26 يونيو 2019 - 45 : 14
رئيس مجلس الإدارة
عبد الصادق الشوربجي
رئيس التحرير
احمد باشا

بعد حصوله على جائزة الشيخ سلطان القاسمى

محمد شرشال: اخترت الصمت كلغة عالمية فى «G.P.S» ولا أحب المشاهد الكسول!

فتح العرض المسرحى «G.P.S» المجال للتساؤل والجدل حول مدى إمكانية الاستغناء عن الحوار والكلمة المنطوقة بشكل كامل والاعتماد فقط على لغة الحركة والإيماءة وإصدار الأصوات كان هذا العمل مفاجأة كبيرة لجمهور مهرجان المسرح العربى بالأردن ثم جمهور مهرجان أيام الشارقة المسرحية بالإمارات بعد حصوله على جائزة الشيخ سلطان القاسمى بالأردن كأفضل عمل عربى اتبعت أيام الشارقة تقليدها المعتاد بافتتاح فعالياتها بالعرض الفائز للمخرج الجزائرى محمد شرشال أثناء مراسم تسلمه للجائزة من الشيخ سلطان عن العرض والجدل المثار حوله قال شرشال فى هذا الحوار: ■ لماذا قررت الإستغناء عن اللغة والحوار بشكل متكامل؟ فكرة الاستغناء عن اللغة جاءتنى من خلال معايانتى للعروض بالجزائر لم أكن وقتها أشاهد اعمالا مسرحية خارج حدود الجزائر ومشكلة الأعمال الجزائرية ذات النص أنها سقطت فى نوع من الثرثرة وأصبح كل العاملين والفنانين خدما للكلمة والكاتب لأن المؤلف أصبح يكتب بإسهاب فوجدت نفسى أمام مسرحيات مملة تعتمد على الإسهالات اللفظية والفسلفة الزائدة والوعظ، وبالتالى رأيت أنه لابد أن نعيد النظر فيما نفعل حاولت أن أقول للممارسين الجزائريين أن النص عنصر بسيط من عناصر الخطاب المسرحى وليس هذا فحسب بل من الممكن الاستغناء عنه لأن المسرح فعل وليس قولا بدأت تراودنى فكرة كيف اثبت ذلك هذا هو السبب الأول لإقبالى على هذا الشكل، السبب الثانى يقولون أن المسرح هو أبوالفنون بمعنى أنه فن توظيف الفنون كلها التكشيلية والموسيقى وغيرها لكن الموسيقى عادة يكون لها صدى عالمى لكن كيف يكون أبو الفنون مقصورا على حدود معينة ما هى المشكلة التى تعيق المسرح ليكون لغة عالمية. ■ هل يعتبر GPS»” التجربة الأولى في هذا المجال؟ فى البداية فكرت فى محاولة اقتراح عملا بدون نص او فعل لفظى لأن النص موجود حتى ولو الحوار غير موجود عن طريق لغة أخرى غير منطوقة كتبت مسرحية «ما بقت هدرة» من فصلين فصل ناطق به نص والآخر بدون نص قررت خوض هذه التجربة مع المجتمعات العربية خاصة بعد اختيار هذا العرض فى دورة تونس لمهرجان المسرح العربى لأننا مجتمعات بالأساس شفوية تحب الكلمة والشعر صعب استبدال ذلك بصورة لكن اليوم الصورة أصبحت حاضرة فى كل شيء مثل ما يحدث على فيس بوك عرضت العمل وقع جدل بين الجمهور هناك من قبل الفكرة؛ وهناك من رفضها وهذا ما حفزنى على الاستمرار لست من ابتدع هذا الشكل ربما أكون من أدخلته للجزائر أو للمسرح العربى مثلما أدخل مارون النقاش المسرح الفرنسى مصر. ■ في رايك هل كان للعمل صدمة في عدم تحقيق التواصل؟ القصة مفهومة ورد فعل الجمهور كان إيجابيا في «GPS” بدليل حدوث تواصل بالقاعة هناك ضحك وانسجام. ■ ألم تر أن هناك أزمة في سياق بناء وتتابع المشاهد ؟ أعتقد أنني من المخرجين الذين لا يحبون الممثل الكسول وكذلك لا أحب المشاهد الكسول انتظر الفعل من الممثل بالإقتراح لأنه فنان مبدع وليس ماريونيت ينتظر توجيهي كذلك انا من المخرجين الذين يطلبون من الجمهور الا يكون كسولا وضعت دلالات واضحة بالعرض مثل انصراف المنحوتات وتحولها إلى بشر ثم لابد من التساؤل لماذا خرج الأطفال بلا ملامح لأن الأطفال يولدون دون ملامح كلهم متشابهون ثم بالمشهد الثالث بدأ التوجيه حاولت منح دلالات كنت اطمع من الجمهور أن يتفاعل مع العرض فكريا لا ان يبقى سلبي ينتظر الشرح. ■ هل تر أن «GPS” عرضا جماهيريا لغير المتخصصين؟ أعتقد أن الجمهور العادي سيجد متعته وليس بحاجة لتفسير معاني الأشياء سيتفاعل سيضحك في هذا النوع من العروض حتى الأطفال يجدون متعتهم وكل العائلة قدمنا قصة منحوتات أرادت التمرد على ناحتها كي تتحول إلى بشر اعتقادا منها ان البشر احرارا لكنها موجهه من اسرها اخذ الأطفال من حبلها السري هو اول عملية توجيه يخضع لها الطفل.  ■ إذن لماذا وجد بعض المتخصصين صعوبة في التواصل؟ يحتاج العرض إلى أكثر من مشاهدة لأننى ابتعدت عن الأطباق الجاهزة وعن الوضعيات التقليدية ابتعدت عن المستهلك بقدر المستطاع حين يرفع الستار هناك صدمة عندما يفيق الجمهور من الصدمة أمام شىء غير معتاد مشاهدته أحاول شرح ما يحدث فى مهرجان الأردن كان هناك دهشة وصدمة كبيرة وما زال الفعل النقدى لا يتحرك للأسف، المشهد الأول مدته ست دقائق وأعتقد أنها غير كافية حتى يستوعب الجمهور ما يحدث لابد من التأقلم مع هذا الشكل الجديد لأنه يحتاج إلى أدوات فى قراءته لأن أدوات قراءته مختلفة عن الأعمال التقليدية كل الأعمال الناجحة عالميا كان بها رفض وعدم فهم الشىء المختلف يلزمه وقت لاستيعابه هذه الكائنات عندما كانوا أطفالا بلا ملامح الممرضة أرادت أن تمنحهم ملامح جميلة والمديرة رفضت هذه الملامح الجميلة وقتلت الممرضة انتزعت ملامحها حتى تستدرج الأطفال وتفرض عليهم ملامح المدرسة التى تفرض علينا ملامح ليست لنا ليست نحن لنصل إلى المحطة بملامح ليست لنا كل الشخوص نتاج هذا التوجيه لا المتدين حقيقى ولا الصحفى حقيقى ولا المثقف حقيقى كلنا شخصيات سلبية موجهه ننتظر القطار الذى لا نركبه ابدا هذه هى الإشكالية اشكالية المجتمعات العربية نرى القطار يمر ولا نركبه بسبب النزاعات والجهل والنزوات لا نركب القطار حتى يمر العمر هذه الكائنات تعرفت على الآدمى لكن أين تكمن صدمتها الوجودية بأنها اختارت أن تكون بشر عندما تكتشف أن الإنسان يموت بالطبع لا يمكن فرض قراءة على الجمهور بعد خروج العمل للنور لأن القراءة تعتمد على الرصيد الثقافى والمعرفى للمتلقى لا يمكن فرض شكل معين عليه عندما نصل للجمهور القراءة ستعدد وتختلف. ■ كيف استقبلت الهجوم على العرض واتهامك بالسرقة من عمل روسي؟ أعانى من نفس الهجوم والاتهامات بالجزائر لكننى أتساءل كيف يمكننى أن آخذ من عرض آخر المسرح روح ومتعة واشتغال عميق ليس فقط الشكل الخارجى للأمور وذكرت أننى لست مبتدعا لهذا الشكل هو موجود فى المسرح الروسى وموجود بأوروبا الغربية هذا من جهة أقول بهذا المفهوم فإن كل المسرح الممارس فى المسرح العربى مسروق أرونى مسرح عربى وحيد ليس مستنبطا من أشكال روسية أو فرنسية أو ايطالية هذه طبيعة البشر لست مسئولا عن ردود أفعالهم لكننى مسئول عن عملى فقط واؤمن به من أراد أن يخوننى فليفعل مقتنع أننى فى مرحلة ظهور نتائج وتراكمات أكثر من 35 سنة ممارسة مسرحية هذه قناعاتى إذا قلت انه اخذ من مسارح أخرى هذا ليس تخوينا لى فقط ولكنه تخوين لفريق العمل بالكامل كأنهم منفذون لسرقة محمد شرشال وفى الواقع أعذر من يقول هذا الكلام لأنه فى حالة ألم أمام النجاح هناك يتألم من نجاح الآخرين وبالتالى يجد مبررا لإلغاء الآخر هذه نكبتنا فى مجتمعتنا العربية لا نعرف كيف نصفق لبعضنا بعض. ■ هل لديك مشاركات قريبة في مهرجانات أخرى؟ لدينا جولات فى ابريل بمهرجان المسرح المحترف بجندوبة تونس وسوف نرسل طلبات للمشاركة بأيام قرطاج المسرحى ومهرجان المسرح التجريبى فى مصر كما سنقدم عروضا بالمسرح القومى بغداد ودمشق وفى المانيا برلين قدمنا طلب مشاركة فى اسبانيا مدريد.