بريد روزا
زوجى والفتاة الصينية
أحمد عاطف آدم
تحية طيبة لحضرتك أستاذ أحمد وبعد…
أنا سيدة فى العقد الخامس من العمر أعمل موظفة ولى تجارة خاصة أحاول من خلالها اقتحام عالم سيدات الأعمال، أسافر إلى الصين من حين لآخر من أجل استيراد بعض البضائع الرائجة وتسويقها بمصر. أما بالنسبة لحياتى العائلية فأنا متزوجة للمرة الثانية بعد وفاة زوجى رحمه الله والذى لم أرزق منه بأبناء رغم محاولتنا كثيرًا مع الأطباء، زواجى الثانى كان منذ ٤ سنوات من شاب يعمل مترجمًا للغة الصينية تعرفت عليه أثناء رحلات العمل حيث يقيم هناك قبل أن يستقر معى بمصر بعد ارتباطنا - علمًا بأنه وحيد منذ أن كان طالبًا بكلية الألسن لوفاة والده ووالدته وليس له أشقاء مما دفعه للسفر والعمل فأهمل التفكير فى الزواج وتكوين أسرة حتى أصبح عمره ٣٤ عامًا حين تقابلنا بأحد المدن الصينية، وهو إنسان طيب على خلق بجانب عشقه لمصر والمصريين الذين كانوا يأتون إلى بلاد الصين، وأنا كنت صريحة معه فى كل شيء خاص بى بعد أن وجدته يعبر لى عن إعجابه رغم فارق السن بيننا وتقلص أو ربما انعدام فرص الإنجاب بسبب تقدمى فى السن - لكنه لم يبال بأى شيء إلا الارتباط بى، وقد استطاع تكوين ثروة لا بأس بها قبل عودتنا للوطن وتأسيس شركة للاستيراد والتصدير يديرها هو وأتواجد أنا بها حسب ظروف عملى بوظيفتى الحكومية - وبفضل الله ثم أفكارى وخبراتى فى التجارة بدأنا جنى ثمار كفاحنا وبدأت أرباحنا تتضاعف وأسهمنا فى السوق يحقق الصدى المطلوب للانتشار ونيل ثقة العملاء - لكن لا أعرف لماذا أصر زوجى على استقدام فتاة صينية كان يعرفها ويثق فيها لتكون سكرتيرته الخاصة تدير مكتبه أو تقريبًا الشركة كلها - لأنها تتدخل فى كل شيء تقريبًا، وهو يبرر ذلك بأنها تمتاز بذكاء حاد وأفكار إبداعية لا توصف، وحقيقة الأمر هى كذلك. فبعد عملها معنا استطاعت أن تختار أسواقًا ومنتجات جديدة لم نكن نعرفها من قبل وذلك بعد قراءتها للسوق المصرية، وكل ما سبق يبدو منطقيًا بالنسبة لى ويبرر وجودها، لكن للأسف الشديد أنا لاحظت بعض نظرات الإعجاب المتبادل بين زوجى وسكرتيرته الشابة، ولا أعرف حقًا إلى أى مدى تصل تلك العلاقة بينهما، وأصبحت الغيرة تسيطر علىَّ بشدة للدرجة التى جعلتنى احتد على زوجى بطريقة لم تحدث من قبل لكنه احتوى الموقف وبرر هذا الإعجاب بأنه إعجاب بعملها وليس بكيانها كأنثى وبأنه لا يرى فى الوجود غيرى ،، مشكلتى حاليًا أننى أصبحت أبالغ فى شكوكى نحوه وأتابع هاتفه دون أن يشعر حتى أطمئن لتصرفاته تجاه أى إنسانة له علاقة بها، ولا أعرف كيف أستطيع التخلص من شكوكى - وهل أنا أخطأت من البداية فى الارتباط برجل يصغرنى سنًا ولديه طموح مشروع لن أستطيع تحقيقه مثل الإنجاب!؟ - بماذا تنصحنى أن أفعل أستاذ أحمد فأنا حائرة ومشتتة.
إمضاء ن. ق
عزيزى ر. ق تحية طيبة وبعد...
اسمحى لى أولاً أن أحييك على روحك الجميلة فى الحياة وإصرارك على الكفاح والنجاح فى تجارتك واكتساب المزيد من الخبرات خارج حدود الوطن مهما تبدلت الأحوال أو ضغطت الظروف. وما ذكرتيه فى رسالتك يدل على قوة شخصيتك واتزانها وعقلانيتها، فبعد وفاة زوجك رحمة الله عليه أصبح من الضرورى أن تبدأى فى اكتشاف أبعاد جديدة للحياة بمعزل عن روتينيتها المملة والشعور بالوحدة - وهذا ما سعيت إلى تحقيقه بالفعل عندما تزوجتى من الرجل الذى أقنعك بشخصيته ووجدتى أنه الأنسب لك - وهو كما وضحت مقتنع تمامًا بالارتباط بك ويرى أنك تلبين طموحه فى الزوجة التى يتمناها، لذا فإننى أنصحك بالمحافظة على تلك الحالة الرائعة من التلاحم العاطفى والوجدانى بينكما ونجاحكما فى الكفاح المشترك - وأرى بأنه لا يجب وضع أو فرض أى قيود من جانبك على حياتكما أو ترك الفرصة لأى رواسب قديمة من الهموم التى تخطيتيها بحكمة وإرادة لأن تطفو وتتحول إلى صراعات تقوض إحساسك بالسعادة، فزوجك كان يعمل لسنوات بدولة أجنبية واكتسب بطبيعة الحال خبرات فى التعامل مع ثقافة هذا البلد ما منحه قدرة خاصة على تقييم طريقة التفاعل الاجتماعى المناسب مع الآخر المختلف، أما تأكيده على أن سكرتيرته الصينية ستضيف لتجارتكم مكاسب كبيرة هو أمر تأكد بالفعل وباعترافك، ونظرة الإعجاب التى يبديها لها هى لإتقانها عملها وليس لشخصها - لأنه اختارك لتكونى أنت زوجته وليست هى، على الرغم أنها كانت أمامه هناك - لكن بمنطقه هى مجرد صديقة لا رفيقة للعمر مثلك. فلا أنصحك بمراقبته والبحث عن أسرار خفية بهاتفه تقوى شكوكك فى إخلاصه لك - بل هذا التصرف هو ما قد يدمر ثقته فيكِ وسعادتك معه إذا استمر ضغطك عليه بظنون مبالغ فيها - فالعلاقة الزوجية أساسها الإخلاص والثقة المتبادلة، واعلمى أن السبب الرئيسى فى هذا التشتت الذى تعانين منه هو صراع المقارنات الذى يدب بداخلك دون داعى بينك وبين زوجك ، فأنت قبل الزواج رجحت كفة هذا الزوج دون غيره رغم بعض الفوارق التى لم تقفى عندها كثيرا، وهو شجعك بتقبله لأى شيء من اجل الإرتباط بك - وهذا ما يجب التركيز عليه - وهى إرادة كل منكما فى الفوز بالآخر عطفًا على قناعة راسخة لن تتزعزع، لذلك لا يجب على الإطلاق ترك مجالا للفوارق أن تفرق بينكما - بل للروابط الحميمة أن تقوى وتدعم حبكما وارتباطكما.
دمت سعيدة وموفقة دائما ن. ق