السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المسرح.. مصنع النجوم المنسى

سنوات عجاف مرت على عزلة المسرح عن الحياة الفنية، عزلة طويلة تسببت فى نسيانه أو ربما تناسى دوره المهم والحيوى الذى قام ولايزال يقوم به فى إثراء الحركة الفنية بمصر، منذ العشرين عاما الأخيرة انزوى المسرح والمسرحيون بعيدا عن الأضواء وقرروا العمل والدأب بحب وإيمان واجتهاد، غير عابئين بالتفات الإعلام أو السوق إليهم وظل هؤلاء فى هذه العزلة الاختيارية إلى أن تحقق أخيرا النصر الكبير فى رمضان 2020، تناثر بالدراما التليفزيونية عدد غير قليل من المواهب الواعدة؛ جعلت الجميع فى حيرة و تساؤل أين كان يختبىء هؤلاء ولماذا اختبئوا كل هذه السنوات دون أن يراهم الجمهور الأوسع على شاشات التليفزيون؛ كانت المفاجأة والاكتشاف الأهم أن كل هؤلاء ممثلين اجتهدوا كثيرا على خشبات مسارح الدولة أو الجامعة أو الثقافة الجماهيرية؛ هذه الأماكن التى اثبتت اليوم أنها الصانع الأكبر للفنان صاحب الثقل والخبرة الكبرى فى قراءة ودراسة الشخصية الدرامية سواء من شارك منهم فى عمل كوميدى أو تراجيدى لابد أن تجد له بصمة ترك بها أثرا لدى مشاهديه.



تعدد الوجوه

تنوعت البصمات المسرحية هذا العام، وتعددت الوجوه بالأعمال الدرامية وتساووا فى صعودهم مع ممثلى الصف الأول جنبا إلى جنب بل تحمل بعضهم مسئولية وعبء نجاح العمل لمجرد مشاركته به، تاريخ طويل من العمل والاجتهاد والتعرض للتهميش والإحباط بسبب ما يلقاه ممثل المسرح من عدم تقدير إعلامى وليس جماهيريا فقد يسهم الجمهور أحيانا بتعويضهم بحضور بعض العروض الناجحة والتى تكافح عادة فى الدعاية الذاتية لنفسها، ومن لم يجد هذه الدعاية قد لا يلقى نفس القدر من النجاح الجماهيري؛ لكن برغم هذا الزخم المسرحى بتنوع خلفياته الإنتاجية سواء مسرح دولة أو جامعة أو قطاع خاص أو عروض نوادى المسرح والثقافية الجماهيرية، حيث تشهد الساحة المسرحية زحاما كبيرا طوال الأعوام السابقة إلا أن هناك إصرار إعلامى عن عمد أو غير عمد لتصدير المقولة الزائفة والتى تتردد منذ تسعينيات القرن الماضى «هو لسه فى مسرح فى مصر؟!!»

شريف الدسوقى

تسببت هذه المقولة الباطلة فى عزل المسرح عن الحياة الفنية والإعلامية وبالتالى لم يلتفت أحد أو يحتفى بأعمال المسرحيين الناجحة ولم تسمح الفرصة من قبل لرؤية هؤلاء الموهوبين على خشبات المسارح؛ كان أبرز التاركين لبصمة لا تمحى هذا الموسم الرمضانى الفنان شريف الدسوقى أو «سبعبع»، أصبح الوجه الأول المحبوب والمرغوب جماهيريا، عن تألقه ونجاحه الكبير فى لعب شخصية سباعى أحد أفراد عصابة مسلسل بـ«100 وش» بسلاسة ومهارة واقتدار جعلت منه بطلا كبيرا ونجما له شأن عظيم فى هذه المهنة الشاقة؛ ف «للدسوقي» سيرة ومسيرة مسرحية كبيرة شكلت كل هذا النضج الفنى والوعى بالشخصية الدرامية؛ حكى لنا عن هذه الرحلة بشغف وتأثر:

والدى كان مدير مسرح إسماعيل ياسين بالإسكندرية على مدى سنوات طويلة بنى على يديه هذا المسرح العظيم مع ابو السعود الإبيارى والسيد بدير كانت هناك مساحة أرض تمت إقامة المسرح عليها وشخص واحد هو من يقوم بعمل كل التقنيات الخاصة به، وحتى لا يشق عليه العمل اقترحوا بناء بيت له بالمسرح حتى لا يضطر إلى الذهاب والمجىء يوميا وبالفعل سكنت داخله وأصبح بيتى، تربيت فيه وحصلت على لقب «الطائر المسرحي» عام 2007 صنفت السابع على العالم وهو لقب يمنح لمن تكون هوايته المسرح بالأساس فالمسرح هو مدرستى وهوايتى بالحياة لأن هذه الجائزة تمنح لمن يمتهن ويهوى مهنة المسرح طوال حياته وبرغم أننى كنت على صلة وطيدة بمعظم نجوم مصر إلا أننى لم اشأ يوما أن أطلب من أحد ترشيحى أو اكتشافى للعب دور فى اى عمل فنى وقررت ان اصعد السلم بالتدريج مثل غيري.

ويضيف: انتظرت سنوات طويلة وقدمت أعمالا مسرحية مع قصور الثقافة وكان من بين أهم العروض التى قدمتها «ساعة لقلبك» كان كتابة وإخراج وتمثيل نلت عنه سبع جوائز على مستوى الجمهورية وقدم فى أكثر من مناسبة كان يتناول الطرق السلبية التى يمارسها الأب والأم دون وعى على الأبناء، قدمت العديد من عروض الحكى بالإسكندرية وكانت تلقى نجاحا جماهيريا كبيرا، وكذلك فى «صاحب السمو» بقصر الأمير طاز نجح نجاحا كبيرا وقدم فى 80 ليلة عرض حتى أن أهالى المنطقة المجاورين للقصر قالوا أنهم عرفوا الحكاية من خلال حكى له.

ويقول: قدمت «بالعربى الفصيح» للراحل لينين الرملى لمدة عشرة ايام على المسرح القومى و40 ليلة عرض بمسرح إسترند باللإسكندرية، وعرض «إغتصاب» تأليف سعد الله ونوس، «ثورة الحجارة» مع الدكتور سعد أردش، واتذكر أننى قدمت عرض حكى بالنمسا وقتها تفاعل معى الجمهور النمساوى برغم اعتمادى على اللغة العربية لكنهم اندمجوا وفهموا بلغة الإشارة لذلك فى رأيى أن ممثل المسرح تكون لديه خزنة من ذهب لأنه يعود الممثل على التدريب بشكل طبيعى بمعنى أنه يصبح هذا التدريب جزءا من حياتك اليومية فهو سلوك تدريبى حياتى مثل الأكل والشراب وبالتالى لن اتخلى عن العمل به هو جزء من حياتى وقبل أحداث كورونا والحظر قدمت عرض حكى بعنوان «على الرايق» بمركز الجيزويت الثقافى بالإسكندرية كانت الصالة كامل العدد وأسهمت هذه العروض فى احتكاكى ومعرفتى بأجيال جديدة كما شاركت فى التدريب بورش مهمة ليست فقط على الحكى والتمثيل بينما كنت مشاركا بورشة تابعة لمؤسسة ثقافية «إسكندريللا» مدتها ثمانية أشهر اهتمت هذه الورشة بشكل كبير بتدريب غير الموهوبين الذين يعانون من بعض الاضطرابات النفسية لتعليمهم كيفية اكتشاف انفسهم والتعبير عنها وأعتقد أن نتائجها كانت مذهلة أسهمت فى علاج الكثيرين وقمت بتكرارها على فترات متباعدة لكن لمدة أقل من ثمانية أشهر، لذلك لن اتخلى عن دورى فى المسرح سأظل أعمل به لأنه بيتى الأول ومؤخرا طلب منى الفنان آسر ياسين أن نعد لعمل مسرحى يجمعنا معا خلال الفترة القادمة لكن نظرا لانشغالنا بالتصوير حاليا قد يتعذر على التفكير فى عمل قوى يجمعنى معه لكننى سأفكر جديا فى تقديم نص قوى ومهم يستحق النزول به للمسرح قريبا.

عابد عنانى

كان من الوجوه المسرحية المهمة التى طلت على جمهور رمضان هذا العام الفنان عابد عنانى بمسلسل «الاختيار» فى دور الضابط المنشق لصالح معكسر الجماعات المتطرفة تميز عنانى بأداء شخصية عماد الإرهابى المتغطرس الذى يرفض مبدأ السمع والطاعة المعتز بنفسه وبخلفيته العسكرية حتى ولو انضم لجماعات إرهابية؛ اثنى الجميع على لعبه لهذه الشخصية بمهارة وهدوء وذكاء كبير ابتعد بالشخصية عن المبالغة والافتعال وكذلك اشترك معه فى نفس المهارة أحمد الرافعى فى دور عمر سرور مفتى الجماعة وكان للاثنين حظ فى ملازمتهما لبعضهما البعض فى أعمال مسرحية سابقة نجحت نجاحا كبيرا مثل «روح» الذى عرض على مسرح الطليعة عام 2015 شهد هذا العرض نجاحا كبيرا، وحصد ابطاله جوائز المهرجان القومى للمسرح، كذلك اشتركا معا فى عرض «الرهان» بمهرجان نقابة المهن التمثيلية وحصلوا على جوائزه، أكد عنانى أن بدايته كانت من المسرح القومى حتى قبل التحاقه بالمعهد العالى للفنون المسرحية منذ عام 2003 شارك بورشة مع الفنان رشدى الشامى بالمسرح القومى كانت ورشة تدريب، ويؤكد أنه كان من حسن حظه إغلاق مسرح المعهد فترة تخرجه وبالتالى قدم مشروعه للتخرج على خشبة المسرح القومى بعرض «فريحة وستة مسامير» إخراج سامى مغاروى ثم شاركنى زملائى وأصدقاء مشوارى الفنى فى العمل بأكثر من مسرحية منهم رامى الطمبارى وأحمد الرافعى ورباب طارق قدمنا «الحضيض» عام 2007 بالمهرجان القومى للمسرح وشاركت بعرض «ليلة من الف ليلة» مع الفنان يحيى الفخراني، و»أيام صفراء» على مسرح الهناجر،»كنت هنا من قبل» إخراج رامى الطمبارى وبطولة خالد كمال وسمر علام ورباب طارق، شاركت ايضا بعرض «وبحلم يا مصر» للمخرج عصام السيد فى افتتاح المسرح القومي، «برهومة وكلاه البرومة» مع الفنان جلال الشرقاوي، «تاجر البندقية»، «روميو وجوليت» مع الفنان ثناء شافع، وكان لعرض «روح» الفضل فى انطلاقى بشكل قوى للدراما التليفزيونية إلى جانب عملى مع مجموعة مهمة من اصدقائى المسرحيين مثل رامى الطمبارى ورباب طارق وسمر علام وسوف تجمعنا عروضا أخرى وحاليا لدى أكثر من مشروع لتقديم مسرحيات «أون لاين» خلال الفترة المقبلة لكننى لم استقر على عمل بعينه.

ياسر عزت

كان من بين الوجوه المميزة ايضا هذا العام الفنان ياسر عزت الذى اتقن وأجاد دور الإرهابى بمسلسل «الاختيار» بمصاحبة الرافعى وعنانى وعن مسيرته المسرحية الطويلة قال عزت: تخرجت فى المعهد العالى للفنون المسرحية قسم التمثيل وإخراج، وشاركت فى العديد من الأعمال المسرحية مثل «كاليجولا» إخراج هشام عطوة، «أحدب نوتردام» إخراج محمد علام، «رحلة حنظلة» إخراج إسلام إمام، «ماراصاد» إخراج سعيد سليمان، «روح» إخراج باسم قناوي، «نوح الحمام» إخراج أكرم مصطفى، حصلت على جائزة أفضل ممثل دور أول عن روح بالمهرجان القومى للمسرح وجائزة لجنة التحكيم الخاصة فى التمثيل عن «نوح الحمام» شاركت ايضا بعرض «انتظار» إخراج حمادة شوشة، «الحالة توهان» إخراج سيد خاطر. 

إسلام إبراهيم

كما لفت الأنظار ايضا الفنان الشاب إسلام إبراهيم فى دور «حمادة» بمسلسل «100 وش» ولإسلام أيضا باع طويل بالمسرح فى محافظة دمياط بنوادى المسرح التابع للثقافة الجماهيرية قدم فيها عروض إخراج وتمثيل مثل «أمير الشحاتين»، «ألف نيلة ونيلة» وكذلك اشترك فى مسرح جامعة المنصورة كلية التربية دمياط، ثم أخرج للمسرح المدرسى أكثر من عرض بحكم عمله بمشروع مسرحة المناهج فى مدرسة الإيمان وحصل بعروضه على اول وثانى جمهورية على محافظة دمياط، ثم كان العمل الأشهر الذى حقق به إسلام ناجحا كبيرا بمركز الإبداع الفنى «بعد الليل» مع المخرج خالد جلال كما أكد إسلام على مشاركته بورش عديدة للفنان أحمد كمال، وأحمد مختار وأحمد السيد.

دنيا ماهر

وكذلك الفنانة الشابة دنيا الجلال ماهر التى لفتت الأنظار هذا العام بأدائها الممتع والمختلف لشخصية نجلاء بمسلسل «100 وش» وتعتبر نجلاء فى الأساس إحدى خريجات فرقة الورشة المسرحية التابعة للمخرج حسن الجريتلى شاركت معهم فى عروض«حلاوة الدنيا» و«ليالى الورشة» «حكى وغنا وسافرت للمشاركة بمهرجان أفينيون بفرنسا... وأخيرا شاركت بعرض «الغرف الصغيرة» فى ٢٠١٦

حسن عبد الله

من الوجوه المسرحية هذا العام أيضا حسن عبد الله الذى شارك بالعمل الدرامى «لما كنا صغيرين» تخرج عبد الله فى المعهد العالى للفنون المسرحية وشارك بالعديد من الأعمال التى قدمت على خشبات المسارح «المواطن مهري» تأليف وليد يوسف، «من يخاف فرجينيا وولف»، «هاملت»، «رجل القلعة» إخراج ناصر عبد المنعم وبطولة توفيق عبد الحميد، «كوميديا الأحزان» إخراج سامح مجاهد، «سيد الوقت» إخراج ناصر عبد المنعم، «العيب والحرام» إخراج عمرو قابيل، «لا أرى لا أسمع»، «عفريت لكل مواطن»، «وطن الجنون»، «كلنا عاوزين صورة»، «سابع أرض» وأخيرا «سينما مصر» للمخرج خالد جلال كما شارك بعروض مسرح جامعة عين شمس وأكد عبد الله أن للمسرح فضلا كبيرا عليه جعله لا يخشى او يهاب الوقوف أمام الكاميرا.

رامى الطمبارى

شارك رامى بدور مميز فى دراما رمضان هذا العام بمسلسل «فلانتينو» للفنان عادل إمام ويعتبر رامى من الفنانين المخضرمين بالمسرح قدم أكثر من عمل مسرحى ناجح طوال الفترة الماضية مثل «اترك انفى من فضلك» إخراج إسلام إمام، «عشق»، «الرهان»، «أيام صفراء»، «كوميديا البؤساء»، «ظل الحكايات» وغيرها الكثير. 

طه خليفة

شارك طه خليفة هذا العام بمسلسل «فلانتينو» للفنان عادل إمام وكان له ظهور خاص ويعتبر طه أحد خريجى المعهد العالى للفنون المسرحية وشارك فى عدد من العروض الناجحة، «هاملت»، «الجلسة»، «الفيل الأزرق»، «عشم إبليس».

نجح هؤلاء وغيرهم فى جذب الجماهير إليهم وأضافوا لدراما رمضان هذا العام طعم خاص ونكهة أخرى بأدائهم للشخصيات التى قدموها على تنوعها وآخرين أيضا أسهموا معهم فى إثراء المشاركة بدراما هذا العام قد لا تسمح المساحة هنا لذكر الجميع لكن لاتزال جدران المسارح عامرة بالمزيد من المواهب التمثيلية التى تبدع فى الخفاء هؤلاء وأضعافهم لايزالون متمسكون بحلم وحب المسرح رغم الصعوبات، لكن فى الوقت نفسه يظل المخرج المسرحى خالد جلال طوال سبعة عشر عاما من عمر تأسيس مركز الإبداع الفنى متربعا على عرش ضخ أعداد كبيرة من الوجوه الجديدة للحركة الفنية ربما كان مركز الإبداع المؤسسة المسرحية الأكثر اندماجا واتصالا بالحركة الفنية فى مصر طوال السنوات الماضية.