الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

تركيا تعرض المنطقة بأكملها للخطر تحت ستار «التنقيب عن الطاقة»

شرق البحر الأبيض المتوسط أصبح «مسرحا» للتنازع وفرض السيطرة بالقوة بسبب التنازع على استكشاف الطاقة والتنقيب عنها، وفى عالم الطاقة بمشتقاتها يرتبط الاقتصاد والجيوسياسية ببعضهما البعض ارتباطا وثيقا، حيث تمثل احتياطيات النفط والغاز المصدر الرئيسى للدخل فى بعض البلدان، مما يخلق جوا من التوتر والمنافسة يجعل من الصعب التمييز هل هذا التنازع لتحقيق أهداف سياسية أم اقتصادية.



 قبل اندلاع الأزمة الصحية العالمية الحالية، كانت أخبار اكتشاف حقول الغاز تتصدر العناوين الرئيسية للصحف فى العديد من العواصم فى جميع أنحاء المنطقة، واستطاع أسلوب تركيا الدبلوماسى العدائى فى خلق تحالفات غير رسمية وغير منطقية أحيانا فى المنطقة للتصدى لها، فقد اتحد دول شرق البحر الأبيض المتوسط واليونان وقبرص ومصر وإسرائيل للحفاظ على حقوقهم، وبرزت مخاوف دولة مثل الإمارات العربية المتحدة من احتمال عودة الإخوان المسلمين المدعومين من تركيا فى الدول المجاورة. من ناحية أخرى، تخشى فرنسا أن تفقد مصالحها فى ليبيا إذا استطاعت أنقرة قلب الميزان لصالحها فى طرابلس، وكانت المشكلة المشتركه المؤرقة لهم جميعا هى «تركيا».

فالعلاقات المشحونة بين أنقرة وجيرانها اليونانيين جعلت من الصعب تعاونهما، وقللت عنجهية أنقرة من أى أمل فى التقارب، لاسيما أن قرار تركيا بالمطالبة بالمنطقة الواقعة بين جزيرة كريت اليونانية وقبرص خلق سببا آخر للخلاف.

ومما زاد الطين بلة، أن سفن التنقيب التركية بدأت فى التنقيب عن الوقود فى المنطقة المتنازع عليها، فى حين أنه من المنطقى أن تركز حكومتها بشكل أكثر على الاجتياح الكارثى لفيروس «كورونا» القاتل للبلاد، وعلى الرغم من ذلك فقد واصلت أنقرة أنشطتها الاستكشافية، مما يؤكد أن الموضوع أكثر من مجرد طاقة.

ووفقا لهارى تزيميتراس، مدير معهد أبحاث السلام فى أوسلو، فإن ما تفعله تركيا فى المتوسط لم يكن يتعلق أبدا بالطاقة، إنه إسقاط قوة، وهو ما يفسر ما يحدث الآن مع استمرار وجود تركيا وحفرها فى المنطقة.

لقد تمكنت الاتفاقية المشبوهة على ترسيم الحدود بين أنقرة مع طرابلس من ربط مستقبل ليبيا باستكشاف الطاقة فى شرق البحر الأبيض المتوسط، مما يفسر تركيز تركيا على  زيادة وجودها العسكرى فى المياه المعترف بها دوليًا لليونان وقبرص من خلال إشراك القضية الليبية. ومع ذلك، فهى تخاطر بتكوين خصوم متعددين فى عدة مناطق، وتقحم نفسها فى لعبة محصلتها صفر بالنظر إلى تهاوى و ضعف الدور التركى فى المنطقة بسبب فشلها فى تحقيق التعاون الإقليمي، بل وتسهم فى تعريض المنطقة بأكملها للخطر.

تراجع تأييد أردوغان

على جانب آخر، كشفت نتائج استطلاع جديد للرأى عن تراجع نسبة من يرغبون فى التصويت لصالح أردوغان إلى 39%، ما يعنى خسارته فى أول انتخابات رئاسية. 

ووفق ما ذكره الموقع الإلكترونى لصحيفة «سوزجو» المعارضة، أمس الأول أجرت الاستطلاع شركة «أوراسيا» التركية للأبحاث، حول اتجاهات الجماهير بشأن انتخابات الرئاسة المقبلة.

وبحسب النتائج، فإن نسبة من قالوا «سأصوت لأردوغان إذا كان مرشحًا»، لا تزال فى نطاق نسبة 39-40%، بينما قفزت نسبة من اختاروا «لن أصوت لأردوغان» إلى 46-47%.

النتائج نفسها أشارت إلى أن فرص أردوغان فى الفوز بالرئاسة تتراجع أمام رئيس بلدية إسطنبول، المنتمى لحزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو، إذا ما خاض الأخير الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأظهرت النتائج أن نسبة من يختارون إمام أوغلو بلغت 45.5%، فى حين ظل معدل تصويت أردوغان عند 40.4%.

وذكرت شركة الاستطلاعات أنه عندما كانت المقارنة بين أردوغان ورئيس بلدية أنقرة عن حزب الشعب الجمهوري، منصور يافاش، فإن الأخير حصل على نسبة 39.7%، فيما حصل أردوغان على 39.9% من الأصوات.

غير أن الاستطلاع ذكر أنه عند إضافة أصوات المترددين الذين يميلون عادة لاختيار المعارضة، فإن حظوظ يافاش ستكون أفضل أمام أردوغان.

ولفتت الشركة إلى أنه بالنظر إلى هذه النتائج، فإن غالبية الأتراك يتجهون للتصويت لصالح الشخص المنافس لأردوغان، بغض النظر عن اسمه.

تفخيخ أحزاب المعارضة

إلى ذلك، حذَّر زعيم المعارضة التركى رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيلجدار أوغلو من أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يقوم بأعمال استفزازية من أجل الإيقاع بالأحزاب المعارضة، قائلًا: «ستزيد وتستمر هجماتهم علينا. ولكن لن نقع فى هذه الفخاخ».

وأوضح كيليجدار أوغلو أن موقف العدالة والتنمية تجاه حزب المعارضة الرئيسى (حزب الشعب الجمهوري) ما هو إلا فخ للإيقاع بالحزب، مؤكدًا أن أردوغان ونظامه سيرحلون فى أول انتخابات قادمة.

تصريحات كيليجدار أوغلو جاءت خلال اجتماع مجلس الإدارة المركزى لحزب الشعب الجمهوري، حيث تمت مناقشة مساعى تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لإجراء تعديلات على قانون الانتخابات.

والأسبوع الماضى قدم محامى الرئيس رجب أردوغان بلاغات إلى النيابة العامة ضد خمسة من أعضاء حزب الشعب الجمهورى المعارض والموظفين فى البلديات التى يديرها الحزب فى مدينة إزمير.

من بين هذه الشخصيات، ديلا كويورجا، عضوة مجلس بلدية كاراباغلار وسكرتيرة لجان الشباب فى حزب الشعب الجمهورى فى مدينة إزمير، وذلك حول تغريدات لها قبل 7 أعوام.

وقال كيليجدار أوغلو: «إن الهجمات التى تشن على أصدقائنا ستستمر بل وستزيد فى الفترة المقبلة؛ لأننا فى مقدمة جبهة المعارضة. نحن نتصدى للانقلاب المدني؛ لذلك فهم منزعجون منا، ويريدون الإيقاع بحزب الشعب الجمهوري. ولكن نحن لن نقع فى فخخاههم. نحن لن نقوم بالعمل السياسى من أجلهم، فإن قمنا بالعمل السياسى من أجل حزب العدالة والتنمية سنجد عندهم المستنقع؛ يحاولون جرنا إلى هذا المستنقع. ولكن لم يبق لديهم أى كلمة يقولوها للمواطنين. لذلك يدلون بتصريحات استفزازية».

أما عن «الانتخابات المبكرة» فقد أكد كليجدار أوغلو أن حزبه مستعد لخوض الانتخابات فى فى حالة عقدها مبكرا وأنه سيفوز فى الانتخابات، مشددًا على أن نظام أردوغان سيرحل مع أول انتخابات مقبلة.

ويسعى حزب الحركة القومية فى تركيا للدفع بإجراء تعديلات قانونية على قانون الأحزاب تضع قيودا على عملية انتقال نواب البرلمان بين الأحزاب، وذلك من أجل قطع الطريق على الأحزاب المنشقة من الحزب الحاكم ومنعها من الدخول إلى البرلمان وتكوين كتل نيابية قوية عقب الانتخابات من خلال دعم حزب الشعب الجمهورى لها بنوابه، فضلا عن حرمانها من الحصول على دعم مالى من الخزانة للدعاية الانتخابية.