الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحكومة فى «ورطة» بسبب تلوث مياه الشرب

الحكومة فى «ورطة» بسبب تلوث مياه الشرب
الحكومة فى «ورطة» بسبب تلوث مياه الشرب




تحقيق: محمود جودة – كريم حسب الله – أحمد عبدالهادى


وضعت الحكومة الحالية نفسها فى ورطة كبيرة بسبب إجراءاتها فى توفير مياه نظيفة وآدمية للمصريين خاصة الوزارات المعنية بالأمر وهى: الرى والصحة والبيئة والإسكان والمحليات، خاصة بعد حادث تسمم 670 شخصًا ووفاة مواطن فى مركز الإبراهيمية محافظة الشرقية، فوزارة الصحة أصدرت تقريرًا مبدئيًا قبل يوم واحد يفيد بتلوث المياه فى الإبراهيمية، وهو ما كان سببًا فى حالات التسمم التى تعرض لها المواطنون قبل أسبوع، وذلك بناء على عينات تم الحصول عليها من المياه بالمحطات الأهلية والحكومية وجراكن المياه التى تباع للأهالى، بينما تؤكد وزارة الإسكان أن محطتى المياه الحكومية كانتا مغلقتين رسميا قبل أخذ تلك العينات منهما، والواقع الذى تؤكده شركة المياه بالشرقية والأهالى أن تلك التصريحات عارية من الصحة لأن المحطتين كانتا فى الخدمة وأن المياه انقطعت بالكامل عن أهالى القريتين منذ غلق المحطتين قبل 6 أيام.
وكان التقرير المبدئى للجنة التى شكلها وزير الصحة من قطاعى الطب والوقائى والعلاجى والمعامل المركزية بالوزارة وأساتذة الجهاز الهضمى بعدد من الجامعات قد توصل إلى أنه تم الحصول على عينات من منطقة  حالات التفشى الوبائى للنزلات المعوية بمدينة الإبراهيمية وقرية الحلوات يوم 24 إبريل، عبارة عن 7 عينات من محطات أهلية و6 عينات من جراكن مياه و13 عينة من محطتين حكوميتين هما: بئر الأرياف وبئر السدس، وأثبتت عدم مطابقتها للخواص الطبيعية من ناحية العد البكتيرى والبكتريا القولونية وكيميائيا لزيادة كمية العكارة عن الحدود المقررة، وميكروب الستربتوفيكالس وباسيل القولون النموذجى، وكذلك وجود عنصر الرصاص فى أحد الجراكن، وبيولوجيا لوجود البرتوزوا الحية وزيادة الأمونيا والأملاح الذائبة والصوديوم العسر الكلى وعسر الكالسيوم والمنجنيز.
من جانبه أكد د.حسام عبدالغفار المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة أن الإدارة العامة لصحة البيئة بوزارة الصحة تتابع مياه الشرب من خلال أخذ عدد 2 عينة من طرد كل محطة مياه شهرياً و 2 عينة أسبوعياً على الأقل من شبكات المياه بنطاق كل مكتب صحة أو وحدة صحية بالمحافظة كحد أدنى لعدد العينات المأخوذة من الشبكات مع مراعاة تعداد السكان بنطاق مكتب الصحة أو الوحدة الصحية وأخذ عينة شهرياً من طرد كل محطة مياه مرشحة للفحص للمعادن الثقيلة وعينة كل 3 شهور من طرد كل محطة مياه مرشحة للفحص ويتم تحليلها بالمعامل المركزية بوزارة الصحة وفروعها بالمحافظات طبقاً لمعايير مياه الشرب الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 458/ 2007.
وتمر الإدارة العامة لصحة البيئة على محطات مياه الشرب بمختلف محافظات الجمهورية ورصد أوجه القصور الموجودة بها ونسب العينات غير المطابقة ومخاطبة الجهات المعنية) بنسب عدم المطابقة للعينات بإدارات المحافظة التى تزيد نسبة عدم المطابقة للفحص البكتريولوجى بها عن النسبة المسموح بها (5%) لتلافى أوجه القصور الموجودة، ويتم أخذ 310 آلاف عينة فى عام ٢٠١٤  من طرود وشبكات محطات المياه المرشحة  والجوفية.
وعقب م. ممدوح رسلان رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى أن وزارة الصحة أخطأت عندما حصلت على عينات من المحطتين الحكوميتين لأنهما خارج الخدمة منذ فترة لوجود أعطال بهما، كما أنهما غير مسئولتين عن تغذية مدينة الابراهيمية والقرى المحيطة بها، وأن المحطة اليابانية هى المسئولة عن التغذية.
وبالنسبة لمحطات المياه الأهلية «ملك الأهالى»، فالشركة ليس لها أى دور فى الرقابة عليها، كما أن وزير الإسكان أعد قائمة بالمحطات غير المطابقة للمواصفات القياسية، وأرسلها للمحافظين لاتخاذ إجراءات إغلاقها، ولكن لم يتم تنفيذه، وهو ما تسبب فى إصابة المئات من أهالى الإبراهيمية التى كانت محطتها بين تلك المحطات المقرر إغلاقها.
وقال رسلان: إن نحو 40%، من إجمالى شبكات مياه الشرب فى المحافظات انتهت فترة صلاحيتها، وتحتاج إلى إحلال وتجديد، مشيرا إلى أن الشركة ستطلب، توفير 1.5 مليار جنيه اعتمادات لتجديد وإحلال شبكات المياه فى جميع المحافظات.
وتابع: لدينا مشكلة كبيرة ونحاول حلها، وهى التخلص من مياه الصرف الصحى بمحافظات الدلتا فى مياه النيل، وهو ما يتسبب فى الكثير من الكوارث الصحية، ونحو 88% من قرى مصر ليس بها خدمة الصرف الصحى، لذا عقدت وزارة الإسكان اتفاقًا مع البنك الدولى للحصول على قرض مليار دولار لإنشاء محطات للصرف بالدلتا لنحو 155 قرية.
مصدر بشركة مياه الشرب بالشرقية «طلب عدم ذكر اسمه، أكد أن المحطتين كانتا تعملان حتى «حدوث الكارثة»، ومسئولتين عن تغذية مدينة الإبراهيمية والحلوات وعدد من القرى، متسائلاً: «إذا كانتا غير مسئولتين عن إمداد المدينة بالمياه، وأن مياه الشرب انقطعت بالقرية منذ وقوع الحادث.
وعن أثر هذا التلوث على صحة الإنسان أكد د.محمد عزالعرب رئيس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومى للكبد والأمراض المتوطنة المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء بأن من الواجبات الرئيسية لوزارة الصحة هى المحافظة على الإصحاح الأساسى للبيئة والتى تشمل مراقبة سلامة المياه وعدم تلوث مصادرها، عن طريق المراقبين الصحيين الذين يأخذون عينات المياه من جميع مصادرها والمنشآت العامة ومياه الحنفيات ومصادرها الرئيسية من فحص كيميائى وبكتريولوجى وأملاح عسر كلى، وتوجد مواصفات قياسية لسلامة مياه الشرب وهى حق أساسى من حقوق الإنسان.
لذلك يجب التمسك بإجراءات سلامة المياه فى كافة مراحلها من الترسيب وإضافة الكلور فى الماء وخلافه، وهذا يتعلق بوزارة الرى، وهذا من خلال تعاون مع الصحة للتأكد من سلامة الإجراءات.
وقال إن ما حدث فى الشرقية من تسمم لـ 670 حالة هو مسئولية مشتركة بين وزارات الصحة والرى والبيئة والمحليات، ويجب على منظمات المجتمع المدنى للمشاركة مع الجهود الحكومية لتوفير أية نواقص وتوعية المواطنين بخصوص استخدام المياه وعدم تلوث مياه النيل أو إلقاء الحيوانات النافقة فيها فى جميع التجمعات، إضافة إلى ضرورة التخلص من الصرف الصناعى والزراعى والصحى العشوائى فى مياه النيل.
لافتا إلى أن الأمراض المتوطنة تنتج عن التلوث الشديد فى البيئة ومنها الأمراض المعدية والتسمم الغذائى بسبب وجود ميكروبات منها السالمونيلا والإستاف والستربتوفيكالس والإيكولاى «البكتيريا القولونية»، والفيروسات الكبدية «أ ، هـ » والتى تنتقل عن طريق الطعام والشراب، والتيفود واتشجيلا، والكوليرا التى كانت موجوده فى مصر منذ عشرات السنين وتحدث كوباء وليست مرضًا متوطنًا، والمعادن الثقيلة ومنها الرصاص والمنجنيز والكالسيوم والنيكل والكادميوم والزيبق والتى تترسب فى الكبد أو الطحال والقلب وغيرها وتؤدى لمضاعفات خطيرة منها الفشل الكلوى والكبدى.
وقال د. نادر نورالدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة إن معالجة مياه الصرف الصناعى والصحى ينتج عنها أسمدة عضوية ومياه نقيه تصلح للاستخدام لأن المعالجة تقتل الميكروبات وتتخلص من المواد العالقة والصلبة الموجودة فى الصرف الصحى وبذلك نكون منعنا التلوث عن نهر النيل وحافظنا على صحة المواطنين من الأمراض وضمنا سلامة الغذاء.
أما الصرف الزارعى فينتج عنه 15 مليار متر مكعب من المياه ويمكن معالجة 10مليارات متر مكعب منها بطريقة أسهل من الصرف الصحى، ولكن يستثنى من ذلك مصرفا بحر البقر فى الشرقية وبحر حدوس اللذان يغذيان ترعة السلام، لافتًا إلى أن الأهم هو توقف التلوث وتحويل المواد الضارة إلى نافعة، وبالنسبة للآبار الارتوازية التى يستخدمها بعض الأهالى فى المناطق الريفية فبدأت المشكلة منذ 10 سنوات حيث قامت المحليات بإلغاء الطرنشات الموجودة فى المنازل التى ليس بها صرف صحى، وقامت بالسماح للأهالى بعمل صرف عميق داخل المنزل بعمق يصل من 15 إلى 20 مترًا ليصرف عليه مياه المجارى ليصل للمياه الجوفية على الرغم من علمهم باستخدام الفلاح لمياه الآبار فى الشرب عن طريقة الطلمبات الحبشية، ويتسبب فى الإصابة بالنزلات المعوية والكوليرا والإسهال.