السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السيسى قدم مصلحة الوطن فوق المصالح الخاصة

الاقتصادى العربى الكبير طلال أبوغزالة يتحدث لـ«روزاليوسف »: 2 - 3

نستكمل اليوم الجزء الثانى من حوار «روزاليوسف» مع الاقتصادى العربىالكبير الكتور طلال أبوغزالة  الذى أبدى خلاله إعجابه الشديد بالنهج الاقتصادى الجريء الذى اتبعه الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه حكم مصر، لافتًا إلى أنه اعتمد نظامًا متميّزًا، يختلف عن التجارب المصرية السابقة بأنه أكثر شمولية، وأحدث تغييرات ديناميكية فى البنيّة التشريعيّة والإنشائية المصرية، مشيرًا إلى أن هناك دراسة أمريكية مهمة أكدت أن نمو الاقتصاد المصرى يرتفع بشكل مذهل ويرتكز على روافد قوية. وأكد «أبو غزالة» أن مصر تملك فرصًا كبيرة لتحقيق نمو سريع، وقادرة على جذب الاستثمارات الخارجيّة والدخول فى أسواق جديدة، وستتبوأ مكانة بارزة اقتصاديًا عالميًا، وأبدى دهشته من السرعة المذهلة التى تقام بها المشروعات على أرض الواقع فى جميع المجالات، مطالبًا بضرورة الاستثمر فى التعليم، والتطوير المؤسسى، والتوسع فى ريادة الأعمال، وتشجع الابتكار، وتعزيز تنافسيّة المنتجات المصرية. وإلى نص الحوار..



■ ما أهم القطاعات التى يمكن الاستثمار فيها داخل مصر؟

ـ يوجد فى الحياة أربعة أساسيات لا تتوقف؛ الطعام، الطب والدواء، التعليم، وأخيرًا فى عصر المعرفة يجب أن تتوافر أدوات تقنية المعلومات، بالتالى إن أهم القطاعات التى يمكن الاستثمار فيها داخل مصر القطاع الاستهلاكى حيث من المتوقع أن تكون السلع الغذائية والأدوية أكثر جذبا للاستثمارات فى 2020، وكذلك قطاعات الملابس الجاهزة، والصناعات الهندسية والتقنية، والطاقة والغاز، ومواد البناء والكيماويات، والعقارات، وذلك بسبب السوق الكبير والطلب الثابت الذى لا يتغير.

ومن المتوقع أن تصبح مصر قاعدة تصديرية للأدوية بما يغطى السوق الإفريقى بسبب الأمراض المستوطنة والحاجة إلى المكملات الغذائية لمعالجة ضعف بعض مواطنى هذه الدول، وهو ما يؤدى إلى مضاعفة مصانع الدواء الموجودة فى مصر حاليًا.

وعلى رأس القطاعات الجاذبة للاستثمار قطاعا الصناعات الهندسية والملابس الجاهزة، وذلك بحكم موقع مصر الذى يتوسط العالم يمكن أن تكون مصر مركزًا مهما فى الصناعة أو حتى فى مجال تجميع السيارات فى منطقة محور قناة السويس.

 ■ كيف ترى البرنامج الاقتصادى الذى انتهجته الدولة المصرية؟

ـ امتلك البرنامج الاقتصادى الذى انتهجه الرئيس عبدالفتاح السيسى إرادة فولاذية بقرار المواجهة للأورام المؤلمة للجسد الاقتصادى المصرى التى أفقدته حيويته وشبابه مما تسبب بشل حركته، كما أنه اتبع تقديم مصلحة الوطن فوق المصالح السياسية الخاصة، بإيمانه وإخلاصه فى العمل لازدهار وتقدم الوطن وركز فى سياسته الاستراتيجية على بناء بنية تحتية تنتج الثروة وتساعد على نموها،  كما أنه يستهدف تحرير سعر صرف الجنيه وزيادة موارد النقد الأجنبي، ورفع معدل النمو وأرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر الذى وصل إلى أكثر من 45 مليار دولار، وخفض عجز الموازنة والدين العام، وتهيئة البيئة المناسبة لجذب تدفقات الاستثمار المباشر.

إن الاستثمار فى المستقبل هو الاستثمار الصحيح وليس الاستثمار فى إرضاء الشعب اليوم على حساب إفلاس الدولة فى المستقبل مما يتسبب تعطله عن العمل حيث إن ما يتم استثماره الأن هو رؤية لمستقبل مصر والمواطن المصرى للجيل الحالى ولأجيال المستقبل.

 ■ ما الخطوات التى يجب أن تتخذها الحكومة المصرية لمواصلة نجاحها فى الإصلاحات الاقتصادية؟

ـ أولاً؛ أتمنى من الحكومة المصرية التركيز على توعية المواطن المصرى بما يتم استثماره حاليًا، حيث إن نشر فكرة الاستثمار الصحيح فى المستقبل يعد خطوة كبيرة للاستمرار فى مواصلة النجاح بعملية الإصلاحات الاقتصادية. ثانيًا، أتمنى من الحكومة المصرية معرفة كيفية الاستفادة من فترة الاستثمار فى البنية التحتية سواء أكانت بالبنية التحتية الإلكترونية أى الإنترنت ووسائل التواصل بجميع أشكاله أو البنية التحتية الرأسمالية، كما يجب دراسة ما هو توجه الدولة وما هى مجالات العمل فيها بالمستقبل.

ثالثًا، المواصلة والاستمرار فيما شرعت به الحكومة المصرية من المبادرات لإصلاح الاقتصاد، ما يمهد الطريق لتحقيق نموٍّ شامل ومستدام ومتسارع فى معدل النمو الاقتصادي، ويشمل ذلك تطوير التشريعات وتحقيق التكامل بينها ورسم سياسات عامة ناظمة للقطاعات الاقتصادية.

■ انتقدت التعليم العربى وقلت أنّه يخرّج باحثين عن العمل، فما هى الوظائف والمهن الأكثر احتياجًا فى مستقبل منطقتنا من وجهة نظرك؟

ـ ما نحتاجه فى منطقتنا العربية هو الابتكار فلا يوجد هناك خسارة فى أن تنشئ مدرسة أو جامعة تعلم الابتكار فهذا يعد استثمارًا، لماذا نفكر بأن الاستثمار هو فقط شيء ملموس أو ثابت، بل إن أسوأ استثمار هو الأشياء الثابتة، ولكن الاستثمار فى الابداع المعرفى هو ثروة تغنيك أكثر من كل شيء، من الضرورى أن يتواكب التعليم مع المستقبل ومع التقدم السريع بمجال الإبداع والابتكار، فإن المهن المستقبلية التى تحتاجها المنطقة هى أى مهنة قائمة على تقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي، حيث إن مجتمع المعرفة هو الذى يحرك كل شيء فيه جهاز الحاسوب والقائم على الإنترنت بجوانب حياته. أعتقد أن هناك وظائف ومهن رائدة يمكن التركيز عليها فى السنوات العشر القادمة هى فى حقول تقنية المعلومات، والصناعات الدقيقة، وصناعة الأدوية، والمهن السياحية، والصناعات الزراعية والطاقة البديلة.

 ■ لماذا تعد الدول العربية سوقا استهلاكية كبيرة أكثر منه سوق منتج؟

ـ لأننا لسنا متطورين تقنيًا ومعرفيًا، جميع الدول التقنية والمعرفية أصبحت تخترع أجهزة تساعدها فى الإنتاج والتطوير لإنتاج أكبر كمية من منتجها بأقل وقت ممكن هذا من الناحية الصناعية، إن كل جانب قد يكون سببًا لإدخال الربح إذا لم يتم تطويره تقنيًا فلن يستطيع منافسة الأجهزة والاختراعات المتطورة، وبما أن الدول الأخرى تقدمت تقنيًا وأصبحت دولًا منتجة فما كان منا هو أننا أصبحنا نستخدم منتجاتها ولم نفكر يومًا بأن نقوم بالاعتماد على أنفسنا فاكتفينا بما نستورده ونستهلكه بدلًا من التفكير فى كيفية تطوير ما لدينا لنصبح دولا منتجة أيضًا، بالتالى ازداد العالم تقدمًا وازدهارًا وازددنا تراجعًا، وفى المقابل نرى أن برامج التعليم والتدريب الفنّى والمهنى لا تتواكب مع احتياجات الانتقال من الدولة الرعويّة إلى الدولة الانتاجيّة، وبقيت الاختصاصات فى إطارها التقليدى وأصبحت خارج الزمن.

■ هل ترى الدول العربية قادرة على صناعة أجهزة ووسائل تكنولوجيا متطورة تضاهى المقاييس العالمية؟

ـ نحن فى مجموعة طلال أبو غزالة العالمية قررنا دخول عصر صنع التكنولوجيا، وقمنا بإنتاج وتصنيع وتصميم أول حاسوب محمول وأجهزة لوحية ذكية من تمويل عربى واسم عربى بالكامل، ليس اسما مشتركا ولا غربى أو أجنبى أو شرقى وإنما صناعة عربية كاملة، كما أن المنتجات أعلى من أعلى المستويات المتوفرة بالسوق وبأقل من سعر السوق، كان هذا مثالًا حيًّا على أن الدول العربية لا ينقصها شيء لتكون فى مقدمة الصناعات التقنية بمقاييس عالمية وتنافسية، ولكن ما ينقصنا هو التحلى بالقوة والثقة بأننا قادرون على أن نتفوق على العالم الغربى كما كان تاريخنا قائدًا للعالم لمدة 500 عام.

كل ما فى الأمر أن تنتهج الدّول العربيّة خطّة قوميّة للتحول إلى الصناعات المعاصرة، وتطوير استراتيجيات تعليم وتدريب مستجيبة لتلك الخطة.

■ كيف يمكن استعادة ثقة المستهلك العربى فى جودة منتجاته الوطنية بعد أن غزت المنتجات العالمية أسواقنا المحلية؟

ـ إن نجاح الصناعة الوطنية وتعزيز قدراتها التنافسية يتطلب تظافر كافة الجهود، والمقصود هنا ليس فقط الجهود المبذولة من قبل مؤسسات القطاعين العام والخاص، وإنما يجب أن يكون هناك دور أساسى للمستهلك المحلى من خلال جعل خيار السلعة الوطنية خيارًا أساسيًا.

إن طرح أى منتج فى السوق الحالية يحتاج إلى أن يكون ذا جودة تنافسية مع المنتجات العالمية تتناسب مع احتياجات واهتمامات المستهلك وتخدم صاحبها خاصة وأن المواطن لا يستطيع أن ينفق مبلغًا من المال فى غير موضعه أو فى شراء سلعة للتجربة فقط، كما أن وضع تعليمات خاصة بهدف تنظيم حركة الأسواق المحلية بما يخدم التاجر والمستهلك معا يساعد فى إعادة بناء الثقة بين التاجر والمستهلك، بالإضافة إلى تخفيض حالات الغش والخداع التى كان يتعرض لها المشترى فى السابق.

 ■ سبق وأن انتقدت أداء الإعلام المصرى فى تغطية نتائج الإصلاح الاقتصادى، فما النتائج والنجاحات التى ينبغى أن نركز عليها كإعلاميين؟

ـ يجب على الإعلام أن يتناول المشكلات الاقتصادية الرئيسية ويحللها أمام الرأى العام ويبيّن النتائج والآثار الناجمة عنها لخلق القناعة اللازمة لدى المواطن المصرى حول أهميّة مواجهة هذه المشكلات وتحمل المصاعب المرافقة.

ولأجل كسب تأييد المواطن للتوجهات الحكوميّة، فإنه على الإعلام المصرى أن يوضّح مبررات تلك الإجراءات بجميع الوسائل والأساليب، وأن يذكر وبشكل متدرّج النتائج المأمولة منها على المدى القصير والمتوسط والبعيد. ما نطالعه اليوم من الممارسات الإعلامية هو التركيز على المشاكل وليس على الحلول، ما نقرأه يوميًا فى غالبية الصحف لا يحتوى على أى خبر إيجابي، ولكن ما يجب القيام به هو التركيز على جوانب الإبداع والنجاحات فى أمتنا العربية، وتوعية المواطن من خلال إعطائه حقائق إيجابية تبث فى نفسه التفاؤل لا اليأس، وهذا بالضبط ما يجب أن يركز عليه الإعلام فى مصر وفى الوطن العربى أجمع.