26 يونيو 2019 - 45 : 14
رئيس مجلس الإدارة
عبد الصادق الشوربجي
رئيس التحرير
احمد باشا

واحة الإبداع

«الغربال»

الأعمال  للفنان:  مجدى الكفراوى 



يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]

 

«الغربال» 

 

قصة قصيرة

 

 عمرو صالح وجدت الشابة الصغيرة نفسها قد أنهكت قواها، فجلست على رصيف المحطة الحجرى تنعى حظها العاثر.. لقد فقدت كل أمل فى أن تعود وفى صرتها مبلغ الدين الذى تعهدت به لصاحبة معمل الجبن. كان الأمر ليس بالسهل عليها وهى تجاهد السيدات البدينات، والمتمرسات على ذلك العمل منذ صغرهن.. فحمل قدر الجبن من المعمل، وركوب القطار به حتى محطة الجيزة، ثم الذهاب للسوق وبيعه كله لسيدات المدينة ليس بالأمر الهين، فكل واحدة منهن يعرفها كمسارى القطار ويحاسبهن على حملهن بشكل أيسر منها ومن مثلها البائعات الجدد.. كما وأن حجز مكان بداخل إحدى العربات يحتاج لكثير من المجابهة والشراسة مع «رزالة» الركاب، واللين والتبسط مع موظفى المحطة.. وحتى عندما حان موعد القطار، ورسا على الرصيف تأهبت وحملت العبء الثقيل متحفزة على رأسها وجاهدت جموع الركاب حتى وصلت لباب إحدى العربات وحطت قدرها على مدخلها، حدث ما لم تحسب له أى حساب.. فقد وجدت باقى البائعات يدفعنها بقوة جعلتها تهوى على الأرض ومعها قدر الجبن الذى سقط كله على الرصيف وداسته الأقدام، ولم تشعر بنفسها إلا بعد أن غادر القطار المحطة وغادر معه حلمها بجنى ثمار عملها كبائعة جديدة فى سوق البائعات. كانت جدتها تقول فى إحدى المناسبات «اللى ما يشوف من الغربال أعمى» ..تذكرت هذا المثل بعد أن عقدت العزم على العودة لبلدتها والجلوس فى بيتها فقد فشلت فى هذا الاختبار وتكون بائعة وتعول أسرتها وأطفالها مثلهن..لكن سرعان ما قالت لنفسها: لا لن أعود.. فأنا لست عمياء، أما طريقة النظر من الغربال فهذا الذى يجب على تدبره.