الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رشاد كامل يكتب: ضيوف الهمبكة.. وضيوف التصفيق!!

رشاد كامل يكتب:  ضيوف الهمبكة.. وضيوف التصفيق!!
رشاد كامل يكتب: ضيوف الهمبكة.. وضيوف التصفيق!!




ضيوف برامج الفضائيات أشكال وألوان!!
وكل هؤلاء الضيوف بطبيعة الحال ليس شرطًا أن يكونوا خبراء فى الإعلام، لكن على الأقل أن يكون عارفًا بأصول مهنته ودقائقها، وكل ما يتعلق بها!!
وفى الأصل فإن كل ضيف من ضيوف هذه البرامج له مهنة أصلية ووظيفة أساسية، هناك الأطباء، والمهندسون، والعمال، وأهل الفن والدراما وأهل الرياضة والكورة.. وهكذا.
ومن الطبيعى بل ومن البديهى أن أى برنامج طبى سيستضيف طبيبًا ــ مهما كان تخصصه، ولن تجد برنامجًا يتحدث عن آلام المرأة أثناء الحمل يستضيف مهندسًا معماريًا ليتحدث عن الهندسة فى عملية الولادة!!
ومن الطبيعى أن أى برنامج عن الفن والسينما والدراما سيستضيف أهل ذلك الاختصاص من أهل الفن سواء كانوا فنانين أو مخرجين أو حتى نقادًا، لكن من غير الطبيعى أن يستضيف نفس البرنامج خبيرًا زراعيًا ليتحدث عن كيفية زيادة الرقعة الدرامية أو أزمة الأسمدة المستخدمة فى الدراما!!
وعندما يناقش برنامج ما تداعيات مؤتمر اقتصادى مهم فلا أفهم كيف يغيب عن الكلام فيه أساتذة اقتصاد، ويكون الضيوف من نجوم الكرة الذين اعتزلوا أو فنانًا مغمورًا أو ممثلة ناشئة كل رصيدها فى مسلسل طوله مائة حلقة، إنها ظهرت لأربعين ثانية بصحبة صديقتها البطلة ودون أن تنطق كلمة!!
ومع ذلك تجد ذلك كله فى أغلب الفضائيات العربية، كله يجيد الكلام فى كل شىء.. وكلهم خبراء تحت الطلب، ومحللون تحت الطلب وأساتذة تحت الطلب، ودكاترة تحت الطلب!!
هؤلاء يا عزيزى ضيوف الهمبكة والفهلوة!!
أما أغرب هؤلاء الضيوف وأعجبهم على الإطلاق فهم الضيوف الذين يظهرون فى البرامج الجماهيرية، أقصد برنامجًا تستضيف فيه المذيعة أو المذيع ضيفًا سواء كان فنانًا أو لاعب كرة أو حتى مجرمًا قتل أمه، أو زوجة قتلت زوجها.. بجانب الضيف أو الضيفة ستجد فى الاستوديو مئات من الجماهير صغار وكبار السن، بنات وأولادا يملأون الكراسى بكل ثقة.. إنهم ضيوف التصفيق والتهليل!!
ماذا يفعلون؟! وما هى وظيفتهم؟! لا شىء أن كل ما يقومون به هو التصفيق فى وقت محدد عقب إجابة الضيف؟! أو الضحك والقهقهة والسخسخة على نكتة بايخة قالتها ضيفة البرنامج.
إنهم يصفقون أو يضحكون أو يصيحون فى هيستريا حسب تعليمات شخص يعمل ضمن فريق البرنامج ويحمل معه عدة لوحات مكتوبًا عليها تعليماته للحضور، فهذه لافتة مكتوب عليها: تصفيق، وهذه لافتة مكتوب عليها: ضحك متواصل!! وهكذا.
لقد مررت شخصيًا بهذه التجربة منذ عدة سنوات، اتصلت بى المعدة الرقيقة، كان موضوع الحلقة عن كتابة التاريخ وكيفية تناول الأحداث التاريخية سواء فى المسلسلات الدرامية أو أفلام السينما!!
وصلت مدينة الإنتاج الإعلامى ثم اصطحبتنى المعدة إلى غرفة المكتب لنستريح قليلاً حتى يجىء موعد تسجيل الحلقة، أسعدنى أن يكون معى الأستاذ والمؤرخ القدير د.يونان لبيب رزق ــ رحمه الله ــ وكاتبنا المؤرخ الأستاذ «صلاح عيسى» ورحنا نتجاذب أطراف الحديث ثم اصطحبونا إلى الاستوديو.. ولدهشتنا جميعًا كان هناك أكثر من مائتى شاب وشابة وبعض كبار السن يجلسون فى هدوء ووقار ــ ربما يناسب جو الحلقة ــ وجلسنا فى انتظار مجىء المذيعة!
وفجأة دخلت المذيعة، يصاحبها تهليل وتصفيق وصراخ وصريخ مما أثار دهشة د.يونان لبيب رزق وقال: احنا فى مسرح ولا ايه؟!
وبدأت الحلقة بأسئلة ثم إجابات ثم مقاطعات، أما تصفيق وصراخ البنات والأولاد فلا حدود له، بمناسبة وبدون مناسبة!! وخذ عندك هذه الأمثلة الغريبة والعجيبة!
تحدث د.يونان لبيب رزق عن المدارس المختلفة لكتابة التاريخ، وأفاض فى حديث أكاديمى بحت، ليقاطع بعاصفة من التصفيق!!
وتحدث الأستاذ «صلاح عيسى» عن ضرورة الإفراج عن الوثائق لكى تتضح أبعاد أى حدث تاريخى، فيقاطع بعاصفة من التصفيق!! والتهليل!!
وتحدثت عن خطورة الاعتماد على مرجع واحد أو شهادة واحدة عند كتابة تاريخ حدث ما أو موقف ما، قوطعت بعاصفة من التصفيق بدون تهليل!!
ومع كل عاصفة من التصفيق والتهليل كنا نندهش نحن الثلاثة، هو فى إيه؟!
وسط هذه الدهشة لمحت اللافتات المنتشرة بين الجالسين ومكتوب عليها التعليمات التي تبدأ بكلمة تصفيق حار أو تهليل مع تصفيق وهكذا!!
وانتهى البرنامج والكل سعيد ومبسوط، المذيعة سعيدة متهللة بنجاحها فى إدارة الحلقة وتصفيق وتهليل الحضور لها، والضيوف سعداء بما قالوه وبالمكافأة الرمزية التى تقاضوها نظير ظهورهم، والحضور من شباب وشابات أدوا مهمتهم فى التصفيق والتهليل عمال على بطال نظير المكافأة التى يتقاضاها كل واحد.
ويا وكسة المشاهدين بين ضيوف لا لزوم لهم!!