الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أنا البارون

بنيت مصر الجديدة ليسكنها صفوة المجتمع والفقراء معًا

اليوم أنهى معكم حكايتى لأفسح المجال لحكايات أخري..هكذا قرر البارون أن يختتم حلقاته مع روز اليوسف اليومية، ويكشف فيها كيف حقق ما يمكن أن نسميه عدالة اجتماعية حينها، بأن تكون مصر الجديدة التى بناها متسعاً للأغنياء والفقراء.



 

باريس على النيل 

 

كان الخديوى إسماعيل حاكم مصر مغرما بمدينة باريس التى تحولت فى ستينيات القرن 19 إلى مدينة عصرية، ولذلك فقد أراد إعادة بناء عاصمته »القاهرة» لتصبح باريس على النيل ونجح فى ذلك إلى حد كبير، ومن ثم ترك القاهرة التاريخية وبدأ فى بناء منطقة جديدة فى وسط المدينة على الطراز الغربي، تضم دارا للأوبرا وفنادق وبنوكا ومتاجر كبرى، وذلك على الأراضى المطلة على النيل.

ونتيجة لهذا التطوير وبحلول عام 1900 م ارتفعت أسعار الأراضى المطلة على نهر النيل إلى مستوى نظيرتها فى بروكسل وباريس، وفى وقت لاحق خطرت بذهنى أنا البارون إدوارد إمبان فكرة مبتكرة، وهى شراء أراض نائية ورخيصة مع ربطها بوسط المدينة وبناء ضاحية جديدة فيها، وهكذا جاء ميلاد حى مصر الجديدة.

 

هليوبوليس تحتضن الجميع 

 

وعلى الرغم من أن القصور والمبانى السكنية بضاحية مصر الجديدة تخطف الأنظار، إلا أنه لم يكن من المفترض أن تنشأ المدينة لتكون مكانا حصريا للنخبة وصفوة المجتمع فقط، فقد أدركت أنه لكى تنجح مدينتى الجديدة كان لا بد من جذب فئات مختلفة للسكن بالمدينة.

فقامت الشركة ببناء العديد من المبانى السكنية التى تضمنت شققا بسيطة متواضعة، فكانت أبسط المنازل وهى مخصصة لعائلات الفقراء وعبارة عن مبان متواضعة مكونة من طابق واحد مع غرف بسيطة تواجه أفنية صغيرة، ومع ذلك تم الإهتمام بجميع مبانى مصر الجديدة على حد سواء.

فلا توجد أى وحدات سكنية تطل نوافذها على المناور الضيقة التقليدية بل تم توفير تهوية مناسبة لها، فضلا عن تزويدهم بخدمات الكهرباء والمياه الجارية والحمامات، مع العلم أنه أنه لم يكن هذا هو الحال فى باريس أو بروكسل أو نيويورك.. وعلى الصعيد العمرانى فقد ألزمت الشركة الملاك بعدم البناء على أكثر من 50%من مساحة الأرض, كما تم تخصيص 8%من الأراضى للحدائق العامة والمنتزهات والملاعب، بالإضافة لإنشاء مضمار لسباق الخيل ومدينة ملاهي-لونا بارك-ونادى رياضى مع ملعب جولف.

 

الجسر الحيوى للناس

 

بدأت أعمالى فى مصر منذ عام 1894، حيث حصلت على حصة فى جمعية الترام البلجيكية فى القاهرة، وذلك بعد إشتراكى فى بناء عدة أنظمة للنقل العام فى العديد من البلدان الأخري، وترتب على ذلك قيامى بالمشروع العقارى الضخم حى مصر الجديدة والذى تم ربطه بمنطقة وسط القاهرة.. وقبل ذلك بفترة طويلة كانت عربات الترام ذات اللون الأبيض تسير فى حى مصر الجديدة، وإنعكس هذا المشروع جليا على إسم المؤسسة المختصة ببناء المدينة الجديدة»شركة سكك حديد القاهرة الكهربائية وواحات هليوبوليس».. ثم قامت شركة ترام القاهرة التابعة لى بتوسيع خطها الذى يمتد بين ميدان العتبة وضاحية العباسية إلى مصر الجديدة، حيث تم إفتتاح هذا الخط الذى يبلغ طوله 16 كم فى 9 مايو 1908، ثم أضفت خطا حضريا أخر عبر المدينة يمتد من الغرب إلى الشرق وذلك فى عام 1909.. وفى وقت لاحق افتتحت خطا سريعا يصل إلى وسط القاهرة فى 11 يوليو 1910 والمعروف بإسم مترو مصر الجديدة، وقد تم عمل إمتدادات إضافية لشبكة الترام، لكن لم تتم صيانتها بشكل دورى مناسب.