السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمين عام «الكوميسا» لـ«روزاليوسف»: مصر تستضيف القمة المقبلة فى عام 2020.. وتشارك فى تنفيذ مشروع «صوت 50 مليون امرأة إفريقية»

تمخض حلم ورؤية الآباء المؤسسين العظام لمنظمة الوحدة الإفريقية عن تشكيل المجموعات الاقتصادية الإقليمية فى إفريقيا بما فى ذلك السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقى (الكوميسا) وغيرها. ويُمكن إيجاز استراتيجية الكوميسا فى عبارة «تحقيق الازدهار الاقتصادى من خلال التكامل الإقليمى». وفى أواخر عام 2019، احتفلت الكوميسا بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها. وتستضيف مصر مؤتمر قمة الكوميسا المُقبل لرؤساء الدول والحكومات فى عام 2020. وقد بدأ تحقيق هذا الحلم بإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية بمدينة أديس أبابا بإثيوبيا فى عام 1963. وانصب تركيز المنظمة بشكل رئيسى على تعزيز الوحدة والتضامن والحد من جميع أشكال الاستعمار فى إفريقيا، إلا أنها لم تغفل أيضًا المسائل المتعلقة بالتكامل الإفريقى.



وعقب ذلك، حل الاتحاد الإفريقى الذى تم إطلاقه بصورة رسمية فى عام 2002، فى مدينة ديربان بدولة جنوب إفريقيا محل منظمة الوحدة الإفريقية. وقام الاتحاد الإفريقى البناء على عمل منظمة الوحدة الإفريقية وتكملة المسيرة، وتتمثل رؤيته فى «قارة إفريقية تنعم بالتكامل وتُحظى بالازدهار والسلام، ويتولى مواطنوها زمام أمرها وتُشكل قوة ديناميكية فى المحفل العالمى». وفى مايو 1963، بلغ عدد الدول المنضمة إلى عضوية منظمة الوحدة الإفريقية 32 دولة إفريقية مستقلة، فى حين تضم عضوية الاتحاد الإفريقى حاليًا عدد 55 دولة عضو.

وتعود نشأة الكوميسا إلى منتصف الستينيات، فقد حظيت فكرة التعاون والتكامل الاقتصادى الإقليمى بدعم كبير خلال فترة ما بعد الاستقلال فى معظم إفريقيا. وارتبط المناخ السائد المتسم بالتفاؤل برؤية عموم القارة الإفريقية المتمثلة فى الوحدة، والحرية،والتحكم بزمام الأمور فيما يتعلق بمصيرها.

وأثمرت جهود منظمة الوحدة الإفريقية عن «خطة عمل لاجوس لتنمية إفريقيا (1980-2000)» وعن «المعاهدة المُنشئة للمجموعة الاقتصادية الإفريقية» المعروفة باسم «معاهدة أبوجا» فى عام 1991. واقترحت الوثيقتان القيام بإنشاء وتعزيز المجموعات الاقتصادية الإقليمية. وتمثل الهدف من ذلك فى إنشاء المجموعة الاقتصادية الإفريقية وتوفير الأساس لتحقيق التكامل الإفريقى على نطاق أوسع، وكذلك السعى إلى التكامل على المستوى الإقليمى ومن ثم على المستوى القارى فى نهاية المطاف.

وتباعًا،تأسست منطقة التجارة التفضيلية للشرق والجنوب الإفريقى منذ عام 1981،ثم تأسست الكوميسا فى ديسمبر 1994 لتَخلُف منطقة التجارة التفضيلية. وتتخذ الأمانة العامة للكوميسا من العاصمة الزامبية لوساكا فى الجنوب الإفريقى مقرًا لها. ويتجاوز عدد سكان الدول الأعضاء بالكوميسا حاليًا560 مليون نسمة، وهو ما يقرب من نصف سكان إفريقيا،مما يجعل الكوميسا أكبر مجموعة اقتصادية إقليمية تتيح فرص الاستفادة من أكبر سوق للتجارة والاستثمار فى إفريقيا.

وتُعد الكوميسا إحدى المجموعات الاقتصادية الإقليمية الثمانية المُعترف بها من قبل الاتحاد الإفريقي. وتشمل المجموعات الاقتصادية الإقليمية أيضًا كلا من اتحاد المغرب العربي، وتجمع دول الساحل والصحراء (س. ص.)، وجماعة الشرق الإفريقى (الإياك)، والجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (الإيكاس)،والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس)، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (الإيجاد)، والجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقى (السادك). وتتكامل المجموعات الاقتصادية الإقليمية بشكل وثيق مع عمل الاتحاد الإفريقى عاملين على بناء التكتلات للاتحاد الإفريقى ومنطقة التجارة الحرة الإفريقية القارية التى دخلت اتفاقيتها حيز التنفيذ فى عام 2019.

وتضم الكوميسا إحدى وعشرين (21) دولة عضو، وهي: بوروندى، وجزر القمر، وجيبوتى، والكونغو الديمقراطية، ومصر، وإريتريا، وإثيوبيا، وإسواتينى، وكينيا، وليبيا، ومدغشقر، وملاوى، وموريشيوس، ورواندا، وسيشيل، والسودان، والصومال، وتونس، وأوغندا، وزامبيا، وزيمبابوى. وقد انضمت مصر إلى عضوية الكوميسا فى عام 1998.

وتم تعيين أول أمين عام امرأة للكوميسا فى عام 2018، وهى السيدة/تشيليشى كابويبوى من زامبيا. وقد أجرت منى سويلم مقابلة مع السيدة/ كابويبى حول الجهود التى تبذلها الكوميسا نحو ترسيخ التكامل الإفريقى وتوسيع مجالات التعاون، وكذلك حول الدور الذى تقوم به مصر ومشاركتها فى برامج الكوميسا. وفيما يلى نص الحوار:

 

■ لقد تم اختياركم أمين عام الكوميسا فى عام 2018، وعقب عملية تنافسية، وكنتم أول امرأة تشغل هذا المنصب. كيف تعمل الكوميسا على تمكين المرأة؟ 

تتمتع الكوميسا بتوفير الأطر القانونية والسياسية، والهياكل، والبرامج، والمشروعات اللازمة لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. وتوفر كل من المعاهدة المُنشئة للكوميسا وسياسة مسائل النوع وغيرها من الأطر أوجه الإرشاد فيما يتعلق بمختلف التدابير التى يتم اتباعها لمعالجة حالات عدم المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة عبر القطاعات. وتسلك الكوميسا منهجية مزدوجة المسار، وهي: تعميم منظور مراعاة مسائل النوع والمبادرات المستقلة لغرض دعم المرأة. وتنص المعاهدة على أنه لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة دون المشاركة الكاملة والفعالة للمرأة فى خطة التنمية الإقليمية.

■  يُعد مشروع «صوت 50 مليون امرأة إفريقية» هو ثمرة الشراكة بين المجموعات الاقتصادية الثلاثة: الكوميسا،والإياك والإيكواس. ويركز المشروع على تمكين النساء فى إفريقيا ومساعدتهن على ممارسة الأعمال التجارية وتوجيه وإلهام بعضهن البعض. ما هو مدى نجاحكم فى توفير المحطة الواحدة الشاملة لتلبية احتياجاتهن الخاصة فيما يتعلق بالوصول إلى المعلومات وتحسين نوعية الحياة؟

لقد انتهى المشروع من تصميم منصة المعلومات وشبكة التواصل للمرأة. وقد دخلت الآن بوابة الموقع الإلكترونى: www.womenconnect.org،وتطبيق شبكة التواصل الرقمية «50MAWSP» للأجهزة المحمولة حيز التفعيل، حيث تم إطلاق المنصة خلال اجتماع مؤتمر القمة العالمى لمسائل النوع فى مدينة كيجالى فى رواندا فى عام 2019. واستفاد أكثر من 2.7 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعى من هذا الإطلاق.

وتُمكّن المنصة المرأة من الوصول إلى المعلومات حول مختلف الخدمات التجارية والاجتماعية، والإرشاد، وفرص الاستفادة من الأسواق والتواصل مع بعضهن البعض لغرض تقاسم الخبرات.

ومنذ أن تمت عملية الإطلاق، تم تسجيل ما يقرب من 2000 امرأة على المنصة. وسوف يتم إطلاق المنصات الوطنية والإقليمية، بما فى ذلك القيام بأنشطة التواصل والدعاية بهدف جذب النساء ومُقدمى الخدمات إلى المنصة.ولغرض المُضى قدمًا، ينصب تركيزنا على تعزيز إتاحة المحتوى الديناميكى على المنصة،والتدريب على كيفية الاستفادة منها من خلال العمل مع فرق الدول المشاركة فى المشروع فى الدول الأعضاء و الشريكة والبالغ عددها 38 دولة.

■ أصبح يطلق على القارة الإفريقية «القارة الذهبية» أو «السوق البازغة». فى رأيكم، ما الذى يجب على الإفريقيين القيام به من أجل الاستفادة من الفرص الوفيرة والأسواق البازغة فى قارتهم؟

تحتاج إفريقيا إلى القيام بما يلى: (1) إنشاء سوق متكاملة يمكنها جذب فرص الاستثمار لكل من تجارة السلع وتجارة الخدمات، و(2) الارتقاء بمستويات المهارات بغرض خلق الكادر المستقبلى من الشباب الذى يتمتع بالقدرة على استخدام التكنولوجيا الرقمية ليكون المورد الرئيسى للقرارات الإنتاجية فى ظل الثورة الصناعية الرابعة، و(3) تعزيز الاستقرار السياسى والسلام والحوكمة الرشيدة، وضمان حماية حقوق الملكية. كما يحتاج الإفريقيون إلى تهيئة الظروف لاستقطاب المزيد من الاستثمارات اللازمة لخلق فرص العمل والنمو الاقتصادى والقضاء على الفقر.

■ تُقيد المعوقات الهيكلية والتشغيلية من نمو المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ومن توسعها فى إقليم الكوميسا. كيف يُمكن لكم تعزيز التجارة بين الدول الأعضاء بالكوميسا من خلال تنمية هذه المشروعات؟

تُعد رؤية سياسة الكوميسا الخاصة بالمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بمثابة رؤية متطورة وحيوية وشاملة فى هذا القطاع والتى من شأنها المساهمة بشكل كبير فى زيادة التجارة البينية للكوميسا وحصة إفريقيا فى التجارة العالمية، من خلال زيادة القدرة التنافسية والإنتاجية ذات القيمة المضافة، إلى نسبة 8% على أقل تقدير،وذلك بحلول عام 2030. والهدف هنا هو تحفيز التنمية الاقتصادية، والتعجيل بخلق فرص العمل، وصناعة الثروة،وتعجيلا لحد من الفقر فى إقليم الكوميسا.

وتم إضفاء الطابع المحلى على سياسة الكوميسا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى عدد من الدول الأعضاء بناءً على طلب بعض الدول مثل: مدغشقر، وجزر القمر، وجيبوتى وغيرها، والعملية مستمرة. وبموجب البرنامج الإقليمى للقدرات التنافسية للمشروعات التجارية وفرص استفادتها من الأسواق (ريكامب) الذى يتم تشغيله فى عام 2020، تم تحديد الهدف المتمثل فى تشجيع نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى سلاسل القيمة المحددة وهي: البستنة، والجلود والمنتجات الجلدية، والتصنيع الزراعى. وإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ سلسلة القيمة لنبات الكسافا فى دول أعضاء مثل: زامبيا، وملاوى، ورواندا، وكينيا؛ وهناك مؤشرات على إحراز النجاح فيما يتعلق بإضافة القيمة.

■ ألا ينبغى أن تركز البلدان الإفريقية فى المقام الأول على التصنيع، وتنويع المنتجات، وإنتاج السلع تامة الصنع أو نصف المصنعة أو المجهزة جزئيًا بدلاً من الاعتماد بشكل أساسى على تصدير المواد الخام واستيرادها إلى ومن بعضها البعض؟

لتحقيق هذا الغرض، اعتمدت الدول الأعضاء بالكوميسا فى عام 2017 بمدينة لوساكا بزامبيا استراتيجية الكوميسا للتصنيع وخطة عملها من أجل تحقيق التحول الاقتصادى فى الإقليم. ويعتمد التصنيع فى الكوميسا من الناحية النظرية على التفاعلات الديناميكية فيما بين ثلاثة أنواع من العوامل: السلم والأمن، واستقرار الاقتصاد الكلي، والاستخدام الرشيد للموارد الاقتصادية. ويجب الاستفادة من الموارد الاقتصادية (الطبيعية منها والبشرية والمالية والفنية) على أساس ميزات المقارنة الديناميكية وليست الثابتة فى التنمية الاقتصادية الوطنية. وعليه، فلا شك فى أن الموارد الطبيعية والبشرية هى الأكثر أهمية للتصنيع. ومن هذا المنظور، يُنصح بنموذجين من التصنيع فى إقليمنا: التصنيع القائم على الموارد الطبيعية، والتصنيع القائم على الموارد البشرية. ويعتمد تطبيق أى منهما على خصوصية كل بلد.

■ متى تعتقدون أننا سنرى تبادلاً تجارياً فى منتجات عالية الجودة وتامة التصنيع ومتنوعة وتحمل علامة «صنع فى إفريقيا»؟

يتمثل التحدى الرئيسى الذى يواجه إقليم الكوميسا فى تدنى التجارة فى المنتجات المصنعة محليًا. وهذا يتعارض مع روح التكامل الإقليمى كما أنه يؤثر سلبًا على خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي. ويتعلق أحد مجالات التدخل الرئيسية فى استراتيجية الكوميسا للتصنيع بتعزيز التجارة البينية فى الإقليم وفيما بين الأقاليم فى كل من المدخلات والمنتجات المجهزة جزئيًا والمصنعة، والعمل جارٍ.

■ ما تفاصيل مؤتمر قمة الكوميسا المُقبل لرؤساء الدول والحكومات؟

ـ سوف يتم الإعلان عن شعار مؤتمر قمة الكوميسا المُقبل الذى سيعقد عام 2020 فى مصر بمجرد الانتهاء من المشاورات.

■ كيف تصفون مشاركة مصر فى برامج الكوميسا؟

ـ فيما يتعلق بمسائل النوع والشئون الاجتماعية،فإن مصر هى إحدى الدول الأعضاء التى تعِد التقرير المرحلى السنوى بشأن حالة تنفيذ برامج المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، إضافة إلى تقديمها لتقرير بالتقدم المُحرز نحو تحقيق الغايات والأهداف المُتفق بشأنها فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. وتشارك مصر فى تنفيذ مشروع «صوت  50 مليون امرأة إفريقية» السابق ذكره.

وإضافة لما سبق، فإن وكالة الاستثمار الإقليمى بالكوميسا تتخذ من مصر مقرًا لها.وهى تتولى القيام بالمهام التالية وذلك بالتعاون مع الحكومة المصرية.أولاً، تلعب الوكالة دورًا حيويًا فى تيسير تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى جانب تيسير الاستثمارات عبر الحدود فى الإقليم. وثانيًا، تقوم وكالة الاستثمار الإقليمى بتيسير الروابط فيما بين الأعمال التجارية على الصعيدين الداخلى والخارجي، وعلى صعيد المعارض التجارية ومعارض ترويج الاستثمار، وذلك من بين جملة أمور أخرى. 

نكمل الحوار غدًا