الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

آثار العالم تستغيث من «الإهمال» و«الإرهاب»

آثار العالم تستغيث من «الإهمال» و«الإرهاب»
آثار العالم تستغيث من «الإهمال» و«الإرهاب»




الأقصر – حجاج سلامة
انطلقت أمس احتفالات يوم التراث العالمى، بحسب الاتفاقية التى أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» وهى الاتفاقية التى صنفت التراث البشرى إلى «ثقافى» ويشمل الآثار والأعمال المعمارية والمجمعات العمرانية والمواقع الحضرية ذات القيمة الاستثنائية، و«طبيعى» ويشمل المواقع الطبيعية ذات القيمة العالمية، وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز الوعى بشأن تنوع التراث الثقافى للبشرية، ومضاعفة الجهود اللازمة لحمايته والمحافظة عليه.. وتتزامن الاحتفالات هذ العام مع تزايد التهديدات التى تتعرض لها آثار اليمن وسوريا وليبيا والعراق من دمار وسلب ونهب بسبب الحروب التى تشهدها تلك البلدان، وتزايد الغضب العالمى من قيام متطرفى داعش بتدمير الكثير من المعالم الأثرية فى العراق وفى مقدمتها آثار متحف مدينة الموصل، وتأتى مطالب الأوساط الأثرية والمنظمات المعنية بحماية التراث العالمى بضرورة التحرك لحماية آثار تلك البلدان من المتطرفين ومافيا تهريب الآثار، وقيام منظمة المدن التاريخية بالمطالبة بتحرك أممى لحماية المعالم الأثرية بمناطق الحروب فى العالم من الدمار، وباتخاذ تدابير سريعة لانقاذ معالم تمثل تراثا للانسانية جمعاء، ففى العاصمة العراقية بغداد تعرضت العديد من الآثار للدمار والتخريب على يد متشددين، وشددت على ضرورة وضع تلك المعالم تحت الحماية الدولية فى حال وقوع نزاعات وحروب فى محيطها.
وعلى جانب آخر فتحت مصر متاحفها ومزاراتها الأثرية والتاريخية للزيارة مجانا فى يوم التراث العالمى، فى قت تتعالى أصوات الأثريين وعلماء المصريات فى البلاد بمزيد من التدابير الحكومية لحماية كثير من المناطق الأثرية والتى يقول المهتمون بحماية التراث بأنها معرضة للخطر.
وبحسب مركز بحوث التراث بجمعية ايزيس الثقافية فى الأقصر فإن منطقة «بين الجبلين» الأثرية بمدينة إسنا التاريخية، تشهد عمليات هدم وتجريف وتدمير لمقابرها وتلالها وأسوارها التاريخية ونهب وسرقة آثارها التى يرجع تاريخها إلى العصور الفرعونية الأولى.
كما يتعرض معبد الإله «منتو» الإله الصقر حامى لطيبة، فى مدينة أرمنت، وهيكل كليوباترا، ومعبد الطود المخصص لعبادة الإله منتو، ، ومعبد المدامود للاهمال وارتفاع منسوب المياه الجوفية.
بجانب توقف العمل بمشروع كشف وإحياء الطريق الذى يمتد بين معبدى الكرنك والأقصر بطول 2700 متر ، ويهدف لتحويل مدينة الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح فى العالم.
وفى محافظة قنا تحولت المعابد والأطلال الأثرية إلى مقالب قمامة وخرابات تسكنها الحيوانات الضالة وتحول معبد قفط إلى مصاطب ومقاعد للكبار ومرتع يلهو فيه الصغار وصار عرضة للنهب والتخريب، أما معبد شنهور الذى يرجع تاريخه للعصر الرومانى فلا يزال بحالة جيدة وتحتفظ جدرانه بنقوش ورسوم الأباطرة الرومان وهم يتعبدون للإله «آمون» تحول إلى مأوى للحيوانات وحظيرة لتربية الماشية والأغنام، وتحويل دير القديس باخوم التاريخى بقرية فاو قبلى بدشنا الذى يعود للعصر الرومانى إلى  سوق لتجارة المواشى وبيعها بعد تساقط اعمدة المعبد التى استخدمها الاهالى لربط الماشية.
ويرى الباحث المصرى فرنسيس أمين ان أكبر خطر يواجه الآثار المصرية هو تزايد عمليات الحفر والتنقيب السرى عن الآثار فى محيط المناطق التاريخية، وهى الظاهرة التى حصدت العشرات من أرواح المصريين فى السنوات الأخيرة، والذين سقطوا مابين قتلى خلال عمليات الحفر والتنقيب وما بين ضحايا لمحاولات فك ما يسمى بالرصد الفرعونى عبر تقديم قرابين ودماء بشرية له، كما حدث فى مدينة أرمنت جنوب الاقصر حين راح شاب ضحية لمثل تلك الأعمال التى يسعى القائمون بها للوصول إلى الكنوز الفرعونية.
وكذلك حادثة اختطاف الطفل محمود محمد عباس لتقديمه كقربان للكشف عن كنز فرعونى بقرية العشى شمال الأقصر، ونجاته من موت محقق بعد انزالة بالحبال داخل بئر لتقديمه قربانا لما يسمى بالرصد والذى يعتقد المشعوذون فى قيامه بحراسة أحد الكنوز الأثرية، حيث ينشط المشعوذون فى القرى والنجوع المتاخمة للمناطق الأثرية بحثا عن الآثار والذين يطلبون أحيانا قرابين آدمية للرصد «حارس الكنز»، ويبثون فى تلك الأوساط أنه جنى يرفض اقتراب أحد من كنزه الذى يحرسه ربما منذ أكثر ثلاثة آلاف عام وهى أقصى عمر للرصد كما تشيع الحكايات الشعبية.
إلى الواجهة من جديد الحديث عن  ظاهرة التنقيب السرى عن الآثار وفك الرصد الفرعونى وأوهام استخراج  الكنوز الأثرية فى مصر وهى الظاهرة  التى ما أن تختفى حتى تعود لتطل برأسها من جديد.. وبحسب تقديرات مراقبين فقد حصدت تلك الظاهرة المثيرة للجدل أرواح عشرات المصريين خلال عمليات التنقيب غير الشرعية عن الآثار فى السنوات الماضية.
ويأتى ذلك وسط حالة الجدل الصاخبة حول السرقات الأثرية التى تتعرض لها فى الكثير من المدن التاريخية المصرية، وتثير تساؤلات حول سبل ردع للراغبين فى الثراء وحماية التراث المصرى من السقوط فى أيديهم وتمكينهم من المتاجرة فيه بثمن بخس.
 ووسط مطالب أمنية بتغليظ عقوبة سرقة الآثار والاتجار فيها باعتبارها جريمة قومية وسرقة لتاريخ وحضارة شعب بأكمله، بينما طالبت جهات أخرى بتعزيز الحراسات ورفع أجور ورواتب الحراس حتى لا يكونوا صيداً سهلاً للمنحرفين وعصابات سرقة وتهريب الآثار بجانب تزويد المتاحف والمقابر والمعابد والمواقع الأثرية بوسائل وأجهزة الحماية والإنذار المبكر، كما انتقدت وجود مخازن أثرية داخل المعابد.