الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الدب الروسى» يسعى لضرب «الكاوبوى الأمريكى» فى الشرق الأوسط

«الدب الروسى» يسعى لضرب «الكاوبوى الأمريكى»  فى الشرق الأوسط
«الدب الروسى» يسعى لضرب «الكاوبوى الأمريكى» فى الشرق الأوسط




ترجمة - أميرة يونس

أعد الباحثان « تسيفى ميجان» و«سارة بينبرج» المختصان فى الشأن العربى دراسة فى معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى تحت عنوان «هل نحن أمام مبادرة روسية لحل القضية الفلسطينية الإسرائيلية»؟
 يتحدثان فيها حول الزيارة التى قام بها محمود عباس الى موسكو هذا الأسبوع وحول أهميتها وتأثيرها على خلفية الجهود الروسية للتأثير على العملية السياسية حول حل النزاع الإسرائيلى الفلسطيني، وذلك فى إطار سياستها الجديدة فى منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذى من شأنه أن ينعكس أيضا فى قرارها الصادر فى 13 إبريل 2015 حول نيتها بتوفير أنظمة S - 300 لإيران.


أضافت الدراسة أن الرئيس الفلسطينى لديه نية بالتنسيق مع الجانب الروسى والحصول على دعم التوجه الفلسطينى المتجدد إلى مجلس الأمن، وتجديد الدور الذى رفض فى نهاية العام.
وأوضحت الدراسة أن روسيا تعمل بقوة على الساحة الفلسطينية فى الآونة الأخيرة، مستدلة بالخطاب الذى وجهه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى مؤتمر قمة جامعة الدول العربية الذى تم عقده بشرم الشيخ فى مارس، وكان خطابه قد تألف من رسائل مختلفة حول التحديات الراهنة فى الشرق الأوسط، وأكد تمسك روسيا بموقفها فيما يخص عدم تدخلها فى الأحداث الخارجية فى المنطقة.
وانتقدت الدراسة موقف بوتين المتناقض مع تصريحاته بأن الفلسطينيين يستحقون دولة مستقلة قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية، وقد أكد فى خطابه بشكل واضح أن روسيا تولى أهمية خاصة لهذه المسألة، وأنها تعتزم مواصلة جهودها لتحقيق هذا الهدف، سواء من خلال قنوات متعددة الأطراف، بما فى ذلك اللجنة الرباعية، أو من خلال القنوات الثنائية.
وأوضحت أن هذه هى المرة الأولى التى يشدد فيها متحدثون رسميون من روسيا ومن بينهم «بوتين»، على أهمية هذا الموضوع من ضمن كل الأزمات التى يشهدها الشرق الأوسط، مؤخرا، وكانت هناك شكوى روسية حول تنحى قضية الصراع الإسرائيلى الفلسطينى عن أولوية اهتمام جدول الأعمال الإقليمية والدولية، وكانت روسيا قد أكدت موقفها من خلال تصريحاتها أنه إن لم يتم إيجاد حل للقضية الفلسطينية فلن يتحقق الأمن والاستقرار فى المنطقة، ومن هذا المنطلق بعثت روسيا رسائل بهذا الشأن إلى «الرباعية»، فى الوقت الذى وجهت فيه انتقادات إلى الولايات المتحدة، واتهمت حكومة الولايات المتحدة بأنها المسئولة فى الوقت الحالى عن العمليات السلبية فى منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وبأنها تتجاهل روسيا فى رعاية القضية الاسرائيلية الفلسطينية.
وأعرب الكاتبان الإسرائيليان فى دراستهما عن استغرابهما من موقف روسيا، إذ إن الحرص الذى اختاره بوتين والتركيز على القضية الإسرائيلية الفلسطينية، فى ظل الأزمات الجارية فى الشرق الأوسط، يبدو محيرا بعض الشىء، إلا أنه يفسر شيئا مهما وهو رغبة روسيا بتقوية نفوذها وتعزيز مكانتها فى المنطقة فى ظل «المنافسة الجماعية»، وعرض نفسها كساعية فى مصالح العالم الإسلامى عموما، والعالم العربى على وجه الخصوص، وأن ذلك من شأنه أن يخدم هدفها الاستراتيجى، وهو تعزيز مكانتها فى المنطقة.
واعتبرت الدراسة أن محاولة روسيا التأثير على الساحة الفلسطينية الاسرائيلية يضاف الى تدخلها النشط فى اثنتين من الأزمات الكبرى فى الشرق الأوسط، أولاهما هى مشاركة روسيا فى الحرب الأهلية الدائرة فى سوريا من خلال دعمها لنظام بشار الأسد فى حربه ضد المعارضين، ناهيك عن جهود الوساطة بين الأطراف المتحاربة هناك، موضحة أن هذا يتماشى فيما يخص التهديد الذى يشكله انتشار الإسلام الراديكالى باتجاه الأراضى الروسية، ويأتى ذلك فى الوقت نفسه الذى تعتبر فيه روسيا نقطة ميزان حساسة فى مواجهة الضغوط التى تمارسها القوى الغربية على إيران بشأن القضية النووية.
وأضافت أن أهم مشكلتين تتصدران جدول أعمال العالم وهما القضية النووية الإيرانية والتدخل فى اليمن ومحاولة كبح جماح النفوذ الإيرانى، تمت مناقشتهما خلال زيارة وزير الدفاع الروسى «سيرجى شويجو» لطهران ولمناقشة توسيع التعاون الثنائى بينهما وبشكل كبير، وشملت المحادثات المشتريات الدفاعية، واستدلت بإزالة القيود المفروضة من قبل روسيا على توريد منظومة الصواريخ S - 300 إلى إيران.
واعتبرت الدراسة فى الوقت نفسه أن سعى روسيا لرفع مستوى علاقاتها مع الدول الأخرى فى الشرق الأوسط، تطور ذو أهمية كبيرة بهذا الشأن منذ زيارة بوتين الى مصر فى فبراير 2015، وكانت زيارة بوتين إلى الشرق الأوسط ستشمل زيارة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولكن تم تأجيل الزيارة بسبب اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، مشيرة إلى أنه حتى فى العهد السوفييتى حافظت روسيا على علاقات إيجابية وثيقة مع الحركة الوطنية الفلسطينية، وأن مسئولين فلسطينيين كانوا ضيوفا منتظمين فى موسكو، وأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كان يزور موسكو بانتظام مرة أو مرتين فى السنة، وتقدم روسيا المساعدات الإنسانية والعينية للسلطة الفلسطينية.
ولفتت الدراسة الانتباه إلى التقارير التى أفادت أن روسيا تدرس إمكانية توسيع إطار التعاون الاقتصادى مع السلطة، ومناقشة التنفيذ العملى لهذه الفكرة أثناء هذه الزيارة، وبالإضافة إلى ذلك تؤيد روسيا الفلسطينيين بالاستمرار على الساحة الدولية، بما فى ذلك التصويت فى الأمم المتحدة لصالح القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أنه حدث تطور نسبى فى العلاقات بين روسيا وإسرائيل بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وأنها اتخذت على عاتقها إيجاد التوازن بين إسرائيل والفلسطينيين فى السياسة الروسية الخارجية، جاء التعبير عن هذا التحسن على سبيل المثال فى الحياد الذى التزمته كل من روسيا وإسرائيل فيما يخص المعركة التى وقعت بين إسرائيل وحماس صيف 2014، وما يخص الأزمة الأوكرانية.
وتوقعت الدراسة الإسرائيلية أن تمتنع روسيا عن التفضيل البارز، لاسيما للجانب الفلسطيني، فى كل ما يتعلق بالخطوات نحو إيجاد حل للقضية الاسرائيلية الفلسطينية بهدف عدم زعزعة علاقاتها بإسرائيل، يستند هذا التقدير الى التصريحات التى أطلقتها موسكو مطلع عام 2015، والتى تعكس الافتراضات الأساسية للسياسة الروسية تجاه العملية السلمية، وهى كالآتى:
أولا، أنه على الرغم من أن الصراع الاسرائيلى الفلسطينى صاحب تأثير قوى على عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط، إلا أن دول المنطقة لا تعمل بنشاط من وجهة نظر روسيا، الأمر الذى يعود إلى مشاكلها الأخرى، الولايات المتحدة من جانبها لا تنجح فى التوصل الى حديث بناء مع الطرفين، الأمر الذى يدفعها إلى تفكيك عمل اللجنة الرباعية من خلال تفضيلها للمحادثات الثنائية مع اسرائيل من جهة والفلسطينيين من جهة أخرى، وحسب زعم روسيا فإن الحكومة الأمريكية تبقى بذلك سيطرتها على معالجة القضية، كما يشمل هذا المقترح الروسى توسيع خطوط الرباعية بانضمام الجامعة العربية، الامر الذى رفضته الرباعية، ومن هنا جاء الحافز الروسى لزيادة نشاطاته بهدف تجديد المفاوضات بين الطرفين كوسيلة لترميم الاستقرار فى الشرق الأوسط.
ثانيا وهو الأهم من وجهة نظر الدراسة الإسرائيلية وهو عدم رضا روسيا عن النهج الذى تتبعه الولايات المتحدة، والذى تعتبره أنه أحد أسباب عدم فاعليته تجاه حل الأزمة، والذى يترتب عليه ضرورة العمل على كل ما هو ضرورى لجميع قضايا الصراع الجوهرية فى المنطقة، والتى ترى موسكو أنه لن يتم حل مشكلات المنطقة، إلا بعد إيجاد حل الأزمة الفلسطينية.
ويأتى ضمن الافتراضات الأساسية ضم قضية «غزة» الى المفاوضات المقبلة بين فلسطين وإسرائيل، إذ إن روسيا لديها المقدرة على دفع الحوار الاسرائيلى الفلسطينى لأسباب عدة، من بينها علاقتها الجيدة مع الطرفين، فى الوقت الذى أصبحت علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة متجمدة، الأمر الذى من شأنه أن يعزز الدور الروسى، بعد أن أصبح من الصعب إحداث تقدم فى العملية السياسية بين الجانبين عبر وساطة الولايات المتحدة.
واختتمت الدراسة أنه على خلاف ما اعتادت روسيا عليه تجاه القضية الفلسطينية، هو اكتفاؤها بالمشاركة فى العملية السياسية من خلال الرباعية، فقد اتخذت على عاتقها موقف يضعها فى موازاة للموقف الأمريكى والدول الأوروبية، إلا أنها رجحت أن روسيا لا تستطيع المساعدة بشكل عملى فى إيجاد حل سلمى للقضية، مقارنة بالدور الأمريكى ودول أوروبا.
وأضافت أن روسيا حاولت فى الفترة الأخيرة القيام بدور فاعل فى المنطقة، وذلك فى إطار الجهود المبذولة لتقديم مصالحها الجغرافية - السياسية فى المنطقة، فى الوقت الذى رأت أنه فى استطاعتها أن تتقدم بالحوار بين اسرائيل والفلسطينيين، معتمدة فى ذلك على علاقاتها الجيدة مع الطرفين، فى الوقت الذى أصبحت العلاقات بين اسرائيل والحكومة الأمريكية فى حالة تجمد، الأمر الذى يدفع الجميع إلى عدم استثناء أى دور روسى فى تحريك العملية السلمية.