الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هل يجوز ادخار لحوم الأضاحى؟

مع حلول أيام عيد الأضحى المبارك ينتظر كثير من الفقراء يوم العيد وأيام التشريق من أجل الحصول على لحوم الأضاحى التى أصبحت تمثل لهم فرحة سنوية ينتظرونها كل عام، لاسيما وانها شعيرة من المستحبات استحباباً، مؤكداً لمن تمكن منها حيث فعلها رسول الله وأمر بها، بكونها عملا تعبديا للتقرب إلى الله، وجعل فيها نصيبا مفروضا للفقير هو الثلث، فمن زاد كما قال العلماء فهو خير له.



ومع تزايد الاحتياجات طوال العام تلجأ بعض الجهات والجمعيات بادخار لحوم الأضاحى لتوزيعها طوال الأعام الأمر الذى يثير جدلا مستمرا حول مدى مشروعية هذا الأمر لاسيما مع التزام الجميعات بقائمة محددة دون التعدى لغيرها من الفقراء، وهو ما أشار إليه وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة من أنه لايجوز حبس لحوم الأضاحى لتوزيعها طول العام طالما يوجد فقراء بحاجة الى اللحوم، ولفت الى قيام بعض الجمعيات بتخزين لحوم الأضاحى طوال العام لتوزيعها على الفقراء المسجلين بها فقط شهريا مع وجود فقراء آخرين غير مسجلين بها.

كما يرى الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف أن العيد فرحة ومسرة للفقير، وما جعلت الأضحية إلا لتكون فرحة للمضحي، وللفقير الذى ينتظر لحمها، فلا يجوز تأجيل توزيع لحوم الأضاحي، فكما ان الزكاة لا تؤخر عن وقتها فالأضحية وتوزيعها لا تؤخر عن وقتها، فعندما تذبح الأضحية تخرج، حيث يقول تعالى :» لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ»

وشدد أن الأضحية هى صدقة فى الأصل، ولا يجوز أن يقال إن التصدق بثمنها أفضل لأنها شعيرة تحدث مرة كل عام ومرتبط بعيد الأضحى الذى هو عيد المسلمين جميعا.

على الجانب الآخر يوضح د. محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية ورئيس الجامعة الإسلامية بكازاخستان أن الاحتفاظ بلحوم الأضاحى وتوزيعها طوال العام كما تقوم به بعض الجمعيات قد يخالف الأصل الذى يقتضى توزيع الأضحية كاملة على الفقراء خلال عيد الأضحى، ولكن بالنظر إلى الأنماط الاستهلاكية والعادات التقاليد السائدة نرى أن الانسان يستهلك أى كمية تعطى إليه، حيث لا يتم اتباع السنة فى استهلاك الأضحية، حيث إن الحديث الشريف يقول: «ألا وكلوا وادخروا» لكن ما يحدث فى الغالب أن كل انسان فقير يرى أن حصوله على أى كمية من لحوم الأضحية لا ينبغى أن يتم توفير منها لإعانته على بقية الأيام، فيتصرف فيها مهما كانت كميتها.

أضاف أن الثقافة المغلوطة فى استهلاك لحوم الأضاحى كاملة وإن كانت فائقة عن الحاجة يجعل من نظام توزير تلك اللحلوم طوال العام مواجهة لتلك الثقافة المغلوطة.

واستطرد قائلاً: إنه لا يوجد محظور شرعى فى ادخار لحوم للأضاحى من أجل الوفاء باحتياجات الفقراء على مدد طويلة، بل يعد فى أطار الاعتدال، لاسيما وأن العبرة فى الأضحية هو ذبحها خلال يوم عيد الأضحى وأيام التشريق الثلاثة، وليس فى توزيعها أو إطعامها كاملة فى تك الأيام، بل إنه بالنظر إلى مقاصد العبادات نرى أن من مقصد الأضحية إطعام الفقير فترة طويلة، وتعليم الناس النمط الأستهلاكى السليم»، مظالبا بضرورة الخروج من أطار توضيح الحكم حلال أو حرام لا يكفى بل لابد من تعريف الناس بمقاصد لاعبادات حتى لا يتم التصرف بصورة بعيدة عن تلك المقاصد؟ 

فيما يوضح د. علاء الشال من علماء الأزهر أن الأضحية هو اسمٌ لما يضحَّى بها، أو لما يذبح أيام عيد الأضحى، وهى شعيرةٌ من شعائر الله قال -تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) وقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} كما أنّ النبيّ أمر بها فقال: (مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فإنَّما يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، ومَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ).

أضاف أن الأضحية سنة مؤكدة عند الجمهورلاتجب إلا بالنذرلحديث((ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَهُنَّ لَكُمْ، تَطَوُّعٌ الْوَتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَصَلَاةُ الضُّحَى))، وإن ذبح الأضحية يبدأ من بعد صلاة العيد إلى مغرب آخر أيام التشريق، قال تعالى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.

وحول مدى جواز توزيع لحم الأضحية بعد أيام عيد الأضحى فيرى الشال أن ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها فى الظروف العادية، حيث إن هذا فعل النبى والصحابة من بعده، ولو كان التصدُّق أفضل؛ لتصدّقوا بثمنها، كما أنّ الأُضحية يفوت وقتها بخلاف التصدُّق بالثمن.

واستطرد: «أما توزيع لحوم الأضحية فيكون على مدار العام وهو المعمول به قديما وحديثا،فلا يشترط توزيعها فى أيام العيد وإن كان الأفضل الانتهاء من توزيعها فى أيام العيد للمناطق الفقيرة والمحرومة، والتى يعرف الناس فيها بعضهم بعضا وأما الجمعيات التى تذبح أعداداً من الأضاحى فلها أن توزعها فى أيام العيد وما بعدها ولاتحبسها الوقت الطويل عن المحتاجين».

ويتطرق الشال إلى نقطة أخرى، وهى التصدق بثمن الأضحية لمرضى كورونا قائلا: فى ظل انتشار وباء كورونا ومن منطلق تفعيل فقه الأولويات فيجوزبل الأفضل التصدق لمرضى كورونا والمساهمة فى علاجهم، حيث إن النفع العام للمساهمة فى رفع الجائحة عن الناس أهم من النفع الخاص القاصر على إطعام الطعام فى وقت الأضحية.