الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصطفى بكرى يروى حكايات ونوادر الإخوان فى زمن الحكم والسلطان ـ الحلقة الخامسة ـ آه يا فلول 2-2

القمع الإخوانى وقصور الرئاسة

في أحدث إصدارات الكاتب الصحفي وعضو البرلمان مصطفى بكرى تحت عنوان «حكايات ونوادر الإخوان فى زمن الحكم والسلطان»، الصادر عن مؤسسة «أخبار اليوم»، والذي استعرض من خلاله كذب وخيانة ما يسمي بـ«جماعة الإخوان»، بأسلوب ساخر، علاوة على رصده وتحليله لكل المؤمرات التي خطط لها تلك الجماعة الإرهابية، تحت مسمع مندوبها في قصر الرئاسة «محمد مرسي»، فضلاً عن تحويل مقر الحكم إلى مكتب«المرشد»، بالإضافة إلى فضح ما قام به «الأهل والعشيرة» في ساحة الوطن خلال السنة «الكبيثة» من حكم التنظيم، وذلك طبقًا لرواية شهود عيان عاصروا حكم ذلك التنظيم الذي ظل طوال 80 عاماً يعيش في الجحور.  



وأوضح: «كان جميع موظفى الرئاسة يتحسرون على ما آلت إليه الأوضاع داخل القصور، ففى العهد الذى وصم بالفساد والاستبداد، كان المسئولون الكبار يفتشون يوميًا على القصور صباحًا، فإذا وجد أحدهم أنوار الحديقة مضاءة مثلاً تخصم قيمة الكهرباء من المسئول عن ذلك، حيث إن التعليمات كانت تقضى بإطفاء الأنوار فجرًا، وكانت المياه إذا خرجت من الحديقة إلى البلاط المجاور تخصم قيمة المياه من الجناينى، وكانت السيارات تخضع للتفتيش اليومى ويتم توقيع الجزاء على السائق فى حال وجود أى خلل فى السيارة ولم يبلغ عنه، وكان السائقون ملزمين بارتداء البدل التى تصرف لهم من الرئاسة، وكان زكريا عزمى رئيس الديوان يشرف بنفسه على كل كبيرة وصغيرة فى القصر الرئاسى، وعندما جاء محمد مرسى اشتكى السائقون للرئيس وقالوا له: «إننا نتعرض للجزاء فى حال عدم ارتدائنا للبدل الرئاسية» فأصدر تعليماته على الفور بوقف أى جزاءات لمن لا يرتدى هذه البدل، وانهارت الحملة الميكانيكية بعد أن تم إهمالها عن عمد وتمت وإساءة استخدام السيارات الرئاسية المخصصة للضيوف، وكانت تدفع مبالغ كبيرة لإصلاح هذه السيارات ثم يعاد إتلافها مرة أخرى، ويكفى القول إن فردة الكاوتش الخاصة بالسيارة الرئاسية B.M.W كانت تساوى ما قيمته 30 ألف جنيه، وكان يجرى الاستهلاك سريعًا بسبب سوء الاستخدام، علاوة على صرف مبالغ مالية كبيرة على المكافآت التى كانت تقدم لموظفى الرئاسة، خاصة الموالين والعناصر الجديدة التى تم تعيينها بناء على طلب من مكتب الإرشاد، وعندما حاول أسعد الشيخة تقديم مكافأة لقائد الحرس الجمهورى اللواء محمد زكى فى هذا الوقت وقيمتها ثلاثون ألف جنيه شهريًا، رفض اللواء زكى وقال له: «أنا أحصل على مكافآتى من القوات المسلحة»، ساعتها عاتبه أسعد الشيخة بقوله: «كيف ترفض منحة الرئيس، وقد منح الكثيرين مكافآت كبيرة تقديرًا لجهدهم، فرد عليه اللواء محمد زكى بالقول: «أنا أحصل على مرتبى وأؤدى واجبى ولا أحتاج لشىء آخر»!! كانت المبالغ تهدر بهدف شراء النفوس، وضمان الولاء وكانت أغلب هذه المكافآت تذهب إلى عناصر الإخوان الذين استعمروا القصور  الرئاسية مما تسبب فى أزمة فى البند المخصص للرواتب والحوافز الرئاسية، بعد أن استهلك مرسى الموازنة مبكرًا!!، ولم يستطع أحد أن يعترض مرسى وجماعته داخل القصر، فالتهديد بالإبعاد والإقالة كان سيفًا مشهرًا فى مواجهة كل من يقول «لا» لإجراءات مرسى غير القانونية داخل القصر أو خارجه.

 

إهدار أموال الدولة

واستطرد: «كانت الرئاسة تتدخل فى اختيارات ممثلى الجهاز المركزى للمحاسبات، المسئولين عن متابعة أعمال الصرف والإجراءات المالية داخل المؤسسة، فبعد إحالة هانى البنا وكيل الوزارة المنتدب من الجهاز للرئاسة إلى المعاش، تم انتداب شخص آخر بديلاً عنه مهمته مراقبة المستندات المالية قبل أن يوقع عليها نائب رئيس ديوان الرئاسة للشئون المالية، وفوجئت السيدة منيرة عبدالهادى رئيس الجهاز المركزى فى هذا الوقت بالسيد محمد رفاعة الطهطاوى رئيس ديوان رئيس الجمهورية يتصل بها ويطلب انتداب محمد مصطفى الغنيمى بدلاً من الشخص الذى جرى ترشيحه، كان محمد مصطفى الغنيمى قد جرت إعارته لمدة 15 سنة فى إحدى الدول الخليجية، وكان مراقبًا لحسابات وزارة البترول قبل إعارته، وهو أمر مخالف لنظام الجهاز الإدارى للدولة الذى لم يعمل فيه من الأساس، وعندما تم الاعتراض على ذلك صمم رئيس ديوان الرئاسة على انتدابه رغم أنف الجهاز وتم تعيينه بالفعل مستشارًا ماليًا لرئيس الديوان مباشرة، وكانت كل مؤهلات محمد مصطفى الغنيمى أنه صديق للدكتور سعد الكتاتنى ومرتبط بعناصر داخل جماعة الإخوان، إلا أن الطهطاوى قال للسيدة منيرة عبدالهادى سوف يتم انتداب الغنيمى شاء الجهاز أم أبى، ولم يكن هناك من خيار آخر، لقد جرى العبث بميزانية الرئاسة، وتم التصرف فيها بسفه شديد، وهو ما يناقض الأقوال التى رددها محمد مرسى فى بداية عهده عن النزاهة وأنه لن يتقاضى راتبه عندما قال فى أول خطاب له «إنه ليس له حقوق إنه يعمل بلا مقابل»، والغريب فى الأمر أن جماعة الإخوان أصدرت بيانًا فى أعقاب عزل  محمد مرسى من منصبه شدد فيه على نزاهته وقالت: «إنه تعامل مع المنصب الرئاسى على أنه تكليف وليس تشريف ولا مغنم، وأن مرسى ظل يعيش فى شقة يدفع إيجارها ولم يتقاض راتبه طيلة العام الذى قضاه فى الرئاسة»!! كان ذلك هو الكذب بعينه، فيكفى القول دليلاً على ذلك أن رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية بمؤسسة الرئاسة «محمد رأفت عبدالكريم» قال أمام مجلس الشورى «إن راتب الرئيس يصل إلى 29 ألف جنيه، فى حين أن مصدرًا قضائيًا بجهاز الكسب قد أكد فى تصريحات صحفية أن مرسى كان يتقاضى 43 ألف جنيه راتبًا أساسيًا بخلاف البدلات والحوافز التى تبلغ نحو 257 ألف جنيه، أى 300 ألف جنيه شهريًا».

 

جناح ألمانيا الرئاسى

 

وأضاف: «عندما تم عزل مرسى رفض التوقيع على معاش رئيس الجمهورية وأصر على شرط استلام كامل راتب الرئيس بزعم أنه لا يزال الرئيس الشرعى للبلاد متجاهلاً أن هناك ثورة شعبية عزلته من منصبه بسبب الجرائم التى ارتكبها فى حق البلاد، ولم يكن مرسى يفرق بين المال العام والمال الخاص، فعندما استخدم الطائرة الرئاسية لزيارة أهله فى الشرقية كما حدث واحتج الناس اعتبر أن ذلك أمر طبيعى، مع أن ذلك لو حدث فى أحد البلدان الغربية لاعتبر إهدارًا للمال العام يوجب محاسبة الرئيس»، وعندما سافر إلى ألمانيا فى زيارة شهيرة تم حجز جناح له فى فندق «أدلون» فى العاصمة الألمانية برلين، وعندما ذهب مرسى إلى هناك وسمع أن مبارك كان ينزل فى هذا الجناح، قال لرئيس الديوان: «أريد جناحًا أغلى، فهذا الجناح لا يليق برئيس مصر المنتخب»، وعندما قيل له إن الجناح الأوسع أغلى سعرًا إلى درجة الضعف وأنه يطل على مقابر اليهود، قال لهم: «وإيه يعنى.. جناح مبارك كان يطل على البوابة.. المهم أن يكون الجناح واسعًا»، وهكذا أجبر مرسى الجميع على أن يحجزوا له هذا الجناح الأوسع بضعف قيمة الجناح الآخر الذى كان ينزل فيه مبارك، وعندما زار الولايات المتحدة للمشاركة فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدثة أقام مرسى الدنيا ولم يقعدها عندما فشلت الرئاسة فى حجز الجناح الكبير داخل الفندق الذى نزل فيه، بسبب أن أوباما كان ينزل فى هذا الجناح، والذى بلغت قيمة الليلة الواحدة فيه 60 ألف  دولار، وساعتها وجه مرسى اللوم إلى معاونيه لأنهم لا يعرفون قيمة الرئيس الوحيد «المنتخب» فى الشرق الأوسط كما كان يقول دومًا، ولم يكن أمام معاونيه سوى الصمت فى مواجهة غضبته وثورته العارمة».

 

تبذير «حرم المعزول»

 

وأردف: «كانت «أم أحمد» حرم الرئيس «المنتخب» مغرمة هى الأخرى بالتبذير والسفه المالى، فالسيدة التى عاشت وأسرتها طيلة حياتها فى شقة متواضعة بالزقازيق، ذهبت إلى قصر السلام الذى قرر مرسى الإقامة فيه وطلبت على الفور إجراء إصلاحات جذرية داخل القصر، لقد قررت أولاً استبدال أثاث القصر التاريخى بأثاث من دمياط تختاره هى بنفسها ثم إنها طلبت من المسئولين عن صيانة القصور الرئاسية تحطيم حمامات القصر الرئاسية لأن البلاط لونه أخضر غامق، وهى لا تحب هذا اللون، وعندما قيل لها إن الحمامات مستوردة بالكامل من الخارج قالت وإيه يعنى!! وعندما قيل لها إن الحمامات مكسوة بقطع مرقمة، كل قطعة وضعت فى مكانها ردت عليهم بالقول: «أنتم مبتفهموش فى الحمامات»، وعندما طلبوا منها قرارًا من ديوان الرئاسة يقضى بإجراء هذه التعديلات قالت: «وهو انتم كنتم بتعملوا كده مع اللى قبلنا»!!، ولم يكن هناك من خيار آخر أمام المسئولين عن صيانة القصور الرئاسية، لقد كانت صدمتهم كبيرة، ولكن ماذا يفعلون، لابد من الاستجابة لتعليمات «أم أحمد»، مضيفًا :» كان مقدرًا للرئيس وعائلته أن يقيموا فى هذا القصر القريب من الاتحادية فى 15 يونيو 2013، كل شىء كان قد اكتمل الأثاث والديكورات وحمام السباحة الذى كلف الدولة 14 مليون جنيه، إلا أن «أم أحمد» أقنعت مرسى بالاستمرار فى قصر القبة لحين الانتهاء من «دوشة 30 يونيو»!! مضت الأيام سريعًا حدثت الثورة التى أطاحت بالنظام، جاء رئيس جديد، هو الرئيس عدلى منصور، انتقل على الفور للإقامة بقصر السلام، بينما انتقل محمد مرسى إلى السجن، أما «أم أحمد» وأولادها فقد انتقلوا للإقامة فى كمبوند الشيخ زايد بمدينة 6 أكتوبر!