السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كارثة بيروت

يوم الحساب

لا تزال أصداء انفجار مرفق بيروت تفرض نفسها على الأفق الاجتماعية والسياسية عربيا ودوليا، إذ لا يزال أكثر من ستين شخصاً مفقودين فى بيروت، أمس السبت، بعد أربعة أيام من الانفجار الضخم الذى ضرب مرفأ العاصمة اللبنانية، وأودى بحيأة أكثر من 150 شخصاً، وفق ما أكدت وزارة الصحة لوكالة فرانس برس.



أطلقت قوات الأمن اللبنانية الغاز المسيل للدموع على متظاهرين يحاولون عبور حاجز للوصول إلى مبنى البرلمان بوسط بيروت، للمطالبة بمحاسبة المسئولين عن انفجار مرفأ بيروت الذى أودى بحياة 158 شخصًا على الأقل وإصابة الآلاف.

وشارك المحتجون فى مسيرة دعو إليها تحت عنوان «يوم الحساب» للمشاركة فى تشييع رمزى لضحايا انفجار بيروت والمطالبة برحيل السلطة السياسية بأكملها.

وبدأ مئات المحتجين الاحتشاد فى ساحة الشهداء بوسط المدينة للمشاركة فى مظاهرة لانتقاد تعامل الحكومة مع أكبر انفجار تشهده بيروت فى تاريخها والذى دمر قطاعا من المدينة.

وحمل محتجون مجسما لمشانق ورفعوا لافتات خيّرت إحداها المسؤولين بين الاستقالة والشنق.

ويطالب لبنانيون باستقالة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان والنواب، واعتبروا أن الجميع مسئول عن تدمير العاصمة اللبنانية وتشريد مئات الآلاف. ويحمّل المتظاهرون السلطة السياسية مسئولية تقاعسها وتقصيرها وسكوتها عن تخزين 2700 طن من مادة نترات الأمنيوم سريعة الاشتعال.

وبدا لافتا حجم الغضب الشعبى من الجهات الرسمية، حيث طرد الأهالى أكثر من شخصية رسمية حضرت لتفقد الأضرار فى المنطقة المجاورة للانفجار.

وفى غضون ذلك، حذرت منظمات وهيئات حقوقية السلطات اللبنانية بضرورة احترام الحق فى التظاهر السلمى وعدم استخدام العنف المفرط بحق المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة.

وفى أول رد فعل له، أعربت قيادة الجيش عن تفهمها لعمق الوجع والألم الذى يعتمر قلوب اللبنانيين وتفهمها لصعوبة الأوضاع الذى يمر بها وطننا، وقالت قيادة الجيش فى بيان إنها «تذكّر المحتجين بوجوب الالتزام بسلمية التعبير والابتعاد عن قطع الطرق والتعدى على الأملاك العامة والخاصة، وتذكّر أن للجيش شهداء جراء الانفجار الذى حصل فى المرفأ»

وتسبّب الانفجار بمقتل 158 شخصًا على الأقل، وتخطى عدد الجرحى 6 آلاف، 120 منهم فى حالة حرجة.

وأعلنت السفارة السورية فى بيروت أن 43 سورياً سقطوا جراء الانفجار، ونقلت وكالة الأنباء السورية عن السفارة إن العدد المعلوم من القتلى السوريين جراء الانفجار وصل حتى الآن إلى 43 فى حصيلة غير نهائية.

ومن الضحايا زوجة السفير الهولندى فى لبنان التى توفيت ، يوم السبت، متأثرة بإصابات خطيرة لحقت بها فى الانفجار.

قال المكتب الإعلامى لوزارة الصحة اللبنانية، أمس السبت، إن عدد ضحايا الانفجار الهائل الذى وقع بمرفأ بيروت يوم الثلاثاء الماضي، ارتفع إلى 158 قتيلا.

ووفق بيان صادر عن المكتب الإعلامى لوزارة الصحة، فإن عدد المصابين فى الانفجار الهائل تجاوز 6000، فى حين لا يزال 21 شخصا فى عداد المفقودين، حسبما نقلت «رويترز».

وتجرى الأجهزة القضائية اللبنانية تحقيقا فى الانفجار الذى قالت السلطات إنه ناجم عن تخزين كمية ضخمة من مادة نترات الأمونيوم فى مرفأ بيروت منذ 6 سنوات.

وتسبّب انفجار بيروت بتشريد نحو 300 ألف شخص من سكان العاصمة ممن تصدّعت منازلهم أو تضررت بشدة، بينهم 100 ألف طفل وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف».

وفى إطار التحقيقات الجارية للكشف عن أسباب الانفجار، أعلنت السلطات اللبنانية، الجمعة، توقيف المدير العام لإدارة الجمارك الحالي، بدرى الضاهر، والسابق شفيق مرعى وإبقائهما على ذمة التحقيق فى إطار التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت.

كما تم أيضا توقيف مدير مرفأ بيروت، حسن قريطم، ووضعهم جميعا رهن التحقيقات، ليرتفع عدد الموقوفين بملف انفجار مرفأ بيروت إلى 19 شخصا.

تعرّض محافظ بيروت، مروان عبود، أمس السبت، للطرد من قبل ناشطين لبنانيين، وذلك خلال تفقده لأعمال رفع الانقاض فى منطقة مار مخايل بالعاصمة اللبنانية.

ورشق الناشطون عبود بعبوات مياه وحجارة ومكانس، بينما كان يقوم بجولة تفقدية لأحياء فى بيروت التى شهدت الثلاثاء انفجارا ضخما.

وأظهر فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعى، هجوم الناشطين على عبود، خلال مروره بسيارته فى الموقع المذكور.

وكان عبود، قد وجه كتابين إلى قيادة شرطة بيروت فى قوى الأمن الداخلى طلب بموجبهما اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتخفيف حركة مرور السيارات ضمن المنطقة المنكوبة وعدم السماح للأفراد بالتواجد بطريقة عشوائية وغير منتظمة وذلك حفاظا على السلامة العامة.

من جانبها قالت وزارة الخارجية الهولندية إن زوجة السفير الهولندى فى لبنان توفيت، أمس، متأثرة بإصابات خطيرة لحقت بها فى الانفجار الهائل الذى وقع فى مرفأ بيروت يوم الثلاثاء.

وأضافت الوزارة أن زوجة السفير أصيبت فى الانفجار لدى وقوفها بجوار زوجها فى غرفة المعيشة فى منزلهما فى بيروت.

وتسبب الانفجار الذى وقع يوم الثلاثاء فى إلحاق أضرار جسيمة بالسفارة الهولندية وإصابة أربعة أشخاص آخرين على صلة بالسفارة.

فى سياق متصل، قال مكتب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إنه سيستضيف مؤتمرا للمانحين من أجل لبنان عبر دائرة تليفزيونية اليوم الأحد، فى الوقت الذى تحتشد فيه الدول لإعادة إعمار بيروت بعد الانفجار الهائل الذى شهدته منذ أيام.

وسيسعى المؤتمر الذى ستشارك الأمم المتحدة فى رعايته للحصول على تعهدات من مشاركين من بينهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. 

ومن المتوقع أن يقرر المؤتمر كيفية توزيع المساعدات بحيث يستفيد منها الشعب مباشرة.

من جانبه، أكد الرئيس اللبنانى ميشال عون، أمس السبت، أن الدعوة مفتوحة إلى كل الدول العربية والدول الصديقة للمساهمة فى إعادة إعمار بيروت بعد الانفجار الضخم الذى هز مرفأ بيروت.

وبعد اجتماع الرئيس اللبنانى مع أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ، لفت عون إلى أن «حجم الكارثة كبير، التى أضيفت إلى تراكمات عدة منها الأزمة الاقتصادية التى يمر بها ​لبنان​، ووباء ​كورونا​ وأزمة ​النازحين السوريين»​. 

وأكد عون أن «لبنان بحاجة إلى أى مساعدة فى المجالات كافة والأمل كبير بالدول العربية​ الشقيقة». 

من جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط إنه سيسعى لحشد الطاقات العربية لتقديم الدعم للبنان بعد الانفجار الهائل الذى دمر أجزاء من بيروت. وأضاف أبو الغيط إن الجامعة «مستعدة للمشاركة بطاقات عربية بأى شيء يتعلق بالتحقيق فى مأساة مرفأ بيروت».

ميدانيا، أمام الغضب المتصاعد فى الشارع اللبنانى ضد الطبقة السياسية، جراء الانفجار المروع، تتوالى الضربات السياسية الموجهة إلى الفريق الحاكم فى الدولة وعلى رأسها حلف رئيس الجمهورية ونوابه فى البرلمان، فقد أعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامى الجميّل أمس «استقالة نواب حزب الكتائب من البرلمان».

واعتبر الجميل فى كلمة ألقاها خلال جنازة تشييع الأمين العام لحزب الكتائب نزار نجاريان الذى قضى فى انفجار مرفأ بيروت الثلاثاء الماضي، أن على حزبه أن يكون على قدر التضحية التى يمر بها البلاد.

ومع استقالة نواب الكتائب الـ3، بيرتفع عدد المستقيلين إلى 5 إثر دعوة النائبة بولا يعقوبيان بدورها أمس إلى استقالات جماعية من البرلمان، داعية زملائها إلى تقديم استقالاتهم الاثنين المقبل فى المجلس.

يأتى هذا مع دعوة عدة جمعيات ومنظمات مدنية إلى التجمع فى ساحة الشهداء وسط بيروت من أجل المطالبة بمحاسبة جميع المسئولين عن تلك المأساة، التى حلت بالمدينة، واستقالة الحكومة ورئيس الجمهورية.

وكان اللبنانيون عبروا بجميع الطرق عن سخطهم من الكارثة التى حلت بمدينتهم، سواء عبر وسائل الإعلام المحلية أو مواقع التواصل.

كما عمد بعضهم إلى طرد الوزراء الذين حاولوا النزول إلى الشوارع المدمرة، فى مبادرة منهم لمساعدة الشباب الذين تبرعوا لرفع الركام.