الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عماد الدين حسين يرد على رشدى أباظة: أرجوك توقف عن توزيع صكوك الوطنية

عماد الدين حسين يرد على رشدى أباظة: أرجوك توقف عن توزيع صكوك الوطنية

 إلى الأستاذ أحمد باشا رئيس تحرير جريدة روزاليوسف:



فوجئت وفجعت بمقالين منشورين فى الجريدة وموقعها الإلكترونى يومى الرابع والسادس من إبريل الحالى بعنوان: «عماد الدين حسين والحنين إلى الإخوان»، ثم «عماد الدين حسين رئيس تحرير شروق الإخوان». وذلك ردًا على مقال كتبته فى جريدة«الشروق» يوم الأحد ٢٩ مارس الماضى بعنوان: «الفرصة الذهبية التى ضيعها الإخوان».

 المقالان تضمنا العديد من الأخطاء فى المعلومات والاستخلاصات، وهذا هو ردى على ما ورد فيهما.

مبدئيًا ليس لدىَّ اعتراض أن يقوم أحمد باشا أو رشدى أباظة أو حتى فريد شوقى أو أى شخص أو جهة بالاختلاف معى فيما أكتبه. خلافى فقط فيما تضمنه المقالان من توجيه اتهامات لو صحت لوضعتنى تحت حبل المشنقة طبقًا للقانون المصرى الحالى.

فى المقال الأول يقول الكاتب الغامض أن هدفى منذ ١٥ مارس ٢٠١٧ وحتى الآن هو إعادة دمج الإخوان فى جسم الدولة المصرية، مستشهدًا بعنوان لمقال لى فى ١٥ مارس ٢٠١٧ بعنوان «جربوا الإفراج عن بعض مسجونى الإخوان». وللأسف نسى الكاتب أن صلب ما قلته بوضوح فى هذا المقال هو «الإفراج عن أى شخص إخوانى ثبت أنه بريء وأننى لا أدعو ولن أدعو للإفراج عمن قتل أو مول أو أحرق أو دمر المنشآت العامة أو الخاصة، سواء كان إخوانيًا أو ينتمى لأى تيار آخر». هل يعترض أحد على هذا التوصيف الذى أكده رئيس الجمهورية،شخصيًا حينما شكل لجنة رئاسية للإفراج عمن يثبت أنه بريء؟!.

وكتبت مرة أخرى فى ١٧ يناير ٢٠١٧، أدعو إلى الإفراج عن مرشد الإخوان السابق مهدى عاكف، الذى كان فى آخر أيام حياته، ليس لأنه مرشد الإخوان، بل قلت وقتها بوضوح : « دعوه يموت فى منزله بتدابير احترازية هو أو أى مسجون كبير ومريض جدًا حتى لا تعطوا الإخوان المتاجرة بما يعتقدون أنه مظلومية». وقلت فى هذا المقال أيضًا أنه «لا يوجد أدنى تعارض بين الضرب بيد من حديد على كل المتطرفين والإرهابيين والمحرضين على العنف سواء كانوا إخوانًا أو سلفيين من جهة، وبين الإفراج الصحى المشروط عن بعض حالات كبار السن، أو المرضى منهم الذين لن يتسبب الإفراج عنهم فى تهديد الأمن القومى». وقلت أيضًا، «الإفراج عن هذه الحالات سيعطى انطباعًا بأن الحكومة تنظر إلى الجانب الإنسانى بقوة حتى لو كان متعلقًا بمرشد سابق لجماعة تعترف وتتفاخر بالعنف والإرهاب».

يقول الكاتب أن مقالى يحتمل وجود اتصال خفى بينى وبين والتنظيم الذى يجس نبض الدولة من خلالى من حين لآخر. وهذا الاحتمال الذى يسوقه الكاتب بكل خفة وسهولة يعرضنى للحبس وربما الإعدام.

يقول أيضًا إننى ربما أكون واجهة و«لسان حال لمالك الجريدة المهندس إبراهيم المعلم ناشر كتب سيد قطب ويوسف القرضاوى». ولمعلومات الكاتب ولغيره فإننى أكتب عمودًا يوميًا منتظمًا بعد نحو شهرين من صدور الشروق فى فبراير ٢٠٠٩ بطلب من إبراهيم المعلم وهو يعلم هواى الناصري. أكتب فيه ما أعتقد أنه الصواب ولست معصومًا من الخط وكل ما كتبته أتحمل مسئوليته الكاملة. ومن أول مقال إلى اليوم، لم يحدث إطلاقًا أن طلب منى إبراهيم المعلم، أو أى من المساهمين فى الجريدة، أن أكتب مقالًا يعبر عن آرائهم. لست من هذه النوعية التى يطلب فيها مالك الجريدة من رئيس التحرير، أو بعض الكتاب، أن يعبر عن قناعاته.وأخلاق إبراهيم المعلم وإيمانه بحرية الرأى الحقيقى تمنعه أن يفعل ذلك. وأقسم بالله أنه يقرأ مقالاتى مثله مثل أى قارئ بعد نشرها. قد يقول البعض أننى أقول كلامًا إنشائيًا والرد على ذلك ببساطة: ألا يعلم السيد رشدى أباظة أننى كتبت عشرات المقالات انتقد فيها الإخوان فى العديد من المجالات قبل وأثناء وبعد حكمهم.. فلماذا لم يمنعنى المعلم من كتابة هذه المقالات الانتقادية؟.ثم ما العيب الذى ارتكبته دار الشروق، حينما طبعت كتبًا، كانت وقتها مسموحة بحكم القانون، والكثير من دور النشر فعلت ذلك مثلها، هل يمكن مساءلة كل من فعل ذلك كما يتم التشهير بالشروق فى « الرايحة والجاية»؟!!.

يلح الكاتب ويصر على وصف «الشروق» بأنها إخوانية. وبما أننى أعرف ولع الزميل أحمد باشا بالأرشيف فإننى أدعوه أن يقلب فى أرشيفه بصورة موضوعية عن السياسة التحريرية ل «الشروق» خلال عام حكم الإخوان مقارنة ببقية الصحف القومية والخاصة. وللتسهيل عليه أرجوه فقط أن يراجع صفحتين أسبوعيًا كانتا بعنوان «المعصرة» لبلال فضل وعمرو سليم، وأى مراقب محايد سيدرك أنهما كانا الأشد نقدًا وبصورة قاسية جدًا للإخوان وأن يراجع معها مقالات جميل مطر وأحمد يوسف أحمد وجلال أمين ووائل جمال وهانى شكرالله وطلال سلمان وعشرات غيرهم وجهوا العديد من الانتقادات لسياسات الإخوان.

وفى المقابل فإن غالبية الصحف المصرية القومية والخاصة، استكتبت كتابًا إخوانيًا بصورة يومية أو أسبوعية خلال عام حكمهم، بل نشرت حوارات كثيرة مع مرشدهم محمد بديع.

رشدى أباظة اختار زاوية غريبة حينما قرأ مقالى، وهى أننى أحاول دمج الإخوان فى المشهد السياسي، رغم أن من يقرأ مقالى سيكتشف أننى قلت بوضوح أن الجماعة وقعت فى كل الأخطاء الجوهرية الممكنة وأنها تعاملت مع الفيروس وكأنه اختراع حكومى مصرى، وأن إعلام الجماعة مارس كل أنواع الكذب والتشويه بل والتحريض على الدولة المصرية، ولم يكن له شاغل إلا تشويه صورة المسئولين المصريين، بل ودعا أنصاره للنزول للشوارع التظاهر ضد كورونا، وهى دعوة صريحة لإلقاء الناس فى التهلكة، وأن كل ما تفعله هذه الجماعة هى مكايدة ومناكفة الدولة، وبالتالى فإن الفيروس الحقيقى هو الذى ضرب الإعلام الإخوانى. فهل هذه الكتابة تستهدف دمج الإخوان؟!!.

يتهمنى الكاتب بأننى أتعامل مع الجماعة، وكأنها والدولة طرفان على قدم المساواة. هذا لم يحدث،   وأعتذر عنه إذا فهم البعض ذلك بحسن أو سوء نية، وكان هدف مقالى هو كشف الفشل الإعلامى والسياسى للجماعة.

قلت فى العديد من مقالاتى وأكرر أننى ربما كنت أعتقد حتى ٣٠ يونيو، أن الجماعة يمكنها أن تتحول إلى حزب سياسى حقيقى مثل كل الأحزاب الطبيعية، لكن مجمل تجربتها أكد لى بوضوح أنه لا أمل فى أى حزب أو تنظيم أو جماعة تقوم على أساس دينى أو طائفى. واتفق تماما أن الجماعة صارت رهينة فى معركة دولية خارجية ضد مصر، ولم تعد ملك نفسها سواء عن قناعة أيديولوجية أو مصلحة سياسية ضيقة، خصوصًا أنها مغرمة بمبدأ «التقية».

ولا أعرف لماذا نسى رشدى أباظة الذى يقول إنه مغرم بالأرشيف، أننى كتبت أكثر من مرة أن المسافة ضاقت تمامًا بين جماعة الإخوان والتنظيمات المتطرفة مثل داعش. هل يعقل أن يكون كاتب هذه الكلمات يدعو لإعادة دمج الجماعة فى المشهد السياسى؟!.

لم أدع إطلاقًا إلى تجاوز لحظة ٣٠ يونيو و٣ يوليو، بل إن رشدى أباظة لم يقرأ فى مقالى أننى قلت إن الجماعة هى التى لا تزال أسيرة ٣٠ يونيو. وكتبت كثيرًا أن الدولة ينبغى أن تحيى تحالف ٣٠ يونيو الذى أسقط الإخوان، مع القوى التى شاركت فى ذلك، وليس مع الأشخاص حتى لا يفهم أننى أروج لهذا السياسى أو ذاك.

رأيى المكتوب والموثق أن الإخوان هم أكثر جهة مستفيدة من تفكك هذا التحالف، وأنها حاولت مرارًا وتكرارًا اللعب على تناقضاته وللأسف حققت بعض النجاحات.

قلت أكثر من مرة أن على الحكومة أن تضرب بيد من حديد على يد كل إرهابى ومن يدعمه أو يخطط أو يروج له، وفى المقابل انتقدت الحكومة وما أزال لتفكيكها هذا التحالف، ورأيى أن عليها أن تمد يدها لكل القوى السياسية المؤمنة بالقانون والدستور والدولة المدنية، وذلك يستبعد بداهة كل القوى والتنظيمات الدينية المتطرفة وبينها الإخوان.

توهم الكاتب أشياء غريبة وعجيبة عن تيار فكرى لديه حنين شديد لعودة الإخوان، وهو كلام شديد السطحية يخلط بين خطأ شخص أو مجموعة أشخاص فى هذا التنظيم اليسارى أو الليبرالى، وبين إدانة كل هذه التنظيمات والتعامل معها بأنها «مركوبة من الإخوان». هناك فارق كبير بين إدانة الإخوان ومحاربتهم، وبين ضرب كل القوى السياسية المدنية الراغبة فى وجود مناخ سياسى صحى بحجة أنهم ينسقون مع الإخوان.

أخطر ما يفعله رشدى أباظة أنه يحاول توزيع صكوك الوطنية على هذا ونزعها من ذاك. واتهام كل مخالف بأنه إخوانى أو يحن إلى الإخوان. هذا الأمر لا يستفيد منه إلا جماعة الإخوان، لأنه يصورها باعتبارها جماعة عملاقة، ينتمى إليها كثيرون، ويتناقض تمامًا مع ما يقوله رشدى أباظة بأن الجماعة تلاشت وانتهت.

رشدى أباظة اعتبرنى أننى أرسل رسالة عتاب باعتبارى من محبى الجماعة. وأقول له أنه من المفارقات، أنه بمجرد نشر مقالى الذى يعتبره حنينًا إلى الجماعة، فإن إعلامها وأنصاره وجه لى كل الشتائم والانتقادات الممكنة. أحدهم خصص لى حلقة كاملة بوصفى من المطبلين للسيسى، دون أن يجرؤ على أن يقول ماذا كتبت فى مقالى !!. وآخر خصص لى حلقة كاملة أيضًا، واتهمنى بكل الاتهامات، وثالث كان فى تنظيم طلائع الفتح، فعل الأمر نفسه. وأحد قياداتهم،كتب مقالًا مطولًا.والطريف فيه أنه أعتبر مقالى رسالة من الدولة إلى الجماعة، فى حين أن السيد رشدى أباظة اعتبر مقالى رسالة من الجماعة إلى الدولة.

وهكذا فى يوم واحد فقد اتفق رشدى أباظة مع متطرفى جماعة الإخوان ومعتدليها وحلفائها على شىء واحد : وهو أننى عميل لكل منهما.

ختامًا يا سيد رشدى اكتب ما تشاء من الآراء ضدي، لكن تريث قليلًا قبل أن توزع صكوك الوطنية على الناس.