السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مستقبل مصر فى متاحفها

بعد سنوات من التأخر بسبب الأحداث التى شهدتها البلاد عقب ثورة يناير 2011، تستعد مصر الفترة المقبلة لابهار العالم مرة أخرى بعدد من مشاريع الآثار القوية وخاصة المتاحف، وذلك نتيجة للدعم الكبير الذى اولته القيادة السياسية والدولة لملف الآثار، ودعم عدد من المتاحف الجديدة التى كانت متوقفة بعضها كليا والآخر جزئياً، خاصة فى الـ4 سنوات الأخيرة، وذلك ضمن توجهات الدولة بإهتمام غير مسبوق بالآثار. وبالتوازى مع هذا أجرينا فى روز اليوسف حوارين مع كل من مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف فى وزارة السياحة والآثار، والهام صلاح مستشار وزير السياحة والآثار لشئون المتاحف الجديدة، حيث كشفا لنا موقف المتاحف الحالية والجديدة وكثير من الأمور المتعلقة بهذا الملف المهم والذى يفتح آفاقا واعدة لمصر فى المستقبل ويزيد من فاعلية قوتها الناعمة محليا وعالمياً.. إلى الحوارين.



رئيس قطاع المتاحف: متحف التحرير مكدس والكبير والحضارة مكملان لبعضهما

كشف مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار أنه ومنذ توليه منصبه قبل حوالى 3 شهور،قام بعدد من الجولات فى المتاحف خاصة الإقليمية،وبدأت بالدلتا ثم الصعيد والقاهرة والإسكندرية،وذلك للتعرف على أبرز وأهم مشكلات المتاحف، واعتقد انها قريبة من بعضها.

وتابع: بعض هذه المشاكل يتركز فى ضعف الإمكانيات والآخر دعم بشرى وتزويد مهارات الناس الموجودين بها،وبعض المتاحف مشكلتها فى العملية التنظيمية وتوجيه الأشخاص المسؤولين عنها ببعض التعليمات والتواصل المباشر بين القيادات الوسطى والعليا كى يتصرف بشكل مباشر وسريع،ولمست وجود مشكلة بين القيادات الوسطى والعليا والتواصل فيما بينهم لعرض المشكلات لحلها. ولا بد أن يكون فى كل متحف مجموعة خدمات مثل كافيتريا للزوار ،وبعض المتاحف بها كافيرتيات بالفعل لكن لا تعمل ونسعى لتشغيلها عبر لجنة تسمى لجنة التفاوض من الوزارة لحين طرح مشروع التشغيل قانونيا،ونعمل حاليا على وجود شركة ذات خبرة تتولى إدارة الخدمات فى المتاحف،وهذا سيوفر كثيرا من الخطوات والعقبات على الوزارة،وفى نفس الوقت ستكون هناك مراقبة وإشراف من الوزارة،للتأكد أن الخدمات للزوار بكل المستويات مقدمة بشكل جيد. وقال أن مصر تستحق منظومة متحفية افضل واقوى، والقاهرة متخمة بالمتاحف،وأتمنى أن يكون فى كل محافظة متحفان أو ثلاثة،وان يصل عدد المتاحف فى مصر مثل أمريكا التى تضم ٦ آلاف متحف والصين ٤٥٠٠ متحف،ويمكن تنويع المتاحف خاصة أننا لدينا التراث الممتلئ بمختلف أنواع الآثار والفنون. وردا على ما يقال عن نقل الآثار من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف الكبير بأنه تفريغ لمتحف الآثار من كنوزه،قال:فى عام 1912 كان ماسبيرو مديراً لمصلحة الآثار،وحينها تلقى شكاوى من السائحين أن المتحف المصرى بالتحرير مزدحم والآثار مكدسة فى أروقته مما يعيق الاستماع بالمتحف والقطع الأثرية،هذا رغم أنه حينها لم تكن مجموعة توت قد نقلت للمتحف. ولنا أن نتصور حجم الزيادة التى حدثت فى عدد القطع بعد ذلك وطوال السنوات الماضية، والمتحف بالفعل به حالة تكدس رهيبة للقطع الأثرية، ولا يمكن لأى زائر أن يرى الـ 90 الف قطعة التى كانت معروضة فيه، وهذا التكدس جعل مسار زيارة المتحف مقتصرا على بعض القطع والمجموعات،لانه مستحيل أن يتمكن الزائر أو السائح من رؤية كل القطع ولا توجد قدرة بشرية أو ذهنية يمكنها ذلك وبجانب مما سبق فإنه من الخطأ جمع كل الكنوز والقطع النادرة فى مكان واحد،والمتحف المصرى بالتحرير كانت فيه كل الكنوز الأثرية مثل المومياوات الملكية وتوت عنخ آمون ويويا وثويا وتانيس واذهب ومجموعة اخناتون والبرديات المهمة وغيرها من الكنوز،وهذا خطأ خاصة إذا لا قدر الله حدث شيء فى المتحف. وقال: لذلك نقل بعض الآثار من المتحف المصرى بالتحرير للمتاحف الأخرى سيحل هذا التكدس، كما سيتيح إعادة توزيع هذه الكنوز سواء داخل المتحف أو فى المتاحف الأخرى التى ستنقل إليها،وذلك طبقاً لسيناريو عرض جديد ومنها مجموعة توت عنخ آمون،وانا سعيد جدا لإعادة عرضها فى قاعة خاصةً تليق بها وأسلوب عرض ورؤية على مساحة كبيرة فى المتحف المصرى الكبير وعما يثار أن المتحفين الكبير والحضارة سيكون بينهما تنافس قد لا يكون فى صالحهما،قال مؤمن عثمان: بالعكس فإنهما سيكملان بعضهما البعض،فالمتحف المصرى الكبير هو الأكبر فى العالم للمصريات أو لحضارة واحدة فى مكان واحد،وهو الأكبر من حيث المساحة وعدد القطع المعروضة،فى حين متحف الحضارة سيكمل الفترة التاريخية غير الموجودة فى المتحف الكبير،خاصة من اليونانى الرومانى حتى العصر الحديث،وسيرصد الحضارة كل النشاط البشرى الذى أنتج الحضارة والآثار المصرية عبر العصور المختلفة. ونقل المومياوات الملكية إلى متحف الحضارة سيكون عنصر تسويق مهم كى يجذب الزوار للمتحف،فى حين المسلة المعلقة فى المتحف المصرى الكبير فكرة رائعة وتحية لمن فكر فيها وتنفيذها حاليا تقوم به الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهى نقطة جذب مهمة جدا فى المتحف وقال إن متحف الغردقة سيتم افتتاحه خلال أسابيع،وهو مشروع تم بالشراكة مع القطاع الخاص، ومجموعة القطع التى ستعرض فيه غاية فى الجمال وطريقة عرض مبهرة ويمثل إضافة قوية للمتاحف المصرية،كذلك متحف شرم الشيخ الذى يتضمن مفاجآت فى العرض المتحفي،منها أنه لأول مرة يتم عمل محاكاة للحمام الرومانى حيث تم بناء نموذج له بالحجم الطبيعي،وقد وضعنا فيه آثار وقطع وتماثيل تؤكد دوره،كما أن المتحف يلقى الضوء على طريق الحرير وقصته كذلك التراث البدوى وسيناء. وعن المتحف الاسلامى قال:هو متحف رائع وعلى مستوى عالي، لكن إيراداته لا تتناسب مع ذلك بسبب مشاكل المنطقة المحيطة به ووجود مديرية أمن القاهرة أمامه، والإيرادات قليلة مقارنة مثلا بمتحف مركب خوفو الثانية فى الهرم والذى تتجاوز إيراداته شهريا الاسلامى ب ٥ مرات،بسبب سهولة الوصول له عكس الإسلامى حيث يعد الوصول اليه صعب بسبب المنطقة المحيطة به،وأتمنى نقل مديرية أمن القاهرة من أمام المتحف خاصة أن ذلك مع إزالة الأسواق وتطوير المنطقة المحيطة سيسهل الوصول للمتحف وربطه بمنطقة الأزهر وباب زويلة وغيرهما.

مستشار الوزير: المتاحف تطورت كثيرًا مؤخرًا.. وشرم الشيخ والغردقة «حاجة تفرح»

إلهام صلاح مستشار وزير السياحة والآثار لشئون المتاحف الجديدة بدأت حوارها معنا بأن المتاحف التى يقال أنها مهملة كانت لها خطط موضوعة للاستكمال والانتهاء منها، لكن ما حدث فى مصر بعد يناير 2011 وما ألقاه من تبعات تراجع السياحة التى تعتمد عليها الأثار فى دخلها. وهذا ادى لتوقف مشاريع كثيرة وحاولنا وضع خطة استراتيجية والدولة ساعدت بأموال كثيرة جدا بالمليارات، وتم وضع خطة زمنية للمشروعات التى لا تحتاج انتظار، وهناك عوامل أخرى مثل غلاء اسعار الخامات والشركات المنفذة وغيرها. وعبرت عن سعادتها بأن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى يتابع بنفسه ما يحدث فى قطاع الآثار والمتاحف، وقالت»ربنا يقويه لأن الحمل تقيل ويحتاج تكاتفنا جميعا»، ويكفى أنه يتابع بنفسه ما يتم فى مشروعات الآثار وافتتح بنفسه 3 متاحف، كما أن الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار يبذل مجهودا جبارا، ويكفى أنه فى عهده وحتى الآن أن افتتاح 14 متحفاً، وإهتمام بالآثار حالياً غير مسبوق، وقد ساعدت الدولة وزارة السياحة والأثار فى كثير من المشاريع. وتابعت: حاليا أعداد المصريين الذين يزورون المتاحف فى زيادة، لأننا تمكنا أن نقدم للمجتمع فكرة مختلفة عن المتحف، بأنشطة وأشياء كثيرة ربطت المصريين بالمتاحف، والتى لم تعد مجرد اماكن لعرض الآثار فقط، وأسعار التذاكر عندما تقرر زيادتها زاد معها الدخل قليلا، وهذه الأسعار الجديدة لم تقلل عدد الزوار، خاصة أنها ليست زيادات كبيرة بل فى متناول الجميع، وكثير من المتاحف طبقا لتوجهات الوزارة تتعاون مع المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية ووزارة الصناعة والمشروعات الصغيرة فى مشروعات لفئات مثل السيدات المعيلات، وكل هذا ربط الناس بالمتاحف وغير لهم ثقافتهم حول المتحف ومفهومه. وعن المشروعات الجارى العمل فيها، قالت أن متحف شرم الشيخ تم تحديد القصة الخاصة به، وهو عبارة عن قاعتين مساحتهما 1700 متر مربع، ومخطط له افتتاحه نهاية العام الحالي، ويروى فكرة الحضارات التى مرت على ارض مصر، ودور طريق الحرير فى ذلك، وربط هذا كله بالحضارة الإسلامية، وقد اخترنا القطع الخاصة بالعرض فى المتحف، لكن عددها قد يكون قابلا للزيادة، خاصة أن السياحة تشهد انتعاشاً كبيراً فى شرم الشيخ والغردقة. وتابعت:وزير السياحة والآثار أعطانا تعليمات بأن يكون متحف الغردقة وشرم الشيخ»حاجة حلوة وتفرح» ويراعى طبيعة الزائر «وأنه جاى يتفسح»، خاصة أن المصرى القديم عندما صنع منتجا معبرا عن الحضارة المصرية، كان حريصا على أن يكون الجمال واضحاً فى كل شيء حتى وان تعلق بالحياة فى العالم الأخر، وهو ما يدور حوله سيناريو عرض متحف الغردقة، والذى يعد أول علامة مميزة فيما يتعلق بتعاون القطاع الحكومى ورجال الأعمال، حيث لم يحدث من قبل أن تم إنشاء متحف بالتعاون مع القطاع الخاص. وكشفت أن المساحة الكلية لمتحف الغردقة 11 ألف متر مربع، منها 2800 متر هى مساحة العرض المتحفى للقطع الأثرية والتى كانت 1900 قطعة أثرية زادت إلى 2000 من مختلف العصور التاريخية، وقد تم اختيارها من قبل قطاع المتاحف وتم عرضها على اللجان ووافقت عليها، وقصة العرض المتحفى تم عرضها على لجنة سيناريوهات المتاحف ووافقت عليها. وعن بداية إنشاء المتحف، قالت: أحد رجال الأعمال عرض على محافظ البحر الأحمر فكرة إنشاء متحف، وذهبنا ورأيت المكان ووجدته جيد جدا رغم أنه لم يكن منشأ ليكون متحفا، لكن والحمد لله وجدناه يصلح تماما بتكوينه المعمارى ليكون متحفا للآثار، وبه مكان جراج وهذا مهم جدا ومكان لتذاكر الجمهور ولاند سكيب ومكان خدمات للزوار، ولم نتحمل أى تكاليف خاصةً أن التعاقد مع رجل الأعمال بمقتضاه سيتحمل الصيانة وهذا جيد لأن الصيانة مشكلة لنا، كما أن شركة النظافة ستكون مسئولية رجل الأعمال أيضاً، مما يضمن لى ان يكون المكان نظيفا دائما، وادارة المكان بالكامل ستكون للآثار، ورجل الأعمال يدير فقط الخدمات، وسيكون متحفا يليق بمصر وتاريخها. وعن الخدمات فى المتحف، قالت إن الدور الأرضى كله خدمى للزوار ومكاتب للأمن، ومسرح رومانى للأنشطة للجمهور، كما أننا راعينا وجود أسانسير لذوى القدرات الخاصة ليتمكنوا من زيارة المتحف، وهناك قاعة المالتمى ميديا وقاعة للمحاضرات يمكن تأجيرها بمقابل مادي، مما سيخلق حركة دائمة فى المتحف ويزيد من دخله المادى.. ومتحف كفر الشيخ تم إختيار القطع الخاصة به، وسيناريو عرضه راعينا فيه موقعه، حيث إنه ملاصق للجامعة والفكرة الأساسية لموضوعاته تربطه بنوعية الكليات الموجودة فى الجامعة، ومنها مثلا الطب عبر العصور والذى يهتم بها طالب الطب، وهكذا فى باقى المجموعات، وهناك قطع ستعرض تؤكد أن المصرى القديم عرف صناعة الأعضاء. وكشفت أنها أثناء توليها قطاع المتاحف فى السابق حرصت على إعداد قيادات كثيرة لتولى المتاحف، وقالت: أعطيتهم الثقة فى إدارة متاحفهم ونجحوا فى ذلك، وهذا توجه اتخذته الدولة فى اعداد القيادات والدورات التدريبية التى تؤهلهم لذلك، ومديرو المتاحف باتوا يتنافسون فى تجويد الأنشطة التى يقدمونها لجذب الزوار، وباتت بينهم غيرة محمودة لصالح العمل، ومتحف جاير أندرسون مثلا كان فى منتهى الإهمال، ومنذ فترة تولته ميرفت عزت المديرة الحالية، والتى أحدثت فيه تغييرا كبيرا للأفضل، بناء على توجهات الوزارة فى جذب الزوار للمتاحف والاهتمام بها، وبات جاير أندرسون له نشاط ملحوظ جاذب للزوار. وقالت إن المتاحف تطورت كثيرا فى السنوات الأخيرة، ولم تعد فقط لتوصيل الثقافة والعلم بل لتأكيد هويتنا، والمتاحف يمكنها أن تكون كيانات إستثمارية سواء فى المال أو العقول، والمتحف والمدرسة والجامعة يجب أن يكونوا يدا واحدة كى نطور العقل ليخرج منتج قابل للإضافة للشخصية المصرية لتصبح فعالة ومنتجة، والمتحف أصبح مؤسسة تعليمية فى المجالات المختلفة، وحاليا هناك معامل فى بعض المتاحف تدرس الكيمياء والفيزياء.