الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

نفيع الله رئيس القسم الآسيوى لمسلمى روسيا فى حوار لـروزاليوسف:

الرسول أول من علمنا الوطنية ومن يهملون مفهوم الوطن متطرفون

 حرب فكرية تسيطر على العالم الإسلامي، يحاول فيها دعاة التطرف الزجّ بالمسلمين فى دائرة الصراع السياسى لأغراض ومصالح الجماعات الإرهابية والدول المُعادية، فما كان من الغرب سوى التمحور حول فكرة واحدة ترسخت فى أذهانهم، وهى أن الإسلام دين إرهابي، والمسلمين دُعاة تطرف، ومن هنا زادت وتيرة العمليات الإرهابية ضد المسلمين أنفسهم فى الدول الغربية.



الشيخ نفيع الله عشيروف، رئيس الإدارة الدينية للقسم الآسيوى لمسلمى روسيا الاتحادية، يتحدث فى حوار مفتوح لـ»روزاليوسف»، عن أحوال المسلمين فى الغرب، وكيف تأثروا بالعمليات الإرهابية لجماعات التطرف مثل «داعش» وغيرها، ولماذا يسقط شباب المسلمين فى براثن تلك الجماعات، وإلى نص الحوار..

■ حدثنا عن أحوال المسلمين فى روسيا؟

- يتجاوز عدد المسلمين فى روسيا الاتحادية الـ30 مليونًا، والغالبية منهم على المذهب الحنفي، ونتعايش بسلمية مع المسيحيين واليهود فى روسيا، تحت مظلة الوطن الواحد، ونعمل سويًا من أجل نهضة أكثر لدولتنا، كما نحافظ على هويتنا كمسلمين، رغم قلة عدد المساجد، فمثلا هناك 4 مساجد فقط فى موسكو، كما توجد جامعات إسلامية ولكنها ليست حكومية، وإنما أهلية قائمة على أموال المسلمين.

 ■ لكن بعض المسلمين يُهملون مفهوم الوطن ويتشبثون بمظلة الدين فقط؟

-  أتعجب من هؤلاء، وأعتبرهم من المتطرفين، فالرسول - صلى الله عليه وسلم- نفسه، أول من علّمنا حب الوطن، وحينما هاجر إلى المدينة، كان يحلم بالعودة إلى وطنه الأصلى فى مكة المُكرمة، ولولا أنه أُجبر على الهجرة لما ترك مكة التى وُلد وتربى فيها، فمفهوم حب الوطن ليس غريبا عن الإسلام والمسلمين، لكن البعض يحاول عزل المسلمين عن غيرهم لغسل أدمغتهم وإضعافهم لحساب جماعات وأنظمة المصالح، ونحن هنا فى روسيا نعيش جميعا على اختلاف أدياننا تحت مظلة وطن واحد، نحميه ويحمينا.

 ■ كيف ترى حال المسلمين فى الشرق الأوسط والدول العربية؟

- للأسف تسللت إليهم أفكار متطرفة، فصلتهم عن حبهم لأوطانهم، والحقيقة أن المسلم لا بد أن ينتمى فى الأساس لدولة قوية يجد فيها العزة والكرامة، وحينما يسافر إلى أى بلد سواء مسلما أو غير مسلم، سيكون عزيزًا ومرفوع الرأس، وكل مواطن يجب أن يحمى وطنه، ليس فقط المسلم فى الدولة الإسلامية، فمثلا كثير من المسلمين سافروا واستوطنوا فى أوروبا، ورغم ذلك ينتمون إلى أوطانهم ويعتزون بذلك.

 ■ بم تُفسر تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية ضد المسلمين فى الدول الغربية؟

- لا بد أن نكون صريحين، العالم الإسلامى يعيش مرحلة صعبة، وبعض شباب المسلمين يشعرون بالظلم، لذا ارتموا فى أحضان جماعات الإرهاب، على اعتبار أنهم يريدون النصرة للدين الإسلامي، وتوجد قضايا تحركهم مثل قضية فلسطين والمسجد الأقصى، لذا تلتقفهم الجماعات وتُجندهم وتتاجر بمظلوميتهم لتحقيق منافع خاصة، ومن ثم أصبح المسلمون منبوذين لدى الغرب، ما ترتب عليه محاولة بعض المتطرفين فى الغرب الانتقام من المسلمين الأبرياء فى المساجد، للأسف هى حلقة مفرغة أساسها دعاة الطرف فى كل الأديان.

■ وكيف نحمى شباب المسلمين من الوقوع فى براثن الجماعات المتطرفة؟

 - عن طريق إصلاح -أو على الأقل محاولة إصلاح - المشاكل التى تُشعر هؤلاء الشباب بالظلم فى عالمهم الإسلامي، مثل قضية فلسطين والمسجد الأقصى، واضطهاد المسلمين فى بعض البلدان، كلها مُحركات تدفع بالشباب صوب تلك الجماعات الإرهابية، مع ضرورة تطبيق العدل والمساواة، إلى جانب قوة الدول التى يعيش فيها هؤلاء الشباب، فلو أن المسلمين أقوياء ثقافيا وتعليميا واقتصاديا سيحترمهم الغرب ولن يطلقون عليهم دول العالم الثالث.

■ وما تفسيرك لظهور جماعات وتنظيمات إرهابية مثل «داعش»؟

- صدقنى «داعش» تنظيم مصطنع، ولا أستبعد كونه صنيعة أمريكية، فهم منظمون ولديهم زى موحد، وأجود أنواع السلاح، فمن أين كل هذا؟.. أعتقد أنه تنظيم زُرع فى جسد الإسلام لكى يشوه ويقتل ويسيء لسمعة الدين، حتى يتحدث العالم كله عن الإسلام كدين إرهابى ومُخيف.

■ ولكن البعض منهم يستشهد بأحاديث وآيات قرآنية؟

- أى شخص مؤمن بالدين الإسلام يعلم جيدًا حقيقته، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أُرسل رحمة للعالمين، فضلا عن كثير من الآيات القرآن التى حرمت القتل، فكما جاء فى الآية الكريمة: «من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا»، فأى إنسان مسلم مؤمن يمكن أن يتحمل هذه المسئولية أمام الله؟

 ■ وكيف ترى أهمية توحيد الخطاب الدينى على مستوى العالم الاسلامي؟

- توحيد الخطاب الدينى من الفرائض، لأن التفرق والتحزب ليس من الدين، فكما قال الله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا .. وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا.. كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»، والله جعلنا أمة واحدة وليس أحزابا أو جماعات، وتوحيد الخطاب الدينى يبدأ من بث مفهوم الأمة والوطن الواحد داخل الشباب.