السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

قرارات زوجية متسرعة

تحية طيبة لبريد روزا وبعد…



أنا زوجة حاصلة على مؤهل عالٍ أبلغ من العمر ٢٦ عامًا، تزوجت منذ ٤ سنوات من معيد بإحدى الجامعات بعد قصة حب وارتباط عاطفى، فهو صديق أخى الوحيد والأكبر لى ولشقيقاتى، بالإضافة لانتمائه لنفس القرية التى نعيش بها، والدى يعمل موظفًا بسيطًا بشركة خاصة، جاهد كثيرًا وتعب فى تربيتنا وتوفير مستلزمات زواجى ولا يزال يواصل بعد وفاة والدتنا ورفضه الزواج لتكملة رسالته معنا، بعد عام تقريبًا من دخولى عش الزوجية بدأ القلق يدب فى قلوبنا لتأخر حدوث حمل لى برغم عدم وجود أى أسباب تمنعنا من بلوغ تلك الفرحة التى يتمناها أى عروسين، وبحسب التحاليل الطبية فكلانا يتمتع بصحة إنجابية لكنها إرادة الله، رحلة طويلة قطعناها من المتابعة عند الأطباء قبل أن يرزقنا الله بطفلة جميلة ملأت علينا الدنيا بما فيها حتى استوقفتنا صدمة عنيفة لظهور إختبار الغدة الدرقية الخاص بها ومعرفتنا بأنها ستكون معاقة ذهنيًا (داون)، الحياة بينى وبين زوجى كانت مبنية على الاحترام المتبادل والحب قبل هذا الخبر الصاعق، لكن بعد إنجاب طفلتنا ومعرفة زوجى بإعاقتها بدأت الخلافات تدب بيننا بسبب عدم تقبله للأمر فأصبح عنيفا يتطاول علىّ بألفاظ خارجة، مما اضطرنى للرد عليه تارة والامتناع عن إعطائه حقوقه الشرعية تارة أخرى - عقابًا على عدم احترامه لى، لكنه لم يبالى وازدادت الفجوة بيننا يوما بعد يوم والشكوك أيضا فى حب وإخلاص كل منا للآخر. حتى جاء اليوم الذى فسر أشياء كثيرة بعد تفتيشى لجيوب بنطاله لتنظيفه واكتشافى بعض الحبوب المنشطة جنسيًا والمخدرة أيضًا من عائلة الترامادول - بالرغم من صغر سنه حيث إنه فى أواخر العقد الثالث من العمر، مما دفعنى لمواجهته بحدة واتهامه بأنها هى السبب في تبدل سلوكياته وتصرفاته معى بل وفى تشوه جنيننا الأول عقليًا، فلم يتقبل ذلك وصفعنى واتهمنى بالتخلف، وأنا لم أتمالك نفسى وغادرت منزلى إلى بيت أبى منذ عدة أيام ولم أشرح لأسرتى طبيعة الخلاف بينى وبين زوجى - وكلما تحدث أحد معى لا أنطق بشئ وأدخل غرفتى ثم أبكى على نصيبى الذى أوقعنى فى هذا الزوج المختل. الشىء الوحيد الذى يخفف عنى هو ابتسامة طفلتى البريئة بل ربما هى من تدفعنى لإستكمال رحلتى معها فى الحياة والتراجع عن فكرة الإنتحار، مشكلتى أستاذ أحمد أننى أصبحت لا أطيق زوجى لدرجة أننى طلبت منه أن يطلقنى وهو يرفض ويحاول إعادتى لمنزله - وتمسك بى أكثر بعد علمه بعدم إفشائى لسبب الخلاف بيننا. لكن يبقى خوفى وقلقى الأكبر يتركز فى مستقبل ابنتى ومستقبلها مع أب يبدو ضائعا وغير أمين علينا، فماذا أفعل سيدى الفاضل!؟.

إمضاء هـ. ص

 

عزيزتى ه. ص تحية طيبة وبعد…

 

 

لا ألوم عليك كما لا ألوم على الكثير من الأزواج بزماننا المعاصر فقدهم بعض الخبرات الإتصالية الهامة التى تعينهم على الإلمام بفنون الحياة الزوجية وكيفية التعامل مع الشريك على الوجه الأكمل، ذلك فى حالة وجود ظرف قهري أدى لغياب هذا الدور التوجيهى من قبل الأهل وترسيخهم صفات هامة مثل القدرة على العطاء بتجرد والصبر والتحليل الدقيق للمواقف الحياتية المختلفة وتحديد ردود الأفعال المتوافقة معها غير الإنفعالية، وعطفاً على ما سبق فإننى أجد أن قلة خبرتك عزيزتى هى من دفعتك لصدام محموم مع زوجك فى بداية حياتكما بعد اكتشافك استخدامه بعض المنشطات الجنسية والحبوب المخدرة وربطك بينها وبين إمكانية تسببها فى ولادة طفلتكما بمتلازمة «داون» - وهو شئ غير صحيح على الإطلاق وليس له أى أساس علمى، لأن الوراثة وتقدم الزوج فى السن هى أسباب قليلة للغاية معروفة مقارنة بأخرى كثيرة لم يصل إليها العلم حتى الآن. وبغض النظر عن هذا الربط الوهمى - لا يجب اعتبارك لتغير زوجك معك قليلا كأنه اعتراض مستتر على قدر الله بإعاقة طفلتكما ذهنيا - فهذا الاتهام الخطير من شأنه تدمير العلاقة وجعل إمكانية استمرارها صعب للغاية. أما بالنسبة للمحور الأهم فى خلافكما هو ضعف معلوماتك العامة عن طبيعة استخدام بعض الرجال للمنشطات الجنسية بالتزامن مع بعض الأقراص المخدرة مثل «الترامادول»، وهى ما بين أسباب طبية ودوافع نفسية وقناعات خاطئة، أما الأسباب الطبية فهى تكون غالبا لتقدم السن مع الإصابة ببعض الأمراض مثل الضغط والسكر ما يؤثر على الدورة الدموية ومن ثم قصور فى القدرة الجنسية عند الرجل فيلجأ لهذه الأدوية بعد مراجعة الطبيب المختص كعلاج لهذا القصور، أما بالنسبة لزوجك وهو شاب صغير السن فغالبا لا تنطبق عليه هذه الحالة بل من المرجح أن يكون استعمل تلك العقاقير بعد توجيه من أحد اصدقاءه الذين يتوهمون بأنها مفيدة وتؤدى لمضاعفة قدرتهم على القيام بالواجبات الحميمية وهى بكل تأكيد قناعة خاطئة بل إدمانها قد يؤدى فى المستقبل لنتائج عكسية مع تقدم العمر، وأنا لا أرى هنا اى مبرر لمبالغتك فى الخوف وإثارة المشاكل ووضع العراقيل بينك وبين شريك حياتك، بل فقط وافقى على العودة معه لأنه يحبك، وانصحيه بالتوقف عن استخدام تلك الأدوية لعدم حاجته إليها طبيا حتى لا يعتادها فتضر به مستقبلا، والنصيحة الأخيرة لكما هى ضرورة تقبل قضاء الله فى ابنتكما، واعلما بأن هؤلاء الأطفال من ذوى الإحتياجات الخاصة هم دائما مصدر سعادة وجلب للرزق والبهجة الحقيقية، بل هم منحة إلهية لكل أب وأم الحكمة من ورائها هى الرحمة فى الدنيا والآخرة إذا صبروا وفرحوا بها.
 
دمت سعيدة وموفقة دائمًا هـ. ص