الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لا وجه للمقارنة بين مذبحة قضاة 69 وعزل قلة منحرفة الآن

لا وجه للمقارنة بين مذبحة قضاة 69 وعزل قلة منحرفة الآن
لا وجه للمقارنة بين مذبحة قضاة 69 وعزل قلة منحرفة الآن




حوار ـ أيمن غازى
أكد المستشار مقبل شاكر رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق فى الجزء الأول من حواره لـ«روزاليوسف» إن أول هجمة كانت موجهة بشكل ممنهج ضد المؤسسة القضائية بدأت بالإعلان الدستورى المكمل الذى منح الرئيس المعزول كل الصلاحيات «صلاحية السلطة التنفيذية والتشريعية.. والقضائية» وصولاً إلى حصار المحكمة الدستورية العليا.. وعزل النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود

مقبل شاكر قال أيضًا: إن الفئة الضالة والمنحرفة من بعض القضاة الذين أهانوا القضاء من خلال استخدام منصة ميدان التحرير كانوا يبحثون عن مناصب وهدم المعبد على من فيه.
كما أشار شاكر إلى أن الشعار الذى تم ترويجه بشأن ما يسمى استقلال القضاء كان شعارًا «متناهى الكذب. متناهى التضليل».. والقضاء المصرى طوال تاريخه مستقل.. وأن حرب الشائعات التى تدور ضده الآن بشأن التعليق على أحكامه هى استمرار لنفس النهج من نفس الفئة الضالة التى أساءت لمصر.. وللمؤسسة القضائية.
وشدد شاكر على أن التفسيرات السياسية بشأن اختيار المسشار عدلى منصور رئيسًا مؤقتًا للبلاد جاءت كرد اعتبار لما تعرض له القضاء من تجريح وهو أمر وارد ولكنه فى الأساس اختيار دستورى وقانونى.
تفاصيل أكثر فى سياق الحوار التالى
■ ماذا جرى فى المؤسسة القضائية خلال أربع سنوات منذ اندلاع ثورة يناير فى العام 2011؟
-  دعنى أولاً أن أشدد هنا على أمر مهم وهو أن المؤسسة القضائية هى صمام الأمان لأى وطن متحضر.. والمؤسسة القضائية المصرية حافظت على الدولة.. وكانت ومازالت صمام الأمان فى تحقيق الحق والعدل.. ولا نزاع فأن المؤسسة القضائية هى خلية حية فى المجتمع.. ويصيبها ما يصيب هذا المجتمع ولكن بشكل أقل نتيجة صلابة عود القضاة.. خاصة أنهم يبدأون حياة مهنية قاسية أيضًا أقول هنا: إن أى قاض حقيقى يشعر بالانتماء إلى القضاء.. وهذا تراه منعكسًا على المواطن من خلال حالة التقدير التى يقابل بها رجل المنصة.. وهناك مثال، عندما كنت وكيلاً للنائب العام بمركز الفشن التابع لمحافظة بنى سويف كانت الناس ترى فى ممثل النيابة العامة الهيبة والاحترام.. نفس الأمر فى أسيوط.. عندما تحدث مشاكل عائلية بالأسلحة النارية.. لم يكن أحد يستطيع التدخل.. ولكن عندما يصل ممثل النيابة العامة تتوقف أى اشتباكات.. احترامًا للنيابة والقضاء.. أيضًا إذا كانت هناك شكوى من رجل بسيط يذهب بها للنيابة العامة كان يقول كلمة شهيرة «النيابة حرة يا بيه» ومنذ العام 2011 صدرت ضد المؤسسات القضائية تجاوزات تمثلت بشكل واضح أمام الجميع فى الإعلان الدستورى الذى أقره الرئيس المعزول محمد مرسى.. سلب من خلاله كل اختصاصات القضاء كاملة.. وأحال هذه الاختصاصات إلى رئيس الدولة وقتها ليصبح بذلك هو السلطة القضائية، والتشريعية، والتنفيذية.. ولا يجوز الطعن عليها أمام القضاء.. ولا أى حكم يصدر ينفذ فى هذا السياق.. أيضًا عزل النائب العام كان قرارًا معدومًا صدر ممن لا يملك لمن لا يستحق.
■ بوضوح.. الخامس والعشرين من يناير.. كيف تراها فى ظل تشابك الأحداث والروايات «ثورة».. أم.. فعل ثورى لم يكتمل؟
- شوف.. حتى أيام الخامس والسادس والسابع والعشرين من يناير من العام 2011 كان هناك شباب شرفاء لديهم مطالب طرحوها وانصرفوا.. ثم استولى الإخوان المسلمون بمساعدة حماس وغيرهم من القناصة على مصر.. وأصبح هذا المفهوم الآن بمثابة «علم عام» مؤكدًا بأحكام قضائية.
■ ماذا تعنى بكلمة أصبحت الآن علمًا عامًا؟
- يعنى أن هذه الأمور والمعلومات لم يكن يدركها كثيرون.. والآن أصبح الجميع يعلم ماذا حدث فى يناير ومن قتل المتظاهرين.
■ أين وقفت المؤسسة القضائية من أحداث يناير؟
- القضاء لا علاقة له بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد، والقاضى الذى يشتغل بالسياسة يفقد صفته القضائية.. وانطلاقًا من هذا.. القضاء كمؤسسة لا علاقة أو صلة له بما جرى فى أحداث يناير من العام 2011 سواء من قريب أو من بعيد.
■ لكن المؤسسة القضائية كانت مرمى لنيران إعلامية.. وبعض الشخصيات القضائية.. التى نزلت إلى ساحة ميدان التحرير وطالبت بسرعة المحاكمات.. وغيرها من الشعارات التى رفعت وقتها؟
- اذا كنت تقصد بعض الشخصيات القضائية بعينها فأقول لك هنا: إن هذه الشخصيات تمت احالتها إلى المجالس التأديبية.. وبعضها يحاكم.. والبعض الآخر سجن لتورطه فى قضايا معينة.. وقبل كل هذا.. نحن أول من حذر من هذه «القلة» التى كنا نرى أنهم ينتمون لتيار جماعة الإخوان المسلمين.. ويعملون بالسياسة.. وغير محايدين أيضًا هؤلاء القلة المنحرفة روجت لأفكار غير سليمة.. ثبت فيما بعد للجميع عدم صحتها.. منها ما سمىّ «استقلال القضاء».. والذى يناقش مثل هذا الشعار بمنطقه يقول الآتى: إذا كان القضاء غير مستقل فهذا معناه أن القضاء محتل.. والحقيقة.. أن القضاء على مدار تاريخه مستقل.. لم يتدخل أحد فى أعماله.. يؤدى عمله بما يرضى المولى عز وجل.. يطبق صحيح القانون.. وهناك درجات للتقاضى والمراقبة حتى محكمة النقض تتابع وتراقب الأحكام الصادرة عن المحاكم الأخرى.
أيضًا أقول لك.. إن شعار ما يسمى تيار الاستقلال كان شعارًا «متناهى الكذب».. ومتناهى التضليل ومن كان يروج لهذا الشعار كان يمارس العمل السياسى فى الخفاء.. والآن كل شىء اتضح وظهروا فى مسجد عمر مكرم.. ميدان التحرير.. وكانوا يرشحون أنفسهم لبعض المناصب.. واستغلوا ميدان التحرير فى الهتاف ضد شخصيات قضائية موجودة فى مناصبها بحكم القانون حتى تتم الاطاحة بهذه الشخصيات ويتولون هم «هذه المناصب القضائية التى تأتى بحكم الأقدمية والقانون».
وفى النهاية اكتشف كيف كانوا يعملون ضد القضاء وضد الدولة.
■ لكن المواطن المصرى عقب ثورة يناير.. كان يشاهد بعض القضاة الذين كانوا يعتلون منصة ميدان التحرير.. ويهتفون بشعارات معينة.. أليس هؤلاء القضاة يمثلون أيضًا جزءًا من المؤسسة القضائية؟
- هذا الأمر لم يضر أو يؤثر فى المؤسسة القضائية.. بل العكس هو الصحيح نزولهم لميدان التحرير.. ورابعة العدوية. وعمر مكرم.. أضرهم «هم» لأن المؤسسة القضائية أقوى من هؤلاء القلة المنحرفة المضللة.. وأى مجتمع يكون به قلة منحرفة ومضللة.
■ هل من الممكن أن نرى استخدام شعارات بعينها داخل المؤسسة القضائية خلال الفترة القادمة؟
- غير وارد.. لأن الأمور انتهت واتضحت.. لأن القضاء مثل الثوب الأبيض الناصع.
■ كيف تنظر لمحاولات المقارنة بين ما حدث فى العام 1969 ضد القضاة فيما عرف إعلاميًا باسم «مذبحة القضاة».. وبين مجموعة «قضاة من أجل مصر» الإخوانية التي تمت إحالة جميع أعضائها إلى الصلاحية؟
- لا وجه للمقاربة.. أو المقارنة.. لأن مذبحة 1969 كانت وقيعة بين الرئيس عبدالناصر وبعض الأجهزة الأمنية وقتها ولا يمكن المقارنة هنا بين الأبيض والأسود.
■ أحتاج شرحًا أكثر من جانبكم؟
- يعنى مذبحة 69 وصمة غير جيدة لمن قام بها وشرف لمن تمت ضدهم.. ولكن الذين أحيلوا للصلاحية من جميع الجهات القضائية نتيجة مواقفهم السياسية وتوقيعهم على بيانات وصمة عار على جبينهم «هم» ووصمة عار على ما فعلوه ضد مصر.. والقضاء بصفة عامة.
■ إذن.. لماذا لا تقوم المؤسسة القضائية من خلال المجلس الأعلى.. بالرد على أكاذيب المجموعة التى أحيلت إلى الصلاحية ثم التقاعد وأن إحالتهم «للمعاش» جاء نتيجة عمل ضد الدولة.. وضد القضاء نفسه؟
- الواضح بشكل قانونى وعملى.. إنه إذا كانت هناك حالة انحراف من جانب مجموعة من القضاة أو أحد القضاة يتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده من خلال الاحالة إلى مجالس التأديب والصلاحية.. ويتطهر القضاء منه فى صمت والمؤسسة القضائية تسير بهذا المنهج بشكل دائم قبل قانون السلطة  القضائية وبعد قانون السلطة القضائية.. والمؤسسة القضائية حريصة على أن تظهر نفسها أولًا بأول والقضاء عليه ألا يرد ولا يدخل فى مثل هذه المسائل من الناحية الإعلامية.
■ البعض فسر اختيار المستشار عدلى منصور رئيسًا انتقاليًا لمصر عقب ثورة الثلاثين من يونيو بأن هذا رد اعتبار من الدولة للقضاء المصرى الذى تعرض لحالات هجوم وتجريح خلال الثلاث سنوات المتتالية عقب ثورة يناير كان أهمها حصار الدستورية العليا نفسها.. وعزل النائب العام فى العام 2012؟
- المستشار عدلى منصور كقاضٍ جليل جاء على اساس دستورى وقانونى وهو أنه رئيس للمحكمة الدستورية العليا.. وفى حالة خلو منصب الرئيس يحل مكانه.
■ لكننى أعنى هنا الناحية السياسية؟
- هذه تفسيرات واجتهادات شخصية.. والمسائل هنا من الممكن أن تحتمل مثل هذا التفسير وبشكل عام من المؤكد أن اختيار رئيس الجمهورية من المؤسسة القضائية يكون فيه نوع من التقدير للقضاء المصرى.
■ الفترة الحرجة التى تمر الدولة  بها حرب شائعات.. ومنها على سبيل المثال ما يتم تدويره إعلاميًا بأشكال متنوعة أن القضاء يتلقى تعليمات بشأن قضايا بعينها.. كيف ترى مثل هذه الشائعات من واقع خبرتك القضائية التى تصل إلى نصف قرن؟
- ما يصدر من شائعات أو مثل هذه الأقاويل.. لا يصدر إلا من فئة مضللة.. تمارس عملًا سياسيًا.. الهدف من هذه الحرب الإعلامية على المؤسسة القضائية أن الفئة التى كانت تريد أن تهدم المعبد على من فيه «فشلت» وأذكرك فقط بالقرار الذى كان يستهدف الإطاحة بنحو 3550 قاضيًا خلال الفترة من 2012 إلى الفترة 2013.. التى خرجت فيها جموع الشعب المصرى لرفض هذا الحكم البغيض إضافة إلى الوقفة العظيمة لنادى قضاة مصر تجاه ما يحدث ضد القضاء.. ولولا هذا لتم تصفية المؤسسة القضائية.
■ شهادة للتاريخ.. كيف كانت علاقة الرؤساء الثلاثة لمصر: ناصر.. السادات.. مبارك.. مع المؤسسة القضائية؟
- مع كامل تقديرى للرئيس جمال عبدالناصر ودوره الوطنى والتاريخى والعربى.. إلا أن نظامه وقتها كان ضد استقلال القضاء وبدأء بالأعتداء على المستشار عبدالرازق السنهورى رئيس مجلس الدولة.. وانتهى بمذبحة القضاء التى تم عزل نحو 136 قاضيًا وقتها من أفضل قضاة مصر.. وعلى رأسهم المستشار عادل يونس الذى جاء فيما بعد رئيسًا لمحكمة النقض ووزيرًا للعدل والمستشاران أنور أبو سحلى، ومحمد عبدالسلام اللذان كانا نائبا عاماً ورئيسان لمحكمة استئاف القاهرة والمستشار ممتاز نصار الذى كان رئيسًا لنادى القضاة.. ومقبل شاكر الذى يتحدث إليك.. ثم عاد هؤلاء جميعًا إلى القضاء.. وتم اختيار وزراء العدل من بينهم.. ورؤساء مجالس للقضاء الأعلى مثل المستشار مدحت المراغى.. والمستشار فتحى نجيب الذى عين فيما بعد رئيسًا للمحكمة الدستورية العليا.
أما الرئيس السادات، والرئيس الأسبق حسنى مبارك كان كل واحد منهما يحترم القضاء ويقدره إلى أكثر درجة يمكن أن يتخيلها إنسان.