الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مجهول يشترى «فرحة النوبة» للفنانة تحية حليم

مجهول يشترى «فرحة النوبة» للفنانة تحية حليم
مجهول يشترى «فرحة النوبة» للفنانة تحية حليم




كتبت – ابتهال مخلوف
أن يباع عمل فنى لأحد رواد الفن التشكيلى المصريين فى مزاد بالخارج، أمر يثير الغيرة الوطنية، خاصة إذا كانت لوحة ارتبطت بفترة مهمة من تاريخ مصر ارتبطت فى الوجدان الشعبى بالإنجاز والفرح، فقد عرضت دار «كريستي» فى مزاد لفنون الشرق الأوسط المعاصرة أقامته بإمارة دبى مؤخرًا لوحة «فرحة النوبة» للبيع وهى من أشهر لوحات الفنانة الرائدة تحية حليم (1919 - 2003) وقد أبدعتها الفنانة عام 1965 لتمثل فرحة النوبة بالرئيس جمال عبد الناصر وبناء السد العالي، اللوحة كبيرة نسبيًا مقاسها متر وثلاثين سنتيمترًا فى مترين ونصف تقريبًا، نفذتها الفنانة بالألوان الزيتية على قماش.  
كما ضم مزاد «كريستي» للفن العربى والإيرانى والتركى الحديث والمعاصر لوحات لعدد من الفنانين المصريين على رأسها بورتريه لنيفين مظلوم ابنة أخت الفنان محمود سعيد وحققت 200 ألف دولار فقط، علاوة على أعمال لآدم حنين ومحمود عفت وسيف وانلى وأنجى أفلاطون وحسن بيكار ومحمد صبرى وعمر النجدى.
وقد حصدت أعمال الفنانين المصريين بالمزاد 2.8 مليون دولار أمريكى، تلتها فى المرتبة الثانية أعمال الفنانين الإيرانيين ثم الفنانين اللبنانيين.
وقد وصفت دار كريستى لوحة «فرحة النوبة» بأنها من أهم ما قدمته تحية حليم فى مرحلة الفلكلورية التعبيرية ومرحلة النوبة، إذ طورت أسلوبًا انطباعيًا تميزت به أعمالها مزجته بالفن المصرى القديم وبالفلكلور المصرى.
وحققت اللوحة أعلى سعر خلال المزاد حيث بيعت لمجهول عبر الهاتف مقابل 749 ألف دولار  وتعبر عن فرحة أهل النوبة ببناء السد العالى الذى غير وجه الاقتصاد المصري.
وتحية حليم هى فنانة تشكيلية مصرية متميزة، ولدت عام 1919 لأب كان يعمل ضابطا فى الجيش المصري، وقد مر فنها بعدة مراحل كان أبرزها مراحل التكوين والفلكلورية التعبيرية والنوبة.
تتسم اللوحة بتكوينها البسيط، لكنها غنية بالألوان خاصة مع استخدام الفنانة رقائق الذهب لتضفى إحساسا بالبيئة الطينية الثرية فى أسوان وثراء تاريخها ونقاء سكانها وترمز لسنابل قمح مصر وخيرها، وزاد من تأثيرها مساحة البياض الكبيرة المتمثلة فى أردية أهل النوبة، وعمدت إلى استلهام التصاوير الموجودة على جدران المعابد الفرعونية فى رسم الفلاح النوبي.
وتشبه ملامح الشخصية الرئيسية فى اللوحة الزعيم جمال عبد الناصر يمد يده بسنابل القمح لأهل النوبة، وتعد هذه اللوحة من أهم ما يميز مرحلة النوبة فى حياة تحية حليم الفنية التى امتدت من 1962 ـ 1972 وبدأتها بزيارة النوبة مع بعثة الفنانين التشكيليين التى نظمتها وزارة الثقافة، فاستلهمت فى لوحاتها عناصر الفن المصرى القديم الممثل فى حوائط المعابد الفرعونية  والفن القبطي، وأثمرت هذه المرحلة أعمال خالدة أشهرها «قرية نوبية» (1962)، «سيمفونية النوبة» (1962) و«الكركديه» (1963)، «مركب فى النوبة» (1962)، «البخور فى النوبة» و «الخبز من الصخر» (1965)، «فتاة من النوبة»، وقد بلغت القمة فى مرحلتها النوبية فى لوحة «طقوس الزواج فى النوبة «1963 ولوحة « أفراح السد العالي» 1965 ولوحة «هذه الأرض أرضنا» 1969.
ورسمت الفنانة اللوحة فى عام 1965 مع فترة رئاسة جمال عبد الناصر الثانية وبناء السد العالي، ويحمل العمل المرسوم أبعادًا سياسية واجتماعية وتركز على الروح الإيجابية التى هيمنت على مصر ، بعد أن تفاعلت مع النوبيين قبل تهجيرهم.
والطريف أن المزاد ضم أيضا لوحة تؤرخ لنفس موضوع لوحة  تحية حليم وهى بعنوان « الشكل الميكانيكى بالسد العالي» التى رسمها الفنان السكندرى عفت ناجى فى نفس الزمن لكن من منظور يعبر عن مواجهة أهل النوبة  للوحش الصناعى  المتمثل فى السد، وحققت 44 ألف دولار.
ويعتقد أن «فرحة النوبة» كان قد اشتراها رجل الصناعة السويدى لينارت وزوجته إليزا من الفنانة مباشرة خلال زيارتهما لمصر منتصف الستينيات من القرن الماضى ليعلقها فى قاعة الاجتماعات الرئيسية بمجلس إدارة اتحاد رجال الأعمال السويديين باستكهولم. وذكرت دار كريستى أن برات ارسل فى فترة لاحقة رسالة لتحية حليم يعبر فيها عن سعادته باقتناء اللوحة مرفقة بصور لها تزين القاعة.
ويبقى السؤال لماذا لم تحاول وزارة الثقافة شراء اللوحة أو اللوحات الأخرى وحفظ كنوز فنانى مصر للأجيال المقبلة؟ خاصة أن سعرها ليس بالأمر المعضل، إذ لا يتعدى ستة ملايين جنيه بسعر الدولار فى السوق السوداء، بدلًا من إهدار الملايين على مهرجانات لا طائل منها.