الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أردوغان يلقى بشعبه تحت أقدام الوباء

بالرغم من توقف أغلب الرحلات الجوية حول العالم فى إطار مواجهة تفشى وباء كوفيد 19، أصر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على استمرار الرحلات الجوية التركية متجاهلا كافة الإجراءات التى نوهت إليها منظمة الصحة العالمية.



وليست حماية حياة الأتراك من أولويات أردوغان الذى تأخر فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انتشار كورونا فى تركيا، إلى أن أصبحت دولته ثانى دولة بعد إيطاليا من حيث المعدل المرتفع للإصابات اليومية، وإنما أولوياته إنقاذ الخطوط الجوية القطرية من شبح الإفلاس، بعدما أعلن «أكبر الباكر» الرئيس التنفيذى للخطوط الجوية القطرية عن نفاذ السيولة المادية المتاحه للشركة نتيجة تفشى وباء كورونا فى الدوحة وتوقف جميع الرحلات ماعدا الرحلات المستمرة إلى تركيا وإيران، ما أدى إلى تكبد الشركة خسائر بملايين الدولارات.

وفى ذلك الوقت لم يتوقف مطار اسطنبول يومًا واحدًا عن استقبال الوافدين من الرحلات الجوية القطرية، إذ  تتحرك ثلاث رحلات بشكل يومى من الدوحة إلى إسطنبول فى إطار الدعم التركى للخطوط الجوية القطرية.

وقالت صحيفة «جمهورييت» أن الخطوط الجوية القطرية تقوم بنقل العالقين الأتراك من جميع أنحاء العالم إلى موطنهم فى تركيا، كما تضم الرحلات سياسيين ودبلوماسيين أتراكًا وقطريين، وأفراد من العائلة الحاكمة، بالإضافة إلى تدشين جسر جوى لنقل المستلزمات الطبية إلى تركيا فى الوقت الذى اختفت فيه تلك المستلزمات الطبية من الأسواق القطرية.

«تركيا سبب الكارثة»

منذ عام 2016 ، واجه الاتحاد الأوروبى تدفق هائل لطالبى اللجوء، فر معظمهم من النزاع فى سوريا، ودخل حوالى مليون شخص إلى أوروبا، معظمهم من تركيا، عن طريق الوصول إلى الجزر اليونانية فى بحر إيجة.

ولمعالجة هذا التدفق وتخفيف العبء، توصل الاتحاد الأوروبى وتركيا إلى اتفاق سياسى فى مارس 2016، وأدى ذلك إلى انخفاض كبير فى عدد الوافدين إلى تركيا من الاتحاد الأوروبي، وتضمن البيان المشترك سلسلة من الالتزامات، ولكن فى المقابل سعت تركيا إلى ربط التنفيذ بدعم الاتحاد الأوروبى لمشاريعها العثمانية الجديدة الأوسع فى شمال سوريا وخارجها والمنطقة بأكملها.

أولاً ، هددت تركيا بفتح حدودها والسماح بأعداد هائلة من المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا، وألغت من جانب واحد مسئولياتها المرتبطة ببيان الاتحاد الأوروبى وتركيا لعام 2016، وسعت إلى استخدام البشر كبيادق فى محاولة لابتزاز الاتحاد الأوروبى «التى تطمح فى الانضمام إليه».

ونفذت بالفعل السلطات التركية تهديدها عن طريق دعم وتحريض وتوجيه شباب اللاجئين للعنف بتشجيع من قوات الأمن التركية أو عالأقل غضت الطرف.

وعلى الرغم من اختفاء انقره خلف أزمتها فى سوريا أنها السبب الرئيسى فى ذلك، فإن أكثر من 60 % ممن اعتقلوا بسبب عبورهم الحدود اليونانية بطريقة غير مشروعة هم من الأفغان وأقل من 10 % كانوا سوريين، وحتى أنهم كانوا يعيشون فى تركيا منذ سنوات.

لم تكن هذه خطوة عفوية، كان هجوم مخطط له ضد اليونان وأوروبا، بل قد تمادوا وشبههوا وضع اللاجئين على حدود اليونان بمحنة اليهود خلال الهولوكوس، لتهييج الرأى العام الدولي.

وأكد وزير خارجية اليونان، أول دولة فى خط مواجهة اللاجئين وأكثرهم تضررا، أن أوروبا اتحدت لرفض الأساليب التركية لابتزاز المكاسب على حساب المعاناة الإنسانية، مشيرا إلى أن أوروبا يجب أن تستمر فى تقديم الدعم لملايين اللاجئين السوريين والنازحين الموجودين داخل سوريا أو التى تستضيفها دول مجاورة مثل تركيا، ولكن لن تشارك اليونان ولا الاتحاد الأوروبى مع تركيا تحت الإكراه أو التهديد أو الابتزاز.

ربما حان الوقت، خاصة بالنظر إلى الوضع الصعب الذى تواجه أوروبا مع الوباء، لكى تدرك القيادة التركية أن دبلوماسيتها فى الابتزاز لم تعد فعالة.

وأوضحت الصحيفة أن الأسبوع الثانى من يناير 2020 جاء حاملا معه الوباء إلى تركيا كونها ملتقى للرحلات القادمة من الشرق باتجاه أوروبا، انتشر المرض أولا فى البؤر السياحية والملاهى الليلية، وعلى الرغم من ارتفاع الأصوات والتحذيرات إلا أن السلطات التركية رفضت تعليق الطيران مع الصين، وماطلت فى إلغاء الرحلات الجوية بينها وبين عواصم أوروبا، وبقيت تستقبل السياح الصينيين وتنقلهم بطائراتها بعد ذلك إلى العالم، فالطيران التركى يعتمد كثيرا على رحلات الترانزيت القادمة من الشرق الى إسطنبول ومنها إلى روما وبرلين ولندن.

ونشر تقرير على موقع سى إن إن الأمريكى يقول: «أردوغان يفتح باب أوروبا أمام عشرات آلاف اللاجئين». وأشار التقرير إلى تصريحات للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، كشف فيها عن أن بلاده «ستبقى الحدود مفتوحة أمام موجات اللاجئين الراغبين بالوصول إلى أوروبا».

لقد كان كل ذلك تحضيرا من أردوغان لنقل الوباء إلى أوروبا، ليس عن طريق الطيران فحسب، بل بأيدى المهاجرين السوريين -الأبرياء- الذين دفعهم تحت تهديد السلاح والملاحقات الأمنية وإلغاء حق الإقامة ومنع العمل وإنهاء تصاريح محلاتهم التجارية للخروج إلى الحدود التركية مع أوروبا، لم تكن المعلومات الصحية غائبة عن أردوغان عندما أخذ قراره بفتح حدوده أمام عشرات الآلاف من المهاجرين لكى يضمن انتشار الوباء فى ألمانيا وإيطاليا وبقية دول الاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى أنه فى 15 مارس أى بعد أسبوعين من وصول 20 ألف لاجئ سورى إلى أوروبا -بينهم الآلاف من تنظيم داعش الذين حولهم أردوغان من حمل المتفجرات إلى حمل فايروس «كورونا»-، أعلنت إيطاليا حالة الطوارئ، لتتبعها فرنسا وإسبانيا وألمانيا، كانت تتساقط واحدة تلو الأخرى تحت أقدام المرض القاتل.

وفى الداخل التركى لم تقم حكومة أردوغان باتخاذ أى إجراءات وقائية للحد من المرض، بل إن أردوغان ماطل فى الإعلان عن الفيروس لدرجة أن بلاده كانت من آخر الدول التى اعترفت بانتشار الوباء فى أراضيها.

كل تلك المماطلة لم تكن بريئة، بل كانت جزءا من خطته لإعطاء فسحة من الوقت تكفى لانتشار المرض فى الأوساط الأوروبية، وحتى لا تتهم أنقرة بأنها من تعمد السماح بانتشاره، بالرغم من أن الجميع كان يعلم أنه استوطن تركيا منذ بداية يناير، وخاصة بين المهاجرين السوريين.