الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عائشة بصرى: أخلصت لتجربتى وولادة القصيدة تفرحنى

عائشة بصرى: أخلصت لتجربتى وولادة القصيدة تفرحنى
عائشة بصرى: أخلصت لتجربتى وولادة القصيدة تفرحنى




حوار- خالد بيومى
عائشة بصرى شاعرة وكاتبة مغربية تشغل منصب نائب رئيس الجمعية الدولية للنقد الأدبى فى فرنسا، وهى عضو بيت الشعر واتحاد الكتاب المغربي،صدر لها مؤخرا رواية  نشرت بالقاهرة بعنوان «ليالى الحرير» وهى تعتبر نفسها شاعرة فى المقام الأول وكتابة الرواية بالنسبة لها مجرد «قيلولة» أو استراحة محارب، فهى مخلصة لتجربتها الشعرية، ترجمت أشعارها إلى العديد من اللغات الأجنبية مثل الفرنسية والإيطالية والتركية وغيرها.. عن الشعر والأدب مصريا وعربيا كان حوارنا معها فإلى نصه:
■ صدر لك مؤخرا بالقاهرة رواية (ليالى الحرير) .. لماذا اخترت هذا العنوان؟
ــ (ليالى الحرير) هى الليلة الأولى لمشروع ثلاثية روائية أعكف على كتابتها، وسيكون لكل منها عنوان فرعي، وأعى أن القارئ سيبحث طويلا عن علاقة العنوان بأحداث الرواية دون جدوى، حيث أستحضر هنا عنوان الرواية الشهيرة «اسم الوردة» للروائى الإيطالى أمبيرتو إيكو والتى تصل بقارئ الرواية إلى الممتعة دون أن يجد أية علامة تحيله على عنوان «اسم الوردة».    
■  ما التجربة الإبداعية التى تطرحها الرواية؟  
ــ لنقل أنها رواية تجريبية أو رواية تحرى أو رواية الواقعية السحرية، ليس لى القدرة أو الحق فى التصنيف فهذا حق النقاد، ولا حق لى فى التأويل لأنه ليس من شأن الكاتب، لكننى وأنا أكتب روايتى كنت أتسلى بتضليل القارئ، وأسعى للتمويه بما أمكننى من حيل روائية، حتى وأنا أضع حواشى للرواية كمفاتيح مساعدة، كانت تلك المفاتيح - الحواشى - تفتح أبواب متاهات أخرى، وعملت عبر امتداد النص على اقتياد القارئ إلى متاهات جمالية لهذا قد تبدو روايتى متعبة لبعض القراء، وقد قصدت ذلك لأنه بغض النظر عن ثراء الموضوع الذى سأكتب عنه كان رهانى رهانا جماليا و تقنيا بالأساس، أى كيف سأكتب وليس فقط الموضوع الذى سأكتب عنه.
■ أنت شاعرة بالأساس .. لماذا التحول إلى كتابة الرواية ؟
ــ كتابة الرواية لم تكن بالنسبة لى تكتيكا أو موضة يتبعها الشعراء حاليا كما يروج، بل كانت الرواية بكل بساطة لحظة خاصة جدا لا علاقة لها بالجو الثقافى العام وليس تحريضا لجنس أدبى  ضد جنس آخر،  فى لحظة ما أحسست بحاجة لمساحة أكبر لأكتب شهادة صريحة عن الحياة أو بالأحرى لأوصل للقارئ خلاصة حياة، فكثيرا ما نختبئ نحن الشاعرات خلف قناع المجاز نكتفى بإيحاءات الشعر دون أن نجرؤ على عرى الكلام، أو ربما - كما قيل - حين يرفضنا الواقع أو يصبح من الصعب أن نتكيف معه نبحث عن انتماء ما فى الرواية، وكأننا نخلق شخصيات ونجعل منها أباء وأخوالا وأعماما وإخوة وأحبة وكذلك أعداء، أو نبنى فضاءات نسكنها من شوارع وأحياء ومدن نفترضها، لكننى أولا وأخير أظل شاعرة- إن سمح لى النقاد بذلك - وأنتصر للشعر، وربما تكون ليالى الحرير مجرد قيلولة شاعرة.
■ ترجمت قصائدك إلى العديد من اللغات .. كيف تنظرين إلى قصائدك وهى تسافر إلى لغات أخرى؟
ـــ الترجمة فى رأيى ليست مشروعا شخصيا يخص الشاعر وحده بل هى انتقال نص بكل حمولاته اللغوية والإنسانية إلى  لغة أخرى تستقبل النص فى كليته، وبما أن المبدع لا يكتب من فراغ فقد نهل من سابقيه ومعاصريه من كتاب لغته، ترجمة الشعر قنطرة بين ثقافتين وهى ضرورية رغم خياناتها الجميلة،  حسب تجربتى لا أظن أن شعرى فى سفره من العربية إلى اللغات الأخرى فقد الكثير، خصوصا إلى اللغة الإسبانية  والفرنسية- إذ تابعت الترجمة خطوة بخطوة مع المترجمين- بل أعيدت كتابة القصيدة بحس آخر كما حدث فى الكتابين المترجمين إلى الفرنسية فقد استطاع الشاعر عبد اللطيف اللعبى بحس الشاعر أن ينقل الأفكار والإحساس الشعرى بجمالية أشكره عليها، فالشعر ذو الفكرة والصورة القوية لا يفقد الكثير من حمولاته.  
■ أين تجدين نفسك أكثر فى الشعر أم الرواية؟
ـــ أنا شاعرة بالدرجة الأولى، أتنفس شعرا، أستمتع بحبك المجاز وتفرحنى ولادة قصيدة، القصيدة تخفف توتراتى اليومية، تحمل عنى هم الذات، تتدفق فى لحظة وجيزة، القصيدة صفاء وصدق، وهو  ما لا ينطبق على الرواية، فكلما كان الروائى متقنا للكذب حتى الإقناع كان موفقا.
أما كتابة الرواية جهد وعناء، روايتى (ليالى الحرير) استنزفتنى معنويا وجسديا، ضغط  الشخصيات التى كانت كلها ميتة جعل كتابة روايتى التى دامت أكثر من سنتين أشبه بالعيش مع جثة، لكن كتابة رواية لا تخلو من متعة حين تكتمل ويقرأها قراء ويناقشونك عن الشخصيات والأماكن والأحداث كما لو كانت موجودة حقا، بل يفاجئونك بتأويلات لم تكن فى الحسبان أثناء الكتابة، إحساس الروائى بأنه أقنع القارئ هى متعته الحقيقية.
■  كيف تتأملين ثورات الربيع العربى بعيون المبدعة وتأثيرها على حركة الإبداع فى المستقبل؟
ــ ككل المثقفين العرب تحمست فى أول الأمر لهذه الثورات العربية التى أدت إلى حراك سياسى عربى وأعطت الشعوب العربية ثقة فى المستقبل، لكننى أجدنى الآن أكثر حذرا إن لم أقل أكثر خوفا من هذه الثورات لما عرفته البلدان العربية التى حدثت فيها ثورات حقيقية من انحراف عن أهداف ثوراتها، بل فسحت المجال لتحقيق أجندات أجنبية.
شخصيا لا أحبذ أن نستبدل ديكتاتورية سياسية بأخرى دينية وهذا ما عرفته جل البلدان العربية، لا ديمقراطية مع التطرف كيفما كان حتى ولو جاءت عن طريق صناديق الاقتراع، لا حوار ديمقراطى مع من يعتبرنى امرأة عورة يجب أن تستر وتركن داخل البيت، الحقيقة المرة هى أن ثوراتنا العربية سرقت وأجهضت، بطبيعة الحال هذه الثورات أثرت وستؤثر فى الحركة الإبداعية إما سلبا أو إيجابا، وبما أن المبدع هو زارع الأمل عليه الآن مسؤولية أثقل من السابق، عليه أن يزوق الواقع ما أمكن حتى لا تصاب الأمة العربية باكتآب أبدى.