الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى ذكرى أمير الملهاة الفرنسية «موليير» كاتب كوميدى لقصة حياة تراجيدية

صانع الكوميديا الفرنسية عاش حياة بائسة واختلف عن أقرانه من كتاب المسرح فلم يكتب لجنس معين أو لبلد بعينه  وإنما تصدى للعيوب البشرية كلها  فى جميع البلاد والأزمات فكتب قرابة الثلاثين مسرحية، منها البخيل، المتحذلقات الضاحكات، طرطوف، المتزمت، البرجوازى الشريف، النساء العالمات، فاستحق ما قاله عنه نقاد المسرح بأنه «عبقرية الكوميديا العالمية التى ظهرت فى فرنسا».. هو جان باتيست بوكلان  الملقب بـ«موليير». ولد موليير فى باريس وتعمد فى 15 يناير 1622م باسم «جَان-بَابْتِيسْت بُوكْولَان». توفيت أمه «مارى كريسية»، التى كانت متدينة من عائلة برجوازية ميسورة، وهو فى العاشرة من عمره فرباه والده، الذى كان يشتغل مورد سجاد وفراش للقصر الملكى وخادما للملك. تزوج والده امرأة ثانية ماتت بعد مدة قصيرة من الزواج، وانتقل موليير للسكن مع والده فى شقة «بافيليون دى سينج» فى شارع سان هونورية، تلقى موليير تعليما جيدا فى إعدادية كليرمون على يد عدد من نوابغ فرنسا وكان منهم فولتير، وكانت الإعدادية تتبع اليسوعيين «الجيزويت».



محام لقضية واحدة كان دكان والده قرب مكان تقدم فيه عروض مسرحية بسيطة أبطالها ممثلى الشوارع، مثل فندق دى بورغونى الذى كان مسرحا ملكيا يُعرض فيه أعمال كوميدية ومسرحية. كان موليير أحد المشاهدين الذين يتابعون هذه المسرحيات برفقة والد أمه. درس الحقوق فى « أورليان» ودرس الفلسفة على يد الأستاذ جاسيندى الذى كان سببا فى حبه للشاعر اللاتينى «لوكريس» فترجم له هو وصديقه «هسنو» أشعاراً ضاعت ترجمتها ولم يبق منها غير فقرات وضعها فى مسرحية «عدو البشر». بعد ما أنهى جان-بابتيست دراسة الحقوق اشتغل محاميا لفترة قصيرة وخلال تلك المدة لم يعمل إلا على قضية واحدة. كما تعلم اللغة اللاتينية فقرأ عن طريقها الأعمال المسرحية التى تم نشرها فى وقته، تابع بعدها دراسات فى الحقوق قبل يقرر التفرغ للمسرح. قام بالتعاون مع عائلة «بيجار» وهى من العائلات العريقة فى فن التمثيل- بتأسيس فرقة «المسرح المتألق» واتخذ فى هذه الفترة لقب «موليير» الذى لاصقه طيلة حياته.

موليير والمسرح الإيطالى اقتبس «موليير» معظم أعماله الأولى»المغفل»، «ظعينة المحبة» من المسرح الهزلى الإيطالى، والذى كان رائجا آنذاك، والتى كان يتعرض بروح ساخرة إلى الحياة اليومية للناس. بعد مرحلة التنقل والتِرحال الدائم فى مدن الجنوب الفرنسى (ليون، رُوان)، قرر موليير الاستقرار سنة 1659م فى باريس بعد أن أصبح يتمتع برعاية خاصة من الملك لويس الرابع عشر، قام بتقديم عدة عروض مسرحية نثرية وشعرية للبلاط الملكى ولجمهور المشاهدين الباريسيين، كتب أعمالا خاصة ومتنوعة فى كل أصناف الكوميديا التى كانت معروفة فى عصره: كوميديا الباليه، الكوميديا الرَعَوِية (تصور حياة الرعاة فى الريف)، الكوميديا البطولية وغيرها، تزوج سنة 1662 م من شقيقة مادلين بيجار، إحدى رفيقاته السابقات فى الفرقة، ثم تواصلت مسيرته وقدم آخر أعماله «المريض الوهمى» عام 1673م، ليفارق الحياة ساعات فقط بعد تقديم العرض الرابع لهذه المسرحية.

مريض الوهم

ما ان انتهى يومها من كتابة «النساء العالمات» وانفصل عن الموسيقى لوللى الذى كان تعاون معه، تحت إشراف البلاط، فى الكثير من أعماله، حتى قرر ان يكتب «مريض الوهم» من دون أن يعرف طبعاً أنها ستكون مسرحيته الأخيرة، اذ بالكاد كان يومها تجاوز الخمسين من عمره. من المؤكد أن «مريض الوهم» هى الأشهر وربما الأقسى فى مسار جان - باتيست بوكلان (موليير) العملى، منذ بدايات كتابته وتمثيله المسرحيين فى عام 1643 (وكان فى الحادية والعشرين من عمره)، علماً أن مسار موليير، امتلأ بتلك الأعمال التى لا تزال حية بيننا حتى اليوم، مثل: «سخيفاتنا الغاليات» و«مدرسة الأزواج» و«مدرسة النساء» و«النفور» و«التبجيل» و«جورج داندان» وغيرها من أعمال أسّست، بالتأكيد لنوع معين، وواقعى نقدى إلى حد بعيد، من أنواع المسرح الكوميدى.