الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الثورة والرئيس واستقلال القرار الوطنى

   مرت أيام ثقيلة على الوطن من المعاناة فى ظل نظام المرشد الذى حاول أن يستخدم الزيف والكذب باسم الدين على البسطاء من الناس، لترجع مصر إلى عصور الظلمات، ويهدم حلم المصريين حينها فى إقامة الدولة القوية الديمقراطية الحديثة،



لقد ابتلينا فى عامى 2012 وحتى منتصف عام 2013 بنظام قادته لا يترددون رغم مظهرهم الدينى فى أن يرتكبوا كل ما يخالف الإسلام، فيكذبوا ويظلموا ويقتلوا باسم الدين، ويستخدموا أعضاء جماعتهم الذين لا يفهمون أويدركون شيئا سوى أوامر قيادتهم، الذين سيطروا عليهم بمعتقدات نصرة الإسلام، والجهاد فى سبيل الحق.

   فالطريق إلى 30 يونيو مهده المصريون، لنحمل فوق أعناقنا مصر الحبيبة، ونصل بها إلى بر الأمان، فنخلصها من الاحتلال الإخوانى الماسونى، وتسقط دولة النفاق والعجز، لتقام الدولة الوطنية الحديثة، فماذا لو كان قد انتصر نظام الإرهاب والرجعية، لتنحدر مصر إلى نفق مظلم من الصراعات التى لا تنتهى، لنشهد يوما تقسم فيه الدولة على غرار السودان، أو يتفكك جيشها كالعراق، أو يتناحر جيشها كسوريا، فخروجنا فى 30 يونيو لم يكن لإسقاط شرعية مرسى، التى قال إنها أتت بالصناديق، وإنما لاستعادة الشرعية التى اغتصبها مرسى، حينما خالف وعوده بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية، وأصدر إعلاناً دستورياً اعتدى به على كل الأعراف الدستورية والقانونية، ليخرج لنا دستورا مشوها وُضع خلسة فى جنح الظلام، ويحاصر المحكمة الدستورية العليا، وتبدأ قيام شرعية الغاب، ليغتصب الوطن وينتهك أبناؤه.

فالتاريخ لمئات السنين سيذكر موقف الجيش المصرى العظيم فى 2013 بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسى من الاستماع لصوت الجماهير الغفيرة وإنفاذ إرادة الشعب، والتى أنقذت مصر والمنطقة من السقوط فى براثن حكم سيطرت فيها الجماعة التى كانت تتعامل بمنطق الاستبداد الدينى، وكان الأخطر للمصريين أنه كان يجلس فى الاتحادية رجل ارتكب جرائم توصف بالخيانة العظمى وتحول إلى دمية تتحكم فيها مكتب الإرشاد.    ومن ذكريات الثورة العطرة، إلى رصد ملمح إنجازات السياسة الخارجية للدولة، على مدار 6 سنوات من تولى الرئيس السيسى المسئولية، باعتبار أن من أعظم مكتسبات ثورة الـ من يونيو2013 هو استقلال القرار الوطني، فقد اعتبر الكثير من المحللين أن ملف السياسة الخارجية من أبرز ما أنجز فيه الرئيس السيسى على مدار السنوات الماضية، فقد تحولنا سريعًا من الكبوة إلى المجد، فقد أفلتنا من شرك الإخوان، حيث أطاح بتدابير الدول الراعية لهم، فاستفقنا بعد سنوات قليلة من الطعنات، ليجهز السيسى على محور الشر ويسقط عنه ورقة التوت، لتنكشف عورته أمام عالم متخاذل أمام رعاة الإرهاب، فنحن الآن نحصد سنوات من النجاح على المسرح الدولى فى تقديم نموذج احترمه الجميع، ولم يستطع أن يقاومه أبناء الأباليس والمتربصون، فماذا يصنعون فى مواجهة دولة تمارس سياستها الخارجية بشرف، فتبحث عن عدالة غائبة عن عالم يسوده الاستقطاب وإقليم أنهكته الصراعات.

   فقد شهدت علاقات مصر الدولية تطورات كبيرة خلال السنوات الماضية، خاصة أن بعض الدول كفرنسا وألمانيا كان لهما موقف سلبى تجاه ما حدث فى مصر فى 30 يونيو2013، واستمرت مواقف هذه الدول لفترة حتى كسرت الدبلوماسية المصرية الجمود، ففتحت آفاقًا جديدة وعززت المصالح المتبادلة فشهدت العلاقات انفراجات وصلت ذروتها منذ عامين، فقد تبلور زخم العلاقات بين مصر وعدد كبير من الدول فى عقد الاتفاقيات وكسب التأييد الدولى فى كثير من القضايا، فقد بتنا أمام مرحلة جديدة بعدما أيقن العالم حقيقة ما حدث فى مصر فى السنوات الماضية، وخاصة بعد اكتوائه من الإرهاب وتأكده بأن استقرار مصر أمنيًا، ينعكس على استقرار كل المحيط الأورومتوسطى والعالم أجمع.

وفى النهاية، دعونا نتأمل الدور المصرى خلال البضع سنوات الماضية، ما بين تدعيم استقلال القرار الوطنى المصرى وتشكيل جبهة وسياسة مضادة لمحور الشر، حيث تحركت مصر على الصعيد السورى فأقرت الهدن برعاية مصرية، وتحركت على الصعيد الليبى فعقدت لقاءات بين الفرقاء الليبيين فى مسعى تحقيق وحدة الدولة الليبية، وتحركت على الصعيد الفلسطينى فسعت لتوحيد الصف لاستئناف المفاوضات، وقادت ضمن الرباعى العربى معركة حامية الوطيس فى مواجهة دول الشيطان الداعمة للإرهاب، فكيف لا يمكن أن يحترمنا العالم، لتبقى السياسة الخارجية من أنجح الملفات التى أدى فيها الرئيس السيسى، ويصبح استقلال القرار الوطنى هو أعظم المكتسبات التى أعلنتها الثورة وحققها الرئيس على مدار الست سنوات الماضية.