السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكاتبة المصرية رانية المهدى: أعشق التاريخ الفرعونى لأنه رسخ لاحترام المرأة

رانية المهدى كاتبة واعدة تمثل تجربتها تحديا فى الكتابة الانثوية فى الادب المعاصر،تكتب نصا مفتوحا يجمع بين السرد الشهرزادى والحوار المسرحى فيما يعرف بـ(المسراوية) الذى يعد رائده الكاتب الكبير توفيق الحكيم فى عمله الفذ (بنك القلق)، واستلهمت رانية المهدى فى عملها الجديد( اللوتس الأزرق) التاريخ الفرعوني، لمناقشة قضايا الحاضر،مثل دور النيل فى حياتنا، وتراجع القيم، واحتفاء التاريخ الفرعونى بالمرأة، وهناك مساحة من الدهشة والتشويق، وهو تجربة إنسانية بامتياز ،ونجحت الكاتبة فى تحويل خبرتها وتجاربها الحياتية والأدبية بما يعرف بالموروث الثقافى إلى عمل أدبى متميز.وقد صدر لها كتاب  (الجدار) عام 2016 ويضم مسرحيتين،وقد عملت بالصحافة الثقافية أثناء دراستها بالجامعة.



■ يعد كتابك الصادر حديثا تحت عنوان «اللوتس الأزرق» نموذجا للتداخل بين الأجناس الأدبية حيث يجمع بين ملامح الرواية وملامح المسرحية.. فهل تؤمنين بكتابة النص المفتوح؟

ــ نعم أؤمن بكتابة النص المفتوح.. وأحب فكرة المزج بين الأجناس الأدبية و التطوير.. وهذا الخلط ليس بجديد فهناك تجارب سابقة لأدباء كبار ولا أنكر أنها أثارت الكثير من تضارب الآراء بين القبول والإستحسان والرفض ولكن من وجهة نظرى المتوضعة أميل الى هذا الخلط الادبى بشكل كبير.

■ الكتاب يجمع بين جنس أدبى مزدهر(الرواية) وجنس أدبى يتعثر إلى حد ما (المسرح).. كيف حققت هذه المعادلة؟

ـــ المسرح أبو الفنون وأقدمها لكن للاسف كما ذكرتم لا يجد رواجاً بين القراء وذلك لغياب الثقافة المسرحية وعدم الإهتمام بتسويق المعروض منها بشكل جيد.. فمعظم دور النشر فى مصر لا تقبل العمل لمجرد أنه مسرح ويكون الرد نعتذر نحن لا ننشر غير الروايات وهذه إجابة قاتلة لأى إبداع مسرحى فالكاتب جل ما يريد هو أن يخرج عمله للنور ولذلك كان اللجوء الى إحياء هذا الجنس الأدبى الذى يجمع بين الرواية والمسرحية فنقدم مسرح يقرأ خير من عدم تقديمة نهائيا. كمان ان المسرواية شكل أدبى رائع ويستحق أن يكون حاضر وبقوة فى الساحة الأدبية.

■ بمن تأثرتى فى كتابة (المسرواية) وما مدى انتشار هذا الجنس الأدبى فى الوسط الثقافى العربى؟

ـــ (المسرواية) شكل أدبى قديم سواء على مستوى العالم أو فى مصر بالرغم من هذا القدم لكنها غير منتشرة فى الوسط الثقافى الحالى الذى يتبنى الرواية ويفسح لها المجال على حساب باقى الاجناس الأخرى كالمسرح والقصة القصيرة.

ومن أشهر الكتاب فى مصر والوطن العربى الكاتب الكبير توفيق الحكيم الذى أطلق  مصطلح (المسرواية) على عمله الأدبى «بنك القلق» وايضا الكاتب الكبير السيد حافظ فى عمله الأدبى الرائع «حتى يطمئن قلبي» والذى يعتبر فى العصر الحالى من أكبر المؤصلين لهذا الجنس الادبي.

■ العمل يناقش قضايا الصراع على الحكم، ومزج الدين بالسياسة فى الزمن الفرعونى.. لماذا اخترت هذه الفترة تحديدا؟

-الزمن الفرعونى بوابة ثرية جدا وأرض خصبة لأى مبدع لأنها تحمل من الأسرار والأساطير والأمجاد ما لا يحصى أو يعد بعضها تم إكتشافة والبعض ما زال غائبا وغير ظاهر. وأنا شخصيا أعشق هذا التاريخ وهذه الحقبة المتميزة فى كل شيء خصوصا إحترام النساء.. وأفتخر بكونى مصرية وحفيدة لهؤلاء العظام. أما فى اللوتس الأزرق العصر الفرعونى يمثل خط درامى واحد من عدة خطوط أخرى فى عصور وأزمان مختلفة منها المحدد والغير محدد فاللوتس الأزرق عمل خارج التصنيف التاريخي.

■ هل العمل عودة لتاريخ منسى أم نبش فى أسرار التاريخ؟

ـــ تاريخ الأمس هو حاضر اليوم. واللوتس الأزرق عمل ينهل من التاريخ والخيال والاسطورة فهو مزيج يختلط بقوة لتوصيل الفكرة.

■ الأسطورة لها حضور فى العمل.  برايك ألا تمثل الأسطورة عبئاً على العمل؟

ــ الأسطورة عالم خصب لكثير من الأفكار وقد تكون عبئا اذا لم تقدم بشكل مختلف فى إطار درامى محكم. هى أيضا أداة لجذب القارئ الى عمق الفكرة المرجوة من العمل، وبالرغم من المخاطرة الا إنها مخاطرة محمودة إذا أحسن التعامل معها. وفى اللوتس الأزرق الأسطورة هى الأساس الذى يقوم عليه البناء الدرامى بثوب جديد وطرح مختلف. ■ النيل له نصيب من السرد باعتباره اكسير الحياة فى مصر ..فهل كانت مصادفة تتزامن مع أزمة سد النهضة الحالية؟

ـــ النيل مصدر إلهام لكثير من الكتاب لأنه شريان الحياة الذى قدسه المصرى القديم عندما دون ترنيمته على الجدران والمعابد وقال: (فليحيا الإله الكامل، الذى فى الأمواه، إنه غذاء مصر وطعامها ومؤونتها، إنه يسمح لكل امريء أن يحيا، الوفرة على طريقة، والغذاء على أصابعة، وعندما يعود يفرح كل البشر) أما حضور النيل فى العمل فغير مستوحى من أزمة سد النهضة، لكنه حضور درامى وخط أساسى فالأسطورة المطروحة فى العمل كانت على ضفافه المقدسة.

■ امتداد التاريخ فى الحاضر ماذا يضيف؟

ـــ فكرة العمل فى الأساس فكرة إنسانية بحتة.. فالفطرة والإنسانيات لا تتغير كثيرا بتغير الأحقاب التاريخية. والإستعانه بحدث تاريخى يكون لفهم الحاضر وتفادى أخطاء الماضى فالتاريخ يتكرر فى الأزمان لكن بأشكال مختلفة.

■  لماذا وقع اختيارك على الغراب.. هل هناك موقف ثقافى من ذلك؟

ـــ الغراب كائن مظلوم فى كثير من الثقافات والعديد من البشر يعتبرونه نذير شؤم وخراب بالرغم من أن مملكة الغربان من أقرب الممالك لمملكة البشر من حيث التصرفات وردود الأفعال. كما أن الغراب هو المعلم الأول للإنسان على الأرض وفى اللوتس الأزرق الغراب يحمل السر ويلازم الإنسان ليذكره بألا يقع فى الخطئية من جديد.

■ العمل يتبنى مقولة «المرأة أصل الشرور فى العالم».. ماذا تقولين؟

ــ نعم يتبنى العمل هذه العبارة وبقوة على لسان الجهلاء و أصحاب المصالح.. ومن هذه الجملة ينطلق الصراع و التصاعد الدرامي. ليؤكد العمل وبكل وضوح أن المرأة هى سر الوجود وسر الاستمرار، هى التى تبنى وتقف فى وجه الشرور فى كل زمان ومكان. المرأة فى اللوتس الأزرق مخلوق عظيم كامل الحرية والإرادة، النور الذى يهب الحياة لهذه الأرض. 

■ كشف الحوار عن الطبائع النفسية والاجتماعية للشخصيات فهل استخدمت المنهج النفسي؟

ـــ للنفس البشرية عوالم معقدة تتطلب الكثير من الدراسة والمشاهدة لنكتشف البعض القليل من أسرارها وعندما أكتب أحيا كل شخصية بمفردتها وأهوائها وشرورها وأتحدث بلسانها وكانها تتلبسنى لأجدها تحيا أمامى وتتحرك وتعلن عن نفسها بوضوح. وساعدنى فى ذلك بعض القراءات فى علم النفس والسلوك والتاريخ.

■ هل بإمكانك البوح بأسرارك الشخصية فى عمل أدبى؟

ـــ الأسرار الشخصية عالم خاص وعميق لدى أى إنسان وتقدمها من عدمه يعتمد على مدى خصوصية هذه الأسرار ومدى تأثرها عليه وعلى من حوله. فإن كانت تجربتى الحياتية تحمل ما يستحق أن يقدم للناس لتغير مفهوم خاطئ أو دعم موقف أخلاقى دون الإساءة لأحد فمن الممكن أن أقدمها فى عمل أدبى بكل أريحية.