الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

النائب المعارض «عمر فاروق جرجرلى أوغلو» فى أول حوار بعد استقالة وزير الداخلية التركى: أردوغان ديكتاتور متعطش للسلطة.. أعاد تركيا 30 سنة للخلف وسقطنا فى كل المؤشرات الدولية

نستكمل اليوم الحلقة الثانية من حوار النائب عمر فاروق جرجرلى أوغلو، عضو حزب الشعوب الديمقراطى التركى المعارض، وعضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان التركي، الذى فضح فيه الأوضاع السيئة لحقوق الإنسان فى تركيا خلال عهد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، لافتًا إلى أن النظام التركى يقمع المعارضين ويزج بهم فى السجون.



وأكد «جرجرلى» فى حوار خاص لـ»روزاليوسف» أن أردوغان أعاد تركيا 30 سنة للخلف، حيث سقطت خلال حكمه فى جميع المؤشرات العالمية مثل استقلال القضاء والديمقراطية وسيادة القانون، فضلًا عن كونه يطارد الأبرياء لمجرد تعاطفهم مع منافسه جولن ويتبع سياسات عنصرية ضد الأكراد، كما منح الشرطة سلطات واسعة لاختطاف المعارضين وتعذيبهم دون تهم.

وشدد عضو حزب الشعوب الديمقراطى التركى المعارض، على أن أردوغان غير جاد فى إيجاد حل عادل للقضية الكردية، وحول حياة الأكراد فى تركيا إلى جحيم، كما اعتقل السياسيين منهم لأسباب غير قانونية وهجر الألاف، وأصدر60 ألف تهمة غير قانونية بعد محاولة الانقلاب، مضيفًا أن «الديكتاتورعاجز عن إدارة شؤوننا الداخلية الاقتصادية والسياسية ويتدخل فى سوريا وليبيا والعراق» ولفت إلى أن تركيا تعانى من الوحدة بسبب سياساته السيئة مع دول الجوار.. وإلى نص الحوار..

 

■ بصفتك متابعا لأوضاع المساجين كم يبلغ عدد المعتقلين السياسيين والمعارضين لسياسة أردوغان فى السجون وما هى الأساليب المتبعة فى التعامل معهم؟

ــ يمكننا القول أن هناك حوالى 50 ألف سجين سياسي، حيث يصر أردوغان على ملء السجون بالسجناء السياسيين، كما أنه بفعل سياساته الديكتاتورية لم يفكر فى العدالة ولم يأخذ فى الاعتبار استبعاد السجناء السياسيين من عقوبات وأحكام الإعدام.

■ كيف ترى أوضاع الصحفيين ووسائل الإعلام فى ظل عهد أردوغان؟

ــ الصحفيون فى تركيا يعيشون أصعب فترة ويعانون من ضغوطات متزايدة لم يشهدونها فى تاريخهم، حيث يضغط أردوغان بشدة على وسائل الإعلام، ويتعامل مع التعبير عن حرية الرأى على أنها إرهاب وتهديد لشخصه، ولذلك يتبع أساليب غير قانونية للغاية خاصة مع الصحفيين، هناك أكثر من 100 سجين صحفي، وقد تم إغلاق العديد من المواقع الإلكترونية.

 بلاشك أصعب مهنة فى تركيا خلال عهد أردوغان هى الصحافة لأن الصحف التى تؤيد أردوغان وسياساته تكسب المال، بينما لسوء الحظ فإن أولئك الذين ينتقدون أردوغان وممارساته يتعرضون للإفلاس.

■ كيف ترى تعامل نظام أردوغان مع ملف حقوق الإنسان؟

ـــ أردوغان يدير ملف حقوق الإنسان بشكل سيئ للغاية، فى السنوات الأولى لحكمه كان لحزب العدالة والتنمية فى تركيا أهداف مثل الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبى وإرساء الديمقراطية، فمنح جميع الملفات مساحة من الديمقراطية لإعطاء فرصة للحكومة فى هذه المرحلة، ثم قدموا دعما واسعا لحل بعض المشاكل، وبعد ذلك ابتعد أردوغان عن المشاكل التى اعتبرها محفوفة بالمخاطر بالنسبة له لحماية سلطته، وتحول إلى فكر متعصب حول حل القضية الكردية، والسلام مع الشعب العلوى والعديد من الشعوب الأخرى، وخدع ناخبيه وتخلى عن طموحه فى الديمقراطية وتطور مفاهيم أكثر تشددًا للعب للجمهور، حيث انضم إلى تجمعات فى القرآن الكريم، ثم ذهب لتخويف خصومه.

أردوغان لم يكن صادقًا فى خطوات التحول الديمقراطي، فبمجرد ما شعر بخطورتها عليه ركلهم جميعًا وبدأ تنفيذ سياسات دكتاتورية وفرض ضغوط كبيرة خاصة فى السنوات الخمسة الماضية، حيث كانت تتزايد الضغوطات كل دقيقة وكانت هناك انتهاكات جسيمة فى حقوق الإنسان، ليس فقط ضدنا نحن كمعارضين، ولكن أيضًا ضد المعايير الإنسانية والقانونية العالمية التى أكدت هذا.

 سقطت تركيا بسرعة كبيرة فى جميع قوانين المؤشرات العالمية، واستقلال القضاء، والديمقراطية، وسيادة القانون، خلال فترة حالة الطوارئ، خاصة بعد محاولة الانقلاب، حيث قام بمطاردة الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالانقلاب لمجرد تعاطفهم مع منافسه جولن، كما كان يتبع سياسات عنصرية بالفعل ضد الأكراد منذ سنوات، وبعد عملية الحل، ازداد الضغط على الأكراد بشكل مكثف، ورأى أن مطالب الأكراد تعادل الإرهاب، مما خلق ملفات انتهاك خطيرة لا تعد ولا تحصى.

 كانت هناك مشاكل كبيرة فى كل المجالات مثل حرية الفكر، والحق فى الحياة، وحرية الدين والضمير، السجون تعج بالسجناء، والناس تتعرض للتعذيب فى مراكز الاحتجاز، كما تم منح الشرطة سلطات واسعة أدت إلى اتباع وزير الداخلية سليمان سويلو وهو شديد الكره للمعارضة منذ زمن للكثير من ممارسات التعذيب بسهولة بالغة، حييث يتم اختطاف بعض المعارضين وتعذيبهم ثم وضعهم فى السجون مع تجهيز سيناريو بأنهم استسلموا بطريقة أو بأخرى، وهو ما أعاد تركيا 30 عامًا إلى الخلف.

■ هل تعتقد أن أردوغان كان مخلصًا فى مبادرة السلام التى أجراها مع الأكراد فى ٢٠١٢ خلال فترة رئاسته للوزراء ولماذا أنهى أردوغان المبادرة؟

ـــ بالنسبة لأردوغان كانت القضية الكردية معروفة منذ البداية، وكان منظوره تجاه هذه القضية لا ينطلق من منظور حزب الحركة القومية»»MHP، لقد كان حزبًا مختلفًا عن تقاليد الرؤية القومية، ولذلك هو لم يرفض هذه القضية ورغب فى حلها فى إطار الأخوة الإسلامية

 ولكن بعد وصول أردوغان إلى السلطة، اتخذ بعض الإجراءات فى هذا الموضوع، وأجرى محاولات تعطى صورة خارجية بأنه جادًا فى حلها من الخارج، لكنها كانت محاولات محدودة وغير صادقة من الداخل، بعد ذلك ظن أنه لن يستطيع مواصلة سلطته بعد إيجاد حل للقضية الكردية وانفصالها وتقاتل مع رفيقه السابق جولن وأصبح منافسًا شرسًا له. رأى أن جولن صابونة تحت قدميه، واعتقد أن القضية الكردية يمكن أن تصبح سببًا للإطاحة بسلطته، فبدأ حقبة دموية من الاستبداد، ورغم أنه كان يدرك أن هذه الفترة لن تكون ناجحة ولكن كان كل هدفه هو استمراره فى السلطة بأى ثمن.

■ ماتعليقك على ضرب القوات التركية لمدن وقرى الأكراد بعد انتهاء مبادرة السلام.. وكم عدد المهاجرين الأكراد إلى غرب تركيا إثر الضربة؟

ــ بعد الانتهاء من عملية السلام تحولت حياة الأكراد فى تركيا إلى معاناة لأن أردوغان كان يعاملهم بوحشية واستبدادية وحول حياتهم إلى جحيم، وبكل أسف سجن الكثير من السياسيين الأكراد، ونفذ الآلاف من الاعتقالات، وانفجرت الإدانات مثل الإعصار وتم ملء السجون بهم لأسباب غير قانونية عديدة.

كان الجميع يعرفون جيدًا أن كل هذه الأمور كانت غير قانونية، ولذلك كان يجب على آلاف السياسيين والمثقفين الأكراد الذين أعلنوا عن آرائهم المعارضة الهروب إلى خارج تركيا، لا يمكننى أن أعطى رقمًا واضحًا جدًا، لكن بياناتنا تُظهر أن هناك ما نحو60 ألف تهمة غير قانونية فى تركيا بعد محاولة الانقلاب، وطبيعة الحال فإن الغالبية العظمى من هؤلاء هم أعضاء فى قضايا مجتمع جولن و Fetö.

 أعتقد أن هناك عددا قليلا من الناس يسافرون إلى الخارج ربما 10٪ أو 20٪ من الحركة السياسية الكردية.

■ كيف ترى تدخلات أردوغان فى سوريا وليبيا؟

ــ أردوغان ديكتاتور يسعى لرفع مستواه وقدراته كل يوم، سواء فى القضية الكردية أو فى إحكام سلطته، ولذلك بعد أن قرر حل المشكلة الكردية بأسلوب مسلح ومتسلط قام بالعديد من العمليات الخارجية التى اعتقد أنه يمكن أن يحصل من خلالها على مكاسب مثل تدخله فى سوريا والعراق.

 بالطبع، حصل على مكاسب مؤقتة ولديه قوة مسلحة جيدة إلى حد ما، والمقاتلون من حوله ليسوا قوة مسلحة تابعة للدولة، بل قوات مقاتلة على غرار حرب العصابات، لذلك استقر أردوغان فى المناطق التى احتلها خلال عملياته، لكننا نعلم جيدًا أن هذه ليست مستوطنات دائمة.

ندرك جيدًا أن مكاسب الأسلحة والمستوطنات والضغوط السياسية التى حققها أردوغان هى نتيجة مفاوضات مع الولايات المتحدة، وكل هذه الأعمال لن تعالج القضية الكردية بشكل دائم، ولكن أردوغان سيواصل هذه العمليات لأنه يختار كل شيء غير خيار حل القضية الكردية بشكل عادل وسلمى لمواصلة حكمه.

 العملية التى قام بها لليبيا هى أيضا مسألة تفضيل، من الواضح أن مثل هذا التدخل فى ليبيا الذى تحول إلى خلية نحل لن يكون ناجحًا للغاية، لأن تركيا غير قادرة بالفعل على التعامل مع الاقتصاد والسياسة وشئونها الداخلية الخاصة بها.

 فى رأيي، إن محاولة التدخل فى الشئون الداخلية لبلد ليس له شأن به سوى كونه أحد جيرانه سيؤدى إلى خسارة كبيرة لتركيا.

■ ما رأيك فى سياسات أردوغان الخارجية وعلاقته بدول الجوار؟

ــ بعد ترك خط التحول الديمقراطى عام 2011 اتبع أردوغان خطا غير ودى للغاية، حيث كان هناك تغيير فى هذه السياسة مع عمليات الافتتاح وعمليات الحلول على الرغم من هجومه على القضية الكردية، كان من الواضح أنه لن ينجح فيها بسبب هيكله العام المعادى للديمقراطية، لذلك بدأ علاقات سيئة للغاية مع دول أجنبية، وأحدث أزمات كبرى مع سوريا، وحاولوا الإطاحة بالإدارة السورية.

 كما كانت هناك أيضا أوقات متوترة للغاية مع العراق، وكانت هناك أوقات متوترة مع إيران، وتم إسقاط الطائرة الروسية فى وقت لاحق، ثم إبرام عدد من الاتفاقيات مع بوتين قائمة على التعاون فى المصالح، وأظهر بوتين قوته فى تركيا وانتقم لبعض الوقت.

كثيرًا ما عانت تركيا من الوحدة الكبيرة، وحاول نظام أردوغان تسمية هذه العزلة بالـ»المقاطعة المشرفة»، ولكن لم تكن هذه هى الحقيقية، كلنا نعرف جيدًا أن أردوغان اتبع سياسة خارجية سيئة للغاية، واستخدم ممارسات قاسية ومناهضة للديمقراطية فى السياسة الداخلية.

■ تعرض حوالى 300 موظف مدنى للفصل أو الاعتقال بقرارات أردوعان دون حكم قضائى.. كيف ترى ذلك؟

ـــ أردوغان ديكتاتور متعطش للسلطة وطموح لا يهتم بالقوانين والمحاكم، ويتخذ القرارات بسهولة ويضع المحاكم تحت تصرفه، يستخدمها بشكل سيئ للغاية، ويتبع أساليب قمعية، لأن هدفه الرئيسى الحفاظ على نفسه، ولذلك أصبحت المحاكم والقضاء والبرلمان والمجتمع المدنى المماثل وجميع المؤسسات الأخرى غير مهمة بالنسبة له.

أردوغان أسس فى تركيا حكما ديكتاتوريا محكما بالكامل، ويحب دائمًا أن يقود جميع الإدارات ويتقلد كافة المناصب، فبعد أن أصبح رئيسًا، صمم أن يظل رئيس حزب العدالة والتنمية مرة أخرى وبالفعل تحقق ذلك، وعلى الرغم من أن إدارة كل هذه المهام أمر صعب للغاية، لكن رغبة أردوغان فى أن يكون الرجل الوحيد الذى يحكم جعلته يصر على ذلك بشكل رهيب، أروغان شخص وصولى يسعى بكل السبل إلى تحقيق طموحاته.