الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصطفى بكرى يروى حكايات ونوادر الإخوان فى زمن الحكم والسلطان ـ الحلقة الثانية ـ حد يفوقنى

فى عهد «مرسى».. قصر الرئاسة مطعم للعشيرة والإخوان

في أحدث إصدارات الكاتب الصحفي وعضو البرلمان مصطفى بكرى تحت عنوان «حكايات ونوادر الإخوان فى زمن الحكم والسلطان»، الصادر عن مؤسسة «أخبار اليوم»، والذي استعرض من خلاله كذب وخيانة ما يسمي بـ«جماعة الإخوان»، بأسلوب ساخر، علاوة على رصده وتحليله لكل المؤمرات التي خطط لها تلك الجماعة الإرهابية، تحت مسمع مندوبها في قصر الرئاسة «محمد مرسي»، فضلاً عن تحويل مقر الحكم إلى مكتب«المرشد»، بالإضافة إلى فضح ما قام به «الأهل والعشيرة» في ساحة الوطن خلال السنة «الكبيثة» من حكم التنظيم، وذلك طبقًا لرواية شهود عيان عاصروا حكم ذلك التنظيم الذي ظل طوال 80 عاماً يعيش في الجحور.



كشف الكاتب مصطفى بكرى، أنه فى الرابع والعشرون من يناير 2012 كانت الساعة قد قاربت الرابعة، العالم يحبس أنفاسه، المصريون تسمروا أمام شاشات التلفاز، ينتظرون الخبر الذى سيقلب الأوضاع رأسًا على عقب، بعد قليل يعلن المستشار فاروق سلطان بيانه، لقد أصبح محمد مرسى رئيسًا للجمهورية، سادت حالة من الصدمة والذهول، لا أحد يصدق، ولا حتى مرسى نفسه.. دخل إليه عدد من ضباط الحرس الجمهورى، كان يجلس فى شقته مرتديًا الجلباب وحوله مجموعة من أصدقائه المقربين فى جماعة الإخوان، شاهد الضباط بقايا من أكلة «الفتة» فى صينية كبيرة على الأرض، وقف محمد مرسى يستقبل ضيوفه الجدد، وراح يحتضنهم الواحد تلو الآخر ويقول لهم: «أهلاً يا وش الخير.. اتفضلوا نجيب غدًا»...  قال له ضابط كبير: مبروك يا سيادة الرئيس... رد مرسى غير مصدق: أخيرًا، ما أنا كنت عارف، هوه انتوا مسمعتوش وأنا بطلب من ابنى يبلغ أمه بالنجاح من أول يوم، عمومًا والله عملوها الرجالة!.

وتابع «بكرى»: ارتدى مرسى ملابسه على عجل، هاتفه لا يتوقف عن الرنين، كان متلعثما فى الردود، جاءه اتصال من مرشد الجماعة، هب محمد مرسى واقفًا، قال بصوت عال أمام الحاضرين «البركة فيك يا فضيلة المرشد، صبرنا كتير، وربنا كرمنا أكبر كرم، يعز من يشاء ويذل من يشاء»، ثم ظل يردد كلمة حاضر أمام رجال الحرس وأصدقائه لعدة مرات... نظر مرسى إلى ضباط الحرس، وقال «كلمولى التليفزيون يا جماعة، عاوز أروح أقول كلمة، أشكر فيها الناس، من لا يشكر الناس لا يشكر الله».. بعد قليل كان محمد مرسى يطل من شاشة التليفزيون فى المقطم لقد بدأ متلعثمًا، إنه لا يصدق، راح يوجه الشكر، ويعلن عن بداية عهد جديد. توجه إلى وزارة الدفاع فى وقت لاحق، بعد ذلك التقى المشير، وعددًا من أعضاء المجلس العسكرى، ألقى خطبة عصماء، كان الهدف هو كسب ودهم، قال لهم «كلكم فى عيونى.. حتبقوا معززين مكرمين، أنا لن أنسى لكم دوركم، ربنا يقدرنى وأرد الجميل، أنتم ولاد أصول، رجالة، تعاهدتم وأوفيتم، نظر إلى المشير طنطاوى وقال :«أما أنت يا سيادة المشير، فأنا موش حنساك، حتبقى معانا على رأس الجيش، ادعوا ربنا يوفقنا».

أول يوم فى «الاتحادية»

وقال الكاتب: «إن محمد مرسى أصر على التوجه إلى القصر الجمهورى، كان ضباط الحرس فى حالة حيرة، الرجل لم يقسم اليمين بعد، لقد طلب من المشير طنطاوى الإذن بأن يذهب إلى مقر القصر الجمهورى فى الاتحادية، حتى يشاهد مكتب الرئيس عن قرب ويطمئن عليه، مضت السيارات بمحمد مرسى إلى بوابة الاتحادية رقم «4»، عيونه زائغة، ويبدو فى حالة توهان شديدة، الحرس الجمهورى يؤدى له التحية. راح يشير بكلتا يديه من السيارة»، قام أحد ضباط الحرس بفتح باب السيارة التى كان يركبها الرئيس، ظل مرسى مترددًا فى النزول من السيارة، أحد الضباط قال له بصوت عال «اتفضل يا فندم»، مرسى يحاول لملمة أطرافه، نزل من السيارة وتوجه إلى البوابة الرئيسية للقصر، بدأ فى صعود السلم، كاد يقع، لولا أنه تدارك ذلك فى اللحظة الأخيرة.

واستطرد بكرى: «فور صعوده، سأل، فين مكتبى، طلعونى على المكتب فورًا، كان هناك أحد الرجال يقف على باب الأسانسير، أسرع مرسى الخطى فى الطرقة، صعد إلى الدور الثانى، أدخلوه إلى مكتب الرئيس، تحسس المكتب بيديه، نظر إلى المصور التليفزيونى، وقال له «صور كويس يا بنى»، جلس على المكتب غير مصدق، ثم وقف مرة أخرى وتحسس المكتب بكلتا يديه، ثم استدار رافعًا يديه يؤدى التحية للجمهور، مع أنه لم يكن أمامه سوى حائط صد، يبدو أنه تخيل المشهد، وراح يبعث بالتحية والابتسامة البلهاء عبر شاشة التلفاز».

وتابع الكاتب: «قال محمد مرسى لقائد الحرس، عاوزكم تلففونى فى القصر شوية، عاوز اتفرج يا أخى، لم يكن مرسى يعرف الفارق بين قائد الحرس ورئيس الديوان، توقف أمام سجادة ثمينة 8 أمتار فى 8 أمتار، السجادة موروثة من أيام الملك، قيمتها المالية فى الوقت الراهن لا تقل عن 3 ملايين دولار.. قال الرئيس بصوت عال «إيه السجادة» ازاى تحطوا سجادة قديمة بالشكل ده للرئيس ده قرف، إيه انتوا ابتديتوا تشتغلولى، كل السجاد القديم ده تشيلوه، أنا عاوز سجاد من النساجون الشرقيون. سادت حالة من الصمت والذهول وسط الحاضرين، قال أحدهم: بس دى سجادة قديمة وتمنها حوالى 3 ملايين دولار يا سيادة الرئيس، دى سجادة «جيلان»... قال مرسى: إيه ياخويا سجادة إيه، بتقول بـ3 ملايين دولار.. ازاى؟!... فوجئ المسئول الرئاسى بالسؤال، ارتبك، وقال له دى موروثة من أيام الملك... قال مرسى: ده نظام قديم بقه، لا ياخويا شيلوا القرف ده وهاتوا لى سجاد من النساجون الشرقيون.. عاوز بكرة آجى ملاقيش ولا سجادة قديمة.. «ثم نظر إلى الحاضرين.. وقال: وكمان عاوزكم تغيروا الكرسى اللى كان بيقعد عليه اللى مايتسماش، أنا أقعد على مكتب واحد قاتل وحرامى ومحبوس»!

وأوضح أن مرسى لم يكن قد أدى القسم حتى هذا الوقت، إلا أنه وقبل أن يغادر القصر فى هذا المساء، قال لمن حوله من كبار رجال الحرس والديوان: خلوا بالكم أنا كلمتى واحدة، اللى قلته يتنفذ فورًا، واللى موش عاجبه الكلام ميورنيش وشه، أنا بقول الكلمة مرة واحدة، أما الدلع بتاع النظام السابق انسوه!!

وتابع: «مضى مرسى فى وقت متأخر من هذا المساء، قرر أن يتوجه إلى شقته فى التجمع الخامس، إنه يريد أن يحتفل مع زوجته والأولاد، مضى الموكب الرئاسى وفى الطريق توقف مرسى أمام محل سوبر ماركت يعرفه جيدًا، طلب أن يأتوا إليه بكيس من «البقسماط» لأنه بيحب يسقى فى الشاى صباحًا، أصيب رجال الحرس بذهول، الموكب ارتبك، لم يصدقوا وهم يرون الرئيس، ينزل من الموكب لشراء كيس من البقسماط، كان الأمر مبالغًا فيه، كأنه أراد أن يقول للجميع، أنا ابن بلد، وباشترى أكلى بنفسى، تحرك الموكب بعد حالة الارتباك، وصل إلى المنزل، تم إغلاق شوارع مؤدية إلى العمارة التى كان يقطن فيها، وقف مرسى أمام المنزل لبعض الوقت، نظر إلى بالكونات العمارات المجاورة، وكأنه أراد أن يقول للجميع: «إيه رأيكم بقه»!!

واستكمل: «صعد إلى شقته، أبلغه قائد فريق الحرس المصاحب له، أنه سيتم إخلاء بعض شقق العمارة ويخصص له دوران، بينما الدور الأول سيخصص لرجال الحرس، أومأ مرسى برأسه راضيًا.. أمام الباب نظر إلى من اصطحبوه، وقال على فكرة «أنا بصلى الفجر حاضر، أوعى يكون حد فيكم مبيصليش.. اقطع رقبته!!... فى فجر هذا اليوم، ارتدى محمد مرسى جلبابه الأبيض، وطاقية صنعت من نفس القماش، ارتدى البلغة، وأمسك بالسبحة، وقبيل أذان الفجر بقليل خرج بموكبه ليؤدى صلاج الفجر، ثم يعود لينام، وبعد توليه المنصب رسميًا كان يطلب من بعض حراسه المقربين مصاحبته إلى مكان مجهول فى التجمع الخامس وظل الكل حائرًا أين يذهب الرئيس بعد صلاة الفجر أحيانًا، ثم اكتشفوا فيما بعد أنه كان يذهب إلى «موسى أبومرزوق» عضو المكتب السياسى لحركة حماس والذى كان مقيمًا بشكل مستمر فى التجمع الخامس.

وشدد على أنه فى الحادية عشرة من صباح اليوم التالى وصل محمد مرسى مجددًا إلى قصر الاتحادية، طلب من قريبه أسعد الشيخة أن يجمع له كبار الموظفين بالقصر، ليعقد معهم اجتماعًا، وبالفعل فى الموعد المحدد حضروا جميعًا.. دخل عليهم محمد مرسى فى الصالة الملحقة بمكتب الرئيس، رحب بالحاضرين، نظر إليهم الواحد تلو الآخر، كأنه يريد أن يكتشف نواياهم، بدأ حديثه بالقول: «أهلاً بكم، أنا عاوزكم تطمنوا تمامًا، أنا موش حمشيكم.. لكن يا أحباب، أنا شغلى من 8 صباحًا إلى 12 مساءً، اللى عاجبه أهلاً وسهلاً واللى موش عاجبه يمشى، أنا رجل جد وأحب الرجالة اللى تشتغل، عهد التكية انتهى، أنا معنديش هزار، شغل يعنى شغل»، ثم نظر إلى الحاضرين وقال بلغة حاسمة «حد فيكم موش عاجبه الكلام».. صمت الحاضرون وبدوا وكأنهم موافقون على كلام مرسى، كان إلى جواره فى هذا التوقيت د. أحمد عبدالعاطى الذين عينه مديرًا لمكتبه، وأسعد الشيخة الذى عينه نائبًا لرئيس ديوان رئيس الجمهورية، وأيضًا د. خالد القزاز، وهو رجل أعمال يبلغ وزنه نحو 160 كيلو جرامًا.

جدول طعام الرئيس

ورؤى «بكرى» فى كتابه، أن مهمة خالد القزاز كانت فى البداية هى تنظيم وجبات الأكل وأنواعه، هكذا عهد إليه مرسى، لقد دعا المسئولين عن المطبخ إلى اجتماع معه، وقال أنا حعمل جدول الأكل وأنتم عليكم التنفيذ، واللى موش موجود عندكم هاتوه من مطاعم خارج القصر، بس تكون مضمونة»!!

وأضاف أن خالد القزاز حدد جدول الأكل على الوجه الآتى: «يومان سمك ويوم حمام ويوم بط والباقى فراخ ولحمة»، وعندما سئل القزاز عن الكميات، قال هاتوا براحتكم، أنا عايز وجبات لحوالى 200 فرد أو أكثر... اندهش رجال المطبخ وراحوا يقارنون هذا السفه بأيام مبارك، الذى كان يقتصر فقط على وجبات محدودة لأهل منزله، لم يكن أمامهم من خيار، قال لهم خالد القزاز: أنا لى أكلى الخاص فطار وغدا وعشاء، إنما المهم دلوقتى عاوز جمبرى من النوع الكبير، وعاوز كمان استاكوزا، تكون مقشرة!!

وتابع: كان خالد القزاز يأتى مبكرًا كل صباح وضعوا له مائدة فى غرفته، منذ الصباح المبكر تملأ المائدة بكميات من الفطير المشلتت والعسل وباتيه وكروسان، ولا ترفع المائدة إلا وقت أن يحل موعد الغداء، وكان لخالد القزاز سفرجى مستمر إلى جواره، مهمته، كلما أكل القزاز شيئًا يأتى له بالبديل، وهكذا تظل المائدة عامرة بالأكل حتى موعد الغداء.

وأوضح أن البرنامج اليومى للرئيس كان الحضور إلى القصر الرئاسى فى الصباح المبكر، ثم يتناول الإفطار فى أغلب الأحيان، ثم يلتقى الضيوف والمسئولين، ثم يؤم المصلين فى صلاة الظهر داخل المسجد الرئاسى، ثم يواصل لقاءاته، ثم يتناول وجبة الغداء، ويؤدى صلاة العصر ويأخذ «الأنسولين» ويخلد إلى النوم ويصحو فى المساء، وبعد أن يصحو يتابع الأوضاع مع مساعديه، ثم يؤدى صلاة المغرب والعشاء، ويتناول وجبة العشاء، ثم يغادر إلى منزله فى العاشرة أو الحادية عشرة مساءً.

وأكد أن القصر الرئاسى كان مهتمًا بوجبات الغداء للرئيس وأعوانه أكثر من اهتمامه بأى شىء آخر.. وكانت «الفتة» حاضرة فى المشهد، كان الرئيس يدعو بين الحين والآخر السلفيين وقيادات الجماعة الإسلامية ومساعديه من قيادات الإخوان ومن مكتب الإرشاد إلى وجبة فتة أسبوعية، كانوا يفترشون فى صالونات الرئاسة، ويأتون بالصوانى المحشوة بالفتة والخرفان، يجلسون على الأرض بمن فيهم الرئيس، ويبدأون وجبة الأكل، التى تستمر لفترة طويلة، حيث يبدعون فى «فصفصة» الخرفان والأوز والجديان، ويلقون باللبن الرايب عليها، وإلى جوار الفتة كان الحمام الذى كان يتم التهامه بطريقة غريبة، وبسرعة رهيبة وبكميات هائلة.

وأشار إلى أنه فى الشهر الأول قدمت الفواتير إلى د. خالد القزاز بقيمة مليون و250 ألف جنيه قيمة المأكولات المقدمة، لم يكترث القزاز لهذا المبلغ، وعندما سأل أحد المسئولين عن المطبخ.. هو مبارك كان بيصرف كام على الأكل.. قيل له إن الوجبات كانت محدودة وقيمتها لم تتعد 300 ألف جنيه فى العام... قال بدهشة: فى العام ولا الشهر.. قيل له: بل طيلة العام.. لأنه لا يقدم وجبات إلا للضيوف الذين يكون من المقرر أن يعزمهم على الغداء أو العشاء، وهى فى كل الأحوال حالات نادرة، وغير ذلك كان يتناول هو وأسرته وجبات داخل منزله محدودة العدد، محدودة التكاليف... قال خالد القزاز: طبعا يسرقوا البلد ويعملوا نفسهم شرفاء!!، ثم نظر إلى المسئول عن المطبخ وقال له: خليك زى ما أنت فى الأكل، اصرف براحتك.

ونوه إلى أن الوجبات كانت تأتى لنحو 160 شخصًا من الإخوان وحلفائهم الذين قام الرئس بتعيينهم فى القصر الرئاسى، وكانت بقية الوجبات تذهب إلى الأهل فى الشرقية بسيارات خاصة، وبعضها يذهب إلى مبنى مكتب الإرشاد بالمقطم ومقر حزب الحرية والعدالة فى لاظوغلى بشكل يكاد يكون يوميًا.

وكان الرئيس يحرص فى كل صباح أن يسأل عن وجبة الغداء اليوم قبل أى شىء آخر. ثم إنه كان قد أصدر تعليماته للمسئول عن المطبخ بأن يعد صندوقًا يوميًا من المأكولات للدكتورة باكينام الشرقاوى مساعدة الرئيس لتصطحبه معه إلى منزله بعد أن اشتكت إليه من أن عملها إلى جواره يحرمها من القدرة على «طبخ» الأكل لزوجها، وظلت د. باكينام تصطحب معها هذا الصندوق يوميًا حتى آخر يوم لها فى القصر الجمهورى، أما نائبه المستشار محمود مكى، فقد طلب الرئيس أن يخصص له جناحًا فى فندق «تريمف» المجاور للقصر الرئاسى، له ولأسرته، كلف الدولة خلال إقامته فيه لمدة لا تزيد على أربعة أشهر ما قيمته 2 مليون جنيه، وعندما طلب أحد المسئولين برئاسة الديوان من الرئيس أن يخصص للنائب فيللا من فيللات الرئاسة لأن ذلك سيكون أقل كلفة قال له الرئيس: وهو أنت حتدفع من جيبك، يا أخى اسكت وخليك فى حالك!!

وكشف «بكرى»، لقد كان من ضمن الضيوف الدائمين على وجبة الفتة الأسبوعية والتى تحولت بعد ذلك إلى يومية فى أغلب الأحيان عبود الزمر وطارق الزمر وعاصم عبدالماجد والشيخ محمد عبدالمقصود والشيخ الحوينى وغيرهم من المشايخ الذين كانوا يترددون على القصر الرئاسى وقيل إن محمد الظواهرى أيضًا كان ضمن المجموعة.

واستطرد: «لقد كانت التعليمات تصدر من مدير مكتب الرئيس أحمد عبدالعاطى إلى المسئولين بالقصر بأن يسمح لسيارات بعينها بالدخول إلى القصر دون تفتيش ودون معرفة من فيها، مجرد أرقام للسيارات فقط كانت تعطى لبوابات القصر،فيفتح لها الباب واسعا ،بل ان بعض ركاب هذه السيارات كانوا يدخلون إلى القصر ويخرجون منه ملثمين ولا أحد يعرف أسماءهم أو هويتهم.. كانوا يلتقون بالرئيس ومعه أحمد عبدالعاطى وأسعد الشيخة وعصام الحداد ورفاعة الطهطاوى، يغلقون على أنفسهم الأبواب، ثم يتناولون «الفتة» ويخرجون دون أن يتعرف أحد على هويتهم».

ميزانية عزومات «المعزول»

ولفت إلى أن الجهاز المركزى للمحاسبات رصد ما قيمته تسعة آلاف جنيه يوميًا للمأكولات بالقصر الرئاسى إلا أن الحسابات الحقيقية التى تم التوصل إليها فى أعقاب سقوط محمد مرسى تقول: «إن مجمل ما تم صرفه على المأكولات، فى العام الذى حكم فيه الإخوان مصر بلغت داخل القصر الرئاسى ما قيمته 14 مليون جنيه بمعدل مليون و250 ألف جنيه شهريًا».

وتابع: «لقد احتار رجال القصر فى وصف حالة النهم التى كانت سمة من سمات مرسى ورجاله وحلفائه للأكل بأنواعه المختلفة، ووقفوا مندهشين أمام الكميات التى كانوا يلتهمونها، حتى ظن البعض أن ذلك يشكل قاسمًا مشتركًا بين كل هؤلاء، كانت الأحاديث داخل القصر تدور همسًا، كان الموظفون والطباخون يتندرون على كميات الأكل التى راحت تتدفق، لتصل إلى بطون رجالات الإخوان وأعوانهم داخل القصر الرئاسى دون غيرهم، لقد كانوا يعاملون موظفى القصر على أنهم جواسيس للنظام السابق، لا تجوز معاشرتهم أو إشراكهم فى وجبات الغداء التى كانت روائحها تنتشر فى شتى أنحاء المكان... وكان أشد المشاهد تقززًا هى تلك التى تحدث أثناء تناول الطعام، حيث كانوا يرفضون استخدام الشوك والسكاكين، ويهجمون على الأكل بطريقة تثير الغثيان، وكان بعض من بقايا الفتة يظل عالقًا بالذقون إلى ما بعد انتهاء وجبات الأكل».

وأردف: «تحولت صالات القصر الرئاسى، خاصة الصالة الملحقة بمكتب الرئيس إلى صالات كريهة من رائحة الطعام وأصبح العاملون بالقصر يعانون أشد المعاناة يوميًا فى إزالة آثار تلك الروائح ومخلفات الطعام على سجاد صالات القصر... أصبحت مطاعم الرئاسة تعمل على مدار الساعة، وظل الطباخون يعملون بجد واجتهاد، وتحول العنوان الرئيسى لقصر الاتحادية يوميًا «هو ماذا سنأكل اليوم؟!».

نظر مرسى إلى بعض مسئولى الديوان قائلاً: انتم بتوع الديوان... قال أحدهم: أوامرك يا فندم... مرسى: لازم تغيروا الكرسى ده، ولو المكتب كمان يبقى أحسن، المهم الكرسى، أنا مش عاوز التاريخ يكتب: إن الرئيس محمد مرسى قعد على مكتب اللى ميتسماش... قال مسئول الديوان: أوامرك سيادة الرئيس... قال مرسى: فى واحد صاحبنا فى الكويت، متخصص فى حكاية الكراسى ده، هو مهندس حبقى أجيب اسمه وتليفونه فى الكويت وتخلوه يجيب كام عينة كده تكون مناسبة... أجرى مسئول الديوان اتصالات بالمهندس المقيم فى الكويت للبحث عن كرسى يليق بالرئيس... سأله: هل ستدفعون التكلفة؟... قال المسئول: نعم... قال المهندس: بس ده غالى عليكم.. الكرسى بحوالى 380 ألف جنيه... قال مسئول الديوان: لا ده صعب جدًا، ميزانية الديوان لن تساعد على شراء كرسى بـ380 ألف جنيه.

تم إبلاغ الرئيس مرسى بما جرى، حاول مع مسئول الديوان، لكنه قال له: الميزانية المحددة لن تكفى.. لدينا بدائل نعرضها على سيادتك وتشوف!! وقد حكى لى المسئول الرئاسى: أنهم جاءوا بـ12 كرسيا للرئيس مرسى من عينات مختلفة، وظل على مدى 12 يومًا يجرب كل يوم كرسى يجلس عليه، ثم يطلب استبداه بآخر فى اليوم التالى إلى أن استقر على أحدها فى نهاية الأمر، وبهذا انتهت أزمة الكرسى، لتبدأ أزمات جديدة وعديدة.