الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أى مواطن يجب أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعى حتى لو كان «إرهابياً»

أى مواطن يجب أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعى حتى لو كان «إرهابياً»
أى مواطن يجب أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعى حتى لو كان «إرهابياً»




قال المستشار مقبل شاكر رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق وأحد شيوخ القضاة المصريين فى الجزء الثانى الذى اختص به روزاليوسف: إن تقارير التحريات لا ترقى لمرتبة الدليل اليقينى  طبقا لأحكام محكمة النقض خاصة إذا لم تجد ما يساندها من  أوراق أى  قضية.. وإذا وجد ما يساندها يؤخذ بها .
وأشار شاكر إلى أن هناك معركة  وهمية ظهرت بين القضاة والدولة كان وراءها مغرضون بشأن تطبيق الحد الأقصى للأجور عليهم لأنهم لا يتقاضون رواتب تصل إلى  مثل هذا الحد.
واكد شاكر ان  القضاء لا صلة له بالتهريج السياسى أو الإعلامى  فى تصديه لإصدار  الأحكام.. لأن القضاء يؤدى رسالته وفقا للحق والعدل.
وأوضح شاكر أن عملية استبعاد اللواء عمر سليمان من سباق الرئاسة فى 2012 غير مفهومة .. والاستفهام الأكبر حول كيفية اختيار «سجين رئيسا للدولة».
تفاصيل اكثر فى سياق الحوار التالى:


■ كنت قد تحدثت معكم فى الجزء الأول من الحوار  حول  علاقة الرؤساء الثلاثة الذين حكموا مصر بعد ثورة يوليو 1952.. بأمانة شديدة هل تدخل أحد منهم فى أعمال القضاء المصرى؟
- شهادة للتاريخ .. رغم خلافنا الشديد مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حول استقلال القضاء إلا أنه لم يكن يتدخل فى الأحكام.. وحتى بعض القضايا التى تم تلفيقها لعدد من المواطنين فى عهده وصدرت أحكام نهائية ببراءتهم.. امتثل لها فى النهاية رغم محاولاته التأثير بأى شكل من الأشكال  حتى بعد المذبحة الشهيرة.. أما الرئيس أنور السادات لم يكن يتدخل لا من قريب أو  من  بعيد فى أى حكم من الاحكام الصادرة بشأن القضاء.. نفس الأمر بالنسبة للرئيس الأسبق حسنى مبارك .
■ ولكن كيف تصف  فترة الرئيس عبدالناصر بأنها كانت ضد استقلال القضاء .. وتصفه هو شخصيا  بأنه لم يتدخل فى احكام القضاء.
- الرئيس عبد الناصر قام بعزل القضاة الذين يصدرون الأحكام .. ولكنه لم يكن أو يستطيع التدخل فى الأحكام أو صدورها .. لأن القضاء المصرى كما ذكرت لك.. مستقل.. مستقل.
■ هل هذا إنصاف لرجل تعتبرونه ظلم القضاة فى عهده؟
- طبعا .. وضمير القاضى وحيدته يحتم علينا ذلك رغم خلافنا الشديد معه.
■ دعنى أتوقف قليلا بشأن الرئيس الأسبق حسنى مبارك وما كان يثار فى عهده بأنه هو أو بعض المقربين منه كان يتدخل بشكل ما فى اعمال القضاء؟
- أنا قلت لك.. هذه شهادة للتاريخ .. الرئيس الأسبق حسنى مبارك لم يتدخل اطلاقًا فى أى عمل من أعمال القضاء.. بل الرجل كان يقدر القضاء والقضاة  لأقصى درجة ممكن أن تتخيلها .. بل اضيف لك هنا .. لم يكن أى من القريبين منه سواء فى دائرة صنع القرار  أو فى  مكتبه بمؤسسة الرئاسة يتدخل سواء من قريب او من بعيد فى احكام القضاء.. وأنا شاهدت ذلك بنفسى على مدار ثمانى سنوات كنت فيها عضوا ورئيسا لمجلس القضاء الأعلى .. قمة الهرم القضائى فى مصر .. بل أقول لك ان الرسائل التى كانت تأتى دائما من مؤسسة الرئاسة وقت  حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك «لا شأن لنا بالقضاء أو أحكامه».. وأذكر لك واقعة فى هذا السياق .. كان أن جرى اتصال تليفونى  بين مسئول كبير فى مؤسسة القضاء .. ومسئول كبير فى مؤسسة الرئاسة حول بعض الأمور.. وكانت المكالمة التليفونية أمامى.. والكلام كان واضحا «لا شأن لنا بالشأن القضائى».
■ برؤية  قاض استمر على المنصة 50 عاما..  كيف تفسر لى  حالة  الشك التى ارتابت بعض المواطنين تجاه «القضاء» .. بشأن  الأحكام التى صدرت بحق رموز النظام السابق بعد يناير 2011.. خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار حالة الارتباك السياسى  التى تبعت ذلك  من حيث نشر  تقارير التحريات حول ثرواتهم واخرى حول فسادهم السياسى؟
- القضاء لا صلة له بهذا التهريج السياسى أو الإعلامى  فى تصديه لإصدار  الأحكام.. لأن القضاء يؤدى رسالته وفقا للحق والعدل.. وهما من أسماء المولى عز وجل.. والقضاء يطبق القانون فحسب.. خاصة قانون الإجراءات الجنائية طبقا للمعايير الدولية  المتعارف عليها وهذا القانون هو قانون الضمانات.
وأقول لك هنا: انه بعد يناير 2011.. قدم اشخاص للمحاكمة بتهم متنوعة وفقا لتقارير  باتهامات .. القضاء نظر الأوراق.. والمستندات وحقق بما يرضى المولى عز وجل  على مدار أكثر من عامين.. وتم سؤال كل الشهود وسمعت مرافعة النيابة العامة.. والدفاع.. والشهود.. وكل ما يخص القضايا المتداولة.. وفى النهاية رأيى أن هذه الاتهامات باطلة.. وصدرت أحكام البراءة وفقا لصحيح القانون.. وهو ما يعنى هنا أن القضاء لا يتأثر لا بالشائعات أو الاتجاه السياسى الموجود فى الدولة.
■ ولكن كانت هناك تقارير تحريات حول ثروات وفساد للذمم وغيرها من الأمور المتشابكة التى أدت فى النهاية إلى إحالة جميع أوراقهم للمحاكم؟
- بالمناسبة هنا تقارير التحريات لا ترقى لمرتبة الدليل اليقينى  طبقا لاحكام محكمة النقض خاصة إذا لم تجد ما يساندها من  أوراق  فى القضية.. وإذا وجدت ما يساندها فى اوراق القضية من أدلة يؤخذ بها .
■ ما القضايا الخاصة برموز  نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك وجدت فيها  رؤية خاصة بك بعيدًا عن الأحكام الصادرة عن القضاء؟
- قضية الفريق أحمد شفيق بشأن أرض الطيارين والقضية الأخرى المتعلقة بالمال العام ..  هذه القضايا نظرت فى غيبته.. وأخذ حكما بالبراءة فى غيبته.. وحققت القضية فى غيبته كاملة.. وهذا معناه أن القضاء مستقلا لا يتدخل أحد فى أعماله.
■ هل تطلع على الأحكام بعد صدورها بشأن من تورطوا فى أى قضايا بعد الخامس والعشرين من يناير وحتى الآن؟
- بالطبع .. كل الأحكام التى تصدر أعيد قراءتها .
- وما رأيك فيها؟
- كلها عنوان للحقيقة.. وأقول لك هنا انا لا أجارى إعلاما ولا سياسيين محترفين فى هذا السياق .. لأن القاضى .. اى قاض .. يدرس الأوراق ويصدر الحكم بناء على ما إرتأه داخل هذه الأوراق .
■ ولكن كانت هناك دعوات بشأن ضرورة إحالة بعض رموز نظام مبارك والإخوان من بعدهم إلى المحاكم العسكرية؟
- شوف أى متهم بغض النظر عن لونه السياسى لابد ان يحاكم أمام قاضيه الطبيعى.. والقاضى الطبيعى لابد أن يطبق الضمانات الموجودة فى قانون الإجراءات الجنائية.. والمتهم المدان يدان والبرىء..  يبرأ.. وإذا كان هناك اختصاص للقضاء  العسكرى فى مثل هذه القضايا يحال الامر الى القضاء العسكرى.. والقضاء لا يحكم بناء على رأى سياسى مضلل.. أو رأى إعلامى ساذج .
■ حتى لو كان المتهم ارهابيا؟
- طبعا حتى لو كان المتهم إرهابيا لا بد أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعى.. وتوفر له كل ضمانات الدفاع وفقا للقانون والدستور .. رغم أن الفترة الحالية التى نعيشها «صعبة».. إضافة إلى أن الرأى العام سواء الداخلى او الخارجى لا يطمئن الا إلى القضاء الطبيعى .. والإحالة للقضاء العسكرى تكون وفقا للقانون لأنه قضاء  «قمة وقيمة»  ومحل احترام للجميع .
■ هل هذا الأمر ينطبق على ما يتم مع رموز الإخوان ؟
- لا يوجد حكم والا ويصيب كبد الحقيقة.. وذلك وفقا لما هو موجود فى أوراق القضايا.
■ هل يمكن ان نطلق على الأربع سنوات الماضية بأنها «سنوات اللعب السياسى»؟
- طبعا .. بل أضيف لك انها أسوأ أربع سنوات مرت على تاريخ مصر .. من حيث التهريج السياسى والتهريج الإعلامى  للأسف الشديد .. وهذا التأثير أضر بالرأى العام  فعليا .
■ لماذا لم يفتح القضاء المصرى تحقيقا موسعا بشأن ما أثير  إعلاميا  حول وفاة اللواء عمر  سليمان نائب رئيس الجمهورية الأسبق وما نسب منذ أيام قليلة مضت  لكبير الاطباء الشرعيين الأسبق.. بان هناك شكوكا حول وفاته بشكل غير طبيعى؟
- القضاء لم يتلق  شكوى من ذويه  بهذا الشأن أو حتى بلاغ.. وعموما الرجل كان خلوقًا ووطنيا  لأقصى درجة .. وعلامة الاستفهام من  جانبى أنا هنا ..  كيف لرجل  كان نائبا لرئيس الجمهورية.. ورئيسا لجهاز المخابرات العامة المصرى أن يتم استبعاده على عدد قليل جدًا من التوكيلات  من سباق الرئاسة فى العام 2012 .. ثم فجاة يأتى سجينا رئيسا للدولة؟
■ بخبرتك كقاض .. كيف تفسر ما قاله المستشار عبد المعز إبراهيم عضو اللجنة الرئاسية فى انتخابات 2012 بأنه لم يوقع على  نتيجة الانتخابات لوجود مخالفات بها.. إضافة إلى شكوك قانونية وقضائية هنا أو هناك؟
- من حق الشعب  ان يعرف كل الحقائق.. وأنا هنا ليس لدى معلومات حول  ما دار فى هذه الانتخابات.. ولكن أعتقد انه لا يوجد قاض  فى قيمة المستشار عبدالمعز إبراهيم أن يتحدث دون دليل.
■ هل القضاة من الممكن أن يغضوا الطرف عن امور بسيطة من أجل مصلحة الدولة العليا؟
- لا تعليق.
■ هناك انتخابات قريبة فى نادى قضاة مصر .. هل ستذهب للإدلاء بصوتك؟
- بالطبع.
■ أين سيذهب صوتك .. للمستشار أحمد الزند أم المستشار محمود الشريف باعتبارهما  أقوى المرشحين؟
- ضاحكا... لن أقول  لك.
■ كيف تنظر  لانتخابات نادى قضاة مصر؟
- أنا أثق فى قضاة مصر بأنهم سوف يختارون  الأصلح.. واثق أنهم سيذكرون تاريخ كل شخص.. وأرجو ألا يصل المرشحان القويان إلى مرحلة المواجهة المباشرة فى هذه المرحلة .. وارجو ان يتخلى احدهما للاخر!
■ إذا طلب منك التدخل بين أطراف المنافسة  للوصول لاتفاق على مرشح واحد حتى لا تحدث المواجهة التى قد تبدو عنيفة؟
- سوف أتدخل  للحفاظ على وحدة القضاة؟
■ ما تقييمك لموقف نادى قضاة مصر برئاسة المستشار أحمد الزند فى الفترة الحرجة التى تولى فيها  الإخوان الحكم؟
- موقف النادى كان مشرفا لنا جميعا .. وقف بشكل صلب ضد محاولات النيل من  استقلال القضاء.. ومناهضا للتخريب الذى تم ضد الدستورية العليا.. ومحاربا عزل النائب العام  بقرار معدوم من الناحية الدستورية والقانونية .. والنادى أدى واجبه فى الحفاظ على القضاء .
■ هل هناك فساد فى القضاء  يتم بناءً عليه إحالة من تورطوا «للتأديب  والصلاحية»  ثم العزل؟
- لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.. ولا نزاع أن هناك عناصر تتسرب.. وتزال فورا
■ تقريبا؟
- حوالى عشرة قضاة سنويا من أصل  نحو 14 ألف قاض.
■ ماذا يحتاج القضاء؟
- مزيد من الدعم فى طريق استقلاله من خلال الدعم المادى والضمانات الاجتماعية المريحة له.
■ هل تم جرجرة القضاة الى معركة الحد الأقصى للأجور؟
- قضية الحد الأقصى للاجور بالنسبة للقضاة قضية وهمية .. لأنه لا يوجد قاض يصل إلى الحد الأقصى المنصوص عليه.. والذين روجوا بأن القضاة لا يريدون تطبيق الحد الأقصى للأجور عليهم «مغرضين» .. وافة أى شىء الغرض .
■ كيف ترى الفترة المقبلة بعد انتخاب رئيس ممن يطلق عليه فعليا «رجل دولة»؟
- سوف تسير الأمور بشكل افضل وتقدم إن شاء المولى عز وجل .. وأرجو من الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يختار المعاونين الاكفاء وممن لديهم رأى وخبرة وقدرة على اتخاذ القرار وأيديهم ليست مرتعشة خوفا لما قد يحدث لهم على وزن ما حدث لمن سبقوهم  واتهموا ظلما والقضاء منحهم البراءة.. لأن مصر ولادة وبها كفاءات  ونختار من هذه الكفاءات ممن لديهم رأى ورؤية.