الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أحمد عز.. على البساط السحرى

علاء الدين مسرح تمرد على التقاليد بالتقنيات الحديثة!

تعتمد الدول الأوروبية وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مسرح برودواى وما على شاكلته على صناعة كاملة وسوق كبير للمسرح السياحى، الذى يميزه التطور التقنى والتكنولجى وعناصر الإبهار بشكل أساسى، وبالتالى ضمنت هذه الدول بقاء هذه الصناعة المسرحية أو السياحة الثقافية لسنوات طويلة، والتى بالفعل يأتى إليها فى كل عام زائرون من جميع أنحاء العالم، لمشاهدة تلك الأعمال الضخمة المتفردة فى صناعة الصورة والإبهار على خشبات مسارحها، وفى كل تجربة سنجد عناصر جديدة وتقنيات مختلفة إعتمدت عليها العروض؛ وتفننت فى تقديم اشكال مسرحية ربما لم نعتد رؤيتها بالدول العربية.



أدرك مسرح القطاع الخاص العائد بقوة فى ثوب جديد، هذا العنصر شديد الأهمية؛ صناعة الإبهار فى جذب وكسب أكبر عدد ممكن من الجماهير، وإحياء قيمة عودة الجمهور للمسرح؛ وقيمة اتخاذ المسرح حيز من الاهتمام؛ كبند من بنود الترفيه ووضعه بقوة على أجندة الأسرة المصرية، وبالتالى شهد القطاع الخاص طفرة كبيرة خلال تلك الأيام على تنوع اتجاهاته واطيافه، وكان لمسرح «كايرو شو» النصيب الأكبر من تحقيق هذه المعادلة الصعبة بالدخول فى منافسة شرسة بتقنيات وعناصر ابهار جديدة، لإعادة الجمهور للمتابعة والرغبة فى الإكتشاف والمشاهدة.

قدم «كايرو شو» مؤخرا وبعد تراجع أزمة فيروس كورونا العرض المسرحى الغنائى الإستعراضى «علاء الدين» على مسرح الموفينبيك، بطولة أحمد عز، تارا عماد، سامى مغاوري، هشام اسماعيل، محمد ثروت، وكريم عفيفى وإخراج مجدى الهوارى، يعتمد العرض من البداية على احدى حكايات ألف ليلة وليلة الشهيرة، والتى ارتبطت دائما فى ذهن وخيال الجمهور بقصص اسطورية وحكايات خيالية، ربما كانت الدافع وراء سعى صناع «كايرو شو» إلى إدخال واستخدام عناصر الإبهار وتقنيات جديدة على الصناعة المسرحية فى مصر، حتى تناسب الشكل الأسطورى والخيالى للقصة، والتى تتعدد اشكال حكيها وتأويلها حسب رغبة كل عمل فنى فى تقديمها، أو تناسب وضع الجمهور فى حالة وخيال الأسطورة التى تروى قصة شاب يتيم تروى عنه حكايات فى المواجهة والشجاعة وسعيه دائما لنصرة الحق على الباطل ومساعدة المحتاجين فى حين أنه جارى البحث عنه للقبض عليه بسبب اتهامه بالنصب والاحتيال، يظهر علاء الدين الذى يعشق ابنة السلطان ويسعى جاهدا للحصول على المصباح السحرى من المغارة للفوز بالزواج منها والإنتصار على الوزير الطامع فى ملك ابيها وإظهار حقيقيته.

قصة بسيطة طريفة أقرب لحواديت الاطفال صنع منها اصحابها مسرحا للأسرة بالكامل، كما حفز هذه الأسرة للذهاب واكتشاف ما حمله العمل من مفاجآت لجمهوره، اعتمد العرض بشكل اساسى وبالغ فى تقديم تقنيات حديثة بالمسرح بدءا من الشاشة المثبتة فى عمقه والمتداخلة مع قطع الديكور على الخشبة، والتى منحت أكثر من ايحاء بإنتقال الأبطال منها وإليها فى أكثر من موضع، ففى مرة توحى بموكب السلطان والأميرة؛ ثم تتداخل مع الفيديو بروجيكتور فى صنع شكل المغارة السحرية، ثم توحى بعالم الأحلام والخيال الذى ينتقل إليه «علاء الدين» مع حبيبته الأميرة بالبساط السحرى، يأتى فيما بعد استخدام تقنية ظهور الجن بالهولجرام، وتهيئة المصباح السحرى على المسرح أمام الجمهور، لخروج الجن منه الذى سيساعد «علاء الدين» فى الوصول إلى هدفه بالزواج من الأميرة والإيقاع بالوزير، كان لهذا المشهد تحديدا النصيب الأكبر من التجديد والابتكار، كيف صنعت خدعة الجنى الذى بدأ بالمغارة السحرية والتى نقلت الجمهور بالفعل إلى عالم آخر داخل المسرح، وكأنك تشاهد عمل سينمائى بتقنية الـ«3D»، حرفة وإجادة واتقان فى صناعة هذا المشهد بدقة خروجه فى شكل خيالى مبهر لم نره بالمسرح من قبل، مزج الشاشة بالستارة الشفافة التى بدأت تنقل عالم علاء الدين داخل المغارة ودخوله للحصول على المصباح السحرى ثم لحظة إزالة الغبار ومسحه للمصباح وخروج الجنى منه لتلبية رغباته؛ صنع هذا المشهد بإحتراف شديد، وكأنك انتقلت معه بالفعل إلى عالم الجن والعفاريت، ولم يقتصر عنصر الإبهار على هذا المشهد وحده، بل لحظة بداية العرض ونهايته أراد المخرج مجدى الهوارى أن تكون لحظات مميزة فى وصول علاء الدين وظهوره مع بداية العرض وهو ينزل طائرا بأسلاك من أعلى المسرح من بين الجمهور، ثم صعوده مع حبيبته طائرا ايضا على البساط السحرى فى نهاية العرض من أعلى إلى اسفل الصالة لمشاركة الجمهور لحظة وصوله إلى رغباته وتحقيق أحلامه مع حبييته وكأن الجماهير جزء من هذه اللحظة الإستثنائية فى حياته.

تمتع أحمد عز بحضور طاغ على خشبة المسرح وخفة ورشاقة بأدائه لشخصية «علاء الدين»، وإن إعتمد واستغل فيها شكل أدائه الكوميدى لبعض اعماله السينمائية السابقة؛ لإضفاء مزيد من الكوميديا وخفة الظل على الشخصية لكنه فاجأ الجميع بحضوره الكبير وصوته العذب فى الغناء عندما تغنى بمقطع للأميرة دون موسيقى، وكذلك شاركته فى متعة الأداء والحضور والرشاقة تارا عماد فى دور الأميرة ياسمين، وبالطبع الفنان سامى مغاورى فى دور السلطان الذى لم يخذل جمهوره قط فبينه وبين الجمهور عقد دائم لا يخونه فى خفة الظل والحرفة العالية بإتقان اعماله المسرحية، وكذلك هشام اسماعيل فى دور الوزير الذى يتنوع دائما فى تقديم أدوار جديدة ومختلفة بأدائه المميز، ثم محمد ثروت المفاجأة الكبرى فى دور الجنى وادائه الكوميدى الممتع الذى اضفى على العمل ايقاع مختلف واتزان ومتعة كبيرة فى واقع ظهوره على المسرح أو فى تجسيده للشكل الكارتونى السينمائى الذى ظهر عليه لعلاء الدين بتقينة الهولجرام من المصباح كان على ثروت العبء الأكبر فى مزج ادائه التمثيلى المحكم مع استغلال التقنية الحديثة بظهوره، وكأنه فى أحد افلام الكارتون الـ«3D»، تميز ايضا كريم عفيفى بخفة ظله وادائه الممتع البسيط لشخصية قفة تابع ومساعد علاء الدين فى اعمال نصبه واحتياله، لم يشأ صناع العمل الإعتماد على الإبهار بإستخدام تقنيات حديثة فقط؛ بل كان لعنصر الملابس حضور كبير فى روعة اختيار الألوان والتصميم الأقرب للشكل الهندى لمصممة الأزياء نيفين رأفت، كى تناسب شكل الخيال والأسطورة، وكذلك قطع الديكورات الكبيرة التى تم مزجها مع شاشة العرض الخلفية تصميم كريم مهدي، ثم يأتى عنصر آخر أضفى على العمل متعة سمعية وابهار من نوع خاص كتابة الأشعار المغناة تأليف وألحان مصطفى الحلوانى والإستعراضات المصممة بالعرض تصميم رشا مجدى وعمرو البطريق سواء الجماعية او الثنائية فى مشاهد متفرقة، وبالتالى إكتمل العرض واتحدت عناصره من إضاءة لرامى بينامين وديكور وتقينات حديثة لتخرجه فى قالب فنى مبهر ومتقن الصنع، ولم يتوقف الإتقان عند ابطاله، بل هناك ابطال آخرون بدا وكأنهم يعملون فى دأب وانضباط خلف الكواليس؛ لإخراجه بدرجة عالية من الجودة والإبداع الفني، بدءا من فريق الأجنبى التابع لديزنى الذى جاء خصيصا لتدريب فريق العمل على استخدام تقنية الطيران والبساط السحرى وهو فريق أجنبى  بقيادة جون بهاء، ثم استخدام تكنيك الهولجرام لحظة ظهور الجن على المسرح، وبالتالى يعتبر عرض «علاء الدين» ثمرة عمل وجهد كتيبة من المبدعين خلف الكواليس أولا؛ ثم على خشبة المسرح ثانيا؛ فما ظهر على الخشبة من إجادة وإتقان وراءه مجموعة كبيرة من البشر أدت واجبها وعملها فى دقة ونظام صارم، ومن النادر أن يبدو جليا جهد العاملين وراء الكواليس بهذه الدقة والانضباط!