الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«واشنطن بوست»: الشرق الأوسط يغرق فى مستنقع الاضطرابات لـ«عقود»

«واشنطن بوست»: الشرق الأوسط يغرق فى مستنقع الاضطرابات لـ«عقود»
«واشنطن بوست»: الشرق الأوسط يغرق فى مستنقع الاضطرابات لـ«عقود»




ترجمة - وسام النحراوى
حذرت صحف عالمية من خطورة تداعيات الأحداث والصراعات التى تشهدها منطقة الشرق  الأوسط مؤكدة أنها تقود المنطقة إلى مزيد من التدهور والسقوط فى مستنقع الاضطرابات لعقود عديدة تحاصر بدورها الأجيال القادمة منتقدة فى الوقت ذاته مواقف الإدارة الأمريكية والتى وصفتها بـ«المرتبكة» والناجمة عن افتقارها لاستراتيجية متماسكة طويلة الأجل محذرة من أن ظهور الجماعات المتطرفة بقوة على الساحة نتيجة لتصدع هياكل الحكم الديكتاتورية الضعيفة يدفع الوضع الإقليمى الراهن لمزيد من التدهور وحول السلام مع إسرائيل أكدت أنه لن يتحقق إلا بالاعتراف بالكيان الصهيونى.
تناولت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية الاضطرابات التى يموج بها الشرق الأوسط من العراق إلى اليمن، متوقعة أن يستمر الوضع لعقود، فالمنطقة واقعة فى دوامة مضطربة من التغييرات وتتحكم بها قوى سياسية واجتماعية واقتصادية وديموجرافية ليس للولايات المتحدة والقوى الخارجية الأخرى سيطرة تذكر عليها، موضحة أن عدم الاستقرار للجيل القادم سيكون هو القاعدة فى الشرق الأوسط وليس الاستثناء.
وترى الصحيفة أن التنبؤات المستقبلية استنادا للتوجهات الحالية تكون دائما محفوفة بالمخاطر، لأن المحللين لا يستطيعون التكهن بالأحداث غير المتوقعة التى تنتج تغييرا جذريا، وضربت مثلا بحادثة بائع الفاكهة التونسى «بوعزيزي» الذى تفجرت بسببه ثورات الربيع العربى فى المنطقة، وأنه بالمثل لا يمكن التنبؤ بالعملية التى قد تعيد التوازن للمنطقة فى نهاية المطاف.
وقالت الصحيفة إن تصدع هياكل الحكم الديكتاتورية الضعيفة فى الشرق الأوسط أفسح المجال للجماعات المتطرفة لتصبح أكثر قوة، وأبرزها تنظيم «داعش» الإرهابي، مطالبة واشنطن بتوخى الحذر بشأن محاولة إصلاح المشاكل فى الشرق الأوسط حتى تفهمها بشكل أفضل.
وترى الصحيفة أنه كلما ضعف دعم الولايات المتحدة للدول التى تشهد أزمات طاحنة ستزداد العزلة التى تعانيها الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، مضيفة أن مزاعم الإدارة الأمريكية بأنها قادرة على السيطرة على الوضع فى أى وقت تناقض افتقارها إلى استراتجية متماسكة وطويلة الأجل تتطلب التزام أكبر من الجيش الأمريكى وموارد اقتصادية ودبلوماسية لا تزال الإدارة غير مستعدة لتقديمها فى الوقت الحالي.
وأوضحت الصحيفة أن الشرق الأوسط يتهاوى بسرعة، فالأحداث الأخيرة التى شهدتها المنطقة كقرار فك الحظر عن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر ودعم الولايات المتحدة للتحالف الخليجى فى اليمن، ربما أبطأ عملية التدهور ولكنه لم يوقفها، فالوضع الإقليمى الحالى هو الأسوأ منذ عام 1979.
بعد الحرب العالمية الثانية، تولت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى حد كبير إدارة الفوضى فى الشرق الأوسط، ولكن العديد من التطورات الرئيسية فى المنطقة بدأت تتحدى النظام الدولي، وفى مقدمتها أحداث «الربيع العربي» وتصاعد التنظيمات الإسلامية التى تسعى إلى إحداث تغيير جذرى فى المجتمعات.
وبالتالى فإن نسيج الدولة الحديثة بحد ذاته بدأ فى التآكل فى كل أنحاء المنطقة، حيث طغت المصالح الطائفية والدينية على الولاء للوطن، خاصة فى ضوء زيادة التوتر بين الشيعة والسنة.
من جهتها، اختارت الإدارة الأمريكية تعقيد الأمور من خلال تركيزها على التوصل إلى اتفاق تحولى مع إيران مع تجنب التوسع فى استخدام القوة العسكرية على نطاق أوسع.
وأكدت الصحيفة أن مواقف إدارة أوباما مربكة إلى حد كبير، فعادة ما يختار الرؤساء طريقًا من اثنين لا ثالث لهما فى تفسير سياستهم خلال الأزمات:
الأولى هى التى اعتمدها الرئيس الأمريكى ثيودور روزفلت والتى ترتكز على التحدث إلى الشعب الأمريكى وتفسير أفعال البيت الأبيض وشرح أهداف الولايات المتحدة.
أما الثانية فتبناها الرئيس الأمريكى جورج بوش الأب وهى تعتمد على التصرف من دون إشراك الجمهور، ولم يسلك اوباما أيا منهما.
وأضافت الصحيفة أن الإدارات الأمريكية قد تعودت على التعامل مع أزمة واحدة على الأقل فى الشرق الأوسط، فى حين تندلع مجموعة غير مسبوقة من الأزمات فى كل أنحاء المنطقة فى الوقت الحالي، تشكل كل واحدة منها بمفردها تحديا كبيرا للولايات المتحدة.
والأمر الأكثر تأزما هو تعرض نظام الدولة فى الشرق الأوسط إلى الانتهاك، فإذا فشلت هذه الدول، فسيتم ملء الفراغ الناتج عن ذلك من قبل مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة من غير الدول، ولا يعتبر تنظيم «داعش» هو السبب الوحيد لهذا الانهيار، فإيران أيضا تتحدى جيرانها عن طريق استخدام حلفائها الشيعة لخلق نفوذ لها فى المنطقة، وقد أدى ذلك إلى رد فعل من قبل السعوديين وغيرهم من السنة الذين يرون أنفسهم محاطين على نحو متزايد بالنفوذ الإيراني.
وتعتبر الدول العربية البرنامج النووى الإيرانى إشارة إلى طريقة التفكير التوسعية الخطرة التى تنتهجها طهران، وبالتالي، يشير القرار السعودى باستخدام القوة - للمرة الأولى فى البحرين، والآن فى اليمن - إلى أن الرياض لن تنتظر أكثر من ذلك للتصدى للتهديد، وهى مدعومة هذه المرة من قبل قوة عربية موحدة.
لقد قدمت الولايات المتحدة الدعم اللوجستى للتحالف الذى تقوده السعودية ورفعت مؤخرا الحظر عن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، موجهة بذلك رسالة مهمة إلى حلفائها.
ولكن إذا أعطت واشنطن أى إشارة على أنها تنظر إلى ايران باعتبارها شريكة ضد تنظيم «داعش»، فإنها ستفقد حلفاءها السنة. فلا يمكن للسعودية أن تدع تنظيم «داعش» يصور نفسه على أنه حامى السنة فى جميع أنحاء العالم. وبالتالى ستؤدى السياسة الحالية للإدارة الأمريكية، التى تتجنب اتخاذ إجراءات ضد نظام الأسد حتى لا تغضب إيران، إلى تداعيات كبيرة على مصداقيتها كحليف.
أما بالنسبة للقضية النووية، فإن تركيز أوباما يتمثل فى الضغط على إيران لدفعها إلى تحويل برنامجها النووى نحو الاستخدام المدنى السلمى التام، بالإضافة إلى تمكين الفصائل المعتدلة فى النظام الإيرانى.
لكن يبدو أن المفاوضات لن تسفر أبدا عن برنامج سلمي. وبدلا من ذلك، بات الهدف الحالى هو تقييد البرنامج، فيما أمسى مقياس النجاح هو فترة تجاوز العتبة النووية يبلغ أمدها عامًا واحدًا، وهى عبارة عن فترة عازلة ترى الإدارة الأمريكية أنها توفر المدة الكافية للرد إذا ما قررت طهران انتهاك الاتفاق والسعى لامتلاك أسلحة نووية. ونتيجة لهذا التحول، سيسمح لإيران بالحفاظ على جزء كبير من بنيتها التحتية النووية.
أما بالنسبة للعواقب، فينبغى أن توضح الولايات المتحدة كيف سترد إذا ما تم انتهاك الاتفاق وقامت إيران بإعادة بناء برنامج نووى واسع النطاق بعد انتهاء الاتفاق، فلن يكون هناك شيء يحول دون قيام واشنطن باستخدام القوة العسكرية للاستجابة إلى هذا الأمر.
واختتمت الصحيفة أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن الشرق الأوسط فى أى وقت قريب، لكن ينبغى على الإدارات الأمريكية المستقبلية طمأنة الحلفاء الإقليميين بأن هناك مزايا لمصادقة الولايات المتحدة كما أن هناك عواقب لمعاداتها.
ومن الجدر بالذكر أن صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية لم تكن الصحيفة الوحيدة التى تناولت ما يحدث فى الشرق الأوسط وما تشهده المنطقة من اضطرابات.
فقد نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» الامريكية إنه لا يوجد سلام فى الشرق الأوسط فى الوقت الحالي، مشيرة إلى افتقار المنطقة بأكملها للأمان، وأن حدودها رسمت بالدم، مضيفة أن اتفاقية «سايكس بيكو» تسببت فى كثير من العنف فى المنطقة.
وأكدت الصحيفة استحالة وجود اتفاق سلام فى الشرق الأوسط بسبب أجواء عدم الاستقرار التى تسود المنطقة التى حكمها حكام مستبدون على مدى نصف القرن الماضي، موضحة أن أى تسوية سلمية بين العرب وإسرائيل تتطلب أن تقوم الأخيرة بتقديم تنازلات إقليمية خطيرة، لكنها تبقى كتابة على الرمال فى ظل الظروف التى تمر بها المنطقة.
وتابعت «واشنطن تايمز» أن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتوقف على ثلاثة أمور، تتمثل فى القبول الفلسطينى بدولة يهودية، وبوجود زعيم فلسطينى قادر على التوقيع على ذلك، ووجود استقرار إقليمى يسمح لإسرائيل بتقديم تنازلات.
من جانبها ذكرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية أن اتفاقية سايكس بيكو تعود إلى الأضواء مرة أخرى، فى إشارة إلى استمرار تنظيم «داعش» بإعادة رسم حدود سوريا والعراق.
وشجعت الصحيفة فكرة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد بحيث تتناسب مع التجمعات العرقية والدينية، ولو تمت هذه الخطوة فإنها ستؤدى إلى تصحيح الخطأ التاريخى بشأن الحدود فى الشرق الأوسط بدلا من رسمها بالقوة.
من جهتها، ألقت صحيفة «الجارديان» البريطانية الضوء على أزمة المهاجرين الذين يتدفقون إلى أوروبا هربا من الاضطرابات التى تعصف ببلادهم.
واعتبرت الصحيفة أن من أهم الأسباب لحل أزمة المهاجرين وقف الوضع «المتفجر» فى منطقة الشرق الأوسط، مضيفا أن الغرب دمر البنية التحتية لليبيا إبان فترة الربيع العربى دون أن تكون لديه أدنى فكرة عما سيتسبب فيه ذلك فيما بعد. وأشارت «الجارديان» إلى أن ليبيا تحولت الآن إلى دولة فارغة يديرها زعماء الميليشيات، وباتت محور البحر المتوسط لتهريب المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.