الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إسرائيل: التدخل البرى فى اليمن «مهمة مستحيلة»

إسرائيل: التدخل البرى فى اليمن «مهمة مستحيلة»
إسرائيل: التدخل البرى فى اليمن «مهمة مستحيلة»




ترجمة- أميرة يونس
مع بدء عملية «عاصفة الحزم» لمواجهة التمدد الفارسى فى الأراضى اليمنية، اهتمت إسرائيل بتلك المعارك العسكرية الأولى من نوعها، إذ ألقت الأضواء الإعلامية على التحركات العربية، وبالأخص «المصرية - السعودية»، ومراقبة المساعى الإيرانية فى المنطقة عن كثب سواء على الجبهة اليمنية بدعم الحوثيين، أو على الساحة الشمالية فى سوريا لنجدة حليفها «بشار الأسد»، أو فى المحافل الدولية لبحث ملفها النووى مع الدول العظمى ولرفع العقوبات الاقتصادية عنها.

حيث كانت إسرائيل تنظر بعين الحذر لكل ما يحدث، فبرغم مباركتها المعلنة لـ«عاصفة الحزم» ودعوات البعض بضرورة مشاركة تل أبيب فى الهجوم لحماية مصالحها الاقليمية ومنع بسط طهران لنفوذها فى المنطقة بشكل يعرض أمن إسرائيل للخطر جراء محاصرة إيران لها – سواء على حدودها المباشرة مع سوريا أو عند مضيق باب المندب بشكل يعيق تحركاتها البحرية- كما أن التوسع الإيرانى يعطى قوة لموقف طهران خلال المحادثات مع الدول العظمى حول برنامجها النووى، إلا أن المستوى السياسى والعسكرى فى إسرائيل يترقب بعين  الحذر تلك التطورات، وسط مخاوف من تبعات محتملة لهذه العملية العسكرية العربية المشتركة.
اهتمام إسرائيلى بـ«عاصفة الحزم»
وفى إطار الاهتمام الإسرئيلى بالتحرك العربى فى اليمن، أصدر المركز المقدسى للعلاقات العامة تقريرا يرصد فيه بعض المخاوف التى تراها تل أبيب من حول الأزمات التى قد يتعرض لها «الائتلاف السنى» فى تلك الحرب، وحمل التقرير عنوان «تصدعات فى الائتلاف السنى ضد متمردى اليمن»، والذى قام بإعداده الباحث «يونى بن مناحم» المتخصص فى الشئون العربية والشرق أوسطية.
وأشار «بن مناحم» فى مطلع التقرير إلى الحملة الشرسة التى خرج بها المرشد الأعلى للجمهورية الفارسية «آية الله خامنئى» ضد السعودية فى أعقاب قيادتها للعملية العسكرية ضد المتمردين الحوثيين فى اليمن، بعد أن هاجمت معاقل أتباعه وتنبأ بخسارة الرياض فى تلك المعارك، وزعم أن الهجوم السعودى على الحوثيين الشيعة مثل العدوان الصهيونى على قطاع غزة، وأن تلك القوات العربية ستذوق مرارة الهزيمة على الأراضى اليمنية.
«المرشد» ينفى تورط بلاده فى اليمن
ودعا «خامنئى» الرياض بالوقف الفورى لعملياتها العسكرية فى اليمن، وسارع فى نفس الوقت بنفى أى تورط لبلاده فى الملف اليمنى ودعم الميليشيات الحوثية أو ميليشيات الرئيس السابق «على عبدالله صالح». ولفت الباحث الإسرائيلى الانتباه إلى أن مرشد الجمهورية الإيرانية ألمح إلى أن القرار السعودى اتسم بالتسرع، كما أن سياسات الرياض كانت دائما تتسم بالسلام والكرامة، إلا أن القرار العسكرى لم يكن كذلك.
وأضاف الكاتب الإسرائيلى أن العملية العسكرية العربية فى اليمن ليست بالسهلة، فرغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الهجمات، إلا أنها لاتزال فى مرحلة الهجمات الجوية ضد المراكز والبؤر الحوثية، سواء مستودعات الأسلحة أو مراكز التدريب أو منصات الصواريخ التى استولت عليها من الجيش اليمنى، ولم يتضح بعد كيف ستنتهى تلك العملية، وهل ستحتاج إلى توسعة وتطوير الهجوم بشكل يستلزم تدخلاً بريًا للقوات المشاركة تحت قيادة السعودية أو سيتم الاكتفاء بالنتائج التى تم تحقيقها حتى الآن.
بقاء الوضع كما هو عليه
ورأى «بن مناحم» أن العملية العربية لم تحقق حتى تلك اللحظة أهدافها المنشودة، وحتى الآن لم يحدث تغيير جوهرى فى الوضع من الناحية العسكرية، ولم يستطع الهجوم العربى أيضا أن يأتى بالحوثيين أو بالرئيس الأسبق «عبدالله صالح» إلى طاولة المفاوضات لبحث مخرج من الوضع العسير الذى تعانى منه اليمن، وأشار إلى أن بعض الأعضاء فى الائتلاف العربى مترددون حول فكرة الانتقال لمرحلة التدخل البري، فى الوقت الذى تجرى فيه اتصالات دبلوماسية واسعة لإيجاد حل سياسى للأزمة بشكل يمنع التدخل البرى للقوات العربية فى معارك برية باليمن.
تردد «سنى» بشأن التدخل البرى
ووفقا للتقرير الإسرائيلى، فإن أربع دول سنية لاتزال مترددة بشأن التدخل البرى وتوسيع الجهمات، ولكل منها سبب مختلف، وتلك الدول هى : باكستان وتركيا ومصر والأردن.
بالنسبة لباكستان، أوضح الباحث الإسرائيلى أن البرلمان الباكستانى اتخذ قرارًا فى العاشر من الشهر الجاري، بغالبية الأصوات، بالحفاظ على الحيادية فيما يتعلق بملف الصراع فى اليمن، إلا أن البرلمان أكد فى نفس الجلسة على أن إسلام أباد تقف بجانب الرياض فى مواجهة كل التحديات، وأنها ضد أى هجوم أو تهديد أو انتهاك لسلامة السعودية.
ولفت إلى أن رئيس الوزراء الباكستانى «نواز شريف» يجمعه صداقة وطيدة بالعاهل السعودى الملك «سلمان بن عبدالعزيز» ، إلا أنه أجرى زيارة إلى تركيا للتشاور مع الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» فى الملف اليمني، وقرر فى أعقابها عدم إرسال قوات عسكرية للمشاركة فى الهجوم البري، فى إشارة إلى الدور التركى فى اتخاذ القرار الباكستانى.
وأشار «بن مناحم» إلى أن هناك سببًا آخر منع «شريف» من التدخل البري، إذ إنه يخشى من الاضطرابات الطائفية التى قد تضرب البلاد فى حالة المشاركة فى هذا الهجوم، مشكلة أخرى تعوقه وهى أن نسبة 20% من الجيش الباكستانى هم من أصل شيعي، لذا سيواجه أزمة كبيرة فى حالة قرر المشاركة البرية فى «عاصفة الحزم».
واعتبر أن القرار الباكستانى، بالأخص قرار البرلمان، كان بمثابة لطمة للقيادة السعودية، إذ إن الرياض هى الممول الأساسى للمشروع النووى الباكستانى، وقدمت لها خلال العقود الماضية الكثير من المساعدات الاقتصادية السخية لدعم الدولة واقتصادها وبرنامجها النووى.
تركيا تمسك العصا من المنتصف
الدولة الثانية هى تركيا، وألقى التقرير الإسرائيلى الضوء على تباين الموقف التركى خلال العملية، إذ أوضح أنه فى بداية الهجوم على المتمردين الحوثيين خرج «أردوغان» بهجوم عنيف ضد إيران وتدخلها فى الشأن اليمني، إلا أن هذا الموقف لم يستمر، وتراجع الرئيس التركى عن الهجوم بسرعة، بل وخرج على رأس وفد اقتصادى كبير إلى طهران، والتقى بنظيره «حسن روحاني» والمرشد الأعلى «خامنئى».
ورأى أن «أردوغان» يفضل أن «يمسك العصا من المنتصف»، إذ إنه يميل إلى تفضيل المصلحة الاقتصادية لبلاده عن طريق التوقيع على اتفاقية تجارة ضخمة مع إيران بقيمة 30 مليار دولار بدلا من الصدام معها، وألمح أنه من المحتمل أن «أردوغان» يرغب فى الحفاظ لتركيا على دور الوسيط بين إيران والسعودية.
الدولة العربية والسنية الأهم كانت مصر، وبحسب التقرير الإسرائيلى فإن القاهرة كان لها دور عظيم بتحالف القوة العربية فى التصدى لجماعة الحوثيين المدعومين من إيران، إذ بعث الرئيس المصرى «عبد الفتاح السيسى» على الفور بعد بدء العملية العسكرية بأسطول من البوارج الحربية وعدد من القطع البحرية إلى مضيق «باب المندب» لضمان حرية الملاحة بالبحر الأحمر، بشكل يمكنه عدم المساس بقناة السويس، وأكد وقتها أن أمن الخليج هو أمن مصر.
تردد مصرى
مضيفا أنه بالرغم من الدور الكبير الذى قامت به مصر فى دعم الهجوم، إلا أنها ترددت كثيرا فى إرسال قوات للمشاركة فى عملية برية للجيش المصرى فى اليمن ضد الحوثيين، ورأى أن تردد القاهرة ينبع من تذكرها للتجربة المريرة التى مرت بها مصر بعد تدخلها العسكرى فى اليمن عام 1962، إذ شارك الجيش فى تلك الحرب وفقد أكثر من 15 ألف جندى هناك، ناهيك عن انشغال الجيش المصرى فى الحرب الدائرة فى سيناء ضد التنظيمات الجهادية المتطرفة، وتنظيم «داعش» الإرهابى المتواجد على طول الحدود المصرية الليبية.
وأشار «بن مناحم» فى تقريره إلى تباين الأهداف بين مصر والسعودية فى حربهما ضد جماعة الحوثي، قائلا إن المصلحة السعودية تقتضى بوقف انتشار وتوسيع النفوذ الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة فى اليمن والذى اعتبره الفناء الخلفى  للرياض، فى حين أن مصر ترى ضرورة فى محاربة الإسلام المتشدد، وعلى رأسه جماعة «الإخوان المسلمين» المدرجة فى مصر والسعودية على أنها «تنظيم إرهابي» لتورطها فى أعمال عنف وقتل ضد عناصر من الشرطة والجيش المصرى.
واستطرد أن هناك قلقًا فى مصر جراء التقارب السعودى مع كل من قطر وتركيا الداعمين لحركة «الإخوان»، خاصة بعد تجرؤ الرئيس التركى «أردوغان» بالإعلان عن شروط للمصالحة مع مصر، وهو أن يتم الإفراج عن الرئيس المعزول «محمد مرسى»، وإلغاء عقوبة الإعدام على عدد من قادة «الإخوان» المتواجدين فى السجون المصرية.
موقف إسرائيلى قذر
وحاول الكاتب الإسرائيلى بث الوقيعة بين القيادة السعودية والمصرية بزعمه أن عددًا من الإعلاميين المصريين انتقدوا سياسة السعودية فى إدارة العملية العسكرية، معربين عن عدم سعادتهم من الطريقة التى تدير بها التحالف الذى أنشئ فى الأساس لكبح جماح انتشار النفوذ الإيرانى فى المنطقة.
وانتقل الباحث إلى الدولة الرابعة فى التقرير وهى الأردن، موضحا أن عددًا من أعضاء مجلس النواب الأردنى أعربوا عن تحفظهم حول دخول بلادهم فى عملية برية باليمن، مشددين أنه على عمان تحديد موقفها مع المملكة العربية السعودية، كما أعربوا عن اعتقادهم بأن الحل للأزمة اليمنية يجب أن يكون دبلوماسيا ويجب العودة وبسرعة إلى طاولة المفاوضات.
الأردن تخشى التدخل البرى
وفى إطار تحليله، رأى «بن مناحم» أن الأردن تخشى التورط فى توغل برى باليمن، إذ إنها ترى أن تلك العملية قد تصبح أكثر تعقيدا، وتورط الدول العربية السنية فى حرب على الجماعات الجهادية التابعة لتنظيم «داعش» الإرهابى .
وتشير هذه الرؤية الإسرائيلية للحدث إلى مخاوف جمة من جانب قيادتها – عسكريا وسياسيا- من فشل العملية العربية ضد توسع النفوذ الفارسى فى المنطقة، إذ تعلق تل أبيب آمالا على النجاح العربى فى هذه العملية بشكل يمكنه فرض عدة إملاءات على إيران، سواء فيما يتعلق بتدخلها فى عدة دول أخرى كسوريا ولبنان او المباحثات النووية التى لم تصل لنهايتها بعد ولكنها فى الطريق لرفع العقوبات عن طهران. أيضا تعلق آمالا على تحييد هذا التمدد الشيعى الذى تخشى أن يحكم قبضته فى حصارها سواء من الشمال – سوريا – أو من الجنوب وتهديد الملاحة الإسرائيلية فى مضيق باب المندب.