التدخل البرى، إذ أنه لن يكون مجدى، مع الطبيعة الجغرافية، وكمية السلاح الموجودة، مضيفا أن التوغل البرى سينتج عنه كارثة أشد مما حدث لعبد الناصر بالستينيات، لأن اليمن لم يكن موجود بها 60 مليون قطعة سلاح خفيف، والأفضل تكوين نواة للجيش اليمنى ولم شتاته، وتسليح القبائل الرافضة للوجود الحوثى، وهى من ستنجح فى دفعه لمواقعه مرة أخرى.
وأوضح أن القضية الجنوبية باليمن هى قضية حقوقية بالأساس، أثيرت عندما قام الرئيس اليمنى السابق عبد الله صالح بتهميش أبناء الجنوب، واستباحة ممتلكاتهم، ونجح اليمن بمساعدة الأشقاء فى حل القضية، بعد 10 أشهر من الحوار الوطنى، لكن فجأة انقلب الحوثى على هذا الحوار، وباتت المهمة الحالية للتحالف هى نزع السلاح الثقيل منهم، وإرغامهم على العودة لمائدة الحوار.
فيما قال السفير محمود فرج سفير مصر السابق بإيران أن طهران تدفع فقط بعملاء ينفذون سياساتها بالمنطقة العربية، لكنها لا تدخل بنفسها، وذلك لأن منطقة الخليج منطقة «حرام» بالنسبة لقواتها، فيما عدا إذا تعرضت هى أو شواطئها لاعتداء خليجى، وإنما تتواجد عبر وكلائها مثل الحوثيين أو حزب الله أو حماس ، عدا الوجود الاستثنائى لإيران بسوريا و العراق بقيادة قاسم سليمانى، وذلك لموقفها من الوضع بسوريا، ولأنها تعتبرها معركة وجود.
وأكد فرج أن عملية عاصفة الحزم افشلت المخطط الإيرانى بمنطقة الخليج، الذى كانت تتبعه فى مضيق هرمز، وكانت تريد مده حتى باب المندب، إذ تسعى لحماية نفسها وحماية تجارتها فى الخليج، وتسهيل عملية شحن البترول، وهم من دربوا الحوثيين وأرسلوا لهم أسلحة، ويتراوح إجمالى ما صرفوه  على الحوثيين من 2-3 مليارات، وذلك بعد أن استضافوا عبد الملك، وحولوه إلى المذهب الاثنى عشرى، وعندما قتل والده أرسلوه لليمن مرة أخرى، لكى يثبتوهم على رأس الخليج.
وأشار إلى أنهم كانوا سيستكملون تحكمهم بالمضايق بباب المندب، وهم مسيطرون فى الأساس على مضيق هرمز، بالاستيلاء على الجزر الإماراتية الثلاثة، حيث يصعب دخول السفن من جهه الخليج، وأرادوا بذلك التحكم فى 90% من البترول القادم من منطقة الخليج، فهم أرادوا وضع قاعدة ايرانية عبر الحوثيين، ما يعطيهم  تواجدًا بالبحر الأحمر والمحيط الهندى، مؤكداً أن مضيق باب المندب مؤمن أثناء المعارك الدائرة حالياً، نظراً لوجود قواعد عسكرية فرنسية وأمريكية على الجانب الآخر منه فى جيبوتى.
وعن العمليات البحرية المصرية، بين فرج أن التواجد المصرى يحمى حركة الملاحة بقناة السويس، والبحر الأحمر، كما أننا نحمى أى سفينه خاصة بنا من أن يلحق بها ضرر، أو تتعرض لها قوات أجنبية أو قرصنة، مبيناً أن انسحاب القوات الإيرانية أمام البحرية المصرية كان أمرًا طبيعيًا، وذلك لأن إيران ليس من مصلحتها الاشتباك المباشر بسفن سواء بباب المندب أو بهرمز وكل ما تسعى إليه التواجد، خاصة بعد ان تعرضت سفن لهم للقرصنة.
وقال الكاتب اليمنى محمود طاهر أن عاصفة الحزم لها أهداف ورسائل، لكن تبعاتها قد تكون كارثية، أهدافها هو جر إيران إلى حرب مع التحالف العربى، لعرقلة التفاوض النووى الإيرانى مع الدول الخمس، وثانيها القضاء على الجماعة الدموية الحوثية،  مؤكداً أن الحل العسكرى وحده لاينهى أو يحل أى مشكلة، بل يعقدها، وما حدث فى ليبيا والتدخل الدولى أنتج جماعات مسلحة وداعش، وفى العراق ولد الشيعة والطائفية، وتنظيم الدولة الإسلامية، أما فى اليمن فالوضع سيكون أدهى وأمر من تلك البلدان نتيجة لتضاريسها وطبيعتها المعقدة.
وفيما يخص عدن أضاف، أن الحرب الأهلية الحقيقية ستبدأ من هناك، نتيجة لتمركز القاعدة هناك، والحراك الجنوبى الانفصالى، ثانيا: الخطة التى يسعى إليها التحالف وهى إنزال جوى لبدء الحرب هناك، لكن بالنسبة لعمليات القصف على  صنعاء وصعدة فإنه يحقق أهدافه العسكرية بنجاح.
وبين طاهر أن مصر ليس لديها أسطول وإنما قوة بحرية عادية، لكن ذلك طبيعى جدا ومن حق مصر أن تتواجد ضمن القوى الإقليمية الدولية لحماية الملاحة الدولية ومصالحها أولا، وتواجدها مثلها مثل أمريكا وروسيا والصين وإيران وإيطاليا وقوى عالمية ،مستبعداً قيام عمليات حربية ضدها، لأن كل أسطول متواجد هناك مزود بأسلحة فتاكة، كما ان المضيق محمى بقوة دولية متعددة الجنسيات، كما شدد على أن مستقبل العمليات الحربية، سيكون سيئًا لليمن واليمنيين والمنطقة بشكل عام، وسيساهم فى دخول القاعدة وداعش، وانفصال اليمن، وفقر وتجويع الشعب، والحروب الأهلية الطاحنة، وهذا يمكن أن يتم تفاديه من قبل العقلاء فى اليمن والدول العربية المشاركة فى هذا التحالف، من خلال الحوار الصادق.
وعن اﻷسرى الذين سقطوا فى يد الحوثيين ومنهم الطيار السودانى قال: إن هناك أنباء متضاربة حول هذا الموضوع، فقيادة التحالف نفت، والسودان أيضا نفت، لكن الحوثيين وسكان محليين فى صنعاء يقولون إنهم شاهدوا اسقاط طائرة واعتقال طيارها، وعلى كل إن كان الخبر صحيحا فاليمنيون بمختلف انتماءاتهم الطائفية كرماء، وسيعاملونه معاملة طيبة.
وأشار طاهر إلى أن الدور الإيرانى لم يختف، لكنه يتعامل مع الوضع بسياسة دقيقة، واعتقد أن إيران تسعى أولا للنجاح فى إبرام الاتفاقية النووية، وستلعب دورًا سياسيًا لا أكثر، لكن هناك تخوفات من أن تشعل حربا بالوكالة فى مناطق عدة، وذلك على عكس الوجود الحوثى، لافتاً إلى أن الحوثيين فكرة، ولا يستطيع  احد أن ينهى فكرة، بل إن على عبد الله صالح قاد ضدها ست حروب طاحنة، كان آخرها بالشراكة مع المملكة العربية السعودية، ونفذوا عليهم معركة سموها الأرض المحروقة، كان هناك اجتياح برى وقصف جوى عنيف، ومع ذلك لم تستطع اليمن ولا المملكة من إنهاء هذه الحركة.
وبين طاهر أن على عبد الله صالح أعلن موقفه منذ بداية العملية، أن ما يحدث فى اليمن حرب سياسية سببها الرئيس الحالى عبد ربه هادى منصور والحوثيون.