الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أردوغان يسقط فى اختبار «كورونا»

فى خطوة من جانب المعارضة التركية لمحاولة احتواء الأزمة وهو الأمر الذى يكشف سقوط أردوغان أمام شعبه وتخاذل  فيما تمر به البلاد، بدأت بلدية إسطنبول الكبرى، التابعة للمعارضة التركية أمس الأول توزيع أقنعة طبية «كمامات»  على الأتراك الذين يستخدمون وسائل النقل العام فى المدينة الأكثر ازدحاما؛ للحيلولة دون تفشى فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).  



خطوة المعارضة تأتى وسط اتهامات بفشل نظام الرئيس رجب طيب أردوغان فى مواجهة احتواء الفيروس الذى ينتشر بشكل كبير بين الأتراك، وأسفر حتى مساء الجمعة عن 425 حالة وفاة و 20 ألف إصابة، ما جعل تركيا تقفز للمرتبة التاسعة من حيث عدد الإصابات عالميا.  

وقال الموقع الإلكترونى لصحيفة «سوزجو» المعارضة، إن بلدية إسطنبول التى فاز برئاستها أكرم إمام أوغلو، المنتمى لحزب الشعب الجمهورى المعارض، وزعت الكمامات بالمجان على ركاب خطوط المتروبوس (حافلات ركاب مزدوجة طوليا لها مسارات خاصة كالمترو) والمترو والحافلات.  

يأتى ذلك عقب سلسلة تدابير احترازية جديدة اتخذتها تركيا لمواجهة تفشى الفيروس، تهدف لتقيد الحركة فى البلاد بعد تسجيل أرقام كبيرة من الإصابات بكورونا.

وشملت من بين القرارات إغلاق 31 مدينة كبرى بشكل تام، ومنع من هم دون 20 عاما من الخروج من المنزل، إضافة إلى فرض ارتداء القناع الطبى فى وسائل النقل وأماكن التجمعات.   

قلص الجهود فى مكافحة الفيروس

وفى وقت سابق، أكد أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، أن الخلاف بين حزب الشعب الجمهورى المعارض وحكومة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تسبب فى تقليص جهود البلدية لمكافحة فيروس كورونا.

وأضاف، فى مقابلة مع رويترز، أن الوقت ينفد على فرض إجراءات عزل لوقف حدوث تزايد حاد فى عدد المصابين بالفيروس مع خروج مليونى شخص للشوارع يوميا حتى الآن.  

وبلغت إحصائية الوفيات فى تركيا حتى مساء الجمعة 425 حالة، فيما بلغ عدد الإصابات 20 ألفا و921  حالة، ما جعل تركيا تقفز للمرتبة التاسعة من حيث عدد الإصابات على مستوى العالم.

وسجلت تركيا أول إصابة بفيروس كورونا 10 مارس  الماضي، ومنذ ذلك الحين والإصابات والوفيات تزداد بشكل متسارع.

هجوم النقابات العمالية

فى الوقت ذاته، شنت النقابات العمالية التركية هجومها مجددا ضد نظام رجب طيب أردوغان، لتقاعسه عن دعم العمال فى مواجهة التداعيات السلبية لتفشى فيروس كورونا المستجد.

وأصدرت العديد من نقابات العمال، ومنظمات المجتمع المدنى، والهيئات الحقوقية فى تركيا بيانا مشتركا، طالبت نظام  أردوغان باتخاذ مزيد من التدابير لتقديم المساعدات اللازمة للعاملين بتركيا من المتضررين من تداعيات تفشى فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بالبلاد.

واتهم البيان النظام التركى بـ»التقاعس عن تقديم الدعم اللازم لتلك الفئات، على خلاف ما يحدث فى دول العالم التى يتفشى فيها الفيروس»، حسب موقع «صون سوز» الإخبارى التركي.

وشدد البيان على «ضرورة عدم فصل العمال من أماكن عملهم من قبل الشركات والمؤسسات المختلفة»، مضيفا «وهذا لن يحدث إذا قامت الحكومة بمسئولياتها لحماية تلك الفئات من ظلم أرباب العمل».

ومؤخرا سلطت صحيفة « برغون»، التركية المعارضة، الضوء على الأوضاع المعيشية والاقتصادية للأتراك الذين أخذوا إجازات غير مدفوعة من أماكن عملهم على خلفية تفشى فيروس كورونا فى البلاد، والتقت عددا منهم، حيث « أكدوا أنهم باتوا بلا دخول، وأن النظام التركى لم يقف بجانبهم فى مثل هذه الظروف الصعبة».

كما أن العديد من النقابات تقدمت من قبلُ بمطالب فى ذات الاتجاه، فضلا عن أحزاب المعارضة المختلفة.

وفى تصريحات أدلى بها قبل نحو يومين، قال زعيم المعارضة التركية كمال قليجدار أوغلو «الدولة معنية فى المقام الأول بتقديم الدعم اللازم للعمال المتأثرين والمتضررين من أزمة الفيروس».

وأضاف قائلا « ومن ثم أطالب الحكومة بتقديم ذلك الدعم حتى لا تتفاقم الأوضاع وتصل لبعد كارثى يفوق أبعاد تفشى الفيروس نفسه».

كما جدد قليجدار أوغلو مطالبته نظام أردوغان بتفعيل صندوق البطالة، للاستفادة بأمواله فى تقديم الدعم للعمال فى ظل هذه «الجائحة».

وشدد كذلك على ضرورة حماية حقوق العمال ممن لا يعملون تحت مظلة أية نقابة وبدون تأمينات.

يشار إلى أن تقريرا، صدر مؤخرا عن المعارضة التركية، توقع ارتفاع العاطلين عن العمل ليصل إلى 11 مليون شخص، وارتفاع سعر الدولار أمام العملة المحلية الليرة إلى حدود الـ 8 ليرات مقابل الدولار الواحد، جراء تفشى فيروس كورونا المستجد فى البلاد.

المؤسسات التركية ترفض حملة التبرعات

إلى ذلك، أصدرت 76 مؤسسة تركية بيانًا مشتركًا يؤكدون على رفضهم لحملة التبرعات التى دعا إليها أردوغان بحجة مساعدة ضحايا تفشى كورونا فى تركيا، معتبرين أنها تحايل يمارسه أردوغان فى ظل تمويل مشروعات عملاقة مثل قناة اسطنبول البحرية، وتمويل الميليشيات للحرب فى ليبيا

وبحسب ما نقله موقع  «تركيا الآن»، قال بيان المؤسسات التركية الرافضة لدعوة الرئيس التركى : «لسنا بحاجة إلى الاستغلال السياسى والحظر والمواقف الاستقطابية وخلق فرص من الوباء، وإنما إلى التضامن والشفافية والمعلومات الصحيحة والمزيد من الديمقراطية أكثر من أى وقت مضى».

وفى إشارة لتلاعب أردوغان وحكومته بأموال الأتراك، أوضحت المؤسسات فى بيانها: «نحن كمواطنين نعرف معنى التضامن، ونعرف أيضًا أن تضامنا وضرائبنا لم تُنفق علينا، وعلى النظام الذى أطلق أرقام حسابات بنكية للشعب أن يجاوب على هذا السؤال: أين الموارد التى توفرها ضرائبنا؟ ولماذا لا تستخدم لتلبية الاحتياجات المجتمعية التى تسبب فيها وباء الكورونا للشعب؟».

وفسر البيان: «الجواب واضح.. لقد تم إنفاق موارد البلاد على رأس المال، والمؤسسات المؤيدة، والحرب فى سوريا، والحرب فى ليبيا، والقصر الذى يضم ألف غرفة، وقصر أخلاط، وقصر مرماريس، والأسطول المكون من 12 طائرة للرئيس».

وأكدت المؤسسات أن «الخزينة فارغة الآن، ويُطلب من الناس، الغالبية العظمى منهم من الفقراء والعاملين، التبرع، علاوة على ذلك، سيتم إجراء خصم إلزامى من العمال فى بعض المؤسسات، لكن لا أحد يتوقع منا الموافقة على ذلك».

كما طالبت المؤسسات التركية الموقعة على البيان بإعادة النظر فى ميزانية  2020، ووقف المشاريع الكبرى الجارية حاليًا، وتخصيص الأموال لمكافحة الوباء، وتأجيل المدفوعات، وتخصيص جميع المدفوعات التى لا تقدم أى فائدة فى هذه الأزمة للصحة، والدعم الاقتصادى والاجتماعى، والإنتاج.

وأضاف البيان: «نريد الشفافية فى الإدارة والنفقات والممارسات، اشرحوا للمواطنين كيف وأين سيتم إنفاق الموارد. وتحقيقا لهذه الغاية، لابد من إنشاء آليات مراقبة عامة تشاركية وخاضعة للمساءلة».

كما أشار البيان إلى النماذج العالمية المختلفة التى توضح الدور الذى تلعبه الإدارات المحلية فى مكافحة فيروس كورونا، معتبرًا أن تهميش دور هذه الإدارات التى اختارها الشعب ووثق بها وتعيين أوصياء بدلًا منهم كان بمثابة ضرر كبير أوقع أردوغان تركيا فيه، مطالبين بضرورة زيادة سلطات الحكومات المحلية على الفور، والتأكد من اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز السلطات المحلية.

وشدد بيان المؤسسات التركية على أنه لا يمكن مكافحة الوباء من القصر، حيث أن مكافحة الفيروس تتطلب المعرفة والعلم والخبرة، ومتابعة توصيات المجلس العلمى والتقدم، إضافة إلى أهمية إشراك اتحاد الأطباء الأتراك والغرف المهنية والمنظمات المجتمعية والأحزاب السياسية فى الاجتماعات حيث يتم اتخاذ قرارات حول منع الوباء هذا هو الشرط الأساسى للنضال التام.

يُذكر أن أحمد داوود أوغلو، رئيس وزراء أردوغان السابق ورئيس حزب المستقبل التركى حاليا، كان انتقد دعوة الرئيس التركى للتبرع خلال لقاء له مع الصحفى مرات سابونجو فى استديو صحيفة « تى 24»، وقال نصا: «الدولة الاجتماعية لا تطلب المساعدة، إنها تساعد.. إذا طلبت الدولة زكاة الشعب، فهناك شك فى أن الخزانة فارغة.. هناك بالميزانية بدل سرى موجود لهذه الأيام.. إذا بدأنا لا نرى الأزمة الاقتصادية التى تحرق المنزل، فينبغى علينا جميعاً أن نقلق بشأن الانفجارات الاجتماعية».

وكان التهديد الذى صاحب حملة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، لحملة التبرعات لضحايا كورونا، أسفر عن جمع 552 مليونًا و 529 ليرة حتى ظهر مساء الخميس الماضي، حسبما أفاد رئيس دائرة الاتصالات فى رئاسة الجمهورية التركية، فخر الدين ألتون.

وطالب بيان المؤسسات التركية بوقف جميع الحروب العابرة للحدود والتدخلات، وإنهاء العمليات العسكرية من الداخل والخارج لخلق الموارد لمكافحة الوباء، وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

موجة غضب إسبانية

وبسبب التصرفات التركية الطائشة والأنانية، اجتاحت موجة من الغضب مواقع التواصل الاجتماعى فى إسبانيا، عقب قيام النظام التركى بعملية قرصنة لشحنة تضم أجهزة تنفس صناعى ومستلزمات طبية، قادمة من الصين، لمواجهة أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد فى البلد الواقعة غرب القارة الأوروبية.

الإسبان الغاضبون من الاستفزازات التركية تنوعت مطالبهم ما بين طرد سفير أنقرة فى مدريد، وإعادة النظر فى المساعدات المقدمة إلى نظام أردوغان من الاتحاد الأوروبي، بل وصل إلى اعتبار التصرف التركى بمثابة إعلان حرب. فمن جانبه كتب الممثل والمذيع الإسبانى المعروف آنخيل مارتين جوميز فى تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» قائلا: «ما فعله هؤلاء الأتراك منعدمو المشاعر والإحساس لا بد اعتباره إشارة بالغة للاحتجاج عليهم وعلى ما فعلوه».

ولم يقتصر الغضب الإسبانى على الأشخاص بل امتد إلى الأحزاب السياسية، فمن جانبه غرد حزب «فوكس» عبر حسابه الرسمى على موقع «تويتر» قائلا: «هذا ما يحدث حينما تتعامل مع حكومة تنتهج أسلوب عصابات المافيا، حكومة لا تسعى إلا إلى السيطرة والاحتلال مثلما فعلت فى اليونان، أو الاستيلاء على أجهزتك الطبية لتتركك وحدك فى مواجهة وباء عالمى مثل وباء الكورونا.

وأضاف الحزب: «نرى أنه إذا ثبتت بالفعل مسئولية تركيا (...) فإنه لا بد من طرد السفير التركى من أرض إسبانيا».  وكتب الناشط السياسى الإسبانى كارلوس جارثيا فى تغريدة عبر حسابه قائلا:»تركيا تقوم باحتجاز أجهزة تنفس كانت متجهة إلى إسبانيا والحكومة تعتبر هذه الأجهزة مفقودة.. لا بد من التلويح باستخدام الفيتو لطردها إلى الأبد من دائرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى إن لم تسلم تلك الأجهزة».

ورغم الجهود الكبيرة التى تبذلها السلطات الإسبانية متمثلة فى وزارتى الخارجية والصحة لاستعادة الشحنة الطبية؛ فإن نظام أردوغان يتعنت بشكل مثير للاستفزاز، حيث تطالب أنقرة حكومة مدريد بالتنازل عن الأجهزة لعدة أسابيع، بحجة أنها تواجه أزمة فى المعدات الطبية اللازمة لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد فى تركيا.

وكان النظام التركى قد أفرج الأسبوع الماضى عن الجزء الخاص بشحنة الأقنعة الواقية والمطهرات الطبية، إلا أنه ما زال يحتجز الجزء الأهم فى الشحنة وهى أجهزة التنفس الصناعى.