الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صانع العرائس وبائع السعادة

الخيال عالم ساحر يسكنه الأطفال ببراءتهم ويرسمون حدوده وشخصياته يعيش معهم الطفل مغامرات وصداقات فى مخيلته وتمنى أن يلتقيهم فى الحقيقة ولا يسمح بالعبور إلى عالمهم إلا من كان على نفس القدر من البراءة والنقاء والخيال الجامح.. بكار هو أحد هؤلاء العابرين إلى عالم الأطفال مع أصدقائه من العرائس الماريونت.



محمد فوزى بكار شاب جاء من الواحات الداخلة تحديداً من عزبة بئر7 قرية تنيدة بهدف الالتحاق بالدراسة فى كلية التربية الفنية بالزمالك ولأنه يمتلك ملامح مصرية أصيلة وبشرة سمراء وشعر أسود كثيف أطلق عليه صديقه صلاح أبو الحسن لقب بكار.. ولأن بداياته كفنان للعرائس شهدت فعاليات وورش تعليمية للأطفال صار «بكار» لقباً ملازماً له.

يروى لنا فنان العرائس بكار تجربته معها فيقول « البداية كانت بالتحاقى بكلية التربية الفنية عام 2003 ففى الفرقة الخامسة وتحديداً قسم الأشغال الفنية اتضح لى ما أود أن أكون عليه وأى طريق يجب أن أسلك ويرجع الفضل فى ذلك إلى د. سعيد أبورية أستاذ الفنون الشعبية فوجهت اهتمامى بدراسة تصميم العرائس الماريونت وأساسياتها وكانت عروسة د.أحمد نظيف هى أول ما نحتت يداى وبوابة دخولى إلى هذا العالم حيث أن مواصفاته الجسدية بشعره الأبيض وشنبه الكثيف وطول قامته وكف اليد الكبير تفاصيل أثارتنى فى ملامحه لصناعة عروسة ماريونت لرئيس الوزراء آنذاك. 

مسرح الساقية

وعن عمله بمسرح ساقية الصاوى للعرائس قال بكار «اهتمامى بدراسة فنون الطفل وما أقمته من ورش فنية للأطفال لتصميم وصناعة العرائس طلبت فى ساقية الصاوى عام 2007 لنحت وجوه عرائس الكورال الخاص بفرقة عبد الحليم حافظ فنحت لهم 8 عرائس 4 سيدات و4 رجال ظهروا فى حفلات الساقية المتنوعة، خلال هذه الفترة كان للعديد من الشخصيات أثر فى حياتى وبصمة جديدة جعلتنى أكتسب خبرة فى هذا المجال منهم أحمد عبد النعيم أحد أهم فنانين مصر فى صناعة العرائس و«ميكانيزم» العروسة، والفنان سامى عيد الله فنان البورتريه وهو أحد أسباب التحاقى للعمل بمسرح الساقية، والتقيت بفنانين كبار مصريين وأجانب وحرصت على الإطلاع على كل ما هو جديد على المستوى العالمى عن طريق الإنترنت والدخول فى ورش تدريبية باستمرار وحصلت على دبلومة فى التربية الفنية  فدراستى الأكاديمية لكل الفنون التشكيلية بها أهلتنى لاستخدام وتوظيف كل الفنون بداخل العروسة الماريونت،لأن فنون العرائس شاملة لكل أنواع الفنون التشكيلية السمعية والبصرية، وحاليا فى مرحلة الماجستير بالمعهد العالى لفنون الطفل بأكاديمية الفنون.

ويضيف بكار عشقى للعرائس جعلنى أخوض تجربة التدريب على صناعتها فقد أقمت العديد من الورش التعليمية منذ عام 2009 بالتعاون مع العديد من المراكز الثقافية الخاصة وبدأ انتدابى كخبير عرائس فى كلية فنون تطبيقية عام 2017 وكلية تربية وكلية التربية للطفولة المبكرة وعدد من الهيئات العالمية مثل اليونسكو وهيئة الإغاثة الدولية لتطويع استخدام العرائس فى القضايا المختلفة.

عروسة ماريونت

ويحدثنا بكار عن مشروعه «عروسة ماريونت « فيقول « هو مشروعى الخاص بدأ منذ عام 2015 بتقديم العروض المسرحية للأسرة والطفل للكبار والصغار وإقامة الورش التعليمية للمتخصصين والمحترفين وتصنيع العرائس بالطلب ثم بدأنا بالتعاون مع التليفزيون دراما وبرامج، وآخر العروض كان على بابا والأربعين حرامى بالتعاون مع البيت الفنى للفنون الشعبية وهو يعرض يومياً على خشبة مسرح صلاح جاهين، كذلك مسلسل «الشركة الألمانية لمكافحة الخوارق».

وبسؤاله عن اختلاف هيئة العرائس التى يصممها عن العرائس التى عهدناها فى عرض الليلة الكبيرة وقربها للنسب الطبيعية لملامح البشر أجاب: «عرائس الليلة الكبيرة لها مدرسة خاصة فى تنفيذها تختلف نسبها كثيرا عما يقوم به من تصميم للعرائس فهو يميل إلى الواقعية ومقاربة الشخصيات بنسبها  للطبيعة والمكان والقصة، فتبنى ملامح الشخصية وفقاً لطبيعة المكان التى ستعرض به.

وعن قلة عروض مسرح العرائس واعتمادها على قصص قديمة قال بكار «العروض المسرحية تتفاوت من مكان لآخر فى عددها فأثناء عملى بمسرح الساقية تم إنتاج ما يقرب من 15 عرض مسرحى للعرائس كعمل تربوى للأسرة والطفل فضلا عن العروض الغنائية التى تقدمها الفرق أم كلثوم وعبد الحليم ومحمد منير وهى تجمع بين العروض الجديدة إلى جانب العروض التراثية، فى حين أن مسرح القاهرة ينتج عمل واحد كل سنة، ويجدر الإشارة إلى أن العروض الحالية لم تنل أى حظ من اهتمام وسائل الإعلام كعرض الليلة الكبيرة، المهتمين وحدهم بهذا المجال يبحثون عن عروضه والجديد فيه.

ويضيف بكار «سعدت كثيراً بتجربة البيت الفنى بتخصيص ميزانية لعروض مسرح الطفل، وماذا يمنع وجود مسرح للعرائس فى كل محافظة يقصده أهلها، فى رأيى أثره التربوى وخاصة المسرح المدرسى عظيم فى تعديل سلوكيات الطفل فهو يخاطب عقل الطفل بلغته ويصل إلى عقله وعالمه أسرع من أى خطاب مباشر وتوجيه أكاديمى فالعروسة لها تأثير السحر على حياة الأطفال، فهو يرتبط بها أكثر من لعبه الأخرى وخطابها لا يخلو من المحتوى التعليمى والترفيهى والثقافى المناسب لفئته العمرية .

إبهار العروسة للطفل

ويوضح بكار «فى عروض الطفل نهتم بكل التفاصيل مخارج الحروف لتحسين اللغة والألفاظ ما يقال منها وما لا يصلح وما يتناسب مع عادتنا وتقاليدنا الشرقية فضلا عن مجاراة الأحداث الجارية على ألا تزيد مدة العرض عن نصف ساعة حتى نكسر حاجز الملل ونحافظ على حالة الشغف والإبهار وأثر العروسة فى نفس الطفل أكثر من الكارتون الغربى الذى يحوى عادات تختلف عن عاداتنا، وقضايا مختلفة عن قضايانا فى تعديل سلوكيات الطفل تجاهها مثل قضية أطفال الشوارع فالمسرح يحمل رسالة للطفل بحسن معاملة هؤلاء الأطفال لأنهم مثله ولكنهم مروا بظروف قاسية أدت بهم إلى هذا الطريق وتوجه أولياء الأمور من جهة أخرى للاهتمام بأطفالهم أكثر والاقتراب من عالمهم وحل مشاكلهم حتى لا ينتهى بهم الطريق إلى هذا المصير، وفى مسرحية الضفدع الأصفر تناولنا أهمية المسطحات المائية والحفاظ عليها.

وعن أقرب الشخصيات له قال بكار «لا توجد عروسة بعينها كلهم اجتهدت فى تصميمهم وتنفيذهم منها من يعتمد على «ميكانزيم» صعب فى حركة العين والحواجب والفم وهى من أصعب الشخصيات وأقربها لى فهى تستنزف وقتاً كبيراً فى تنفيذها لتحرك معالم وجهها كالتصميمات الهندسية الدقيقة ولكن نشوة الإبهار فى حركتها تمحو كل أثر للتعب وتشعرنى بالتميز.. لذلك كلهم أولادى عم سالم وخضرة وزيطة وعم عثمان وشكوكو وحسن ومستر بهيج وطارق  وغيرهم منهم من اقتناه شخص آخر وسافر ومنهم من يرافقنى فى العروض.. كل منها يحمل بعضاً من ملامحى.

ومن أشهر الشخصيات التى قمت بتنفيذها جمال عبدالناصر إحياء لذكراه وخطاباته الرنانة ومحمد عبدالوهاب وفرقة محمد منير كاملة العازفين بأسماءهم، فاطمة عيد ومحمد رشدى وفرقة أم كلثوم، وتامر حسني، أمينة خليل، فرقة البيتلز، حسن الرداد،عم أيوب، فؤاد المهندس، إسماعيل يس، عدوية.

وعن البصمة التى تركها بعض الشخصيات فى حياة بكار قال» كأى طفل بصمة الأب والأم تأتى فى المقام الأول ثم يليها المعلم  فى حياته يضعه على أول طريق المستقبل وهو ما فعله معى أستاذ الرسم فى  المرحلة الإعدادية أ. على ضحاوى  وفى المرحلة الثانوية أ.سيد عبدالحى ثم توالت الشخصيات الأكثر تأثيراً د.سامى عبد الله رسام البورتريه ود. سعيد أبورية أستاذ الفنون الشعبية ود.محمد سرور الذى دفعنى لخوض تجربة التدريس ود.منال هلال، وبالطبع المبدع د.ناجى شاكر رحمه الله.