الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إسرائيل: الاتفاق النووى الإيرانى «سىء للغاية»

إسرائيل: الاتفاق النووى الإيرانى «سىء للغاية»
إسرائيل: الاتفاق النووى الإيرانى «سىء للغاية»




ترجمة: أميرة يونس

أعد رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق «عاموس يادلين» دراسة على موقع معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى تحت عنوان «إعلان لوزان بشأن البرنامج النووى الإيرانى – رؤى وتوصيات» يقول فيها: إن معايير الاتفاق المستقبلى الشامل بين إيران وبين الدول الغربية، قد سلطت الضوء على طبيعة إشكالية الاتفاق بين القوى العظمى وإيران، فى الوقت الذى ترفض فيه إسرائيل مواصلة المفاوضات حول مستقبل برنامج إيران، الذى يهدد بتطور عسكرى نووى.

وتسرد الدراسة بعض الأفكار التى تفسر المعانى المعقدة للمعايير والتوصيات بشأن السياسة العامة التى يجب اتباعها أثناء التفاوض مع إيران، وضرورة بناء حوار صادق وموثوق به بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية، لمنع تحويل طهران لدولة تمتلك سلاحًا نوويًا خطيرًا، وأيضا تعزيز التفاهم حول الاستجابة فى حال خرق الاتفاق من قبل طهران.
معنى مبادئ الاتفاق
 ويتابع أنه من بين «الرؤى» أو الأفكار الموضوعة هو تفسير معانى مبادئ الاتفاق، موضحًا أن الحديث لا يدور حول «اتفاق سيئ للغاية»، وإنما حول إنجاز ذى معنى تاريخى على أرض الواقع، وأن هذا الاتفاق هو حل وسط يشمل إنجازات مهمة للقوى الكبرى من خلال المفاهيم الآتية من حيث سحب البرنامج النووى الإيرانى للخلف، والقيود المهمة والمفروضة على التنمية المستقبلية للبرنامج النووى الإيرانى، ناهيك عن المراقبة والإشراف غير المسبق، وذلك فى الوقت الذى يتم منح طهران الشرعية الكاملة كدولة على أعتاب التطور النووى، الأمر الذى من شأنه أن يمنحها درجة من التقدم فى مجال البحث والتطوير، وتوفير الموارد المتاحة لدعم التخريب والعمليات الإرهابية فى الشرق الأوسط.
 المبادئ النهائية المتفق عليها
وأوصى يادلين الخبير العسكرى فى دراسته أنه لضمان أن يحقق الاتفاق أهدافه من حيث عرقلة مسار إيران فى أن تصبح لديها قنبلة نووية كما تقدر الإدارة الأمريكية، أو تمهيد الطريق لصنع قنبلة كما يقدر رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتانياهو»، فيجب على إسرائيل الإشراف على تنفيذ عملية تتكون من ثلاث خطوات، الأولى هى الانتهاء من صياغة الاتفاق قبل 30 يونيو من العام الحالى، وإغلاق جميع الثغرات الموجودة فى الاتفاق الحالى، والخطوة الثانية هى إنشاء نظام تفتيش شامل لا يسمح للإيرانيين بدفع برنامجهم النووى.
وأوضح يادلين أن الخطوة الثالثة والأهم هى التوضيح للإيرانيين بشكل لا لبس فيه أن أى محاولة للالتفاف حول الاتفاق أو كسر الإطار المحدد، فإن ذلك من شأنه أن يؤدى إلى رد قاس من الدول المسئولة عن التوصل لحل مشكلة النووى الإيرانى.
 وأضاف يادلين أنه فيما يخص «الرؤية الثانية» تحت عنوان جانبى «المبادئ النهائية المتفق عليها» أنه لم يتم التوقيع حتى الآن على أى اتفاق رسمى، وأن الحديث يدور فقط عن إعلان «مبادئ» مشتركة غير موقع عليها، ستستخدم كأساس لمواصلة المحادثات حتى يتم التوصل إلى اتفاق فى 30 يونيو 2015، وعلى الرغم من أن الإعلان كان يرافقه وثيقة أمريكية بشأن أهم القضايا المهمة وبالتفصيل، ولكن المبدأ الذى يعتبر أن «أى أمر لا يعتبر منتهيا إلى أن ينتهى كل شىء»، الأمر الذى ينطبق أيضا على إعلان لوزان الذى لم يمر عليه الكثير، وكذلك على الإعلان الأمريكى، واتهام وزير الخارجية الإيرانى للحكومة الأمريكية بنشر ورقة تفاهمات لا تعبر عن الاتفاق.
وعلى الرغم من ذلك فيجب ملاحظة الصمت المطبق من قبل المرشد الأعلى الإيرانى، بهذا الشأن، فى الوقت الذى لم يصادق على الاتفاق الذى بلوره حينها الرئيس أحمدى نجاد نهاية العقد الماضى مع تركيا والبرازيل حول وضع حد للبرنامج النووى الإيرانى فيما يخص مفاعل الأبحاث فى طهران «TRR».
وتأتى توصية يادلين للرؤية الثانية بضرورة اختبار رد فعل الإيرانيين من الوثيقة الأمريكية، ناهيك عن موقف المرشد الأعلى تجاهها، والاهتمام بسماع رأيه فيما يخص الأسلحة النووية وقرار الرئيس أوباما تجاهها– فى الوقت الذى لم يسمع حتى الآن صوت «خامنئى».
حل وسط يميل إلى الجانب الإيرانى
 وفيما يخص الرؤية الثالثة للباحث الإسرائيلى تأتى حول احتمالية إيجاد «حل وسط» يميل إلى الجانب الإيرانى، قائلًا: إن الاتفاق الذى تم التوصل إليه فى لوزان يعتبر حلاً وسطاً صعبا بين المتفاوضين، يعكس الحرص الأمريكى للتوصل إلى اتفاق، ومن خلال التخوف الذى يبديه البيت الأبيض من احتمالية عدم التوصل لاتفاق، أو من عدم انضمام القوى الكبرى الأخرى إلى جولة محتملة من فرض العقوبات، فى الوقت الذى يحاول فيه الإيرانيون الذهاب إلى طاولة المفاوضات بقصد تحقيق هدف واضح واحد وهو رفع العقوبات فوراً، والتى ألحقت بها أضرارا كبيرة فى المجالات الاقتصادية والطاقة رغبتهم فى رفع العقوبات التى أجبرتهم على التنازل أمام الدول الكبرى عن أهداف تعنى لهم الكثير.
وتوصية يادلين هنا تأتى بضرورة إعادة نظر الولايات المتحدة فى الإطار العام للبدائل، وتطوير تلك البدائل لعدم التوصل لاتفاق، بما فى ذلك جولة أخرى من العقوبات والبدائل الدبلوماسية والعسكرية دون الوصول لعتبة الحرب، وإقناع الإيرانيين بذلك.
نصف الكأس - المملوء أم الفارغ؟
الرؤية الرابعة من وجهة نظر يادلين هو النظر لنصف الكوب المملوء، قائلًا إنه يمكننا النظر إلى المبادئ التى تبلورت على أنها «نصف الكأس الممتلئ» فى الوقت الذى ينظر فيه أخرون إلى «نصفه الفارغ»، وأن هذا هو الفرق بين المؤيدين والمعارضين للاتفاق، إذ أن المؤيدين يعرضون إنجازات أساسية: للاتفاق من بينها سحب القدرات النووية القائمة لدى إيران إلى الخلف، ومنع تطوير قدرات أخرى خلال العقدين القادمين.. ناهيك عن الترتيبات التى تخص مراقبة محاولات تخصيب اليورانيوم، ومحاولة تدمير ما يقرب من 13000 جهاز طرد مركزى، وذلك عن طريق تدميرها من الأساس أو بتخفيف 10 أطنان من المواد المخصبة الموجودة فى إيران لليورانيوم، والتى تقدر من قبل مختصين بإمكانية تصنيع حوالى سبعة إلى ثمان قنابل نووية. وأشار يادلين فى دراسته إلى أن المؤيدين يرون أن موقع «فوردو» النووى سيصبح فى المستقبل بعد الاتفاق خال تمامًا من أية مواد نووية، وستراقب أيضا مسار مادة البلوتونيوم فى مفاعل «آراك» الذى لن يتمكن بعد الاتفاق من إنتاج مادة البلوتونيوم المستخدم فى تصنيع السلاح.. مضيفًا أن الاتفاق من شأنه منع طهران من بناء مفاعلات الماء الثقيل ومواقع تخصيب أخرى خلال العقد القادم، كما سيتم وضع الإيرانيين تحت المراقبة وفق البروتوكولات الخاصة بوكالة الطاقة الدولية والتى بدورها تضمن المراقبة والوصول المتاح بشكل كبير أكثر مما كان فى الماضى.
وأما رؤية يادلين للمعارضين للاتفاق فيقول إنهم ينظرون إلى نصف الكوب الفارغ ويضعون أمام أعينهم صورة عن مجمل القدرات التى ستبقى فى أيدى الإيرانيين، والخوف من تطوير قدراتهم النووية واستغلال الثغرات فى نظام المراقبة المحدود من وجهة نظرهم، وذلك نظرا لعدم تدمير أجهزة الطرد المركزى والحفاظ على عمل المفاعلات ولكن بشروط تبدو ضعيفة من وجهة نظرهم، قائلين إن أجهزة الطرد ستبقى تحت الصيانة فى حال تم خرق الاتفاق، كما أن الاتفاق لم يشمل الحديث حول احتمالية صنع الأسلحة، وأن ما تم السماح به لإيران يمنحها القوة والاستمرار على تطوير أجهزة طرد مركزة حديثة.
ما بين المفاوضات النووية وبين التخريب والإرهاب والمساس بحقوق الإنسان
ويوصى يادلين فى هذه الحالة أو الرؤية أنه على الدول الكبرى مناقشة وإيضاح عدد من القضايا الغامضة فى وثيقة المبادئ ودراستها جيدًا فى صيغة الاتفاق النهائى، إذ أنه من دون هذه الايضاحات فلن يتحقق الهدف الذى حدده الرئيس الأمريكى حيث سحب البرنامج النووى الإيرانى للخلف.. مضيفًا أن موضوع تصنيع السلاح النووى هو موضوع جوهرى، ويجب التأكد من عدم توقيع الاتفاق النهائى دون الحصول على رد إيرانى شامل وواف لكل أسئلة الوكالة الدولية ودون توسيع مراقبة المواقع والأشخاص والوثائق والمنظمات المرتبطة بأنشطة تصنيع السلاح فى إيران.. مطالبًا بضرورة خروج أجهزة الطرد المركزى من الخدمة لضمان عدم عودتها للعمل وللحد من تطورها.
وقال يادلين: إن طهران وضعت نفسها بين مطرقتين الأولى، المفاوضات النووية، والأخرى محاولات الإرهاب والتخريب ومحاولات توسيع نفوذها فى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما اعتبره يادلين من النقاط السلبية لطهران، مشيرًا إلى محاولات تطوير الصواريخ البالستية بعيدة المدى، وقضية تطوير السلاح النووى الذى تعتبر التهديد الاستراتيجى الأخطر حول سياسة إيران الخارجية.
واختتم يادلين الخبير العسكرى دراسته بقوله: إنه فى ديسمبر من عام 2013، وبعد التوقيع على الاتفاق المرحلى مع إيران مباشرة بقوله، لقد قمت بسؤال الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» فى منتدى «سابان» حول المعايير التى لن يتنازل عنها فى الاتفاق النهائى مع إيران.
وأوضح أن رد أوباما جاء بشكل مفصل، وأكد خلاله على إبقاء «برنامج نووى سلمى لإيران» فقط، مضيفا أن موقع التخصيب فى فوردو ومفاعل المياه الثقيلة فى آراك وتطوير أجهزة الطرد المركزى لا يشملها البرنامج السلمى، الأمر الذى يكشف مدى تأثير المرشد الأعلى الإيرانى على على الدول الكبرى على أن يتضمن الاتفاق النهائى هذه العناصر، مؤكدا أن تلك العناصر من شأنها أن تبقى فى يد إيران القوة النووية الفاعلة.
وطالب يادلين إسرائيل بضرورة العمل على تكثيف التنسيق مع الولايات المتحدة بشأن مواصلة المفاوضات قبل الوضع الاتفاق النهائى مع إيران، والدخول فى حوار ممنهج بشكل واضح مع الإدارة الأمريكية بهدف تصحيح بعض البنود التى تم وضعها فى الاتفاق، والتى تقلق الأوساط الإسرائيلية.. معربًا عن مخاوفه من ألا يضمن الاتفاق النهائى أن يكون برنامج طهران سلميًا فقط، الأمر الذى من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة إلى إجراء محاولات لإقناع المعارضين بأهمية الاتفاق وضمانات لبنوده الموضوعة، وضرورة إبقاء العقوبات على إيران، ضمانًا يقابل احتمالية عدم التزامها بشروط الاتفاق.