السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بعد التعديلات الدستورية

القصـة الكاملـة لعـودة الغرفـة الثانيـة للتشريـع

تاريخ حافل يحظى به مجلس الشيوخ المصرى عبر سنوات وعقود طويلة، وبعد أن أعاد مجلس النواب الحالى مجلس الشيوخ للحياة السياسية بعد غياب ٧ سنوات التعديلات الدستورية التى تم اقرارها العام الماضى حيث ألغته لجنة «الخمسين» التى عدلت الدستور ثم بتعديلات دستورية ثم عاد بتعديلات دستورية رأت اهمية وجود غرفة ثانية للبرلمان. لجنة الخمسين كانت قد شهدت خلافات حول فكرة بقاء مجلس الشيوخ من عدمه وبعد اللجوء للتصويت كانت النتيجة موافقة 23 عضوًا على إلغائه و19 عضوًا تمسكوا ببقائه ورأى من طالبوا بالإلغاء أن المجلس لا يقوم بدور حقيقى بينما أكد الموافقون على استمراره أنه يجب أن يقوم بدور استشارى مهم بعد أن يتم تشكيله من الحكماء.



وعادت الغرفة التشريعية الثانية والتى تم تغيير اسمها من الشورى للشيوخ بعد غياب ما يقرب من ٧ سنوات، لكن لجنة الخمسين نفسها أوصت ببقاء مبانى الشورى وعدم استغلالها فى أى أغراض أخرى. جدران مجلس الشورى شهدت أحداثاً ومواقف وصراعات ومشاورات بين حكام مصر وبين أعضائه، كما شهدت قرارات صعبة ولحظات حرجة من تاريخ مصر الحديث، لعل أبرزها «ثورة عرابى» ضد الاحتلال البريطاني..وصدور قانون المطبوعات عام 1909، ورفض مدّ امتياز قناة السويس، ومعارضة «معاهدة 1936»، واتفاقيتا السودان 1899. تبدأ قصة مجلس الشورى منذ أن جاء الخديوى إسماعيل محدثاً تغيراً فى نظام الحكم فى مصر، فى 22 أكتوبر من عام 1866 أنشئ «مجلس شورى النواب» وهو البداية الحقيقية للحياة النيابية فى مصر، وكان يتكوّن من 76 عضوًا، ينتخَبون لمدة ثلاث سنوات، يُصار انتخابهم من قبل عُمد البلاد ومشايخها، وكان انتخاب عدد الأعضاء من الأقاليم يجرى وفق تعداد السكان. لكن هذا المجلس لم يستمر أكثر من ثلاثة أشهر، إذ تعرّض إلى انتكاسة على يد البريطانيين الذين قرّروا هدم النظام النيابى فى مصر بذريعة «تهدئة الأحوال» والاستبدال به نظامًا يستطيعون من خلاله فرض سيطرتهم.. وبعد أقل من سنة صدر قانون ينص على أن يؤلف «مجلس شورى القوانين» الذى افتقر إلى الصلاحيات النيابية. القاعة الرئيسية فى المجلس استضافت محاكمة الزعيم احمد عرابي، التى أجريت فى 3 ديسمبر عام 1882 وقضت بإعدامه.. ثم خفّف الحكم بعد ذلك بقموجب اتفاق مسبق بين سلطة الاحتلال البريطانى والقضاة المصريين ـ إلى النفى مدى الحياة إلى سرنديب «سرى لانكا أو سيلان سابقاً». وحديثا تعود قصة ميلاد الغرفة الثانية للتشريع إلى الرئيس السادات بعد أن تحدث مع صوفى أبو طالب رئيس مجلس الشعب عن رغبته بإيجاد مجلس آخر بجانب مجلس الشعب لمجرد إبداء الرأى والاستشارة، دون أن يكون له دور رقابى ولا تشريعى ويكون بديلًا للاتحاد الاشتراكي، على أن يضم كل القيادات سواء كانت معارضة أم حزبًا وطنيًا.. وهو ما تحقق بعد استفتاء إبريل 1979. وتمت إجراءات تعديل الدستور لاستحداث مجلس الشورى بموافقة الشعب على التعديل فى استفتاء 22 مايو 1980، ثم صدر القانون رقم 120 لسنة 1980 بشأن مجلس الشورى، وضم المجلس 270 عضوا، جرى انتخاب ثلثيهم، وقام رئيس الجمهورية بتعيين الثلث الأخير (90 عضوا).. واتخذ مجلس الشورى ، مقره بشارع القصر العيني، وعلى مسافة نحو 200 متر فقط من ميدان التحرير الشهير. ويقع المقر بأحد القصور التاريخية، ويرجع تاريخ بناء القصر المكون من ثلاثة طوابق إلى عام 1866 فى عهد الخديوى إسماعيل، وكان القصر ذاته مقرًا لـ»مجلس الشيوخ»، الذى كان ناشئًا فى ظل دستور 1923، الذى ظل ساريًا حتى قيام ثورة يوليو 1952. وكان الدكتور صبحى عبد الحكيم اول رئيس لمجلس الشورى فى عهد الرئيس السادات ثم مصطفى كمال حلمى من 1986 وحتى 2003 فجلس على كرسى الشورى 17 عاما متواصلة دون إنقطاع ثم تولى صفوت الشريف رئاسة مجلس الشورى من 2003 وحتى ثورة يناير 25 يناير قبل ان يرأسه الدكتور أحمد فهمى صهر الرئيس المعزول قبل قيام ثورة يونيو. وفى عهد الرئيس الراحل حسنى مبارك حيث كان يرأسه صفوت الشريف الذى كان أمينا عاما للحزب الوطنى و كان يحرص على ان يكون لهذا المجلس دور فى الحياة السياسية سواء فى دراسة القوانين او اجراء توصيات تتعلق بمراجعة المشكلات المجتمعية التى كانت تواجه الدولة، وكانت مدة دورته 6 سنوات، وكان يتشكل من 270 عضوًا، وبموجب الإعلان الدستورى فى مارس 2011 كان ينتخب ثلثى الأعضاء بالاقتراع المباشر السرى العام على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقى وكان رأيه استشاريا ويتولى اﻹشراف على الصحف القومية. فى 19 أغسطس 2008 تعرض مجلس الشورى إلى حريق هائل شب فى المبنى بسبب ماس كهربائي، واستمر الحريق حتى صباح اليوم التالى لأكثر من 16 ساعة ووقتها كثرت التكهنات والأسباب إلا أنه تم إعادة بنائه كما كان واستبدل المبنى التاريخى الذى تحطم بمبنى حديث. وبالعودة إلى الوراء نجد أن مصر شهدت عبر تاريخها الحديث أكثر من تجربة لتشكيل مجلس الشورى كان أولها المجلس العالى الذى أسسه محمد على، وفى عام 1866 أنشأ الخديو إسماعيل مجلس شورى النواب، الذى يعد البداية الحقيقية للمجالس النيابية فى مصر وكان يتكون من ستة وسبعين عضوا ينتخبون لمدة 3 سنوات. كان هذا المجلس فى بدايته استشاريا، ثم بدأت تتولد فى داخله اتجاهات المعارضة، بسبب استفحال الأزمة المالية وما ولدته من تدخل أجنبى فى الشئون المصرية وفى أول مايو عام 1883 وفى أثناء الاحتلال البريطاني، أصدر الخديو توفيق القانون النظامي، الذى تم تشكيل مجلس شورى القوانين بمقتضاه وكان اختصاصات هذا المجلس تتلخص فى حقه بالطلب من الحكومة تقديم مشروعات قوانين ومع ذلك فلم يكن من حقه اقتراح القوانين. وتم إنشاء جمعية تشريعية فى 1913 للقيام بهذه المهمة لكن تم حلها مع إعلان دستور 23 الذى نص على أن التشريع من حق البرلمان للمرة الأولى فى مصر.. فضلا عن أنه أعطى للبرلمان حق الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.  وبموجب دستور 23 أصبح البرلمان يتكون من مجلس للنواب وآخر للشيوخ الذى كان يوازى مجلس الشورى ورسخ الدستور وقتها فكرة انتخاب نسبة ثلثى من أعضاء المجلس بعد أن كان يتم اختيار معظمهم بالتعيين فى البرلمانات السابقة انا ثورة يوليو اتجهت لفكرة الغرفة الواحدة وكان أسم البرلمان مجلس الأمة ، ثم عاد أسمه مجلس الشعب بموجب دستور ١٩٧١ الدائم للبلاد وفى 19 أبريل 1979 وافق الشعب فى استفتاء عام على إنشاء مجلس الشورى وبناء على ذلك تم تعديل الدستور ووافق الشعب على هذا التعديل فى الاستفتاء الذى جرى يوم 22 مايو 1980 وأضيف بموجب هذا التعديل باب جديد إلى الدستور تضمن الفصل الأول منه بيان الأحكام الخاصة بهذا المجلس وكان أول اجتماع له فى أول نوفمبر 1980.  ويُشكل مجلس الشيوخ  الان من (300) عضو، وُينتخب ثلثا أعضائه بالاقتراع العام السرى المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن 10% من إجمالى عدد المقاعد.