الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

شاركت فى تصفية المئات ولم أُصدر أمر اغتيال «مشعل»

شاركت فى تصفية المئات ولم أُصدر أمر اغتيال «مشعل»
شاركت فى تصفية المئات ولم أُصدر أمر اغتيال «مشعل»




على الرغم من مرور 18 عامًا على المحاولة الفاشلة للموساد الإسرائيليّ (الاستخبارات الخارجيّة) باغتيال خالد مشعل، رئيس الدائرة السياسيّة فى حركة (حماس)، فى العاصمة الأردنيّة، عمّان، فى عام 1997، عندما كان بنيامين نتنياهو رئيسًا للوزراء، على الرغم من مرور هذا الوقت الطويل، ما زال النقاش داخل أروقة الموساد وخارجها، دائرًا حول مَنْ أصدر الأمر؟
 وفى أوّل مقابلةٍ صحافيّةٍ مع وسيلة إعلام، قالت نائبة رئيس الموساد السابقة، عليزا ماغين، إنّ رئيس الموساد، دانى ياتوم، هو الذى أصدر الأمر، وأنّ مزاعمه بأنّها هى التى أقرّت العملية وأرسلت عناصر الموساد لاغتيال مشعل عاريةً عن الصحّة، ولا تمُتّ للواقع بصلةٍ.
وقالت أيضًا، نعم شاركت فى الجلسات التى نوقش فيها أمر اغتيال مشعل، ولكن عندما قاموا بتنفيذ العملية الفاشلة كنت فى زيارةٍ رسميّةٍ خارج إسرائيل. ماغين، وهى من أصول ألمانيّة، هى المرأة الأولى فى تاريخ إسرائيل، التى تصل إلى هذا المنصب الرفيع فى الموساد، الذى يُعتبر بنظر الإسرائيليين أسطورة.
وفى اللقاء المُطوّل الذى نشرته صحيفة (يديعوت أحرونوت) معها اليوم، أكّدت ماغين أنّها شاركت فى مئات عمليات الاغتيال للأعداء، رافضةً أنْ تُفصح عن العمليات، ولكنّها اكتفت بالقول إنّها لاحقت أعداء إسرائيل، أينما كانوا، مشيرةً إلى أنّ عملية اغتيال القادة الفلسطينيين، الذى خططوا ونفذّوا عملية قتل الرياضيين الإسرائيليين فى أوليمبياد ميونيخ، كانت عملية انتقاميّة مائة بالمائة، لافتةً إلى أنّها شاركت فيها دون أنْ تكشف عن دورها فى عمليات الاغتيال التى طالت قيادات فلسطينيّة رفيعة.
وفى معرض ردّها على سؤال قالت إنّ رئيس الموساد، دانى ياتوم، الذى اضطر للاستقالة بعد محاولة اغتيال مشعل الفاشلة، لم يكُن يجب أنْ يُعيّن فى منصبه، لافتةً إلى أنّه كان إنسانًا صعب التعامل معه، لا يُفكّر خارج الصندوق، وكان قاسيًا وصلبًا ورفض الاستماع إلى آراء القادة، مُشيرةً فى الوقت عينه إلى أنّه كان يُجيد التخطيط للعمليات، ولكنّه كان يفتقر إلى صفة الإبداع، على حدّ قولها، وتابعت قائلة:ً إنّ استقالته من الموساد كانت خطوة ممتازة بالنسبة للجهاز، ذلك أنّ شخصيته ليست مناسبة للموساد.
ماغين، فى السبعينيات من عمرها، وُلدت فى مدينة القدس وانضمّت إلى الموساد، حتى عُينّت فى أواسط التسعينيات من القرن الماضى نائبةً لرئيس الموساد، وهى من أصول ألمانيّة، جُندّت آنذاك لجهاز الاستخبارات، على حدّ قولها، بسبب حاجته إلى رجال ونساء يُجيدون اللغة الألمانيّة فى إطار ملاحقته للمجرمين النازيين. وقالت أيضًا للصحيفة إنّ عمليات الاغتيال التى يُنفذّها الموساد منذ تأسيسه لا تُعادل واحد بالمائة من العمليات السريّة التى يقوم بها.. مُشيرةً إلى أنّ كلّ مَنْ يسمع عن الموساد، مباشرةً يعتقد أنّ الحديث يدور عن جهاز اغتيالات، ليس إلّا وهو شيء خاطئ بالمرّة، حسبما ذكرت للصحيفة.
علاوة على ذلك، شدّدّت على أنّ أغلبية عمليات الاغتيال التى نفذّها ويُنفذّها الموساد لا تُجد نفعًا، إنمّا تُنفّذ من أجل إراحة الأنا فى كلّ الجهاز ودافعت ماغين بشراسةٍ عن الرئيس السابق للموساد، مئير داغان، الذى أعلن الحرب الكلاميّة الهجوميّة على رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، فى كلّ ما يتعلّق بمعالجته للملّف النوويّ الإيرانيّ، وقالت إنّه خلافًا للإدعاءات والمزاعمالتى نُشرت فى الفترة الأخيرة، فإنّ داغان لم يقُم بإفشاء أسرار دولة، مُشدّدّةً على أنّ من حقّه التعبير عن رأيه ومُعارضة الخيار العسكريّ ضدّ البرنامج النوويّ الإيرانيّ، وزادت قائلةً إنّ داغان لم يقُل أيّ شيء خارجًا عن القاعدة، كلّ ما قاله هو أنّ رئيس الوزراء نتنياهو لا يتحلّى بالمسئولية فى آلية وكيفية معالجته للبرنامج النوويّ الإيرانيّ، وفى دولةٍ ديمقراطيّة من حقّه، لا بل من واجبه أنْ يُدلى بدلوه، على حدّ وصفها.
وفى هذا السياق قالت إنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ البرنامج النوويّ الإيرانيّ يُشكّل تهديدًا وجوديًا على إسرائيل، وفى هذا الأمر نتنياهو صادق مائة بالمائة، ولكن اقترح على الحكومة الإسرائيليّة، أنْ تلجأ إلى مسألة لم تلج إليها فى السابق ولا فى الحاضر، وهى أنْ تقوم بإجراء مفاوضات مباشرةٍ مع الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة لحلّ القضية العالقة بين الطرفين، على حدّ قولها.
وهل تنجح هذه الخطوة؟ سُئلت ماغين وردّت بالقول: لا أعرف، ولكن علينا أنْ نطرق جميع الأبواب، ويتحتّم علينا أنْ نتذكّر بأنّه كانت تربطنا بالإيرانيين علاقات ممتازة قبل نجاح الثورة الإسلاميّة فى العام 1979، وعبّرت عن اعتقادها بأنّ الجمهور الإيرانيّ لا يكره إسرائيل، على الرغم من أنّ النظام الحاكم فى طهران يقوم بتغذية الكرة للإسرائيليين واليهود على حدً سواء.
أمّا فيما يتعلّق بالعلاقات المتوترّة بين تل أبيب وواشنطن وهل تُلقى بظلالها على التعاون الأمنيّ والمخابراتيّ، قالت نائبة رئيس الموساد السابقة إنّ التردّى فى العلاقات بين الحكومة الإسرائيليّة وبين الإدارة الأمريكيّة لا يصل إلى الأجهزة الأمنيّة، مُشدّدّةً على أنّ التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنيّة الأمريكيّة والإسرائيليّة لا تتأثر من الخلافات السياسيّة بين واشنطن وتل أبيب، على حدّ قولها. مع ذلك أضافت أنّه تردّى العلاقات السياسيّة بين الدولتين الحليفتين هو أمرٌ خطيرٌ للغاية، وإذا استمرّ هذا التردّى فى العلاقات، فإنّه مع الزمن سيمس بالعلاقات الأمنيّة بين أجهزة المخابرات فى كلٍّ من واشنطن وتل أبيب.
جدير بالذكر أنّ الصحيفة حصلت على تعقيب رئيس الموساد الأسبق، دانى ياتوم، الذى عاد وأكّد أنّ ماغين هى التى أصدرت الأمر باغتيال خالد مشعل، وأنْ تُكلّف نفسها عناء إبلاغه بذلك، وأنا أتكلّم عن الحقيقة، وليس عن أنصافها، على حدّ وصفه.