السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«جهاد القتال» صناعة «المتأسلمين»

«جهاد القتال» صناعة «المتأسلمين»
«جهاد القتال» صناعة «المتأسلمين»




تحقيق - محمود ضاحى


القرآن الكريم فيه آيات عن القتال وأخرى عن الجهاد، قال تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ  وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ  وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ» الجهاد والقتال كلمتان  فى اللغة وفى الشريعة الإسلامية تسببا فى حيرتا العلماء لوضع معانيهما بعد أن استخدمها الإرهابيون فى قتل الأبرياء لكن  الجهاد غير القتال البعض اعتبره  فرعًا من الجهاد أما الجهاد فى الشريعة الإسلامية فماذا يقصد به  وهل الجهاد فرض أم لا؟
يقول الشيخ محمد الأباصيرى الداعية السلفى إن للجهاد معنى ساميًا وعظيمًا لكن الجماعات الإرهابية التى انتشرت مؤخراً شوهت معناه ومضمونه ورسالته، لكن هناك جهادًا فى ديننا والنبى صلى الله عليه وسلم جاهد، لكن الجماعات الإرهابية وما تقوم به من أعمال وحشية وبربرية تقصد به تشويه الإسلام على أنه دين قتال.
وأضاف الأباصيرى فى تصريحات خاصة أن قيم الإسلام عظيمة لكن شوه من بعض المسلمين المنتمين له وشوهوا معناه بتصنيف خاطئ حتى عندما يسمع اسمه غير المسلم يتذكر الصورة البربرية الوحشية وتستدعى هذه الصورة الوحشية التى التصقت به ومعنى الجهاد، موضحاً أن الجهاد ليس مطلوبًا فيه القتال للمكاسب والغنيمة لكن يلجأ إليه فى النهاية عندما يمنع قادة الدول دخول المسلمين قديما لنشر الإسلام بعيدا عن القتل.
وأوضح أن القصة فى الجهاد تريد من العلماء فتح أبوابهم للتنوير ولتوضيح أن المسلمين عندما فتحوا البلدان بدون حروب كانوا يتركون حكمها كما هو لأن الغرض فى النهاية هو نشر الإسلام، مؤكداً أن الجهاد ليس المقصود به القتال والإرهاب  لكن الجهاد نوعان جهاد طلب وفتح البلدان الأخرى وهو فرض كفاية وجهاد دفع  وهو صد العدو وهو فرض عين.
وقال إن تشويه معانى الجهاد والقتال هو أمر مقصود مؤكدا أن الحملة ازدات بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وأصبح الإسلام هدف الغرب لتشويهه ، مشيراً إلى أن هناك الإسلام الأمريكى الذى بدأ بعض الإعلاميين تشويهه، موضحاً أن القتال فرع فى الجهاد وهو ما يعرف بجهاد القتال والفرق بينهما صعب يحتاج إلى محاضرات، مضيفاً أن اتباع الجماعات الإرهابية لديهم فهم خاطئ من قيادات تعمل لأجهزة مخابراتية تحركهم مؤكداً أن الإرهاب صناعة استخباراتية تغذيهم مراكز الأبحاث وبأفكارهم.
 وهاجم الداعية الإسلامى الشيخ خالد الجندى مايفعله الإرهابيون من سفك للدماء وذبح على أنه جهاد موضحا أن جميع كتب المراجع الإسلامية قد أكدت أن «جهاد الطلب فرض»، وهو ما نفاه الجندى.
وكشف الجندى عن أحكام بعض كتب المراجع الإسلامية والذى أكدت أن «جهاد الطلب تطوعًا وليس فرضًا».
 الدكتورأحمد الطيب شيخ الأزهر شرح مفهوم الجهاد   قائلاً: إن هذا الأمر يحتاج إلى توضيح، وهناك مصطلحان قد يلتبسان: الأول القتال والثانى الجهاد، وقد ورد فى القرآن «القتال» وورد فى القرآن «الجهاد»، وقد وردت «الحرب» فى القرآن الكريم أربع مرات، بينما ورد «الجهاد» أكثر من ثلاثين مرة.
وأوضح شيخ الأزهر أنَّ هناك فرقًا بين مفهومى القتال والجهاد فهما غير متطابقين، مضيفاً أن هناك ما يُسميه علماء المنطق والأصول علاقة العموم والخصوص المطلق، بمعنى: أن أحد المفهومين أعمُّ مطلقًا من المفهوم الآخَر، وأنَّ هذا المفهوم الآخر أخص مطلقًا من المفهوم الأول، فكلمة «جهاد» تعنى القتال، لكنها تعنى أمورًا أخرى كثيرة إلى جوار القتال؛ بحيث يكون القتال المسلح واحداً من مفاهيم عديدة يطلق عليها «الجهاد»، ودلَّل على الأمر قائلاً: إذا قلت مثلاً كلمة نبات، معروف أن تلك الكلمة تُطلق على الورود والزهور والأشجار والمحاصيل وكل تلك النباتات، كما يمكن أن نقول: إن الغلال نباتات، فإذا جاءنى أحدًا وقال: إن كلمة نبات مقصود بها الورود أو الزهور فقط، فهل هذا إنسان عاقل؟! بل أقول له: إنَّ النبات كمصطلح هو أعمُّ من كلمة الورود؛ لأنَّه يُطلَق على الورود وغيرها، وكلمة الورود أخصُّ من النبات لأنه يُمثِّل جزءًا صغيرًا من النبات، وهكذا فالجهاد دائرة واسعة، وحلقةٌ من حلقاته هى القتال فى سبيل الله، ومن هنا فالجهاد هو بذلُ المجهود فى مقاومة العدوِّ، أيًّا كان هذا العدو، بمعنى: أنَّ القتال فى سبيل الله أُسميه جهادًا لأنه يُمثِّل بذلَ مجهودٍ فى مقاومة العدو المسلح، وأيضًا الجهاد يُطلَق على جهاد النفس.
 وأكَّد الإمام الأكبر أنَّ مفهوم جهاد النفس هو أن الشخص لديه نفس تأمره بالسوء ليلَ نهارَ، فمن ثَمَّ جهاده: بذل المجهود فى مقاومة النفس وإغراءات الشيطان وفتن الشيطان ووساوسه، هذا أيضًا من الجهاد، وأيضًا هناك جهاد الرغبات وهو يُعَدُّ جهادًا فى الإسلام، وكذلك هناك أحاديث كثيرة جدًّا تُبين أنَّ الجهاد الأكبر هو جهاد النفس والأهواء، فأفضل الجهاد حسَب الحديث أن يُجاهد الرجلُ نفسَه وهواه.
 وأضاف أن هناك قُصورًا فى معرفة مفهوم الجهاد؛ حيث يتم قصره على القتال المسلح، وأنَّ الجهاد فى الإسلام هو أن يحمل المسلمُ السيف ويخرج لساحةِ الجهاد ويقتُل الأعداء، وهذا حق، ولكن وقع الكثير فى تضييق مفهوم الجهاد، فالجهاد فى الإسلام معناه أعم بكثير جدًّا من القتال المسلح، والقتال المسلح هو وجهٌ من وجوه كثيرة جدًّا للجهاد، بل يُقال: إنه هو الجهاد الأصغر، والجهاد الأكبر هو جهاد الشيطان والنفس والهوى.
 وأشار الإمام الأكبر إلى أنَّ بعض الناس يتعجَّب من أن القتال يُعَدُّ جهادًا أصغر بينما جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، وتلك الدهشة والاستغراب يزولان عندما نعلم أنَّ الجهاد الأصغر وهو القتال محدود المدَّة، فهو مثلاً لا يزيد على شهر أو حتى سنة، فمدته محدودة وهو ينتهى دائمًا بمكاسب، فالمجاهد فى سبيل الله إذا قُتِل فهو شهيد فى الجنة، وإذا عاش فهو يستمتع بالنصر والغنائم أيضًا، إذا فالقتال هو نوعٌ من أنواع الجهاد وليس كل الجهاد فهو محدود، وأيضًا فيه مكاسب، أما الجهاد الحقيقى وهو الجهاد الأكبر، والذى يكون بالمال أو بالنفس أو باللسان وهو الحجة والبرهان بالدعوة إلى الله، وقد يكون جهادًا بالقُرآن أيضًا.. واستشهد بقوله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: 52]، وأوضح أنه - سبحانه وتعالى - لم يقل: «جهادًا» فقط، و لكنه أكَّده بصفة «كبيرًا»
 وأضاف: من المعروف أنَّ المسلمين لم يؤذن لهم بالقتال طول الفترة المكية، فإذًا هذا يدلُّ أن عندى جهادًا كبيرًا ولا يتعلق بالإمساك بالسلاح لا من قريب ولا من بعيد، وهذا دليلٌ على أنَّ كلمة «جهاد» فى القرآن ليس المراد بها القتال المسلَّح، فعندما يقولون للشباب: إنَّ الجهاد كذا وكذا، أقول لهم: إن هذا النوع الذى تدعون إليه هو نوع مُعيَّن من الجهاد له أحكامٌ وضوابطُ وشروط وقوانين، أمَّا الجهاد فى الإسلام فهو النوع الأعمُّ.
و أصدر المجلس الإسلامى الأعلى بقيادة  38 عالما إسلاميا من أعضائه فتوى بحق تنظيم «داعش» الإرهابى، أكدوا فيها أن هذا «التنظيم لا علاقة له بالإسلام، وعناصره خوارج هذا الزمان».
وأوضح أعضاء المجلس الإسلامى فى فتواهم عشرة أعمال يقوم بها التنظيم الإرهابي، مشيرين إلى أنها تتنافى تماما مع الدين الإسلامي، وتم ذكرها على النحو التالي:  «قطع رقاب المعارضين لهم، سواء أكانوا مسلمين أم لا، وقتل من لا يقبلون بما يفعلون، وهدم المساجد، وتدمير أضرحة الأنبياء والأولياء، ونفى الناس من بيوتهم وأوطانهم، وقتل العلماء المسلمين الذين يعلنون رفضهم للتنظيم، وتزويج نساء المسلمين لعناصر التنظيم، وحرق المسلمين أحياء، وتعذيب من يأسرونهم، ورمى المسلمين من أماكن شاهقة».
وتابعت الفتوى «ولقد ارتكب تنظيم داعش كل هذه الأفعال، وكلها أفعال تتنافى مع الإسلام بشكل تام، لأن الإسلام حرمها تماما، لأنها تعتبر من الكبائر التى يعاقب فاعلها بعقاب شديد».
وشددت الفتوى على أن «ما يقوم به تنظيم داعش ليس جهادا، ومن الخطأ تصنيف هذه الأعمال على أنها جهاد، لأن الجهاد فى الفقه الإسلامى له شروطه، ومنها أنه لا يجوز التعرض فى وقت الجهاد، للنساء والأطفال والشيوخ والمرضى والمشردين، وعدم إلحاق ضرر بالأشجار، وبممتلكات أصحاب الديانات الأخرى، وعدم تلويث المياه، مع عدم إجبار أى شخص على اعتناق الإسلام، لأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يلتزم بهذه الشروط وأمرنا باتباعها.
 قال الشيخ عبدالعزيز النجار أمين شئون الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية إن الجهاد عندما شرع فى الاسلام شرّع للدفاع عن الوطن والأمة الإسلامية، ولم يكن  المسلمون أبداً مهاجمين أو معتدين على أحد وبالتالى مفهوم الجهاد قتال أعداء الوطن والإسلام والدفاع عن الأمة الإسلامية فى قاطبة الأرض مشارقها ومغاربها .
 وأضاف أن هناك فرقا بين الجهاد والقتال فسفك الدماء مما نراه من الدواعش وأنصار بيت المقدس تحريف الجهاد ويسمون قتل الأبرياء جهادا ويعتبرون أن من يُقتل وهو يقتل الأبرياء شهيدا، مشيرًا إلى أن لديهم مغالطات كثيرة  للمفاهيم التى تعاقبت عليها الأمم والعلماء فى كل زمان ومكان وهو مفهوم الشهادة فى سبيل الله ومايفعله هؤلاء لاعلاقة له بالإسلام وينبغى أن تطبق عليهم حد الحرابة لأنهم  يرتدون ثياب الدين والدين منهم براء وقلوبهم قلوب ذئاب.
وأضاف أن ألسنة  الإرهابيين لا تجد أذانا صاغية ولا تجد من يصاغ لهم الا ضعاف الفكر والغائبون عن مقاصد النصوص  الدينية  فيصبحون فريسة لهؤلاء الذين يتغذون على دماء الشر ويتلذذون بهدم المنشآت والاقتصاد وتدمير الوطن وتحويل الوطن لدار خراب وليس دار عمار فهم يسيئون للإسلام.
ونوه إلى أن الأحاديث النبوية تبين لنا أمثال هؤلاء الذين يأتون آخر الزمان منهم  القائمون على تغيير وتحريف حدود الله فهم يريدون أن يخرقوا سفينة الوطن، وما ينبغى أن نفعله مع من يغرقون الوطن أن نمنعهم بأى وسيلة من الوسائل، فمحاربتهم جهاد وما يفعلونه هو اعتداء على بنيان الله والنفس التى حرم الله هدمها، فكيف يهدمون بنيان الله ويجعلون الأمة تسير فى بحار الدماء ويحصدون الرءوس باسم الإسلام وما يفعلونه  لا يوجد فى أى دين سماوى.
وتحدث الدكتور محيى الدين عفيفى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية حول الجهاد أنه مفهوم عام يندرج تحته مناح حياتية مختلفة، وأن الجهاد من منظور اﻹسلام مصطلح يدل على البناء والتعمير ﻻ الخراب والتدمير وذلك بالعمل على إخلاء المجتمعات من المفاسد وتحليتها بالفضائل وترسيخ المصالح العليا للوطن.
وأضاف أن هناك فارقا بين الجهاد والقتال مؤكدا أن مفهوم الجهاد يغطى جميع مجاﻻت الأنفس والحياة.. وهذا ما تسعى إلى طمسه الانتماءات الفكرية المضللة والمنحرفة من أجل تسويق شعاراتها الهدامة وأفكارها الظلامية مما يستوجب تضافر الجهود لمنع تسرب هذه اﻷفكار الدخيلة إلى عقول المواطنين.
 وأوضح  الشيخ أحمد البهى رئيس حركة أئمة بلا قيود أن الإرهابيين شوهوا الجهاد فالقتال يعتبر جهادًا بالحق أو بالباطل والجهاد محتوى على قتال موضحًا أن هناك جهادًا على بصيرة وجهادًا على غير بصيرة بمعنى أن ما يفعله الإرهابيون لا علاقة له بالجهاد.
وأضاف البهى أنه لا يوجد تناسب بين الجهاد ومحتوى القتال موضحا أن الإرهابيين يحاولون وضع شرع لما يفعلونه من خلال حربوهم التى تشبه حروب المرتزقة عن طريق سفك الدماء والقتل ويشوهون معنى الجهاد عن طريق بعض أنصارهم لشرعنة المفهوم.
وتابع: الخوارج بقتالهم بعض الصحابة كانوا يدعون  أن ما يفعلونه جهاد والذى قتل الصحابى عمار بن ياسر كان يدعى ان ما يفعله جهاد مؤكدا أن ما تفعله الجماعات الإرهابية هو جهاد باطل.