السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أنا وزوجتى وعزل كورونا

بريد روزا

سيدى الفاضل كما تعلم أن العالم كله يعيش فى الوقت الراهن حالة صعبة ومعقدة بسبب الخوف من هذا الوباء القاتل كورونا، ويدرك كل فرد الآن ما له وما عليه للحفاظ على صحته وصحة أفراد أسرته سواء بالبيت أو خارجه، ولكن للأسف الشديد أنا لا أشعر على الإطلاق بأن زوجتى تدرك أهمية ودقة تلك المرحلة لاسيما نفسيًا قبل بيئيًا وسلوكيًا بسبب هذا الكائن البغيض. أنا سيدى الفاضل متزوج منذ ٤ سنوات من بنت الجيران ولى منها ولد ٣ سنوات وبنت ٦ أشهر - أعمل موظفًا للعلاقات العامة بإحدى المؤسسات المصرفية وحاليًا بأجازة إجبارية مدفوعة الأجر بسبب خطورة هذا الوباء، وزوجتى ست بيت لا تعمل وهى حاصلة على ليسانس آداب لكنها تعانى من حالات إكتئاب متقطعة على فترت، وحاليًا هى مستقرة نفسيًا والحمدلله كما أخبرنا الطبيب المعالج خلال زيارتنا الأخيرة له. والحقيقة التى يجب أن أعترف بها فى حق زوجتى وشريكة حياتى هى أنها لا تقصر أبدًا فى أداء واجباتها فى وجودى وغيابى قبل الآن، وأنا كذلك أحتويها قدر استطاعتى بسبب ظروف تقلباتها النفسية، ولكن كما يقولون للصبر حدود. فبعد حصولى على الإجازة التى لم أعتد عليها من قبل وهى ١٤ يومًا، لاحظت عيوبًا لم أكن أراها فى زوجتى ولا أطيقها - وهى غضبها وثورتها لمجرد متابعتى لصفحتى على الفيسبوك أو خروجى لقضاء بعض احتياجاتنا وتأخرى قليلًا، والأكثر من ذلك هو عدم اهتمامها بنفسها فى وجودى بل أكاد أجزم لك سيدى بأنها ربما تهمل فى مظهرها عن قصد وبشكل مبالغ فيه كى تنفرنى منها وتدفعنى لصدامات أحاول دائمًا تلاشيها فى الظروف الطبيعية، أستاذى الفاضل لا أخفيك سرًا بأننى بدأت أفكر بشدة فى إنهاء تلك العلاقة المتوترة بالطلاق لكننى دائما ما أفكر فى مصير أبنائى، فماذا أفعل وبما تنصحنى بعد أن أصبحت لا أطيق حتى رؤيتها أمامى وربما هى كذلك - بالرغم من حرصها المستمر على عدم الإفصاح عن مشاكلنا سواء لأهلى أو أهلها، بل تظهر روحًا أخرى مرحة ومنطلقة ربما هى التى أتمنى أن أنعم أنا بها وليس الآخرين.



إمضاء م.ع

عزيزى م.ع تحية طيبة وبعد...

ربما نتفق جميعًا على حقيقة لا تقبل الشك- وهى أن العملة الوحيدة التى يعترف بها الحب كى يستمر هى العطاء - عندما يتجسد الأخير فى ثوب التضحية ونكران الذات، تمامًا كما يفعل كل حبيب من أجل من يحب لكن بنسب واتجاهات مختلفة. وما ذكرته خلال رسالتك يؤكد بشكل قاطع أنك كنت ولازلت محبًا ومعترفًا بفضل زوجتك وأم أولادك - وبأنها أبدًا لم تقصر ولم تبخل فى عطائها وإخلاصها معك يومًا واحدًا، ولكن ما يعانى منه العالم الآن من وباء هو فى ظاهره إصابة فيروسية تنتقل من شخص لآخر فقط، ولكن هناك وجهًا آخر لهذا الوباء وهو العزلة الاجتماعية التى فرضتها معظم دول العالم كإجراء وقائى للحد من تفشى هذا العدو اللعين. وهذا التقوقع حتى وإن كان بين الأزواج يبدو طبيعيًا، إلا انه لم يكن معتادا من قبل لفترات طويلة بسبب تعدد المسئوليات اليومية بين العمل والمنزل، أضف إلى ما سبق بعض الاختلافات فى وجهات النظر التى لا يخلو منها بيت فتعكر صفو العلاقة بين حين وآخر وأججتها تلك العزلة. ويعتر هذا الحدث العارض سلاح ذو حدين - فإما أن يتحمل كل طرف الآخر ويتفهم طبيعة الضغوط المفروضة عليه بحكم تلك العزلة، ويخلق من وقت المكوث الطويل بالبيت فرصة للمزيد من التفاهم والعطاء والتراحم، أو يسمح لهذا الكائن البغيض بقتل الروح الطيبة التى تجمعه بشريك حياته. وإذا فكرت بعقلية رب الأسرة المسئول - ستجد أن واجبك كرجل يمتلك قدرات خاصة من الاحتواء والصبر وقوة التحمل يحتم عليك المحافظة على دعمك لزوجتك سواء فى مرضها أو بسبب تلك الظروف الإستثنائية التى تمثل ضغوطًا مُنْهِكة قد تكون جددت حالة الاكتئاب لديها دون أن تشعر، ناهيك عن مسئولية طفلتكم الرضيعة و التى تتطلب هى الأخرى رعاية كبيرة من أمها. لذا أنصحك بأن تدعم أنت دور طبيب زوجتك النفسي بالتخفيف عنها وتطييب خاطرها وترميم ثقتها بنفسها التى تأثرت كثيرًا بسبب تفضيلك للتواصل الصامت مع الأصدقاء على الفيس بوك عن مساعدتها فى قتل شبح الاكتئاب الذى يصارعها من حين لآخر، وهذا ما دعاها بالتبعية إلى إهمال حقوقك بشكل مفتعل للتعبير عن إعتراضها على جفائك معها. فى النهاية أدعوك أن تستثمر وقت أجازتك فى تغيير صورتك الذهنية فى نظر زوجتك وأنت جدير بذلك كرجل علاقات عامة تمتلك المهارات اللازمة فى تحقيق الأهداف الإتصالية والإقناعية التى تحتاجها، وحتمًا ستجد تغيرًا إيجابيًا وملحوظًا منها، فالجزاء دائمًا من جنس العمل.

دمت سعيدًا وموفقًا م.ع